TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

ثورة الخوارزميات.. كيف تغير تعامل الأسواق مع الكوارث؟

ثورة الخوارزميات.. كيف تغير تعامل الأسواق مع الكوارث؟

مباشر- أحمد شوقي: يبدو أن خوارزميات التداول عالية التردد التي تم اتهامها أنها وراء "الانهيارات السريعة" في أسواق العملات والأسهم، نجحت أيضاً منع تأثر الأسواق لفترة طويلة بالأحداث العالمية المفاجئة مثل فيروس كورونا الحالي.

والخوارزميات مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة للقيام بعملية ما، وتستخدم تقوم بتنفيذ الأوامر والتعليمات ذات الصلة بعمليات التداول المالي.

ويرى تحليل لـ"سياكيت شايرجي" عبر وكالة "رويترز" أنه سواء كانت الأسهم أو السندات أو العملات أو السلع الأساسية، تبدو أسعار الأصول أقل عرضة لأي عمليات بيع لفترة طويلة حيث يعتبر قتل الولايات المتحدة لجنرال إيراني وهجوم صاروخي انتقامي لإيران من بين الكوارث التي أدت إلى ردود فعل عنيفة، ولكنها كانت قصيرة الآجل بشكل مدهش منذ بداية عام 2020.

في كلتا الحالتين، تلاشت عمليات شراء التلقائية للين الياباني (عملة الملاذ الآمن)، وبيع الأسهم خلال ساعات، ما سمح للأسواق بتوسيع ارتفاعها لمستويات قياسية جديدة.

والآن حتى في الوقت الذي يهدد فيه فيروس كورونا الصيني بتخفيض النمو الاقتصادي، فإن الأسهم العالمية ليست بعيدة عن أعلى مستوياتها على الإطلاق.

وبالتأكيد، هناك العديد من العوامل التي تشكل هذه القوة، ليس أقلها كثرة طباعة أموال من البنوك المركزية وزيادة المدخرات العالمية مما عزز قيمة الأسهم العالمية بمقدار 25 تريليون دولار في العقد الماضي.

ومع ذلك، من الصعب عدم ربط التحول في رد فعل الأسواق المالية بارتفاع استراتيجيات التداول الآلي (الخوارزميات).

ووجد مسح أجرته مؤسسة "جرينتش أسوشيتس"، أنه خلال فترة الستة سنوات الماضية تضاعفت حصة التداول الآلي في سوق العملات الأجنبية البالغ قيمته 6.6 تريليون دولار يومياً لأكثر من 27 بالمائة بين مديري الصناديق الاستثمارية.

وهناك بعض الأسباب للاعتقاد بأن الخوارزمات أو التداول الآلي يسبب تقلبات، خاصةً عندما تختفي عمليات التداول ويختفي البشر الذين يشرفون عليها.

ويبرز هذا على سبيل المثال خلال أيام العطل الرسمية، وهذا ما حدث على الأرجح خلال الانهيار السريع لـ"وول ستريت" في عام 2010، وتحركات الين الدرامية - ولكن سريعة الانتهاء - في يناير/كانون الثاني 2019.

ولكن التداول الآلي يوفر أيضًا ميزة القدرة على التعامل بسرعة البرق في أي ساعة من النهار أو الليل بدقتها الحادة وخفض التكاليف الإجمالية، ومع حقيقة أنها آلة فهي أيضا بعيدة عن الدوافع البشرية المشتركة من الخوف والجشع التي تبرز في بعض الأوقات.

وقال "سكوت واكر" الرئيس العالمي لأصول الدخل الثابت في جي.بي.مورجان: "التداول عبر الخوارزمات غير عاطفي، ونتيجة لذلك فإن رد الفعل في أسواق العملات حتى على الأخبار الجيوسياسية الرئيسية قد تقلص إلى حد كبير، ما يتيح عودة الاستقرار للسوق بسرعة أكبر".

باختصار، عند الأحداث المفاجئة، فإن الخوارزمات لا فقط تقوم بالفحص والتأثر بثقة بتدفق الأخبار، بل أنها "مُدربة" للتعلم من التجربة قبل وقوع الصدمة التالية.

وقال أحد المتداولين في العملات الذين لديهم دراية باستخدام الخوارزمات إن آلية التداول الآلي ستشتري الأسهم عادة إذا تم إبلاغها بـحدوث "500 حالة إصابة جديدة و10 حالات وفاة" لكنها ستبيع إذا كان هناك "3000 حالة إصابة و200 حالة وفاة".

وقال المتداول: "الهدف من ذلك هو أنه بمجرد ظهور العنوان الرئيسي، فإن السوق التي تقودها الآلة يتداول بناءً عليه".

وأضاف أن الآلات لديها "كابح"، وهذا يعني أنها يمكن أن تتوقف عن التداول عندما يتحرك السوق خارج حدود معينة.

( خسائر 800 مليار دولار للأسهم العالمية بعد انتشار كورونا)

 

كيف تعمل الخوارزمات؟

كانت برامج الجيل الأول والثاني البسيطة تقوم بتقسيم طلبات الشراء/البيع الكبيرة؛ لتقليل تأثيرها على السوق.

وقال "أنتوني فوستر" رئيس عملات مجموعة العشرة في "نوميرا"، إنه يمكن الآن ربط الخوارزمات بتقنية معالجة اللغات المتطورة، "لقراءة وتحليل" موجز الأخبار، ثم الاستجابة وفقًا لذلك، كل ذلك في غضون ثوانٍ.

ولكن حذر "فوستر" من أن هذا يمكن أن "يؤدي إلى رد فعل مبالغ فيه في المقام الأول".

ويمكن أن يكون التأثير في الأسواق سريعة الحركة كبيرًا إذا دفعت النماذج الأسعار بسرعة نحو مستويات أوامر الشراء/البيع الحالية وألغتها وأدت إلى أوامر أخرى.

هذا ما حدث عندما اندلعت الأنباء عن هجوم إيران على القاعدة الأمريكية في العراق في 8 يناير/ كانون الثاني، وفقًا لمدير صندوق، الذي قال إن الخوارزمات قد اشترت الين بهدف إطلاق أوامر شراء أكبر بمجرد تعثر "عقد خيار رئيسي".

قد تكون المقارنة المعقولة هي الانخفاض بنسبة 0.6 بالمائة في مؤشر "ستاندر آند بورز" في غضون نصف ساعة يوم 29 يناير/كانون الثاني، وجاء هذا التطور بعد أن أعلنت شركتا "أمريكان إيرلاينز" و "لوفتهانزا" تعليق رحلاتهما إلى الصين، ولكن بعد ساعة تم تعويض هذه الخسائر.

(هبوط لحظي لمؤشر "ستاندرد آند بورز" بعد تعليق رحلات الطيران إلى الصين)

 

ويقول "ستيفان مالاريت" رئيس هيكل السوق والابتكار لدى بنك "أي.إن.جي" إن في مثل هذه الحالات تتم برمجة الخوارزمات للتحقق مما إذا كانت التحركات تتماشى مع اتجاهات الأسعار.

وأضاف "مالاريت" أنه إذا كانت التقلبات استجابةً لحادث، فيمكن للمتداولين من البشر التدخل لتسهيل عملية التداول.

بعد ذلك، قد تقيس الخوارزمات مدى خطورة الحادث استنادًا إلى أنماط سلوك المستثمر والعواقب الاقتصادية التي تلت تلك الحوادث السابقة.

وبعد الهجمات الصاروخية الإيرانية، كانت الرسالة التي وجهها خبراء البيانات المتخصصين إلى الخوارزمات هى "التوقف".

وكانت "جوكوانت" وهي شركة أمريكية تراقب الأحداث الجيوسياسية وتأثير أسعار الأصول، أحد هؤلاء الخبراء.

وقال مارك روزنبرج، الرئيس التنفيذي للشركة:  "لقد صممنا مؤشرنا الجيوسياسي الإيراني لرصد التطورات على مدى سبع سنوات ووضعنا التوترات الحالية في ظل هذه الخلفية"، وهو ما أدى إلى توقع أن المخاطر ستنحسر مع حد أدنى من التأثير على أسعار النفط.

وقامت شركة أخرى "برداتات"، بتطبيق خوارزمية القراءة الآلية على هجمات سبتمبر/أيلول الماضي على منشآت النفط السعودية، والتي أثارت مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.

وللتنبؤ بما قد يحدث بعد ذلك، يقارن البرنامج اهتمام الأطراف المعنية بموضوع ما مع التغطية الإعلامية التي يتلقاها، على حد تعبير "حازم دواني"، الرئيس التنفيذي للشركة.

وأثار الحدث السعودي رد فعل ضئيل من المسؤولين العسكريين وصانعي السياسات.

وقال دواني: "كانت كمية الأخبار أكثر بكثير من مقدار الاهتمام الذي تم تكريسه حول الموضوع المحدد من قبل المستثمرين والسياسيين والشركات التي تأثرت بشكل مباشر به".

وانتهى "دواني" إلى أن الهجوم على "أرامكو" لن يكون له أي تصعيد.

أثر الفيروسات غير معروف

قال مسؤولون تنفيذيون في 6 شركات تقدم تحليلاً للمخاطر لاستراتيجيات الخوارزمات إن الطلب ارتفع على خدماتهم، لكنهم رفضوا إعطاء أرقام وأقروا بالقيود.

ويمكن أن تتباين ردود الفعل على فيروس كورونا، لأن أولاً: الفيروس المشابه له نسبياً "سارس" في عام 2003 تزامن أيضاً مع الغزو الأمريكي للعراق، وثانياً: العوامل المسببة للمرض ومخاطره غير معروفة نسبياً.

وقال "روزنبرج" إن مؤشر شركته "جيوكوانت" للمخاطر الصحية في الصين سجل أعلى مستوياته، وقد أدى ذلك إلى رفع مؤشر مخاطر عدم الاستقرار الاجتماعي للشركة هناك، ما يضغط على الأسواق الصينية.

ومع ذلك، قال إن هذا الارتباط ينهار بعد فترات قصيرة.

وأضاف "العلاقة طويلة الآجل بين المخاطر الصحية في الصين والأسهم -الصينية أو العالمية- هي في الأساس صفر".