TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تقرير: الكويت بحاجة إلى تبني استراتيجية للتعافي السريع من الكوارث

تقرير: الكويت بحاجة إلى تبني استراتيجية للتعافي السريع من الكوارث
علم الكويت يرفرف فوق أحد المعالم بالبلاد

الكويت - مباشر: قال المركز المالي الكويتي إن دولة الكويت تعرضت لأزمتين في الوقت نفسه هما أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، والتراجع الحاد في أسعار النفط. ولذلك، فإن الكويت بحاجة إلى تبني استراتيجية للتعافي السريع من الكوارث.

وأوضح "المركز" في تقرير تلقى "مباشر" نسخته اليوم الثلاثاء، أن ظهور الفيروس بدأ في مدينة ووهان الصينية خلال ديسمبر/كانون أول الماضي، وساد اعتقاد في بداية الأمر أنه مرض يمكن احتواؤه، ولقد أثارت سرعة تزايد انتشار الفيروس داخل الصين، القلق في دول العالم مع غياب الحوافز المسببة للخوف، خاصة أن الاعتقاد الذي ساد هو أنها أزمة صينية محلية.

غير أن ذلك لم يمنع تعطل سلسلة الإمداد العالمية وتعديل توقعات نمو الاقتصاد العالمي سلباً وإن كان ذلك بهامش ضئيل نسبياً. إلا أن الفزع الحقيقي تجسد مع سرعة انتشار المرض في إيران وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية، وكان من الطبيعي أن يؤثر الذعر في صناعة السفر العالمية، الأعمال التجارية، وأنظمة الرعاية الصحية، وغيرها من القطاعات.

وأعلنت الكويت عن ظهور حالات إصابة بفيروس كوفيد 19. وبادرت الحكومة بتنفيذ خطط استجابة سريعة؛ من قبيل إلغاء الرحلات الجوية من وإلى وجهات معينة، وإغلاق المدارس، وإعداد المستشفيات لحالات الطوارئ.

جهودٌ تستحق الإشادة

وضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دولة الكويت للحد من انتشار الفيروس، أصدر مجلس الوزراء في 15 مارس/آذار الجاري، مجموعة من القرارات في مؤتمره الصحفي بشأن التجمعات اشتملت على إيقاف جميع وسائل النقل العام الجماعي، وإغلاق مراكز وصالات الترفيه والتسلية ولعب الأطفال، وإغلاق المجمعات التجارية ومراكز التسوق (المولات) باستثناء منافذ التسويق المركزية الخاصة بالمواد التموينية والغذائية.

وأوضح "المركز" أن الحكومة قررت كذلك، ضمن إجراءات الاحتراز، عدم السماح باستقبال أكثر من 5 عملاء في وقت واحد داخل المطعم أو المقهى، وإغلاق الصالونات النسائية والرجالية، وفي حالة الانتظار في طابور يتم الالتزام بترك مسافة لا تقل عن متر بين كل شخص وآخر.

وشدد مجلس الوزراء الكويتي على ضرورة إلغاء دعوات الزواج والحفلات لتفادي النتائج الضارة المترتبة على التجمعات، التي تتعارض مع التعليمات الصحية.

وكانت الرسالة الواضحة من المؤتمر الصحفي لمجلس الوزراء أن هناك حالة عزل كبرى يجب أن تشيع في دولة الكويت وكافة ضواحيها.

إدارة الأزمات واستراتيجية التعافي من الكوارث

وأحدث فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) حالة من الذعر في جميع أنحاء العالم، ولم تكن الكويت بمنأى عنها. إذ نجمت أزمة في المدارس والمستشفيات ومقار الأعمال والمطارات وغيرها من الأماكن الحيوية.

ومن هذا المنطلق، يتوجب العمل على إدارة هذه الأزمة من خلال تبني استراتيجية للتعافي من الكوارث، التي من شأنها تمكين الكويت من معالجة المشاكل بأسلوب أكثر تنظيماً. وعند تصميم الاستراتيجية بشكل سليم، يسهل استئناف الخدمات بعد الأزمة، حسب التقرير.

وتُعد خطة الاتصال خلال الأزمات جزءاً لا يتجزأ من الخطة الوطنية لإدارة الكوارث، حيث يمكن للتواصل الواضح والسريع أن يساهم في تهدئة المخاوف بسهولة ويتيح للأفراد فرصة الرجوع إلى الحياة الطبيعية في أسرع وقت.

وتابع المركز: "على الرغم من أن الخطة المُقترحة تتعلق بأزمة كورونا، إلا أن مبدأ صياغة خطة وطنية لإدارة الكوارث يجب أن يكون أمراً دائماً لتتمكن الدولة من مواجهة أي أزمة في المستقبل بأقل الخسائر".

وبالإضافة إلى ذلك، يتعرض نظام الرعاية الصحية والنظام الطبي في الكويت لضغوط كبيرة، خوفاً من تداعيات انتشار فيروس كورونا وتأثيره.

دراما أسعار النفط

ولقد تراجع سعر خام النفط الخام بنسبة تناهز 30 بالمائة إلى 36 دولاراً للبرميل، في ظل ترقب خبراء السوق لمزيد من التراجع مستقبلاً. وكان هذا التدهور الكبير نتيجة قرار المملكة العربية السعودية زيادة إنتاجها وحجم العرض وخفض السعر من أجل الحصول على حصة أكبر في السوق.

وأقدمت المملكة على هذه الخطوة بعد أن رفضت روسيا الاتفاق على مزيد من خفض الإنتاج، بعد أن أصبح تفشي فيروس كورونا يهدد حجم الطلب العالمي. وكانت خطوة المملكة مفاجئة من ناحية التوقعات والتوقيت خاصة مع تراجع الطلب العالمي الذي أثار مخاوف الركود الاقتصادي.

وأشار "المركز" في تقريره إلى ما حدث في العام 2014، عندما اتبعت المملكة استراتيجية زيادة الإنتاج بغية التصدي لإنتاج النفط الصخري، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تنجح.

الحقيقة أن حرب تحطيم الأسعار هذه لن تشهد منتصرين بقدر ما سوف يعاني منها العديد من الخاسرين.

وبينما تصب هذه السياسة في مصلحة كبار الدول المستهلكة للنفط، مثل الصين والهند، فإن خفض سعر النفط على خلفية ضعف الطلب يلحق الضرر البالغ بالدول المصدرة للنفط، بما في ذلك الكويت.

ويرى محللون أن سعر النفط الجديد يضر منتجي النفط الصخري الأمريكي بشدة، وهم يعانون بالفعل من أزمات مالية كبيرة. وتبلغ إسهامات شركات الطاقة الأمريكية في إجمالي إصدارات سوق السندات المتعثرة بنسبة 11 بالمائة.

تبعات تراجع أسعار النفط على الكويت

وعند تناول أثر هذا التراجع الحاد المباغت في أسعار النفط على الاقتصاد الكويتي تحديداً، نجد أن الأثر الأكثر وضوحاً هو اتساع فجوة عجز الموازنة.

وكانت الكويت قد توقعت عجزاً في الموازنة، بعد التحويلات الإلزامية إلى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، يقارب 9.2 مليار دينار (21.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020) على أساس سعر 55 دولاراً لبرميل النفط.

وقد يُخطئ هذا التقدير، وقد يؤدي اتساع العجز المالي إلى اللجوء إلى المزيد من أموال الاحتياطي العام لدى حكومة الكويت، التي تواجه مشكلة في الاقتراض من الأسواق الدولية بسبب عدم تمرير مجلس الأمة لقانون الدين العام.

وسوف يؤثر انخفاض سعر النفط كذلك في أداء سوق الأسهم. ففي حين حقق مؤشر السوق الأول لبورصة الكويت مكاسب بلغت 12.3 بالمائة (2018) ونحو 37.3 بالمائة (2019) على التوالي، إلا أن خسائره بلغت منذ بداية عام 2020 وحتى الآن 24.6 بالمائة، منها خسارة قدرها 19.3 بالمائة في يومي 8 و9 مارس فقط.

كما أن هذا الواقع الجديد سيلقي بظلاله على جهود الكويت في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة سعياً إلى تنويع اقتصادها.

وبينما تتعلق النقاط السابقة بالتأثير على النطاق الأوسع للاقتصاد، علينا دراسة تأثير تدهور أسعار النفط في القطاعات الأخرى، وخاصة القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة. ففي إطار سعيها لتنويع الاقتصاد وخلق المزيد من فرص العمل، تنتظر الحكومة من القطاع الخاص دوراً أكبر في توفير الوظائف.

على أن تراجع سعر النفط يعني وضع قيود على حجم الإنفاق الحكومي بوجه عام والإنفاق على تنفيذ المشاريع بوجه خاص، وهو ما سوف يؤثر سلباً على نمو القطاع الخاص غير النفطي. وهنا تصبح الكيانات الصغيرة والمتوسطة ضحية حتمية لأنها سوف تعجز عن تحمل الأزمة، بسبب حجمها وأدائها.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة تبلغ 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وتوفر 23 بالمائة من الوظائف (البنك الدولي، 2016). ومن المؤكد أن تشجيع ورعاية ثقافة ريادة الأعمال ضرورة في كل وقت لأي مسعى إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن عوائد النفط.

ضرورة السياسات السريعة المبتكرة

في حال اتسع عجز الموازنة إلى حدود تخرج عن نطاق السيطرة، تستجيب الحكومة عادةً بتنفيذ سياسات من قبيل خفض الإنفاق أو زيادة الإيرادات غير النفطية (مثل الضرائب) أو كلا السياستين.

وقد كفلت حكومة دولة الكويت لمواطنيها الوظائف والرعاية الصحية ومعاش التقاعد. ولكن الجهود المبذولة للحد من الإنفاق أو فرض الضرائب تؤدي إلى زعزعة هذا العقد الاجتماعي.

وأوضح المركز أن الجزء الأكبر من الإنفاق في الدولة موجه إلى رواتب موظفي الحكومة والدعم. ويتسع المجال أمام الارتقاء بكفاءة الخدمات الحكومية والحد من أوجه الفساد كوسيلة للسيطرة على حجم الإنفاق.

إضافة إلى ذلك، فإن فرض الأعباء على المواطنين من دون معالجة هذه القضايا الملحة يبعث على خيبة الأمل على الصعيد الاجتماعي.

وعند الحديث عن السياسات الناجحة خلال أزمة انهيار أسعار النفط، نجد العديد من الخيارات المتاحة. أولها وأهمها، ولأجل طمأنة القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة، أن تشرع الحكومة في تنفيذ برنامج استثمار مواجه لتقلبات الدورات الاقتصادية بغية دعم السيولة.

ويجب أن يهدف برنامج الاستثمار المطبق على المستوى الوطني، ويمكن تسميته برنامج الاستثمار الوطني، إلى استغلال الاحتياطات الحكومية في تقديم مزيد من الدعم إلى القطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة خلال فترات الأزمات، مع تقييد هذا الدعم عقب تجاوز الأزمة.

ولكن تبني مثل هذا البرنامج هو جوهر التصدي لقضية الاستدامة. وفي حين أن الاستثمارات تواجه تقلبات الدورة الاقتصادية، إلا أن الإصلاحات لا ينبغي أن تكون على هذا المنوال. فمن اللازم استمرار الإصلاحات الاقتصادية، وخاصة في القطاعات الرئيسية مثل التعليم والرعاية الصحية، مع قياس تأثيرها وجدواها وإعداد تقارير حالة دورية عنها لتحقيق تقدم لافت في التصنيفات التنافسية العالمية.

ولا بد أن تهدف الإصلاحات إلى توفير بيئة الأعمال الخصبة الجذابة لأنشطة وعمليات المستثمرين الوطنيين والأجانب.

لطالما كان انهيار أسعار النفط جرس إنذار لا يستهان به للاقتصادات المعتمدة على النفط مثل الاقتصاد الكويتي. والعالم يخطو خطوات واسعة نحو الاعتماد على الطاقة النظيفة، وظهرت في مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية، مؤشرات تحسن كبير في كفاءة الطاقة ومكاسب التكلفة.

وبالتالي، ربما يمر سوق الطاقة بتغيير هيكلي، نشهد فيه تراجعاً متزايداً في اعتماد العالم على النفط. وفي ضوء ذلك، نخطئ إن افترضنا أن لدى الكويت الوقت الكافي والموارد اللازمة للتصدي لذلك الواقع.

إن ما يزيد من صعوبة تحديات الوضع الراهن هو تزامن تفشي العدوى بهذا الفيروس الغامض مع التراجع الحاد في أسعار النفط.

ومن المنطق أن نصف كلتا الأزمتين بأنهما مؤقتتين ولكنهما ستتركان في أثرهما تبعات وعواقب يطول أمدها في كل من الرعاية الصحية والإدارة الاقتصادية بدولة الكويت.

(تحرير - محمد فاروق)

ترشيحات:

7 إصابات جديدة بـ"كورونا" في الكويت.. والعدد يرتفع إلى 130 حالة

الأحد المُقبل.. إجازة ببورصة الكويت بمناسبة الإسراء والمعراج

الكويت: إغلاق محال تجارية خالفت القرارات والإجراءات الاحترازية من "كورونا"

هبوط جماعي للمؤشرات الكويتية صباحاً.. والعقارات والبنوك أبرز المتراجعين

حيازة الكويت من سندات الخزانة الأمريكية تتراجع إلى 41.9 مليار دولار

ترسية مناقصة على "المواشي" بقيمة 4.6 مليون دينار