TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تقليل نفقات وعمالة.. الشركات الأمريكية: 2024 ليس عامًا رائعًا

تقليل نفقات وعمالة.. الشركات الأمريكية: 2024 ليس عامًا رائعًا

مباشر- محمد الخولي: أعلن مسؤولون تنفيذيون في جميع قطاعات السوق الأمريكية تقريبًا، خططًا لتسريح العمال وخفض النفقات، ليصل الأمر في بعض الأحيان إلى الشركات التي تحقق أرباحًا كبيرة. مؤسسات مثل باربي ماتيل، وباي بال، وسيسكو، ونايك، وإستي لودر، وليفي شتراوس، ليست سوى نماذج قليلة لهؤلاء الذين قرروا خفض الوظائف وتقليل نفقات التشغيل مؤخرًا.

متجر التجزئة متعدد الأقسام "Macy's" قال إنه سيغلق خمسة من فروعه، وألغاء أكثر من 2300 وظيفة، الخطوط الجوية "جيت بلو" وخطوط طيران "سبيريت" قررت هي الأخرى تقليل العمالة، أما طيران "المتحدة" قررت تقليل وجبات برامج ركاب الدرجة الأولى في رحلاتها.

طرق أخرى لإدارة الميزانية

يقول جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في "EY"، لـ"CNBC" إن قوة التسعير لدى الشركات تضاءلت، لذلك يبحث المسؤولون التنفيذيون عن طرق أخرى لإدارة الميزانية، أو جني المزيد من الأرباح، من خلال تقليل النفقات.

يضيف "داكو": "أنت في بيئة يشكل فيها إجهاد التكلفة جزءً كبيرًا من المعادلة بالنسبة للمستهلكين وقادة الأعمال، تكلفة معظم كل شيء أعلى بكثير مما كانت عليه قبل وباء كوفيد-19، سواء كان ذلك السلع والمدخلات والمعدات والعمالة، وحتى أسعار الفائدة".

عدد من البنوك أجرت بالفعل تخفيضات كبيرة. إذ أعلن خمسة من أكبر البنوك في الولايات المتحدة، بينهم "ويلز فارجو" و"جولدمان ساكس"، إلغاء أكثر من 20 ألف وظيفة في 2023. الآن، تنتظر تلك البنوك تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي لتحرير الأموال المطلوبة لتنفيذ عمليات الاندماج والاستحواذ المؤجلة.

2024.. الخفض الأكبر

لكن تخفيضات التكاليف التي تم الكشف عنها في الأسابيع القليلة الأولى من عام 2024، تعادل عشرات الآلاف من الوظائف ومليارات الدولارات. في يناير 2024 أعلنت الشركات الأمريكية خفض 82 ألف وظيفة، أي أكثر من ضعف العدد في ديسمبر 2023 في حين لا تزال منخفضة بنسبة 20% عن العام الماضي، وفقًا لـ"تشالنجر" و"جراي وكريسماس".

وبحسب نفس المصدر، تشير نتائج الشركات حتى الآن، إلى أنها ركزت على زيادة الأرباح دون زيادات كبيرة في الأسعار أو نمو واضح في المبيعات.

اعتبارًا من منتصف فبراير، كان أكثر من ثلاثة أرباع الشركات في مؤشر "S&P 500" أعلنت نتائج الربع الرابع من 2023، مع زيادة الأرباح أكثر بكثير من الإيرادات. إن أرباح الربع الأخير من 2023، التي تم قياسها من خلال مجموعة شركات "S&P 500"، في طريقها للارتفاع بنسبة 10% تقريبًا، ومع ذلك، ارتفعت الإيرادات بنسبة أكثر تواضعًا بلغت 3.4% فقط.

الأمر يؤكد أن سعي الشركات لتحقيق أرباح أعلى ليس أمرًا جديدًا، لكن المؤكد أن الشركات جعلت تعزيز النتيجة النهائية، أولوية لها هذا العام.

السير وراء "ميتا"

في صناعة التكنولوجيا على سبيل المثال، حذت الشركات حذو شركة "ميتا" في التخفيضات التي أجرتها عام 2023، والتي نسب إليها العديد من المحللين الفضل في مساعدة عملاق وسائل التواصل الاجتماعي على التعافي من عام 2022 الصعب. الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج أطلق على عام 2023 اسم "عام الكفاءة" بالنسبة للشركة الأم لـ"فيسبوك" و"انستجرام"، حيث تعهدت بخفض عدد العاملين لديها، وقرر "مارك" المضي قدمًا في منهاجه لأن تكون الشركة العملاقة أصغر حجمًا وأكثر كفاءة.

وفي الأسابيع الأخيرة أعلنت أمازون، وآلفابيت، ومايكروسوفت وسيسكو، تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين.

شركة "UPS" قالت إنها ستلغي 12 ألف وظيفة لتوفير مليار دولار، حسبما قال الرئيس التنفيذي كارول تومي، آواخر الشهر الماضي، مستشهدًا بتراجع الطلب، كما أعلنت العديد من أكبر شركات البيع بالتجزئة والإعلام والترفيه تخفيضات في القوى العاملة والنفقات.

"ديسكوفري ووورنر ميديا" خفضت الإنفاق على المحتوى وعدد الموظفين، كجزء من توفير مالي إجمالي قدره 4 مليارات دولار في التكاليف بعد اندماجهما، أما "ديزني" وعدت في البداية بتخفيض التكاليف بمقدار 5.5 مليار دولار في عام 2023، مدعومة بتسريح 7000 موظف، قبل أن ترفع وعودها للادخار إلى 7.5 مليار دولار، لكن في النهاية اقترح المسؤولون التنفيذيون في تقرير الأرباح الفصلية الصادر في 7 فبراير، تجاوز هذا الهدف إلى أكثر من 8 مليارات دولار.

شركة أصغر.. كفاءة أكبر

في الأسبوع الماضي، أعلنت "باراماونت جلوبال" مئات من عمليات تسريح العمال في محاولة للعمل كشركة أصغر حجمًا وإنفاق أقل، وفقًا للرئيس التنفيذي بوب باكيش، نفس الأمر فعلته "NBCUniversal" الشركة الأم لـ"CNBC" لتلغي عددًا من الوظائف مؤخرًا.

الخطوط الجوية "جيت بلو" التي لم تسجل ربحًا سنويًا منذ ما قبل عام وباء كوفيد-19، أجلّت حوالي 2.5 مليار دولار من النفقات الرأسمالية على طائرات "آيرباص" الجديدة حتى نهاية العقد، كما ألغت المسارات غير المربحة وأعادت نشر الطائرات.

ورغم إعلان شركة طيران "دلتا" تحقيق أرباح في نوفمبر الماضي، قالت إنها ستخفض بعض الوظائف المكتبية، ووصفت ذلك بأنه "تعديل بسيط"، لكن هذا التعديل وصل إلى الجزء الأمامي من المقصورة ليصل الاستغناء إلى طياريي الشركة. شركة طيران الإمارات، التي حققت أيضًا أرباحًا في عام 2023، قالت إنها ستقدم وجبات من الدرجة الأولى فقط على الرحلات الجوية التي يزيد طولها عن 900 ميل، ارتفاعًا من 800 ميل سابقًا. 

العديد من أكبر شركات صناعة السيارات في البلاد، مثل "جنرال موتورز" و"فورد موتور"، خفضت الإنفاق بمليارات الدولارات من خلال خفض أو تأخير الاستثمارات في السيارات الكهربائية بالكامل، الشركات التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة بالإضافة إلى شركات أخرى، مثل شركة "Stellantis" ومقرها هولندا، خفضت مؤخرًا عدد الموظفين وكشوف الرواتب من خلال الاستحواذ الطوعي أو تسريح العمال.

حتى "شيبوتل" التي أبلغت عن المزيد من حركة السير والمبيعات في مطاعمها في الربع الأخير الذي تم الإبلاغ عنه، تسعى إلى تحقيق إنتاجية أعلى من خلال اختبار روبوت لتجميع الأفوكادو يسمى "Autocado" والذي يقلل من الوقت الذي يستغرقه صنع الجواكامول، كما أنه يختبر روبوتًا آخر يمكنه إعداد أطباق البوريتو والسلطات، كما يمكن للروبوتات، إذا تم توسيعها لتشمل متاجر أخرى، أن تساعد في خفض التكاليف عن طريق تقليل هدر الطعام أو تقليل عدد العمال اللازمين لهذه المهام.

أنماط التحول

خبراء الصناعة أرجعوا بعض التخفيضات الأخيرة، إلى رغبة الشركات في التقاط الأنفاس، كما أن الشركات تريد إلقاء نظرة فاحصة على كيفية عملها، بعد فترة غير عادية مدتها أربع سنوات بسبب الوباء وتداعياته.

يقول "داكو" من شركة "EY" إن السنوات القليلة الماضية اتسمت بعدم التطابق في العرض والطلب، عندما يتعلق الأمر بالسلع والخدمات وحتى العمال.

وأضاف: "إنك ترى إعادة التوازن تحدث في أسواق العمل وأسواق رأس المال، وستؤدي تدريجيًا إلى بيئة أكثر استدامة تتسم بانخفاض التضخم وأسعار الفائدة، لكن ربما بنمو أبطأ قليلًا".

وعلى سبيل المثال، واجهت صناعة السيارات مشكلة العرض خلال معظم فترات تفشي وباء كوفيد-19، لكنها تواجه الآن مشكلة طلب محتملة. إذ أن مخزونات السيارات الجديدة آخذة في الارتفاع متجاوزة 2.5 مليون سيارة وإمدادات تكفي 71 يومًا فقط حتى نهاية عام 2023، بزيادة 57% على أساس سنوي، وفقًا لشركة "Cox Automotive"، التي أكدت أن الأمر يجبر الشركات في النهاية على تقديم المزيد من الخصومات.

يقول ديفيد سيلفرمان، محلل التجزئة في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن الشركات تشعر بثقل بعض الشيء مع اعتدال نمو المبيعات، وربما حتى انخفاضها.

تخفيضات التكاليف في شركات (UPS وHasbro وLevi) جاءت في أعقاب انخفاض المبيعات بالربع الأخير من 2023، وقالت شركة "Macy's"، التي تعلن أرباحها في وقت لاحق من هذا الشهر، إنها تتوقع انخفاضًا في مبيعات المتاجر نفسها، وهناك أدلة مبكرة قد تؤتي ثمارها وهي تراجع المستهلكون عن الإنفاق في يناير، مع انخفاض مبيعات التجزئة بنسبة 0.8%، أكثر مما يتوقعه الاقتصاديون وفقًا لأحدث البيانات الفيدرالية.

وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" قالت إنها لا تتوقع أن يتجه الاقتصاد الأمريكي إلى الركود، لكنها تتوقع استمرار التراجع في الإنفاق التقديري. كما يضيف سيلفرمان: "جزء من قرار الشركات بخفض هيكل نفقاتها، يتماشى مع وجهات نظرها بأن عام 2024 قد لا يكون عامًا رائعًا من وجهة نظر النمو الأعلى".

وأضاف أنه بالإضافة إلى ذلك، كان على الشركات العثور على أموال لتمويل الاستثمارات في التكنولوجيا الأحدث، مثل البنية التحتية التي تدعم التجارة الإلكترونية، أو سلسلة التوريد المرنة أو الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي.

سوق قوية رغم كل شيء

قد يكون لدى الشركات سببًا آخر لخفض التكاليف، إذ يشير "سيلفرمان": "تسريح العمال يؤدي إلى تسريح العمال.. عندما بدأت الشركات في الإعلان عنها، أصبح الأمر طبيعيًا.. هناك وصمة عار أقل".

لكن حتى مع عمليات تسريح العمال المتعاقبة، يظل سوق العمل الأمريكي قويًا، وهو ما قد يساعد في تفسير السبب وراء قيام "وول ستريت" بمكافأة الشركات التي وجدت مجالات للادخار وأعادت الأرباح إلى المساهمين.

 

على سبيل المثال، تضاعف سعر أسهم شركة "ميتا" رغم كل الاستقطاعات في العمالة والإنفاق، ثلاث مرات تقريبًا في عام 2023 ، ما جعل السهم ثاني أفضل الرابحين في مؤشر "S&P 500"، خلف السهم الطائر "انفيديا".
وبعد تسريح أكثر من 20 ألف عامل في عام 2023، أعلنت "ميتا" في الثاني من فبراير، أول أرباح على الإطلاق وقالت إنها وسعت نطاق ترخيص إعادة شراء الأسهم بمقدار 50 مليار دولار. كما قالت "UPS"، التي خرجت للتو من تخفيض الوظائف، إنها سترفع أرباحها الفصلية بمقدار بنس واحد.