TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

العريان: احذروا من المكاسب غير التقليدية للأسواق العالمية بالنصف الأول

العريان: احذروا من المكاسب غير التقليدية للأسواق العالمية بالنصف الأول

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: سجلت غالبية المحافظ الاستثمارية الأمريكية عوائد قوية في عام 2019 حتى الآن، مع ارتفاع ملحوظ في الأصول الخطرة والآمنة بالنصف الأول.

ومع بيانات حول أداء أنواع مختلفة من أدوات الاستثمار، يقول الاقتصادي محمد العريان في رؤية تحليلية نقلتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" إنه لن يكون من المفاجئ له تركز الأداء المتفوق على تلك المحافظ التي لم تعتمد فقط على أساليب تخصيص الأصول الأقل تطوراً (الأصول التي تحتاج سيولة وخبرات عالية) لكنها استخدمت كذلك بقوة الأصول المدارة بشكل سلبي.

وحدث هذا الصعود في الأسواق خلال فترة شهدت تدهور آفاق نمو الاقتصاد العالمي، واستمرار التوترات التجارية، وجذب الشركات مزيد من اهتمام الهيئات التنظيمية، فضلاً عن تعمق تشوهات النظام المالي وتحول الأسواق لتصبح أكثر اعتماداً على البنوك المركزية.

ويشير هذا الخليط الاستثنائي من النتائج على مستوى الاقتصاد والشركات والسوق إلى إرباك حتى المستثمرين الأكثر خبرة.

ويهتم المستثمرون ليس فقط بأي وعاء استثماري يضعون فيه أموالهم ولكن كذلك الطريقة التي يستثمرون بها.

ومن ناحية، فإن المستثمرين يرون آفاق عالم مدفوع هيكلياً بالنمو الاقتصادي المستدام الأعلى والتضخم منخفض ومستقر وهو ما يبرر ارتفاع أسعار الأصول بل ويدفعها إلى أعلى.

ومن ناحية أخرى، توجد أسعار الأصول المدفوعة بضخ السيولة المستمر، والتي تفصل المخاطرة بشكل سريع وكبير للغاية عن الأسس الاقتصادية والتجارية والسياسية، ما يمهد الطريق لتصحيح مؤلم في السوق يمكن أن يمتد سلباً إلى نطاق الاقتصاد الحقيقي.

وشهدت الأسهم الأمريكية أفضل أداء في أول 6 أشهر من العام منذ 1997، بعدما حقق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عوائد بنحو 17.3 بالمائة.

ووصل المؤشر الأوسع نطاقاً إلى مستوى قياسي جديد خلال تلك الفترة، كما شهد أفضل أداء في شهر يونيو/حريزان منذ عام 1955.

في حين أن مؤشر "ناسداك" تفوق على كل ذلك بقفزة قوية بلغت 20.7 بالمائة.

وكان أداء سوق الأصول ذات الدخل الثابت (السندات) كذلك جيداً، وليس فقط بسبب المكاسب القوية التي حققتها مكوناته الأكثر خطورة مثل السندات ذات العائد المرتفع والأسواق الناشئة.

وفي تحدٍ للارتباطات التاريخية، فإن سندات الحكومة الأمريكية التي يحل موعد استحقاقها بعد فترة أطول (لآجل 20 عاماً أو أعلى من ذلك) لحقت بالأسهم في تسجيل عوائد تتجاوز 10 بالمائة في أول ستة أشهر من العام الحالي.

وشهد الذهب أيضاً عوائد قوية، وهو ما يمثل دليلاً إضافياً على مجموعة من الارتباطات غير التقليدية في عوائد فئات الأصول.

وبالنسبة لهؤلاء الذين يبحثون عن تطرف أكبر لأداء الأصول المالية، فإنهم بحاجة إلى ملاحظة الأداء المدهش لاثنين من أدوات المخاطرة التقليدية: سندات الخزانة لآجل 30 عاماً والبيتكوين.

والتفسير المباشر للعوائد المذهلة للأصول (ومثل هذا الخليط الاستثنائي من الناحية التاريخية) يتمثل في الاستعداد المتجدد للبنوك المركزية لضخ السيولة في النظام الذي يرفع عملياً تقييمات كافة فئات الأصول.

وشهد النصف الأول من العام تحولاً تاريخياً بالسياسة النقدية إلى موقف أكثر تشاؤماً كان مرتبطاً (بطريقة غير منسقة) بين البنوك المركزية النظامية العالمية الأربعة (بنك اليابان والبنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي وبنك الشعب الصيني).

ويأتي هذا الموقف بقيادة الفيدرالي، والذي ابتعد عن مسار "تطبيع السياسة" بشأن زيادة إضافية في معدلات الفائدة والخفض التلقائي للميزانية العمومية.

كما كانت هذه الأشهر الستة شاهدة على انضمام البنوك المركزية الأخرى في الإشارة إلى حوافز نقدية إضافية في الأشهر القادمة.

كل هذا أثار القلق بين المستثمريين والمتداولين بشأن ربط السيولة الوفيرة للبنك المركزي بأسعار أصول أعلى (بغض النظر عن حالة أساسيات الاقتصاد والشركات).

ورغم بساطة هذا التفسير، فإنه يثير تساؤلاً أساسياً طويل الآجل ذو أهمية بالغة لاستراتيجيات الاستثمار؛ هل تستمر سيولة البنك المركزي في إخفاء العوامل والسياسات الأساسية غير الملائمة أو بدلاً من ذلك؛ هل قدمت تطورات النصف الأول أملاً أكبر لهذا التحول الذي طال انتظاره من السيولة إلى النمو الحقيقي؟.

ومع الإشارة غالباً إلى الارتفاع الحالي لسوق الأسهم باعتباره "الأقل تفضيلاً بالنسبة للمستثمرين"، فإن القلق يبرز بشكل واضح.

ويبرز القلق بشأن استمرار خليط السياسة غير المتوازنة (الكثير للغاية من السياسة النقدية، والقليل للغاية من كل شيء آخر داعم للنمو) فضلاً عن أن النمو الاقتصادي المنخفض وغير الشامل بما فيه الكفاية تضخم هذا العام من خلال قائمة من المخاوف الإضافية.

ويشمل ذلك حلقات من التدخل السياسي والتنظيمي المتزايد، والانتقال السياسي الأكثر تعقيداً في ألمانيا، والتضاربات المحتملة، حيث تسعى معظم الاقتصادات الرئيسية في العالم إلى مقاومة ارتفاع قيمة العملة.

ويمكن كذلك إضافة الحساسية المتنامية بشأن عدم تطابق السيولة في صناديق الاستثمار المفتوحة، والزيادة في إصدار السندات من قبل الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض، والمزيد من انعكاسات منحنى العائد وزيادة مفرطة في الإقبال على المخاطرة.

وفي مقابل ذلك، فإن المتفائلين سوف يشيرون إلى ثلاثة عوامل على الأقل تدعم بمرور الوقت الانتقال القوي إلى أساسيات أفضل تدفع أسعار الأصول إلى الارتفاع.

الأول: من سوق العمل الأمريكي إلى الأثر المتزايد للتكنولوجيا المعززة لجانب العرض، يوجد دليلاً متزايداً على حدوث تحولاً دائماً في الظروف الهيكلية التي من شأنها أن تسمح بنمو اقتصادي أعلى مع معدل تضخم منخفض ومستقر.

الثاني: يوجد عقبات سياسية رئيسية مثل مسألة البريكست تقترب من التوصل إلى قرار من شأنه السماح بعودة الاهتمام التشريعي المحلي للسياسات المؤيدة للنمو الاقتصادي.

الثالث: نهج إدارة ترامب المتشدد بشأن القضايا التجارية مع الصين، والذي أدى جنباً إلى جنب مع القلق الاقتصادي والمالي الذي تشعر به بكين، إلى زيادة احتمالية إبرام اتفاقيات تؤدي لنظام تجاري لا يزال حراً لكنه أكثر عدلاً.

ومن شأن تصديق مثل هذه القضايا أن يدعو المستثمرين للاستمرار في الاستثمار في الأسواق خلال النصف الثاني من هذا العام والذي سيكون بمثابة تحدي للوصول لأداء أفضل للاقتصاد وأرباح الشركات الكبرى وعوائد الاستثمارات منخفضة التقلبات لكل من الأسهم والسندات.

لكن مثل هذا الاعتقاد ليس مضموناً مع التطورات في الواقع، وبالتالي تظل الآفاق غير مؤكدة على نحو استثنائي.

ويدعو هذا إلى إتباع نهج استثماري دفاعي وانتقائي أكثر، مع زيادة حيازة السيولة (الكاش) المنخفضة للاستفادة من الاضطرابات المحتملة في المستقبل.

كما يجب استخدام مكاسب النصف الأول في الأصول ذات المخاطر العالية لزيادة جودة حيازة الاستثمارات لصالح الشركات والدول ذات الميزانيات العمومية الأكثر قوة.