القاهرة - مباشر: قال بنك الكويت الوطني، إن تداعيات الحرب الأوكرانية انعكست على الاقتصاد المصري، ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الأسعار، إضافة إلى توقع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
ويرى الكويت الوطني في تقرير بحثي له، أنه من الممكن تجنب الوقوع في انكماش حاد بفضل المساعدات الخارجية والمرونة الاقتصادية الناجمة عن الإصلاحات التي تم تطبيقها خلال الفترة السابقة.
وأضاف أن ارتفاع مستويات العجز المالي والدين العام، يعد من أبرز المخاوف التي تخيم على الاقتصاد، وذلك على الرغم من التوقعات بتراجعهما على المدى المتوسط.
كما تشمل المخاطر التي تحيط بآفاق النمو امتداد الحرب في أوكرانيا لفترة أطول ما قد يؤثر على التضخم والسياحة، إلى جانب إمكانية تطبيق الاحتياطي الفيدرالي لسياسات نقدية مشددة مما قد يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال للأسواق الناشئة، وكذلك تعطيل الإصلاحات الجوهرية اللازمة لتعزيز نشاط القطاع الخاص ودعم الاستثمار.
تراجع الجنيه وإبطاء وتيرة النمو
ألقت التحديات المتعلقة بالحرب الأوكرانية والتخفيض المفاجئ لقيمة الجنيه في مارس الماضي بظلالها على تعافي الاقتصاد من آثار الجائحة، وساهمت في ارتفاع الأسعار وكبح الإنفاق الاستهلاكي والتأثير سلباً على الاستثمار والسياحة وكذلك توسيع العجز المالي والخارجي.
وتشير التوقعات إلى تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي بشكل كبير خلال الأرباع القادمة، إذ تشير التقديرات إلى تباطؤ النمو، وذلك بعد أن شهد ارتفاعاً ملحوظاً في أعقاب الجائحة بنسبة 8.3%، على أساس سنوي، في الربع الرابع من عام 2021 ليصل إلى نحو 3% في الربع الثالث من عام 2022.
ورغم ذلك يتوقع بنك الكويت الوطني، تجنب دخول الاقتصاد المصري في ركود عميق مع ازدياد مرونة الاقتصاد والتي قد بدأت في التحسن منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي في عام 2017 – ونتج عنه ارتفاع مستويات احتياطي العملات الأجنبية، وتراجع معدلات التضخم من أعلى مستوياتها المسجلة وتقلص العجز المالي.
كما أن تراجع قيمة الجنيه حتى الآن (15%) كان بمستوى أقل بكثير عن المستويات التي شاهدناها في عام 2016.
ومن جهة أخرى، احتشدت دول مجلس التعاون الخليجي لدعم مصر وتعهدت بضخ 22 مليار دولار في هيئة استثمارات وتمويلات، ويبدو أن برنامج صندوق النقد الدولي الجديد (والذي قد تصل قيمته إلى نحو 7 مليارات دولار) قد يدخل أيضاً حيز التنفيذ.
وتوقع البنك أن تتعافى وتيرة النمو بنهاية عام 2022 مع العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة وتسجيل معدل نمو قد يصل إلى نحو 4% في بداية عام 2023، بافتراض عدم تعرض الاقتصادي العالمي لضغوط شديدة ومع استمرار التزام الحكومة بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تباطأ خلال الجائحة.
زيادة العجز وارتفاع الفائدة
نوه التقرير، إلى أن الضغوط ستؤدي إلى إبطاء وتيرة تحسن وضع المالية العامة في السنوات الأخيرة - وإن كان بصورة مؤقتة.
وعلى الرغم من تداعيات الجائحة، فإن العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تقلص إلى 7.2% في السنة المالية 2020-2021 بفضل تراجع فاتورة الفوائد (نتيجة انخفاض أسعار الفائدة)، ولكنه سيتسع مرة أخرى هذا العام ليصل إلى 8.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
وذلك في ضوء الضغوط الجديدة التي يتعرض لها النمو الاقتصادي والنفقات، بما في ذلك تزايد معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
وفي واقع الأمر، فإن معدل نمو الإنفاق (12% على أساس سنوي) تجاوز بالفعل معدل نمو الإيرادات (9%) في فبراير 2022. إلا أنه من المتوقع أن تستقر مستويات العجز في السنة المالية 2022/2023 مع تراجع أسعار السلع وبدأ تعافي الاقتصاد.
من جهة أخرى، وصل مستوى الدين العام إلى 87% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2020 وسيؤدي خفض قيمة الجنيه إلى زيادة مستويات الدين الخارجي بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي بالعملة المحلية.
وتوقع البنك أن تنخفض نسبة الدين بمرور الوقت نظراً لارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والتزام الحكومة بخفض العجز المالي.
إلى جانب ذلك، هناك عدد من العوامل التي من شأنها تعزيز إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال من ضمنها ارتفاع أسعار الفائدة، وتوافر مستويات مريحة من احتياطي النقد الأجنبي، وأسعار الصرف التنافسية، والدعم الخارجي من صندوق النقد الدولي.
"إلا أن ارتفاع مستويات الدين نسبياً وفاتورة الفوائد الكبيرة (التي تمتص نحو 38% من إجمالي النفقات الحكومية) ستحد من قدرة الحكومة على إعادة توجيه الأموال إلى أوجه الإنفاق ذات الأولوية بما في ذلك برامج البنية التحتية والتخفيف من حدة الفقر" -بحسب البنك-.
السياحة
تعرض القطاع الخارجي للضغوط بسبب عدد من العوامل المختلفة من ضمنها تأثر قطاع السياحة بتداعيات الجائحة وأسعار الصرف التي كان مبالغ فيها سابقاً.
واتسع عجز الحساب الجاري إلى 1.1% من الناتج في السنة المالية 2020-2021 في ظل تراجع عائدات الصادرات بنسبة 51% - والتي كانت تعادل في السابق نحو خمس إجمالي الإيرادات التجارية.
وسيصل مستوى العجز هذا العام إلى 2.9% من الناتج في ظل انخفاض عائدات السياحة بسبب حرب أوكرانيا (إذ كانت روسيا وأوكرانيا تدر أكثر من 30% من دخل السياحة في مصر قبل الأزمة)، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وضعف قيمة الجنيه وانعكاس ذلك على فاتورة الاستيراد.
ومن المتوقع تقلص مستوى العجز في السنة المالية 2022/2023 نتيجة للضغوط الناجمة عن الواردات، وتراجع أسعار السلع الأساسية، وتحسن أنشطة السياحة والتجارة بدعم من تراجع قيمة الجنيه المصري.
واستقر الجنيه المصري نسبياً عند مستوى يقارب 18.5 جنيه مقابل الدولار الأمريكي، من أدنى مستوياته المسجلة منذ تراجعه في شهر مارس. ويبدو أن الجنيه المصري يلقى دعماً أفضل عند هذا المستوى، وذلك على الرغم من حالة عدم اليقين التي تحيط بآفاق النمو.
وتشير أسواق العقود الآجلة إلى أن الجنيه قد يشهد المزيد من التراجع العام المقبل وقد يؤكد صندوق النقد الدولي ضرورة مرونة الجنيه كجزء من أي صفقة.
وفي نفس السياق، انخفض صافي الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 10% في مارس في ذروة تصاعد الضغوط الخارجية، إلا أنه وبوصولها إلى 37 مليار دولار ما تزال أكثر من ضعف مستويات ما قبل عام 2016 بما يكفي لتمويل الديون الخارجية المستحقة هذا العام والبالغ قيمتها 7 مليارات دولار.
ارتفاع الفائدة والضغوط التضخمية
تسارعت وتيرة التضخم ووصلت معدلاته إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ ثلاث سنوات تقريباً عند مستوى 13.1% على أساس سنوي في أبريل، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى ارتفاع تكاليف المواد الغذائية (+26%) والتي تمثل ثلث سلة مؤشر أسعار المستهلكين.
وتوقع البنك أن تشهد معدلات التضخم المزيد من الارتفاع على مدار الأشهر القادمة على خلفية ارتفاع أسعار السلع الأساسية وبسبب تداعيات انخفاض قيمة الجنيه المصري، ليصل إلى ذروته في الربع الثالث من عام 2022 لأعلى من 15%، قبل أن يتراجع ضمن النطاق المستهدف الحالي للبنك المركزي والذي يتراوح ما بين 5-9% بمنتصف العام المقبل.
وذلك بدعم أيضاً من تقييد السياسات النقدية. وقام البنك المركزي برفع سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في مارس ومن المتوقع رفعها بمقدار 200 نقطة أساس أخرى على الأقل هذا العام.
أما على صعيد التحديات، ففي الوقت الذي تتلاشى فيه مخاوف تفشي الجائحة سيتأثر الاقتصاد المصري من جراء الحرب التي قد يطول أمدها في أوكرانيا، ما قد يعرض الوضع الخارجي للمخاطر، ويهدد بتزايد معدلات التضخم واستمراره لفترة أطول.
وهو ما قد يؤدي إلى تدهور دخل المستهلك والتأثير سلباً على النمو الاقتصادي وسيتطلب تقييد السياسات النقدية بوتيرة أسرع.
ومن جهة أخرى، قد ينعكس تشديد مجلس الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية على تدفقات رؤوس الأموال الاجنبية الداخلة إلى الأسواق الناشئة بصفة عامة، مما قد يتسبب في تقلبات مالية.
كما قد يؤدي ضعف الاقتصاد إلى تعطيل أجندة الإصلاحات الحكومية، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية الرئيسية، وخفض مستويات الدين العام وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر. ولا تزال تلك العوامل ضرورية للحفاظ على معدلات نمو قوية على المدى الطويل.
للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا
ترشيحات:
أرامكو السعودية تزيح أبل وتصبح الأعلى قيمة سوقية في العالم
هل يجب رفع أسعار الفائدة في مصر؟.. خبراء يوضحون
استقرار سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري اليوم
جدل وشائعات.. ماذا يحدث في سوق الذهب بمصر؟
مصر تعلن تعديلاً بمعايير المحاسبة لمعالجة آثار التغيرات في سعر الصرف
بنسبة تصل إلى 40%.. ارتفاع أسعار الألبان والأجبان والبن والمشروبات السريعة بمصر
الجوازات السعودية تصدر قرارات بحق مقيمين مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل