TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تقلبات وخسائر ومخاوف.. ماذا يحدث في اقتصاد تركيا؟

تقلبات وخسائر ومخاوف.. ماذا يحدث في اقتصاد تركيا؟

من: سالي إسماعيل

مباشر: شهدت الأيام الأخيرة تقلبات حادة في قيمة الليرة مع خسائر قوية بأسواق الأسهم في ظل معاناة البلاد من أول ركود اقتصادي بعقد من الزمن، ليكون السؤال؛ ماذا يحدث في تركيا؟.

وتستعد صناديق الاقتراع في تركيا إلى استقبال الناخبين في انتخابات محلية على مستوى الدولة صاحبة أكبر اقتصاد بالشرق الأوسط والمزمع عقدها يوم 31 مارس الجاري.

وينظر إلى تلك الانتخابات إلى حد كبير على أنها استفتاء على مدى تأييد الرئيس رجب طيب أردوغان.

وتقع الدراما الأكبر داخل سوق الصرف الأجنبي، وسط قيام الحكومة التركية بشن حملة صارمة على المضاربين الذين يراهنون على هبوط الليرة، وذلك عبر جعل اقتراض العملة من البنوك التركية مسألة صعبة للغاية.

وسجلت العملة المحلية لتركيا خسائر بنحو 6.5% في تعاملات الجمعة الماضية في أكبر موجة بيعية تضرب الليرة منذ أزمة أغسطس الماضي عندما سجلت مستوى قياسي متدني.

وبدأت الليرة الأسبوع الحالي على تعافي لكنها عاودت الهبوط في تعاملات الثلاثاء بعد أن شهدت قفزة قوية تتجاوز 2% في 7 دقائق ثم سيطرت عليها الخسائر خلال الأربعاء.

وفقدت الليرة التركية نحو 5% من قيمتها خلال تعاملات يوم الخميس، لتصبح ثاني أسوأ عملة في الأسواق الناشئة منذ بداية العام الحالي بعد البيزو الأرجنتيني.

أداء الليرة التركية خلال مارس - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وفي إشارة على تراجع الثقة بالليرة، صعدت ودائع العملات الأجنبية والصناديق التي تشمل المعادن النفسية للمستثمرين المحليين في الأسبوع المنتهي في 15 مارس الجاري إلى مستوى قياسي.

وبعد الخسائر الحادة للعملة يوم الجمعة، حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتلاعبين في قيمة الليرة بأنهم سيدفعون الثمن باهظاً، مشيراً إلى أنه سيتم تقديم مشروع قانون عقب الانتخابات من أجل محاربة هؤلاء المضاربين.

كما طالب أردوغان يوم الخميس بخفض معدل الفائدة لمحاربة التضخم الملحوظ في البلاد، مؤكداً أنه المسؤول الأول عن اقتصاد تركيا.

وكانت خسائر الجمعة (6.5%)، هي الدافع وراء الإعلان المفاجئ للبنك المركزي التركي بشأن تعليق اتفاقيات إعادة الشراء لمدة أسبوع واحد (الريبو) لفترة غير محددة.

ويتزامن أداء العملة التركية مع قفزة في تكلفة مبادلة الليرة مع الدولار الأمريكي لمستوى قياسي جديد يتجاوز 1200% في تعاملات الأربعاء بعد أن كانت تسجل 470% في وقت مبكر من اليوم نفسه.

وتأتي هذه القفزة التي تُعد الأعلى منذ بدء رصد البيانات في عام 2001، بعد أن قلصت البنوك التركية وتيرة الإقراض للمصارف بالخارج وبالتالي إجبار الأجانب على عدم المراهنة على هبوط الليرة.

ووفقاً للبيانات المتاحة على موقع "ريفينتيف"، فإن سعر المقايضة على الليرة التركية كان يبلغ 22.6% في الأسبوع الماضي.

وتعني هذه النسبة أنه بات من المستحيل قدرة المضاربين على تنفيذ عمليات الشورت سيلينج على الليرة (أيّ اقتراض العملة ثم بيعها ثم إعادة شرائها بسعر أرخص).

وساهمت هذه التحركات من جانب الحكومة التركية في منع المستثمرين الأجانب من الرهان على هبوط الأصول المالية لتركيا قبيل الانتخابات المحلية المرتقبة، لكنه دفع المالكين للعملة حالياً إلى بيعها مع عمق خسائر العملة والأصول المالية بصفة عامة.

وبالنسبة لسوق الأسهم، فإن مؤشر "بي.آي.إس.تي" للأسهم التركية تراجع بنحو 5.7% في جلسة الأربعاء (27 مارس) ليغلق عند مستوى 91855 نقطة، مسجلاً خسائر قدرها 5523 نقطة.

أداء مؤشر "بي.آي.إس.تي 100" التركي خلال جلسة 27 مارس - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وتعتبر خسائر المؤشر التركي والذي يتبع أداء أكبر 100 شركة في البلاد هي أكبر وتيرة هبوط يومي منذ يوليو 2016.

وتسلط الموجة البيعية في داخل بورصة إسطنبول الضوء على كيفية قيام المستثمرين بالتخلص من الأسهم.

جدير بالذكر أن المؤشر التركي فقد نحو 20.95% من قيمته منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية تداولات 27 مارس الحالي، مع حقيقة أن أكثر من نصف هذه الخسائر كان خلال هذا الشهر الذي شارفت جلساته على الانتهاء.

وخسر مؤشر الأسهم التركية نحو 11% من قيمته في 4 جلسات فحسب، ما جعل أسعار الأسهم تقترب من لقب الأرخص في الأسواق الناشئة حالياً.

أما مؤشر "بي.آي.إس.تي 30"، فتراجع بنحو 5.9% أو ما يوازي 7167 نقطة بختام جسلة الأربعاء، ليهبط إلى 115037 نقطة، بخسائر تبلغ 18.93% منذ بداية 2019.

وبالنظر إلى وضع اقتصاد تركيا سنجده ضعيف للغاية، حيث دخل في أول مرحلة ركود اقتصادي بعقد من الزمن في أعقاب جهود أنقرة لمحاربة التضخم المتسارع ودعم عملتها المحلية.

وبلغت خسائر الليرة التركية منذ بداية العام الحالي وحتى الآن أكثر من 5% لكن التقلبات هي السمة الغالبة على العملة منذ تعاملات الجمعة الماضية.

ومن المرجح أن يقوم البنك المركزي التركي بخفض معدل الفائدة في البلاد بعد الانتخابات المحلية المقبلة، بحسب توقعات "مراك أندريه فونجيرن" محلل العملات في "إم.إيه.إف جلوبال فوركس" في تغريدة عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر".

يذكر أن المركزي التركي قام بزيادة معدل الفائدة في البلاد خلال العام الماضي من 8% لتصل إلى 24% وسط خسائر حادة لليرة دفعتها لفقدان ثلث قيمتها.

وأرجع فونجيرن توقعاته إلى تراجع معدل التضخم في تركيا إلى جانب الخلفية العالمية الأكثر حذراً.

وأشار إلى أن البنوك المحلية في تركيا تتعرض لضغوط من أجل عدم توفير السيولة للمستثمرين الأجانب، مشيراً إلى أن أولئك المستثمرون يتدافعون من أجل التحوط عبر بيع عملات الأسواق الناشئة الأخرى.

وكتب كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس "ويليام جاكسون" خلال مذكرة نقلتها شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية: نعتقد أن الاقتصاد سيبدأ في الانتعاش خلال الأشهر المقبلة.

وأضاف أن معدل التضخم آخذ في الانخفاض، الأمر الذي من شأنه تخفيف الضغط على المستهلكين.

وتابع: مع ذلك لا تزال الأصول المحلية عرضة بشكل خاص لموجات المخاطرة، وذلك لسببين رئيسيين، الأول هو المخاوف بشأن اتجاه صناع السياسات أما الآخر هو أن تركيا لا تزال لديها متطلبات تمويل خارجية كبيرة.

ويتوقع جاكسون ارتفاع معدل المخاطرة هذا العام نتيجة ضعف النمو العالمي.