TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

"مفاجآت وتحديات ومخاوف" بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس

"مفاجآت وتحديات ومخاوف" بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: ألقت الانتخابات النصفية الأمريكية بعض المفاجآت خاصةً بعد أن كشفت عن انقسام داخل الكونجرس، حيث تمكن الحزب الديمقراطي من حصد أغلبية في مجلس النواب في حين فاز نظيره الجمهوري بالسيطرة على مجلس الشيوخ.

وتُعد أجندة الرئيس الأمريكي التشريعية في خطر بعد نتائج انتخابات الكونجرس، الأمر الذي سيجعل من الصعب دعم دونالد ترامب للحصول على فترة رئاسية ثانية في عام 2020، وفقاً لتقرير نشره بنك الاستثمار "آي.إن.جي".

وعادةً يشهد جميع الرؤساء المتواجدين في المنصب خسارة حزبهم لمقاعد الكونجرس، حيث لم تكن المكاسب حليفة سوى 3 رؤساء فقط من أصل آخر 21 انتخابات نصيفة.

ووفقاً للبيانات التي جمعتها "جالوب"، كان ترامب هو الرئيس الأقل شعبية في هذه المرحلة بالرئاسة منذ ولاية "هاري ترومان" في عام 1950.

ومع ذلك، فقد كان الموقف مختلفاً في مجلس الشيوخ، حيث حصل الجمهوريون على مقاعد بأغلبية موسعة بالفعل.

ورغم أنها ليست نتائج رائعة بالنسبة للجمهوريين لكن يمكنهم تقبل حقيقة أن الفوز بأغلبية في مجلس الشيوخ من شأنه منع حملة ديمقراطية كان من الممكن أن تعطل كل من أجندة أعمال الرئيس التشريعية وكذلك أيّ تعيينات بالمحاكم الفيدرالية وأعضاء الحكومة الجدد والاحتياطي الفيدرالي.

وكان من شأن اكتساب الديمقراطيين لمزيد من الزخم السياسي عبر الفوز بمقاعد مجلس الشيوخ أن يسارع بالفعل من خطر إجراءات مساءلة الرئيس الأمريكي.

وفي أغسطس الماضي واجه ترامب مطالب تدعو لمساءلته قانونياً وعزله وهو الأمر الذي انتقده الرئيس الأمريكي مشيراً إلى العواقب المحتملة لمثل هذا الإجراء.

وبفعل عدم نجاح الحزب الديمقراطي بأغلبية، فإن معادلة تحقيق مساءلة ناجحة لترامب تبدو احتمالية بعيدة المدى باستثناء توفر أدلة ساحقة وغير قابلة للجدل من المخالفات.

وحتى مع ذلك، فإن الوضع سوف يصبح أكثر صعوبة بالنسبة للرئيس ترامب، حيث يعني انقسام الكونجرس (المكون من مجلس النواب الديمقراطي ومجلس الشيوخ الجمهوري) أنه من المرجح حدوث جمود قد يقلص بشكل كبير أجندة الرئيس التشريعية.

ويمكن أن يكون العمل الثنائي بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري أمراً ممكناً في مجالات مثل الإنفاق على البنية التحتية.

لكن في ظل الجزء الأكبر من الانقسامات بين وداخل الحزبين يعني أن إحراز التقدم سيكون صعباً، فعلى سبيل المثال، سيعاني مقترح ترامب بشأن خفض إضافي في ضريبة الدخل من ضربة قوية بسبب نتيجة الانتخابات الأمريكية.

ومن أجل مواجهة ذلك، فمن المرجح أن يولي الرئيس اهتمامه للمجالات التي تمنحه سلطته التنفيذية  مزيداً من المساحة لتحديد أجندة الأعمال مثل السياسة التجارية.

ويشير ذلك إلى أنه من المرجح أن يواصل ترامب الضغط بقوة على الصين لتحقيق تنازلات من شأنها المساهمة في خفض العجز التجاري المزدوج بين البلدين، إضافة لفعل المزيد من أجل حماية حقوق الملكية الفكرية الأمريكية.

ومع ذلك، فإن رد الصين حتى الآن يجعلنا نشعر بأن التوترات من المحتمل أن تتصاعد أكثر بالمدى القريب مع زيادة وتوسيع التعريفات في العام المقبل.

ومن المرجح أن يتلقى هذا الأمر في حد ذاته دعماً من الديمقراطيين لكنهم قد يكونوا أكثر مقاومة لبدء حرب تجارية مع الحلفاء التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي أو الانسحاب من منظمة التجارة العالمية.

وبالطبع، يوجد احتمالية أن يختار الرئيس ترامب والديمقراطيين العمل معاً وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من الإنفاق المالي خاصةً على البنية التحتية مع السماح المتوقع لإجراء خفض ضريبي إضافي طالما أنه يستهدف الأسر ذات الدخل المنخفض.

ومن شأن هذا الأمر أن يكون إيجابياً بالنسبة للنمو الاقتصادي لكن بالنظر للطبيعة العدائية لسياسات واشنطن في الوقت الارهن فإن هذا قد يكون هدنة مقلقة.

ماذا عن السياسة المالية؟

تاريخياً يميل عجز الموازنة الفيدرالية كي يكون أكبر في ظل الرؤساء الجمهوريين ويصبح أصغر قيمة تحت قيادة الرؤساء الديمقراطيين، وقد استمر هذا الاتجاه خلال عهد ترامب.

وبحسب تقديرات مكتب الموازنة بالكونجرس، فإن العجز الفيدرالي الأمريكي سوف يتسع إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال العام المقبل في وقت يشهد فيه الاقتصاد طفرة ويقف معدل البطالة عند أدنى مستوياته بـ50 عاماً.

وتسبب التحفيز المالي الهائل الذي أدخله الرئيس في إحداث فجوة بالتمويل الحكومي، الأمر الذي يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول الاستدامة المالية طويلة الآجل.

وبعد كل ذلك، فإنه إذا كانت الولايات المتحدة ستشهد صدمة اقتصادية عبر تباطؤ النمو أو حتى ركود اقتصادي، فإن العجز قد يتضخم بوتيرة متسارعة لنحو 7 إلى 9% نسبة للناتج المحلي الإجمالي كما حدث في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

ومع ذلك، فإن حقيقة سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب تعني أن هناك احتمال ضعيف لحدوث مزيد من مبادرات سياسة التوسع المالي، وهو الأمر الذي قد يساعد بدوره في تخفيف مخاوف الديون المستدامة لكنها لن تهدأ تماماً.

كما أنه سيكون هناك تهديداً أكبر من حدوث إغلاق حكومي وذلك نظراً لاختلافات وجهات النظر بشأن التمويل الحكومي.

وبالإضافة إلى ذلك، سوف يستمر انتقاد ترامب لزيادات معدل الفائدة التي ينفذها بنك الاحتياطي الفيدرالي وهو ما سيتم تجاهله من قبل صانعي السياسة النقدية.

المساءلة تبدو أقل ترجيحاً

وفي حال توصل المحامي الخاص روبرت مولر إلى دليل مباشر وغير قابل للجدل حول التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، فإنه قد يكون السيناريو الأكثر قبولاً.

وبطبيعة الحال، مع سيطرة الحزب الديمقراطي حالياً على مجلس النواب فإنه يمكنهم إطلاق تحقيقات الكونجرس، الأمر الذي قد يزيد من الحديث عن إجراءات محتملة لمساءلة ترامب.

ومن المرجح كذلك أن نرى تجدد مطالبات للرئيس من أجل الإفصاح عن إقراراته الضريبية.

ومن أجل بدء إجراءات المساءلة ضد الرئيس فإن الأمر سيحتاج إلى أغلبية بسيطة في مجلس النواب الذي يتزعمه الديمقراطيون لكنه يتطلب أغلبية عظمى مكونة من 67 صوتاً أيضاً في مجلس الشيوخ، حيث يحتل الجمهوريون غالبية أكبر الآن.

وعلى هذا النحو، يبدو هذا الأمر غير محتملاً خاصة إذا كانوا يعتقدون أن الرئيس ترامب يستطيع العفو عن نفسه، كما ذكر سابقاً.

رد فعل السوق

ومع ظهور نتائج انتخابات الكونجرس، فإن رد فعل السوق جاء هادئاً إلى حد ما، حيث أنهت "وول ستريت" جلسة الأربعاء عند أعلى مستوى في 3 أسابيع.

وفي حال احتفاظ الجمهوريين بالسيطرة على كل من مجلسي النواب والشيوخ كان من المتوقع حدوث ارتفاع كبير في الأسهم الأمريكية وعوائد سندات الخزانة والدولار.

كما أن فوز الحزب الجمهوري كان ينظر إليه على أن أساس توقعات أكبر بشأن تحفيز مالي إضافي مع استجابة الاحتياطي الفيدرالي لبيئة النمو والتضخم الأقوى وذلك عبر رفع معدلات الفائدة بشكل أكثر قوة، لكن الجمهوريين فشلوا في الحصول على أغلبية بالنواب كما فازوا بفارق ضئيل في مجلس الشيوخ.

ومن المقرر أن يكون هناك المزيد من المخاوف بشأن الاستدامة المالية للولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن النتائج تعني احتمالية حدوث انحراف طفيف في الاتجاه المعاكس (الهابط) للأصول المالية الأمريكية بالنظر لتوقع مزيداً من التراجع في المساحة المتاحة لاستخدام السياسة المالية.

ويقول ذلك أن الرئيس ترامب لن يقوم بتقليص سياساته الحمائية في أي وقت قريب كما أن هناك فرصة لتمسك الحزبين ببعض الاستراتيجيات الداعمة للنمو مثل البنية التحتية.

وعلاوة على ذلك، فإن النمو الاقتصادي خارج الولايات المتحدة لا يبدو قوياً بشكل خاص في الوقت الحالي لذلك من الصعب رؤية تغيير كبير في أسواق الأصول الخارجية على خلفية نتائج الانتخابات.

تحديات أمام ترامب

على الرغم من أن هذه ليست بالنتيجة الرائعة بالنسبة للرئيس ترامب إلا أنه كان يمكن أن يكون أسوأ.

ومن الواضح أن كان لديه خطط للضغط فيما يتعلق بالإنفاق على البنية التحتية والمزيد من الإصلاح الضريبي في النصف الثاني من فترة رئاسته لأكبر اقتصاد حول العالم.

ومن المرجح أن يتم تقليص السياسات الجديدة أو مراجعتها بشكل ملحوظ من قبل مجلس يسيطر عليه الديمقراطيون.

كما ستكون هناك حاجة إلى إحراز الحزبين معاً تقدم وإلى إنشاء الرئيس ترامب منصة قوية للدفاع عن منصبه في عام 2020.

ومع ذلك، سيواجه الاقتصاد الأمريكي عدداً متزايداً من التحديات خلال العامين المقبلين مع تلاشي الدعم من الحافز المالي وضعف نمو الاقتصاد العالمي، الناجم عن الحمائية التجارية لترامب.

كما أن قوة الدولار ومعدلات الفائدة المرتفعة يتسببان في مخاطر هبوطية متزايدة على الاقتصاد.

ومن شأن ضعف الاقتصاد واحتمال هبوط أسعار الأصول وثروة الأسر أن يزيد من تفاقم المشاكل التي يواجهها الرئيس ترامب.