TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

لماذا لا يثير تباطؤ اقتصاد الصين قلق الأسواق؟

لماذا لا يثير تباطؤ اقتصاد الصين قلق الأسواق؟

تحرير - سالي إسماعيل:

مباشر: تباطأ النمو الاقتصادي في الصين إلى 6.5% في الربع الثالث من العام الحالي على أساس سنوي، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ الأزمة المالية العالمية.

ونشرت صحيفة "الفايننشال تايمز" مقالاً يطرح تعليقاً على قراءة النمو الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد حول العالم.

هل هي صادمة؟، هل يجب أن تكون مصدراً للقلق؟، لا؛ إن تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين لا يشير إلى أيّ شيء خاطئ.

تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني يعتبر أمراً غير هام في حد ذاته، حيث أن الاقتصاد لا يزال ينمو بوتيرة قوية.

وقبل كل شيء، فإن الوقت قد حان كي يتوقف العالم عن القلق بشأن أهداف النمو الاقتصادي للصين والتركيز على الأمر الأكثر أهمية وهو جودة واستدامة التطور الاقتصادي لبكين.

ربما يعتقد البعض أن التباطؤ الاقتصادي برهاناً على التأثير السلبي للحرب التجارية بين واشنطن وبكين، لكن هذه الفرضية تتعارض مع الدليل.

وشهدت قيمة الصادرات الصينية المقومة بالدولار الأمريكي نمواً بنسبة 14.5% في سبتمبر الماضي على أساس سنوي.

كما تمكنت الصين كذلك من تحقيق فائضاً تجارياً قياسياً مع الولايات المتحدة في ذلك الشهر بقيمة 34.1 مليار دولار.

ومن المتوقع أن تلقي الاحتكاكات التجارية بظلالها على أداء الاقتصاد الصيني في الفصول المقبلة لكن من المؤكد أنها لم تفعل ذلك حتى الآن.

ويقارن تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين في الثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي على أساس سنوي مع وتيرة نمو بلغت 6.7% في الربع السابق له.

ولن ينظر أحد إلى مثل هذه الاختلافات الطفيفة على أنها أمراً هاماً في حالة أيّ اقتصاد آخر.

ولا يعتقد أيّ شخص أن أرقام الصين دقيقة حتى تظهر فارقاً 0.2% فحسب، وفي حال كانت قراءة معدل النمو الاقتصادي صحيحة فإن الاقتصاد لا يزال يتمتع بأداء قوي للغاية.

وإذا لم تكن الحكومة الصينية قد قامت بتحديد مثل هذا المستهدف من النمو، فلن يهتم أحد على الإطلاق بشأن هذا "التباطؤ".

ويعد الأمر الهام هو ما إذا كانت طبيعة النمو الاقتصادي للصين آخذة في التغيير، حيث كانت السلطات الصينية في الماضي تصل إلى مستهدفها عبر التشجيع على توسعات ضخمة في الائتمان.

وفي كثير من الأحيان أدى ذلك إلى الإسراف في الاستثمار، وبالتالي فإن ذلك يعني إلغاء القدرة الفائضة وشطب الديون.

وينظر إلى النمو الناتج عن هذه الطريقة على أنه بلا فائدة، فإذا كان النمو الاقتصادي للصين الذي شهد تباطؤاً اليوم يتجنب هذا الخطأ، فهو يعد مكسب وليس خسارة.

ويرجع تراجع زخم النمو الاقتصادي إلى تغيرين مهمين ومفيدين، أحدهما يتمثل في السعي وراء إنهاء الامتيازات الضريبية على شراء السيارات أما الآخر فيكمن في تقليل خطورة النظام المالي للبلاد.

وساهم التخلص التدريجي من الضرائب التفضيلية على السيارات إلى جانب عوامل السوق الأخرى في تراجع حاد في المبيعات بأكبر سوق للمركبات حول العالم.

وأدى ذلك إلى تباطؤ نمو مبيعات التجزئة بشكل عام إلى 6.4% بالقيمة الحقيقية.

والأمر الأكثر أهمية هو جهود تقليل الخطر في النظام المالي عبر تقليص قطاع الظل المصرفي الضخم وإجبار الحكومات المحلية شرهة الاعتماد على الائتمان على كبح معدلات اقتراضها.

ودفع تقييد إمكانية وصول الحكومات المحلية للائتمان إلى تراجع استثماراتهم في البنية التحتية، وهو الأمر الذي أدى إلى تقليص وتيرة النمو السنوية في الاستثمارات الثابتة إلى 4.4% خلال الربع الثالث مقابل 5.2% المسجلة بالربع الثاني.

وبالنسبة للسلطات الصينية، هذا أمر مثير للقلق قليلاً، وبالتالي قامت تلك الجهات مؤخراً بالإشارة إلى رغبتها في تخفيف الائتمان إلى حد ما.

كما تم السماح للحكومات المحلية للاستفادة من سوق السندات بشكل أكثر فعالية إضافة لخفض الاحتياطي الإلزامي للبنوك للمرة الثالثة هذا العام في مسعى لخفض معدلات الفائدة وزيادة الائتمان بالنسبة للشركات.

وتُعد نية الحكومة واضحة، حيث أن المكتب السياسي دعا خلال بيان صادر في أغسطس الماضي إلى استقرار الاقتصاد في 6 مجالات رئيسية بسبب التغييرات في البيئة الخارجية.

وكانت هذه المجالات هي؛ التوظيف والتمويل والتجارة الخارجية ورأس المال الأجنبي والاستثمار وتوقعات السوق.

وصحيح أن بكين لا تعتزم إطلاق موجة من الائتمان كما فعلت بعد الأزمة المالية في عام 2008 لكن من المعقول تماماً أنها ترغب في الحفاظ على الزخم الاقتصادي والثقة على الرغم من الضغوط الأمريكية.

والمعضلة ستكون القيام بذلك مع الحفاظ على الإصلاح الضروري وتصحيح السياسات الاقتصادية، مع تجاهل في الوقت نفسه التغييرات الطفيفة في معدلات النمو.