TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

اقتصاد تركيا يرسل إشارات التعافي من الأزمة الاقتصادية

اقتصاد تركيا يرسل إشارات التعافي من الأزمة الاقتصادية

من: سالي إسماعيل

مباشر: تمكنت تركيا من الخروج من مرحلة الركود الاقتصادي والتحول للأداء الإيجابي النسبي مع تقليص خسائر عملتها المحلية، فهل نجح الاقتصاد الأكبر بالشرق الأوسط في نفض غبار الأداء السيء؟.

وفي الواقع، يرسل الاقتصاد التركي إشارات اقتصادية متباينة خلال الآونة الأخيرة البعض منها إيجابياً ويعطي علامات حول التعافي الملحوظ، ورغم أن هناك جانباً لا يزال سلبياً إلا أن الاتجاه الصعودي كان أكثر وضوحاً.

وبعد أن تعرضت تركيا لضغوط تتعلق بحدوث ركود اقتصادي في العام الماضي إضافة لتسارع التضخم وسط أزمة عملة حادة مع التوترات الجيوسياسية والتجارية لكن البلاد تشق طريقها نحو التعافي هذا العام.

وكانت تركيا دخلت أول مرحلة ركود اقتصادي في نحو عقد من الزمن في أواخر عام 2018، لكنها تمكنت من التحول إلى النمو خلال الربع الأول من هذا العام على أساس فصلي بعد ربعين متتاليين من الانكماش.

وسجل اقتصاد تركيا نمواً بنسبة 2.6 بالمائة في العام الماضي وهي أضعف وتيرة ارتفاع منذ عام 2009، لكن تقديرات صندوق النقد الدولي تشير إلى أنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 بالمائة هذا العام قبل أن يتحول للنمو بنسبة مماثلة في عام 2020.

توقعات الاقتصاد والتضخم خلال عام 2019 - (المصدر: صندوق النقد الدولي)

وفي عام 2009، شهدت تركيا آخر انكماش اقتصادي على أساس سنوي بتراجع 4.7 بالمائة قبل أن يتراجع ناتجها المحلي الإجمالي في الربع الماضيين.

وفي استمرار الإشارات التي تفيد بتعافي الأوضاع الاقتصادية، فإن التضخم في تركيا تباطأ إلى أقل من 16 بالمائة خلال الشهر الماضي بعد أن كان يسجل أعلى مستوياته في نحو 15 عاماً عند 25.2 بالمائة في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في تركيا بنسبة 15.72 بالمائة خلال شهر يونيو/حزيران الماضي على أساس سنوي، مسجلاً أدنى قراءة منذ أزمة العملة في أغسطس/آب 2018.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل معدل التضخم في تركيا 17.5 بالمائة خلال العام الحالي قبل أن يتراجع إلى 14.1 بالمائة في عام 2020.

توقعات الاقتصاد والتضخم خلال عام 2020 - (المصدر: صندوق النقد الدولي)

وفي علامات إيجابية أخرى حول الاقتصاد رقم 17 عالمياً، تراجع عجز الميزان التجاري بنحو 76.5 بالمائة في شهر مايو/أيار على أساس سنوي ليسجل 1.838 مليار دولار وهو بذلك يقف عند أدنى مستوى منذ عام 2003.

ويأتي الهبوط في عجز الميزان التجاري للسلع والخدمات بدعم زيادة 12.1 بالمائة في الصادرات وتراجع نسبته 19.3 بالمائة بالواردات.

كما أن عجز الميزان التجاري شهد انخفاضاً بنحو 67 بالمائة خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي ليسجل 11.64 مليار دولار.

وصرح وزير التجارة التركي مؤخراً بأن صادرات البلاد سجلت مستوى قياسي مرتفع خلال النصف الأول من العام الحالي عند 88.2 مليار دولار.

ويواصل الإنتاج الصناعي في تركيا التعافي خلال شهر مايو/آيار الماضي ليرتفع بنسبة 1.3 بالمائة على أساس شهري وإن كان تراجع على أساس سنوي بنحو 1.3 بالمائة لكنه مع ذلك كان أفضل من التوقعات البالغة 2.5 بالمائة في الاتجاه الهابط.

ويتوقع بنك الاستثمار "آي.إن.جي" أن يسجل الإنتاج الصناعي لتركيا نمواً خلال الربع الثاني من العام الجاري بعد التحول للنطاق الإيجابي في أول ثلاثة أشهر من 2019 في خطوة تحدث للمرة الأولى منذ عام 2017.

وجاءت أرقام عجز الحساب الجاري في تركيا لتؤكد الإشارات الإيجابية التي يشهدها الاقتصاد في الوقت الراهن، حيث أنه تراجع إلى أدنى مستوى منذ عام 2003 مسجلاً 2.37 مليار دولار في الإثنى عشرة شهراً المنتهية في شهر مايو/آيار الماضي مقارنة مع 57.9 مليار دولار عجز مسجل في الفترة المماثلة من العام الماضي.

ويبلغ بذلك عجز الحساب الجاري في تركيا خلال العام المنتهي في مايو/آيار المنقضي 0.3 بالمائة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.

ويتوقع وزير الخزانة والمالية في تركيا أن يتحول عجز الحساب الجاري في البلاد للفائض خلال شهر يونيو/حزيران الماضي على أساس سنوي للمرة الأولى منذ تولي حزب العدالة والتنمية الحكم قبل 17 عاماً مضت.

وعلى أساس شهري، نجحت تركيا في تحويل عجز الحساب الجاري إلى فائض قدره 151 مليون دولار في مايو/آيار مقابل العجز المسجل في الشهر نفسه من 2018 والبالغ 6.17 مليار دولار.

وبالرغم من الشكوك حول استهلاك احتياطات البلاد لدعم الأسواق قبل الانتخابات المحلية التي وقعت في مارس/آذار الماضي وشهدت جولة إعادة في يونيو/حزيران، إلا أنه يشهد زيادة ملحوظة في الآونة الأخيرة.

وبالنظر إلى أداء العملة المحلية، فإن الليرة التركية لا تزال تشهد خسائر بنحو 7.4 بالمائة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية تعاملات 16 يوليو/تموز لكن ذلك أقل من الهبوط الملحوظ في الأشهر الأولى من عام 2019.

ويعني ذلك أن العملة التركية قلصت خسائرها بعد التراجع الحاد البالغ 28 بالمائة تقريباً في إجمالي عام 2018 على خلفية أزمة العملة وسط صعوبات اقتصادية وتوترات جيوسياسية.

أداء الليرة التركية منذ بداية العام - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وتتزامن هذه الأرقام الإيجابية مع وقت حاسم بالنسبة للبنك المركزي التركي الذي يستعد لعقد اجتماع السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا الشهر.

وينظر المستثمرون باهتمام إلى اجتماع المركزي التركي بعد إقالة محافظ البنك واستبداله بآخر ووسط مخاوف بشأن استقلالية هذه المؤسسة خاصةً في ظل دعوات أردوغان بخفض تكاليف الاقتراض.

وتسببت هذه الحالة من عدم اليقين بشأن استقلالية البنك المركزي في دفع وكالة "فيتش" لخفض التصنيف الائتماني للبلاد إلى منطقة غير استثمارية "الخردة" مع نظرة مستقبلية سلبية.

ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي في تركيا في ظل قيادة محافظه الجديد بخفض قدره 200 نقطة أساس (2 بالمائة) معدل الفائدة الرئيسي للبلاد (الريبو لمدة أسبوع واحد) والذي يقف عند مستوى 24 بالمائة منذ اجتماع سبتمبر/أيلول 2018 بعد زيادة قدرها 625 نقطة أساس دفعة واحدة.

ومن جانبه، ألمح محافظ المركزي التركي الجديد "مراد أويصال" إلى أن بلاده تمتلك فرصة لإدخال تغييرات بالسياسة النقدية مع التحسن الأخير في التضخم وتوقعاته.

ويجدر الإشارة إلى أن القطاعات التي لم تنجح في إظهار التعافي بصورة قوية حافظت على الأقل على مستوياتها دون تغييرات تذكر، كمؤشرات مثل مبيعات التجزئة وحجم الديون في البلاد.

وبالنظر إلى مبيعات التجزئة في تركيا، فتراجعت بنحو 3.7 بالمائة خلال شهر مايو/آيار الماضي على أساس سنوي لكن وتيرة الهبوط كانت أقل من السابق، بحسب بيانات معهد الإحصاءات التركي "تركستات".

أداء مبيعات التجزئة في تركيا خلال الثلاثة أعوام الأخيرة - (المصدر: معهد إحصاءات تركستات)

وفيما يتعلق بالديون، فإن ديون الأسر والشركات غير المالية والحكومة والقطاع المالي لم تختلف كثيراً خلال الربع الأول من العام الحالي رغم صعود ديون الأسواق الناشئة في المجمل لمستوى قياسي، بحسب تقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي.

ديون تركيا خلال الربع الأول - (المصدر: معهد التمويل الدولي)

لكن في إشارة يمكن أن ينظر إليها على أنها سلبية، فإن مؤشر أسعار المنتجين ارتفع بنسبة 26.26 بالمائة خلال مايو/أيار الماضي على أساس سنوي.

ومع ذلك، تعتبر وتيرة الزيادة تلك أقل من 30 بالمائة التي سجلها المؤشر في الشهرين السابقين.

أداء أسعار المنتجين في تركيا خلال العام الماضي والحالي - (المصدر: معهد إحصاءات تركستات)

وعلى الرغم من ذلك لم ينجح اقتصاد تركيا في اكتساب ثقة المستهلكين في البلاد، حيث أنها تقف عند أدنى مستوى على الإطلاق منذ بدء رصد السجلات قبل 15 عاماً مضت وذلك خلال شهر مايو/آيار.

وعلى صعيد أرقام موازنة الاقتصاد الأكبر في الشرق الأوسط، فأعطى مزيج من الرؤى بعدما كشف عن تراجع في العجز بنحو 50 بالمائة خلال شهر يونيو/حزيران وحده لكنه كشف كذلك عن زيادة 70 بالمائة بالعجز في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018

وزاد عجز الموازنة إلى 78.58 مليار ليرة (14 مليار دولار تقريباً) خلال الأشهر الستة من يناير/كانون الثاني وحتى يونيو/حزيران الماضي مقابل 46.09 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام الماضي.

لكن في الوقت نفسه، فإن إجمالي مصروفات الموازنة ارتفعت بنحو 20.5 بالمائة في النصف الأول على أساس سنوي لتصل إلى 481.57 مليار ليرة، وهو ما يأتي مع تعهدات حكومية بتعزيز القطاع المصرفي لدعم الاقتصاد.

فيما زاد إجمالي إيرادات الموازنة في تركيا بنحو 14 بالمائة ليصل إلى 402.98 مليار ليرة مع صعود الإيرادات الضريبية بنحو 4.4 بالمائة.

وتستهدف الحكومة التركية عجز موازنة قدره 80.82 مليار ليرة (16 مليار دولار تقريباً) خلال عام 2019.

وكان عجز الموازنة لتركيا بلغ 72.6 مليار ليرة في عام 2018، وهو ما كتب بشأن وزير المالية بيرات البيرق: "لقد حققنا هدف عجز الموازنة نسبة للناتج المحلي الإجمالي والبالغ 1.9 بالمائة".

وبحسب البرنامج الاقتصادي الجديد لأنقرة والمعلن في العام الماضي، فإن هدف عجز الموازنة نسبة للناتج المحلي الإجمالي 1.8 بالمائة في 2018 و1.9 بالمائة هذا العام قبل أن يتراجع إلى 1.7 بالمائة في عام 2020.