TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

حدث الأسبوع.. دروس مستفادة للأسواق من أزمة واشنطن وطهران

حدث الأسبوع.. دروس مستفادة للأسواق من أزمة واشنطن وطهران

مباشر - سالي إسماعيل: رغم أن الأسبوع الماضي كان متقلباً ومشحوناً بالتصعيد في التوترات الجيوسياسية تارة وتهدئة تارة أخرى، لكن هناك خمسة دروس مستفادة جراء تلك الأزمة.

وقامت إيران، التي انكمش اقتصاديها على مدى العامين الماضيين، بتنفيذ هجمة عسكرية تستهدف الولايات المتحدة بعد مقتل قائدها العسكري "قاسم سليماني" في غارة جوية أمريكية.

وقال المسؤولين من كلا البلدين - الولايات المتحدة وإيران - إن كلاهما لا يسعى إلى تصعيد الموقف الحالي إلى حرب شاملة، مع حقيقة أن الهجوم أدى في البداية إلى إزعاج الأسواق المالية وأثار المخاوف حيال صراعاً أوسع في منطقة الشرق الأوسط.

الورقة الخضراء والملاذات الآمنة

يمكن استخلاص نتيجة جديدة من التوترات الأخيرة وهي أن الدولار الأمريكي مستمر في عمله كأحد الملاذات الآمنة في أوقات عدم اليقين الجيوسياسي.

وشهدت الورقة الخضراء مكاسب تتجاوز 0.5 بالمائة في الأسبوع الماضي، لكن الصعود جاء محدوداً نتيجة الضغوط الناجمة عن بيانات اقتصادية سلبية.

وطبقاً لتقرير الوظائف الشهري، فإن اقتصاد الولايات المتحدة أضاف وظائف بأقل من المتوقع خلال ديسمبر/كانون الأول كما أن أجور العاملين ارتفعت بوتيرة تقل عن 3 بالمائة للمرة الأولى منذ يوليو/تموز 2018.

وتراجع الدولار، الذي كان يتجه لتسجيل أفضل أداء أسبوعي خلال شهرين، في تعاملات الجمعة الماضية من أعلى قمة في أسبوعين والتي سجلها المؤشر الرئيسي للورقة الأمريكية عند 97.584.

ويرى رئيس استراتيجية عملات مجموعة الدول العشرة في ستاندرد بنك "ستيفن بارو" أنه من الممكن أن تؤدي التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران إلى زيادة قيمة الدولار، لى الأقل مقابل العملات غير الرئيسية.

ويضيف أن خصائص العملة الأمريكية الشبيهة بعملات الملاذ الآن يبدو أنها تحتل مكان الصدارة عندما تكون هناك أزمة سيولة عالمية كما شهدنا في عام 2008 وتدافع المستثمرون من أجل التحوط بالدولار.

لكن هذا لا ينفي حقيقة أن الين الياباني والفرنك السويسري في مقدمة عملات الملاذ الآمن عند إثارة المخاوف الجيوسياسية، وفقاً لما قاله "بارو" في مذكرة بحثية نقلها موقع "ماركت ووتش".

الذهب لايزال الملاذ الآمن الأول

في حقيقة الأمر، شهد الذهب مكاسب قوية في أعقاب النزاع بين الولايات المتحدة وإيران؛ ليربح نحو 40 دولاراً في غضون ثلاث جلسات.

ومع الرد الإيراني على الغارة الأمريكية، قفز سعر المعدن الأصفر حوالي 35 دولاراً ليتجاوز 1610 دولارات للأوقية في التعاملات المبكرة من جلسة الأربعاء الماضي وذلك للمرة الأولى في نحو 7 أعوام.

لكن سرعان ما قلص الذهب تلك المكاسب بل وتحول أيضاً للنطاق الأحمر على مدى الجلسات التالية مع حقيقة إقبال كثيف على الأصول الخطرة كالأسهم.

وفي بداية تعاملات الجمعة، كان الذهب متجهاً نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي في 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي لكنه عكس الاتجاه في نهاية الجلسة واضعاً مكاسب بنحو 0.5 بالمائة ليكون الصعود الأسبوعي الثالث على التوالي.

ولم يكن هذا التحول في الأداء ناجماً عن التوترات الجيوسياسية لكنه كان نتيجة لبيانات الوظائف الأمريكية والتي كانت مخيبة للتوقعات وألقت بظلالها على الدولار الأمريكي.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن الاقتصاد الأمريكي أضاف 2.1 مليون وظيفة لسوق العمل في عام 2019 بأكمله، وهو أقل من 2.7 مليون وظيفة مضافة في العام السابق له.

أداء النفط رغم المخاوف

ينصب التركيز في سوق النفط على قدرة إيران على تعطيل إمدادات النفط بطريقتين، إما من خلال التدخل في عبور السفن عبر مضيق هرمز أو عن طريق إعاقة قدرة العراق أو السعودية أو أيّ منتج آخر على إنتاج وتصدير النفط.

ويقول الشريك في أجين كابيتال "جون كيلدوف" في تعليقات نقلتها شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، إنه لم يتضرر برميل واحد من النفط.

وتابع: "طالما أن الإمدادات النفطية لم تتأثر سلباً، فإن سوق الخام يتخلص سريعاً من العلاوة السعرية للمخاطر من تلك الأحداث".

وكانت أسعار النفط شهدت ارتفاعاً حاداً في الساعات الأولى التالية للهجوم فجر الأربعاء، ليصل خام برنت إلى 71.75 دولار للبرميل كما أن خام نايمكس قفز لمستوى 65.65 دولار للبرميل، قبل أن يقلص كلاهما تلك المكاسب مع التحول للخسائر تصل لنحو 5 بالمائة.

وفي المجمل، فإن الخام الأمريكي سجل خسائر أسبوعية بنحو 6.4 بالمائة وهو الهبوط الأسبوعي الأكبر منذ يوليو/تموز الماضي، كما أن خام برنت سجل هبوطاً بأكثر من 6 بالمائة.

ولا يمكن - في هذا السياق - تجاهل أثر التفاؤل التجاري الناجم عن إعلان توقيع المرحلة الأولى من الصفقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين في الأسبوع المقبل مع تأجيل المرحلة الثانية لما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية نهاية 2020.

مكاسب قوية بالأصول الخطرة

مع استبعاد الأثر السلبي لتقرير الوظائف والذي دفع بمؤشرات الأسهم العالمية إلى النطاق الأحمر يوم الجمعة، فإن الأسواق سجلت مكاسب على الصعيد الأسبوعي.

وحققت "وول ستريت" صعوداً أسبوعياً ملحوظاً مع حقيقة أنه تجاوز مستوى 29 ألف نقطة للمرة الأولى وسط جلسة الجمعة لأول مرة في تاريخه.

وسجلت البورصات الأوروبية مكاسب أسبوعية بنحو 0.2 بالمائة تقريباً مع حقيقة أنها تقف بالقرب من مستويات قياسية، كما نجحت البورصة اليابانية في وضع مكاسب أسبوعية بنحو 0.8 بالمائة.

وبالنظر إلى هذا الأداء، والذي يتعارض بكافة المقاييس مع المعتاد خلال أوقات عدم اليقين، فإن هناك واقع جديد يؤكد تجاهل المستثمرين للمخاوف الجيوسياسية.

ويعتقد المدير التنفيذي في إنستنت "فرانك كابيليري" أن تحركات هذا الأسبوع تتعارض مع نموذج هبوطي محتمل في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500".

وأحبطت معنويات المستثمرين في نهاية تداولات الأسبوع الماضي بعدما أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ووزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين عقوبات جديدة على صادرات المعادن الإيرانية و8 من كبار مسؤولي إيران.

التعلم من الماضي

يبدو أن المستثمرين تعلموا أن الآثار الناجمة عن التوترات الجيوسياسية تكون ذو تداعيات محدودة، وبالتالي لم يتم تكرار أخطاء الماضي بالتفاعل المبالغ فيه.

ويتجسد الدليل على ذلك في الإقبال القوي على الأصول الخطرة رغم المخاطر والابتعاد عن حيازة الملاذات الآمنة، رغم أن فور التصعيد الجيوسياسي كان العكس صحيحاً لكن لفترة وجيزة فقط.

ويقول محلل في أميرفيت للأوراق المالية "جريجوري فارانيلو": "اعتقد على المدى القصير من المحتمل أن تتغلب المخاطر الجيوسياسية على وجهات النظر الأساسية لدى الناس بشأن السوق".

وبالتالي، فإن الأزمات الجيوسياسية ربما تؤثر في الأسواق على المدى القصير (ربما لبضع ساعات أو أيام)، لكن المستثمرون سرعان ما يتجهلونها إذا لم تغير من الأساسيات الاقتصادية.