TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

لماذا يتراجع الدولار الأمريكي رغم تعافي التضخم؟

لماذا يتراجع الدولار الأمريكي رغم تعافي التضخم؟

من - نهى النحاس:

مباشر: حالة من الهبوط المتواصل تسيطر على أداء الدولار الأمريكي أمام العملات الرئيسية منذ بداية العام الجاري، فالعملة الأمريكية لا تبالي بأي أحداث اقتصادية أو سياسية إيجابية قد تطرق أبواب الأسواق وتُصر على تراجعها.

ومنذ بداية العام الجاري ومؤشر الدولار الرئيسي يتكبد خسائر وصلت 3.7%، فضلاً عن هبوطه أمام اليورو بنحو 3.8%، وبنسبة 5.7% أمام الين.

ويتجه الدولار لتسجيل أكبر خسائر أسبوعية في 9 أشهر، رغم تعافيه النسبي من أدنى مستوى في 3 سنوات والذي سجله بالأمس.

ومع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الآمال بأن الفيدرالي سيخرج بقرار رفع سعر الفائدة قريباً، يبقى مواصلة الأداء الهبوطي علامة استفهام لدى كثير من المستثمرين.

وفي يناير الماضي أحرز مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة نمواً بنحو 0.5%، متجاوزاً التوقعات التي كانت عند 0.2%، كما زاد على أساس سنوي عند 2.1%.

كما أن التضخم الأساسي في الولايات المتحدة شهد ارتفاعاً في الشهر الماضي عند 0.3% مقابل 0.2% في ديسمبر.

وارتفعت كذلك أسعار المنتجين بأكبر وتيرة في 9 أشهر خلال ديسمبر إلى 0.4%.

وبالنسبة للموازنة الأمريكية فسجلت فائضاً تجاوز 49 مليار دولار في يناير الماضي، في مقابل عجز بلغ 23.1 مليار دولار في آخر شهر من 2017.

حتى تلك النقطة يبدو الاقتصاد الأمريكي يسير على خطى إيجابية، لكن بنظرة أكثر تعمقاً، فأن البيانات الاقتصادية الأمريكية تحمل بعض الإشارات السلبية.

بداية عام جديد غير موفقة

وفقاً للبيانات الرسمية الأمريكية فأن الإنتاج الصناعي في أكبر اقتصاد في العالم هبط بأكبر وتيرة منذ سبتمبر 2012 بنسبة 1.3% خلال ديسمبر.

أما على صعيد مبيعات التجزئة الأمريكية فسجلت أكبر وتيرة هبوط في نحو عام أثناء يناير بنحو 0.3%.

وتكمن أهمية بيانات مبيعات التجزئة في أنها تعطي إشارة واضحة على إنفاق المستهلكين، وهو ما يمثل أكثر من 70% من حجم الاقتصاد الأكبر في العالم.

وعلى مستوى ديون الأسر الأمريكية فواصلت الارتفاع إلى مستوى قياسي جديد في الربع الرابع من 2017 بمقدار 193 مليار دولار إلى 13.15 تريليون دولار.

كما أن فرص العمل المتاحة شهدت تراجعاً في شهر ديسمبر إلى 5.81 مليون فرصة عمل، مقابل 5.98 مليون فرصة عمل خلال نوفمبر.

وتبقى أكثر المشاكل ضغطاً على الاقتصاد الأمريكي وهي عجز الميزان التجاري دون تغيير، حيث أن العجز التجاري الأمريكي ارتفع بأكثر من 12% في 2017 إلى 566 مليار دولار وهو أعلى مستوى منذ 2008.

اضطرابات سياسية

تعاني الحياة السياسية في الولايات المتحدة من أزمات متعددة تفقد المستثمرين ثقتهم في وضع العملة الراهن وأدائها المستقبلي.

وعلى مدار أول شهر ونصف فقط من العام الجاري واجهت الحكومة الأمريكي إغلاقان للحكومة نتيجة خطة الإنفاق التي واجهت جدلاً كبيراً وسط تمسك جمهوري ومعارضة ديمقراطية.

وبعد أن أُغلقت الحكومة في يناير الماضي لمدة 3 أيام بسبب النزاع حول بنود الإنفاق، أُعيد العمل بها من جديد مع الاتفاق على بنود إنفاق قصير الآجل.

لكن حالة الاستقرار هذه لم تستمر كثيراً بعد الاختلاف على القضية نفسها من جديد مما تسبب في إغلاق الحكومة لعدة ساعات الشهر الجاري، انتهت بالاتفاق على خطة تمويلية طويلة الآجل بقيمة 200 مليار دولار.

وبالرغم أن الأوضاع تبدو أنها في طريقها للاستقرار بعد الاتفاق حول الموازنة لكن بنود طريقة الإنفاق تواجه الآن اعتراضات من جانب السياسيين.

ويسعى "دونالد ترامب" إلى لخفض برامج اجتماعية بقيمة 1.7 تريليون دولار بما في ذلك برنامج "ميد كير" لصالح الإنفاق على الدفاع.

وكشفت وثيقة خاصة بالبيت الأبيض أن الموازنة سوف تقترح خفض الإنفاق على برنامج "ميد كير" وبرنامج الصحة لكبار السن والمعاقين بقيمة 237 مليار دولار.

كما ستطالب بإجراء تخفيض سنوي بنسبة 2% على الإنفاق المحلي غير الدفاعي بداية من بعد عام 2019.

أما على صعيد مسألة الهجرة فتشهد هي الأخرى نزاعاً حالي داخل مجلس الشيوخ الأمريكي الذي رفض 4 خطط بشأنها.

ومع هذا الاختلاف يبدو أن إنجاز تلك المسألة التي كان يرغب "ترامب" في الانتهاء منها في مارس ستظل معلقة.

عوامل خارجية

هناك أسباب لا شأن للاقتصاد الأمريكي بها في رحلة تراجع الدولار وهي قوة العملات الأخرى التي تتلقى دعماً من مسئولي السياسة النقدية في بلادها.

وتشهد منطقة اليورو تعافي اقتصادي كبير وسجل النمو الاقتصادي في 2017 أفضل أداء في 10 سنوات، كما أن السياسات المالية داعمة للعملة، مع تكهنات قرب إنهاء برنامج التيسير الكمي.

وصرح "ماريو دراجي"، رئيس البنك المركزي الأوروبي، في الشهر الماضي أن البنك لا يزال على ثقة بتعافي معدل التضخم في منطقة اليورو قرب المستهدف البالغ 2%.

وفي بريطانيا فإن معدل التضخم يشهد ارتفاع عند مستوى 3%، كما أن تلميحات صناع السياسة النقدية تُشير إلى قرب رفع سعر الفائدة بأكثر من المتوقع.

وفي الاجتماع الأخير للبنك في الشهر الجاري ذكر أن السياسة النقدية ستكون بحاجة إلى أن يتم تشديدها في وقت مبكر بعض الشيء وعبر مستويات أكبر من التوقعات السابقة في نوفمبر الماضي.