من - سالي إسماعيل
مباشر: تبدأ الولايات المتحدة معاقبة الدول التي تستورد النفط من إيران يوم 4 نوفمبر، هذا هو المحرك الرئيسي لأسواق النفط خلال الأسبوع الماضي، إلى جانب عوامل أخرى، وإن كان تأثيرها أقل حدة، ليكون بذلك الحدث الأبرز حول العالم.
وعلى الرغم من قرب دخول عقوبات واشنطن ضد طهران حيز التنفيذ والتي بدورها ستؤدي إلى تقلص الإمدادات النفطية، ما يعني اختلال التوازن بالأسواق العالمية، فإن أسعار الخام تتمسك بالاتجاه الهابط، مع الحديث عن إعفاءات لعدة دول.
وعلى مدى الخمس جلسات المنقضية، كان اللون الأحمر هو المسيطر على أداء خامي "برنت" و"نايمكس" ليسجلا خسائر أسبوعية بنسبة 6.2% و6.6% على الترتيب.
وبالنسبة لشهر أكتوبر، سجل خام "نايمكس" خسائر بنسبة 10.8% في أسوأ أداء شهري منذ يوليو 2016.
وفي حين أن العقوبات الأمريكية ضد صادرات النفط الإيرانية كان يفترض أن تترجم لمكاسب في صفوف الذهب الأسود إلا أن تكالب كبرى الدول المنتجة للخام على ضخ إمدادات إضافية عكس الأداء.
ويرى الرئيس الأمريكي أن هناك ما يكفي من إمدادات النفط الخام والمنتجات النفطية حول العالم لتعويض أي خسائر في المعروض من جانب إيران عقب نفاذ العقوبات الأمريكية، وفقاً لتعليقات دونالد ترامب في مذكرة نشرها موقع أويل برايس.
مأزق العقوبات
بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من اتفاقية 2015 التي وصفها بأنها كارثية والتي تهدف لكبح طموح إيران النووي وذلك في مايو الماضي فإنه قرر في الوقت نفسه إعادة فرض العقوبات الاقتصادية ضد طهران.
ونفذت واشنطن مرحلة أولى من العقوبات لغالبية القطاعات في 6 أغسطس الماضي لكن ستصبح المرحلة الثانية والتي تختص بقطاعة الطاقة سارية المفعول بحلول 4 نوفمبر الجاري.
وتعني العقوبات الأمريكية ضد إيران أن الولايات المتحدة ستقوم بمعاقبة الجهات التي تستورد النفط من طهران بعد أن أعلنت مراراً أنها تسعى لوقف تام للصادرات الإيرانية.
ورداً على المساعي الأمريكية، فإن الرئيس الإيراني حسن روحاني وجه رسالة للولايات المتحدة مفادها أنها لن تستطيع الوصول بإنتاج البلاد من النفط إلى صفر.
كما وجه روحاني رسالة أخرى إلى الشعب الإيراني يحثه على الاستعداد لمواجهة أوقات عصيبة مع نفاذ العقوبات الأمريكية لكنه في الوقت نفسه ألمح إلى بذل الحكومة قصارى جهدها لتخفيف حدة الموقف.
وفي مسعى لتقليص الأثر الكبير للعقوبات الأمريكية، أفادت تقارير إعلامية نقلتها وكالة أنباء إيرانية أن طهران بدأت في بيع الخام إلى الشركات الخاصة عبر العملة المحلية للمرة الأولى.
ومن جانبها، تعهدت روسيا بتوفير النفط الكافي لمواجهة الطلب على الخام مع اقتراب إدخال العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ مع التأكيد على أنه لا يوجد سبب يستدعي تجميد أو خفض مستويات إنتاج موسكو النفطي.
وفي الوقت الذي أكد فيه بيان رسمي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن سوف تستأنف كافة العقوبات المتبقية ضد إيران يوم 4 نوفمبر الجاري، فإن تقارير إعلامية كشفت موافقة الولايات المتحدة منح 8 دول استثناءات مؤقتة لمواصلة شراء النفط الإيراني من بينهم اليابان والهند وكوريا الجنوبية إلى جانب الصين التي لا تزال في مرحلة مشاورات.
وعلى صعيد آخر، يتوقع بنك جولدمان ساكس أن تتراجع صادرات إيران النفطية إلى 1.15 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام الحالي مقارنة مع 2.5 مليون برميل يومياً قامت بتصديرها في منتصف هذا العام.
ماذا إذا زادت الإمدادات عن حدها؟
يقول المثل الشهير إنه "إذا زاد الشيء عن حدة انقلب لضده"، ربما تكون هذه هي كلمة السر في الهبوط غير المبرر بأسعار النفط خلال الأسبوع المنصرم والتي كان يفترض أن تشهد قفزات قوية على خلفية نقص الإمدادات المتوقع من ثالث أكبر منتج للخام بأوبك.
ولازم الهبوط تحركات النفط خلال الأسبوع الماضي بسبب طفرة الإنتاج النفطي من جانب الولايات المتحدة والدول الأعضاء بأوبك وغير الأعضاء كذلك مثل روسيا.
وللمرة الثانية في أقل من شهر، صعد إنتاج الولايات المتحدة النفطي إلى 11.20 مليون برميل يومياً مسجلاً أعلى مستوى مسجل على الإطلاق وذلك بعد أن ارتفع بمقدار 300 ألف برميل يومياً خلال الأسبوع المنتهي في 26 أكتوبر، بحسب تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وبالنسبة لمتوسط إنتاج الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك والبالغ عددها 15 دولة، فصعد خلال أكتوبر لأعلى مستوى منذ ديسمبر الماضي عند 33.31 مليون برميل يومياً بزيادة قدرها 390 ألف برميل يومياً عن سبتمبر السابق له، وفقاً لمسح أجرته وكالة رويترز.
وتشير أحدث البيانات الرسمية والصادرة عن منظمة أوبك، إلى زيادة بالإنتاج النفطي بنحو 132 ألف برميل يومياً خلال سبتمبر الماضي بقيادة السعودية وليبيا على أن تفصح عن الأرقام الرسمية لشهر أكتوبر يوم 13 نوفمبر الجاري.
وفي إشارة أخرى تؤكد زخم الإمدادات النفطية، فإن أوبك رفعت تقديراتها لنمو المعروض من الخام من خارجها خلال العامين الحالي والمقبل لكنها في المقابل خفضت توقعات نمو الطلب العالمي على النفط، وهو ما يتماشى مع تكهنات تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والآثار السلبية للاحتكاكات التجارية.
وكذلك كان الوضع داخل بلاد الدب الأبيض، حيث صعد إنتاج روسيا النفطي لمستوى قياسي خلال أكتوبر عند 11.41 مليون برميل يومياً مقارنة مع 11.36 مليون برميل يومياً المسجلة في سبتمبر السابق له، نقلاً عن شبكة سي.إن.بي.سي الأمريكية.
وكانت وكالة رويترز أفادت بأن أكبر 3 منتجين للخام في العالم، روسيا والولايات المتحدة والسعودية قد ضخوا 33 مليون برميل يومياً من النفط خلال سبتمبر.
ضغوط هبوطية تضغط على أسعار الخام
تجتمع مجموعة من العوامل في تكوين ضغوط هبوطية في أسعار النفط، من بينها المخاوف المتعلقة بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي فضلاً عن التوترات التجارية إلى جانب قوة الدولار.
ويلوح في الأفق مستقبل الأوضاع الاقتصادية العالمية، حيث أن أيّ تباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي سيترجم بطبيعة الحال إلى ضعف بمستويات الطلب على الخام.
وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي، فقد خفض تقديراته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل في خطوة تحدث للمرة الأولى في أكثر من عامين.
وتباطأ نمو اقتصاد الولايات المتحدة خلال الربع الثالث من هذا العام إلى 3.5% مقابل زيادة 4.2% مسجلة بالربع الثاني وسط توقعات بمزيد من التباطؤ في الثلاثة أشهر الأخيرة من العام الحالي.
كما سجل الناتج المحلي الإجمالي الصيني أضعف وتيرة ارتفاع منذ الأزمة المالية العالمية عند 6.5% بالفترة نفسها.
وشهد الأسبوع الماضي، إحراز تقدم ملحوظ في الموقف التجاري بين أكبر اقتصادين حول العالم مع توقع ترامب وجود صفقة عادلة مع الصين.
وتُشكل قوة العملة الأمريكية ضغوطاً من نوع آخر على الذهب الأسود، حيث إن النفط سلعة مقومة بالدولار وبالتالي فإن المكاسب التي حققتها الورقة الأمريكية سواء في أكتوبر الماضي أو خلال أول 10 أشهر من هذا العام والتي بلغت 2.1% و5.4% على الترتيب، ساهمت في الحد من الإقبال على الخام.
وعلى صعيد موازٍ، تشكل المخزونات النفطية بالولايات المتحدة عاملاً آخر للضغط على أسعار الخام بفعل استمرار ارتفاعها للأسبوع السادس على التوالي خلال السبعة أيام المنتهية في 26 أكتوبر لتسجل 426 مليون برميل في حين تراجعت مخزونات البنزين الأمريكية.
وبحسب بيانات بيكر هيوز، فإن عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة تراجعت للمرة الأولى في 4 أسابيع بعد إغلاق منصة للخام بالأسبوع المنقضي.