الكويت – مباشر: تراجع عجز الميزانية العامة للكويت بشكل ملحوظ إلى 3 مليار دينار في السنة المالية 2021/2022، نتيجة ارتفاع أسعار النفط وتزايد الإنتاج النفطي وترشيد النفقات في ظل شح السيولة، وفق تحليل لوحدة بحوث بنك الكويت الوطني صادر اليوم الخميس.
وفي السنة المالية 2022/2023، من المتوقع تسجيل أول فائض منذ 8 سنوات بنسبة 9.6% من الناتج المحلي مع ارتفاع أسعار النفط، ما يمكن الحكومة من إعادة تعزيز الاحتياطات المالية، بما في ذلك صندوق الاحتياطي العام.
وحسب التقرير تتوقع الموازنة العامة للسنة المالية 2022/2023 التي تأخر صدورها زيادة متواضعة في النفقات، مع انخفاض مخصصات النفقات الرأسمالية والذي قد يعكس النتائج الضعيفة المسجلة حتى الآن لهذا العام.
ويتوقع التقرير ارتفاع الإنفاق الاستثماري العام المقبل مقارنةً بفترة أساس منخفضة، مع السعي لتسريع وتيرة تنفيذ برنامج عمل الحكومة الذي يمتد لفترة 4 سنوات.
يذكر أن الحسابات الختامية الصادرة مؤخراً عن وزارة المالية كشفت تحسن الوضع المالي خلال السنة المالية 2021/2022 بشكل ملحوظ. إذ سجلت الحكومة عجزاً قدره 3.0 مليار دينار (7.2% من الناتج المحلي الإجمالي)، فيما يعد أقل بكثير من العجز القياسي البالغ 10.8 مليار دينار (33.3% من الناتج المحلي الإجمالي) الذي سجلته ميزانية العام المالي السابق والتي تأثرت نتائجها بالجائحة.
ويعزى تحسن الوضع المالي بصفة رئيسية لارتفاع أسعار النفط التي تضاعفت تقريباً مقارنة بالسنة المالية 2020/2021، وتزامن ذلك مع نمو محدود في النفقات، إذ أعطت الحكومة الأولوية للإنفاق على "البنود الضرورية''، وخاصة الرواتب والإعانات، مقارنة بالنفقات الموجهة للاستثمارات الرأسمالية نظراً لقلة السيولة بسبب الاقتراب من استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام وقلة خيارات التمويل البديلة (إذ لم يتم إقرار قانون الدين العام حتى الان).
وارتفعت الإيرادات بنسبة 77% لتصل إلى 18.6 مليار دينار، متجاوزة بفارق كبير التقديرات الرسمية لموازنة السنة المالية 2021/2022 (10.9 مليار دينار).
ويعزى ذلك لارتفاع العائدات النفطية (+85% إلى 16.2 مليار دينار) بفضل ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، والتي وصلت في المتوسط إلى 80.7 دولار للبرميل (تقريباً ضعف تقديرات الميزانية البالغة 45 دولار للبرميل) وزيادة إنتاج النفط (+6.4% إلى 2.5 مليون برميل يومياً في المتوسط).
ومثلت العائدات النفطية نحو 87% من إجمالي الإيرادات. كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية بأكثر من الثلث لتصل إلى 2.4 مليار دينار ما يرجع بشكل كبير إلى بند "الإيرادات الأخرى"، الذي تضمن استلام الكويت الدفعة الأخيرة من تعويضات حرب الخليج من العراق عن طريق لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة.
وبلغ إجمالي قيمة التعويض 2.1 مليار دولار (638 مليون دينار). وباستثناء هذا البند، ارتفعت الإيرادات غير النفطية بنحو 28%.
كما ارتفعت النفقات إلى 21.6 مليار دينار، أي بنسبة 1.5% مقارنة بالعام السابق، مع انخفاض النفقات الجارية بنسبة 2.6% إلى 19.0 مليار دينار، وزيادة النفقات الرأسمالية 16% لتصل إلى 2.6 مليار دينار.
ويعزى انخفاض النفقات الجارية بنسبة كبيرة للتراجع الملحوظ في بند "النفقات الأخرى" (-17.5% إلى 2.6 مليار دينار)، بينما ارتفع كل من بندي الرواتب والأجور والإعانات بنسبة 3.5% و2% على التوالي، والتي تمثل 76% من إجمالي النفقات.
ويعكس النمو المرتفع للنفقات الرأسمالية التحسن في الأداء مقارنة بالسنة المالية 2020/2021 التي سجلت مستويات ضعيفة للغاية نتيجة التأثر بالجائحة، إلا أنها ما زالت أدنى من المستويات التاريخية.
وجاءت النفقات الرأسمالية أقل من الميزانية التقديرية بنسبة 26%، في ظل مواصلة بحث السلطات عن أوجه للتوفير في ذلك القطاع وسط ارتفاع التكاليف بسبب نقص العمالة والمواد الأولية، كما تأثر الإنفاق الرأسمالي بالتأخيرات البيروقراطية والجمود السياسي الذي شهدناه خلال الأعوام 2021-2022.
موازنة عام 2023/2022
وفي نوفمبر، أقر مجلس الأمة الجديد أخيراً موازنة السنة المالية 2022/2023، بعد مرور أكثر من ستة أشهر على بدء السنة المالية.
وزادت القيمة المخصصة للنفقات بنسبة 2.1% عن موازنة العام السابق (السنة المالية 2021/2022) لتصل إلى 23.5 مليار دينار، كما ارتفعت توقعات الإيرادات بنسبة 114% إلى 23.4 مليار دينار نتيجة لارتفاع أسعار النفط (80 دولار للبرميل).
وقد نتج عن ذلك تقدير تسجيل الموازنة لعجز بسيط قدره 124 مليون دينار (الرسم البياني 1). ويتضمن ذلك إضافة 423 مليون دينار للمدفوعات الاستثنائية لموظفي القطاع العام من الصفوف الأمامية عن فترة الجائحة - وصرف بدل الاجازات والتعويض عن الخدمات المقدمة، على التوالي.
وبصفة عامة، تتوقع الموازنة العامة زيادة الإنفاق الجاري (+5.1% مقارنة بالميزانية السابقة لتصل إلى 20.6 مليار دينار) وذلك لتغطية زيادة أسعار البنود المدعومة والمخصصات، والتحويلات لصالح المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (الرسم البياني 3).
ومن جهة أخرى، تم خفض مخصصات النفقات الرأسمالية (-15.3% إلى 2.9 مليار دينار)، ربما بمثابة إقرار بالتحديات الأخيرة التي واجهت التنفيذ.
وفي واقع الأمر، قد تكون نتيجة السنة المالية 2022/2023 أفضل بكثير من تقديرات الموازنة العامة، إذ بلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 104.8 دولار للبرميل في الفترة الممتدة من أبريل إلى نوفمبر، أي أعلى بكثير من الأساس المفترض في الموازنة بواقع 80 دولاراً للبرميل.
ومن المرجح أن يصل الفائض في الموازنة العامة إلى 5.2 مليار دينار، أو ما يعادل 9.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ليكون بذلك أول فائض تسجله الكويت منذ عام 2014.
وقد يكون للفائض المتوقع تأثيرات إيجابية على صافي أصول صندوق الاحتياطي العام، خاصة في ظل إعلان الحكومة عن توجيه التحويلات المخصصة لصالح صندوق الأجيال القادمة، والتي تكون عادة 10% من الإيرادات عند تسجيل فائض إلى صندوق الاحتياطي العام في السنة المالية 2022/2023.
كما تفيد التقارير بأن صافي أصول صندوق الاحتياطي العام قد وصلت إلى 9.1 مليار دينار بنهاية يونيو 2022 (8.2 مليار دينار بنهاية مارس 2022)، وذلك بعد استنفادها بالكامل تقريباً أثناء الجائحة.
كما أشار تقرير حديث صادر عن ديوان المحاسبة أن الحكومة لم تقم بأي سحوبات خلال النصف الأول من السنة المالية الحالية، إضافة لذلك، استمر إجمالي الدين العام في الانخفاض بعد سداد سندات اليوروبوند بقيمة 1.1 مليار دينار في مارس الماضي ليصل بذلك إجمالي الدين العام لنحو 4.5% فقط من الناتج المحلي بنهاية السنة المالية 2021/2022 - معظمها من الشريحة الأخيرة لسندات اليوروبوند الصادرة في عام 2017، لتصبح بذلك الكويت واحدة من أقل الدول مديونية على مستوى العالم.
وأوضح تقرير متابعة أوضاع مشاريع خطة التنمية بنهاية النصف الأول من السنة المالية 2022/2023 (أبريل- سبتمبر) أن الإنفاق الحكومي في هذا المجال بلغ 166 مليون دينار فقط، أو ما يعادل 13.1% من إجمالي 1.3 مليار دينار التي تم تخصيصها.
وما يزال هذا الرقم يمثل انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالنسبة المنخفضة بالفعل البالغة 21% التي تم تسجيلها خلال نفس الفترة من السنة المالية 2021/2022.
وخلص التقرير إلى أن نحو 68% من المشاريع تأخرت عن موعدها، وأن نحو نصف المشاريع البالغ عددها 129 مشروعاً إما تزال في مرحلة التخطيط أو المرحلة التحضيرية، وبالتالي، قد تكون نتائج النفقات الرأسمالية في هذه السنة المالية منخفضة بصفة خاصة وفقاً للمعايير التاريخية.
وبالنسبة للسنة المالية 2023/2024، فقد يتم تسجيل فائض مالي مرة أخرى، وان كان بمستوى أقل يقدر بنحو 2.3 مليار دينار (+4.3% من الناتج المحلي الإجمالي)، بما يتماشى مع توقعات انخفاض أسعار النفط.
وعلى الرغم من اعتباره وضعاً جيداً وفقاً للمعايير الدولية (هذا إلى جانب امتلاك الحكومة أيضاً احتياطيات صندوق الأجيال القادمة التي يمكن الاستفادة منها في حالات الطوارئ)، إلا أن حساسية أوضاع المالية العامة في الكويت تجاه أسعار النفط المتقلبة ما تزال حادة وتشكل تحدياً هاماً للحكومة على المدى المتوسط.
وتشير تقديرات "الكويت الوطني" إلى وصول سعر التعادل النفطي في الميزانية إلى نحو 80 دولاراً للبرميل في السنة المالية 2022/2023، وقد يرتفع هذا الرقم إذا استمرت الضغوط لزيادة الإنفاق على برامج الرعاية الاجتماعية.
للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا
ترشيحات:
"ضمان الاستثمار" تتوقع تجاوز الناتج العربي 3.4 تريليون دولار بنهاية 2022
"أسواق المال" الكويتية توافق على نشرة اكتتاب سندات "كيبكو"
أعلى مستوى منذ 2007.. "الفيدرالي" الأمريكي يرفع الفائدة بواقع 50 نقطة أساس