TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

كيف بقيت جوجل في الصدارة؟ السر يكمن في هذا الرجل!

كيف بقيت جوجل في الصدارة؟ السر يكمن في هذا الرجل!

مباشر- قد لا يكون "جوش وودوارد" اسماً مألوفاً خارج أروقة وادي السيليكون، لكنه بات اليوم الشخصية الأكثر تأثيراً داخل شركة "جوجل"، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي".

بدأ وودوارد، البالغ من العمر 42 عاماً والمولود في أوكلاهوما، رحلته في عملاق البحث كمتدرب في إدارة المنتجات عام 2009، ليجد نفسه الآن بعد مرور أكثر من عقد ونصف مسؤولاً عن إدارة تطبيق "جيميني"، الذي يمثل قلب استراتيجية الذكاء الاصطناعي للشركة.

ومع تسارع وتيرة المنافسة مع شركة "OpenAI" التي أحدثت ثورة تقنية بإطلاق "ChatGPT"، أصبح عمل وودوارد محورياً لضمان عدم فقدان جوجل لسيادتها التاريخية على شبكة الإنترنت في ظل التحول الجذري في سلوك المستهلكين من البحث التقليدي إلى المساعدات الذكية.

ويقود وودوارد حالياً جهود "جوجل" للإبقاء على المستخدمين داخل نظامها البيئي، مستفيداً من منصبه المزدوج كرئيس لتطبيق "جيميني" ورئيس لـ "مختبرات جوجل" التي تحتضن المشاريع التجريبية الأكثر جرأة.

ويصفه زملاؤه بقدرته الاستثنائية على التحرك السريع وكسر الحواجز البيروقراطية، مما جعله في قلب العمليات الأكثر أهمية داخل الشركة. وبينما يواجه ضغوطاً هائلة لمواكبة المنافسين، يحرص وودوارد على موازنة هذا التسارع مع المخاوف المجتمعية والأخلاقية، مؤكداً على دور "جوجل" في تشكيل مستقبل آمن للذكاء الاصطناعي دون فقدان ثقة المستخدمين التي تراكمت على مدار عقود.

التحول الرقمي وإطلاق تطبيق "نانو بانانا"

في شهر أبريل من عام 2024، حين تمت ترقية وودوارد لإدارة "جيميني"، كان وضع جوجل في سوق الذكاء الاصطناعي يوصف بالهشاشة، حيث هبطت أسهم "ألفابت" بنسبة 18% في الربع الأول. إلا أن نقطة التحول الكبرى جاءت في أواخر شهر أغسطس مع إطلاق مولد الصور "نانو بانانا" (Nano Banana)، وهي الميزة التي أحدثت ضجة عالمية مكنت المستخدمين من دمج الصور بأسلوب إبداعي فريد.

وبسبب النجاح الساحق لهذا التطبيق، تعرضت البنية التحتية لشرائح معالجة "التنسور" لضغط هائل وصفه رئيس البنية التحتية في الشركة بأنه جعل المعالجات "تكاد تذوب" من كثافة الاستخدام، مما أجبر الشركة على فرض قيود مؤقتة لتنظيم العبء التقني.

وبنهاية شهر سبتمبر، نجح تطبيق "جيميني" في تجاوز عتبة 5 مليارات صورة، متمكناً من إطاحة "ChatGPT" من قمة متجر تطبيقات "أبل".

ويجري حالياً دمج تقنيات "نانو بانانا" في منتجات رئيسية أخرى مثل عدسة جوجل (Google Lens) وميزة "دائرة البحث" (Circle to Search). وتعكس هذه الأرقام نجاح استراتيجية وودوارد في تحويل النماذج اللغوية الكبيرة إلى منتجات استهلاكية جذابة، مما أعاد الروح إلى قطاع المنتجات في "جوجل" وجعلها تتصدر المشهد مجدداً أمام منافسين أقوياء مثل "أنثروبيك" و"مايكروسوفت".

قفزة أسهم "ألفابت" 

انعكس هذا النجاح التقني بشكل مباشر على أداء الشركة في بورصة وول ستريت، حيث تحول مزاج المستثمرين من القلق إلى الحماس الشديد. ورغم الربع الأول الصعب، قفز سهم "ألفابت" بنسبة 62% خلال العام الجاري، متفوقاً على أداء شركات كبرى مثل "ميتا".

أعلنت الشركة في نتائج أعمالها لشهر أكتوبر أنها تعتزم زيادة الإنفاق الرأسمالي ليصل إلى نحو 93 مليار دولار، في إشارة واضحة إلى ضخ أموال ضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي استعداداً لمرحلة التوسع القادمة وتلبية الطلب المتزايد على خدماتها السحابية والذكية.

وتكشف الإحصائيات الرسمية عن قفزة هائلة في عدد المستخدمين النشطين شهرياً لتطبيق "جيميني"، حيث ارتفع من 350 مليون مستخدم في شهر مارس ليصل إلى 650 مليون مستخدم في شهر أكتوبر.

حققت ميزة "نظرة عامة بالذكاء الاصطناعي" (AI Overviews) انتشاراً واسعاً بـ 2 مليار مستخدم شهرياً. ومع إطلاق طراز "جيميني 3" الكهربائي في شهر نوفمبر الماضي، أعرب وودوارد عن سعادته بالوتيرة الحالية للابتكار، مشيراً إلى أن القدرات التي تمنحها هذه النماذج للمبدعين تفتح آفاقاً غير مسبوقة لبناء حالات استخدام ومنتجات كانت تعتبر في السابق من قبيل الخيال العلمي.

فلسفة "دعهم يبدعون" ونجاح مشروع  NotebookLM

تعتمد قيادة وودوارد على فلسفة منح المبدعين الحرية الكاملة، وهي السياسة التي وصفها البعض بـ "دعهم يبدعون". ومن أبرز ثمار هذه السياسة مشروع "NotebookLM"، الذي بدأ كفكرة بسيطة تحت اسم "Tailwind" خلال "وقت الـ 20%" المخصص للموظفين لتطوير مشاريعهم الشخصية. وساهم وودوارد في تحويل هذا المشروع من مجرد دفتر ملاحظات مدعوم بالذكاء الاصطناعي إلى أداة بحثية قوية قادرة على تحليل الملفات والفيديوهات وتقديم ملخصات ذكية، مستعيناً بخبرات فريدة مثل الكاتب ستيفن جونسون الذي عينه وودوارد في الفريق رغم عدم خلفيته التقنية التقليدية.

ولم يتردد وودوارد في كسر القواعد التقليدية لـ"جوجل" لضمان نجاح المشروع، حيث سمح للفريق باستخدام منصات خارجية مثل "ديسكورد" لجمع آراء المستخدمين، رغم ضغوط الإدارة لاستخدام أدوات "جوجل" الداخلية. وأثمر هذا النهج عن بناء مجتمع يضم أكثر من 200 ألف عضو، وتحول التطبيق إلى أداة رئيسية عُرضت أمام كبار قادة العالم، مثل رئيس وزراء بولندا في شهر فبراير من عام 2025.

إن قصة جوش وودوارد ليست مجرد صعود وظيفي، بل هي قصة تحول ثقافي وتقني داخل "جوجل"، جعلت الشركة قادرة على استعادة زمام المبادرة في أهم معركة تكنولوجية في العصر الحديث.