الكويت - مباشر: أشارت بيانات اقتصادية إلى أن الانتعاش التدريجي الذي شهده الاقتصاد الكويتي في الربع الأول من العام الحالي قد يمتد أيضاً للربع الثاني من العام الحالي؛ إذ انتعش الإنفاق الاستهلاكي، وبدأ النشاط التجاري في التحسن ببطء، كما اكتسب الائتمان الشخصي زخماً متزايداً، وتحسنت وتيرة أنشطة المشاريع تدريجياً.
بحسب تقرير بنك الكويت الوطني الذي تلقى "مباشر" نسخته، اليوم الأحد، ارتفعت معدلات التضخم أيضاً على خلفية الزيادة في أسعار المواد الغذائية والقيود المستمرة على سلاسل التوريد، وفي غضون ذلك واصلت سوق الأسهم ارتفاعاتها بدعم من تحسن المعنويات تجاه نمو الاقتصاد الإقليمي والدولي وذلك في ظل تخفيف قيود التنقل وتوسع برامج اللقاحات.
ورغم ذلك تكشف أحدث المؤشرات الصادرة عن الحسابات القومية أن الاقتصاد الكويتي أمامه طريق طويل لاستعادة ما فقده العام الماضي جراء الجائحة. وينطبق ذلك أيضاً على أوضاع المالية العامة، التي تأثرت بشدة جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط العام الماضي الذي تسبب في شح سيولة صندوق الاحتياطي العام.
وعلى الرغم من أن الزيادة الأخيرة في أسعار النفط وتخطيها أكثر من 70 دولاراً للبرميل ستساعد في تخفيف بعض الضغوط إلى حد كبير، إلا أن ارتفاع معدلات الإنفاق تعني أن الميزانية ستظل في حالة عجز ما لم تستمر أسعار النفط في الارتفاع (بشكل مستدام)، في حين سيظل تمويل العجز من أبرز التحديات التي يواجها الاقتصاد الكويتي ما لم يتم إقرار قانون الدين العام الجديد.
وكان مشروع قانون الرهن العقاري ومبادرات الاستدامة المالية من ضمن أبرز الركائز الرئيسية لخارطة طريق الإصلاح الاقتصادي التي أعلنت عنها الحكومة مؤخراً. إلا أن هناك بعض التحديات الرئيسية التي تواجه تعافي الاقتصاد على المدى القريب التي تتمثل في عودة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا مؤخراً على الرغم من توسيع نطاق جهود برنامج اللقاحات في الكويت (ما يقدر بنحو 3 ملايين جرعة حتى أواخر يونيو) مما يساهم في تعزيز التفاؤل بأن الضغوط الناجمة عن الجائحة ستتراجع بشكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 2021.
تراجع حاد للناتج المحلي في 2020 بسبب الجائحة
كان التأثير السلبي لجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)على النشاط الاقتصادي واضحاً خلال العام الماضي وانعكس ذلك على بيانات الناتج المحلي الإجمالي التي نشرتها مؤخراً الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت.
وتراجع الناتج المحلي بنسبة 8.9% في عام 2020 (-11.2% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020)، منكمشاً بذلك للعام الثاني على التوالي (-0.6% في عام 2019) الذي يعد الأكثر حدة منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009.
وأصاب التراجع كل من القطاعين النفطي وغير النفطي اللذان سجلا انخفاضاً بنسبة 8.8% في عام 2020. كما تراجع إنتاج النفط على خلفية التزام الكويت باتفاقية الأوبك وحلفائها لتقليص حصص الإنتاج - في إطار استجابة المجموعة للانخفاض القياسي في الطلب على النفط وتراجع الأسعار الناجم عن تفشي الجائحة في أبريل 2020.
وشهد الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي (-8.8% في عام 2020، -7.4% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2020) أشد معدلات الانكماش ضمن سلسلة البيانات السنوية المتاحة؛ إذ عاد الإنتاج إلى المستويات التي شهدناها لآخر مرة في عام 2014.
أما على صعيد "الخدمات الأخرى" (-7.6% في عام 2020) التي تشمل العقار والتصنيع (-32.6%) والتجارة (-12.1%) والاتصالات (-6.8%) فقد تضررت بشدة. إلا أن قطاع البناء والتشييد كان الأسوأ أداء؛ إذ تراجع بنسبة 43.2% نظراً لتأجيل العديد من المشاريع. وفي المقابل، تحسنت أنشطة الإدارة العامة والدفاع والتعليم والرعاية الصحية والعمل الاجتماعي.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى أنه في ظل تكثيف جهود اللقاحات ورفع القيود المفروضة على التنقل، من المرتقب أن يستفيد النشاط التجاري من الطلب الاستهلاكي المكبوت. كما قد يساهم الموقف المالي التوسعي للحكومة؛ وفقاً للميزانية التي وضعتها للسنة المالية2021/2022، في تعزيز أداء النشاط الاقتصادي.
هذا إلى جانب الدعم الذي سيوفره تجاوز أسعار النفط لمستوى 70 دولاراً للبرميل. وتشير التوقعات إلى تحسن معدل النمو غير النفطي ليصل إلى 3.0% في عام 2021؛ مما يساهم في تعزيز معدل النمو الكلي إلى 0.5%.
من جهة أخرى، قد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي النفطي بمستويات أقل من التقديرات السابقة (-1.6%) إذا أقرت الأوبك زيادة الإنتاج ورفعت الكويت من إنتاجها بأكثر من المستوى المقرر في الأساس (2.40 مليون برميل يومياً في المتوسط).
عودة النشاط العقاري إلى مستويات ما قبل الجائحة
انتعش نشاط قطاع العقار إلى مستويات ما قبل الجائحة؛ إذ ارتفع متوسط المبيعات الشهرية بنسبة 26% على أساس سنوي إلى 280 مليون دينار كويتي في الربع الأول من عام 2021 بالمقارنة مع أدنى المستويات المسجلة تاريخياً في الربع الثاني من عام 2020.
واستمر هذا الاتجاه خلال شهري أبريل ومايو الماضيين؛ إذ وصلت قيمة المبيعات إلى 322 مليون دينار كويتي في مايو على الرغم من استمرار ضعف قطاعي التجارة والاستثمار. ولم تشهد تلك المستويات سوى انتعاش جزئي فقط مقارنة بأدنى مستوياتها المسجلة في الربع الثاني من عام 2020 على خلفية تدهور أوضاع أنشطة الأعمال وسوق العمل بسبب الجائحة.
وأثبتت مبيعات القطاع السكني مرونتها وقدرتها على الصمود؛ إذ وصلت إلى 268 مليون دينار كويتي في مايو وذلك بدعم من الطلب المكبوت وتزايد العروض في العديد من المناطق الناشئة.
كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن إجمالي المبيعات في شهر أبريل، على الرغم من كونه جيداً، إلا أنه تأثر على الأرجح ببداية شهر رمضان المبارك، الذي عادة ما يشهد تباطؤ في النشاط العقاري.
ومستقبلياً، تشير التوقعات إلى استمرار نشاط القطاع السكني قوياً على المديين القريب إلى المتوسط بدعم من الطلب القوي من قبل المواطنين. ومن المتوقع أن يساعد مشروع قانون الرهن العقاري الذي تم الإعلان عنه مؤخراً الذي ينتظر مصادقة البرلمان على زيادة الطلب. ووفقاً لمسودة القانون، يحق للمواطنين المتزوجين الحصول على قرض مدعوم من الحكومة من البنوك التجارية بدلاً من بنك الائتمان الكويتي التابع للدولة.
تزايد الإنفاق الاستهلاكي
يظهر الإنفاق الاستهلاكي القوي الذي شهده الربع الأول من عام 2021 (+ 32.8% على أساس سنوي) إشارات على مواصلة طريقه لتحقيق المزيد من المكاسب في الربع الثاني من عام 2021؛ إذ كشفت بيانات الإنفاق الشهرية الصادرة عن شركة الخدمات المصرفية الآلية كي نت لشهر مايو الماضي ارتفاعاً بنسبة 137% على أساس سنوي إلى 2.3 مليار دينار. في حين أن هذه القفزة تعكس إلى حد كبير انخفاض قاعدة المقارنة لشهر مايو 2020 عندما تم تطبيق حظر التجول الكامل على خلفية تفشي الجائحة، كما كان الإنفاق العام قوياً حتى الآن (+5.2%).
ويأتي ذلك على الرغم من فرض حظر التجول الجزئي وتزامناً مع حلول شهر رمضان المبارك في شهري أبريل ومايو. ومنذ رفع التدابير الاحترازية في بداية عطلة العيد وبالتزامن مع توسع نطاق برنامج اللقاحات، تحسن النشاط الاستهلاكي على نطاق أوسع.
ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الإنفاق المحلي في الأشهر المقبلة، على الرغم من بقائه قوياً، في ظل تلاشى التأثيرات الأساسية مقارنة بمستويات العام الماضي وعودة استئناف أنشطة السفر. إلا أن استمرار حالة عدم اليقين تجاه الجائحة وقوة النشاط التجاري وصعوبة ظروف العمل أثرت على مستويات الثقة وقد تساهم في إبطاء نمو الإنفاق الاستهلاكي.
العجز المقدر في 2021/2020 يصل إلى مستويات قياسية
من المتوقع أن يصل عجز ميزانية السنة المالية 2021/2020 إلى 9.3 مليار دينار (28.6% من الناتج المحلي الإجمالي) على خلفية مزيج من العوامل التي تتضمن تقليص إنتاج النفط وانخفاض أسعار النفط بشكل ملحوظ.
وكشفت البيانات عن تسجيل عجزاً قدره 6.0 مليار دينار في الـ11 شهراً الأولى من السنة المالية 2021/2020 (أبريل - فبراير) على خلفية تراجع الإيرادات النفطية (بلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 41.5 دولار للبرميل، [-35.0%] على أساس سنوي) وتقليص إنتاج النفط (- 12.6%) على خلفية خطة الأوبك وحلفائها لخفض حصص الإنتاج.
وواصلت الإيرادات غير النفطية، التي انخفضت بنسبة 16.1% على أساس سنوي، التعرض للضغوط الناجمة عن تداعيات الجائحة.
من جهة أخرى، انخفض إجمالي الإنفاق بنسبة 7.4% نتيجة لتقليص النفقات الجارية (93% من إجمالي النفقات). كما انخفض الإنفاق الرأسمالي بنسبة 28.9%، فيما يعد أحد أضعف مستويات الأداء في السنوات الخمس الماضية. وفي غياب إصدار قانون الدين العام الجديد؛ ما زالت الرؤية غير واضحة فيما يتعلق بكيفية تمويل العجز بعد استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام ووصوله إلى مستويات حرجة.
وبالنسبة للسنة المالية الحالية (2021/2022)، من المتوقع أن ينخفض مستوى العجز على خلفية ارتفاع أسعار النفط بصفة رئيسية مما سيساهم في تعزيز الإيرادات النفطية – إلا أنه سيظل عند مستوى مرتفع يصل إلى 5.4 مليار دينار (13.8% من الناتج المحلي الإجمالي). ويعد هذا المستوى أقل بكثير من تقديرات الموازنة والبالغة 12.1 مليار دينار، التي تم إقرارها في منتصف يونيو. وسيشكل تمويل العجز تحدياً طالما استمر تعثر إقرار قانون الدين العام الجديد المثير للجدل.
وعلى المدى المتوسط، تسعى خطة العمل الحكومية التي تم الإعلان عنها مؤخراً للسنة المالية 2022/2021 - 2025/2024 إلى معالجة الاختلالات الحالية التي تعاني منها أوضاع المالية العامة. وتهدف السلطات إلى زيادة كفاءة النظم الضريبية وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية وزيادة العائدات الجمركية، هذا إلى جانب الحد من اعتماد الدولة على العائدات النفطية. كما تركز الخطة على الإصلاحات التشريعية الأخرى بما في ذلك أجور موظفي القطاع العام واستحداث قانون الدين العام الجديد وقانون الرهن العقاري.
ووضعت الخطة تصوراً لعمليات السحب من صندوق الأجيال القادمة بمستويات محدودة إذا لم يتم إقرار قانون الدين العام الجديد أو إذا كانت أدوات الدين التي سيتم اصدراها غير كافية لسد عجز الموازنة. وبالإضافة إلى ذلك لا ينبغي أن يعتمد تمويل الميزانية على إصدار أدوات الدين والسحب من صندوق الأجيال القادمة بصفة حصرية، بل يجب أن توفر تلك التدابير جسراً نحو التحول إلى تطبيق إصلاحات أكثر استدامة لزيادة الإيرادات غير النفطية وترشيد النفقات على المدى المتوسط.
(تحرير - محمد فاروق)
ترشيحات:
بورصة الكويت توقف التداول على سهم "البيت".. اعتباراً من الغد
18 أغسطس.. نظر الاعتراض المقدم من "المال" الكويتية ضد هيئة سعودية
بورصة الكويت تتباين صباحاً.. وتراجع كبير لسهم "عربي القابضة"
"رماية" تفصح عن أحداث "عمومية الخميس".. واستمرار إيقاف تداول السهم