TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. تباطؤ الاقتصاد العالمي يهدد فقراء العالم

تحليل.. تباطؤ الاقتصاد العالمي يهدد فقراء العالم

تحرير: نهى النحاس

مباشر: في الاجتماع الأخير لوزراء مالية ورؤساء البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين في مدينة فوكوكا اليابانية مطلع الشهر الجاري، حذروا من أن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال ضعيفاً مع وجود مخاطر مائلة للجانب الهابط.

وقبيل أيام من ذلك الاجتماع كان البنك الدولي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي في العام الجاري إلى 2.6 بالمائة وهو أدنى مستوى في 3 سنوات وتوقع أن يبقى النمو فاتراً في عامي 2020 و2021.

ويرى مقال نشره موقع "بروجيكت سينديكيت" أن هذه العناوين تخفي صورة أكثر قتامة، وهي زيادة محنة الأشخاص الأكثر فقراً في العالم، ومع وجود اقتصاد عالمي أضعف يصعب من قدرتهم على الخروج من براثن الفقر، فإن العالم يجب أن يدعم مجموعة من السياسات الجريئة لمساعدتهم.

ووفقاً للتجارب الحديثة فنحن نعي ما يجب عمله، حيث أنه في الفترة ما بين 2001 و2019 تراجع عدد الدول ذات الدخل المنخفض - دخل الفرد السنوي أدنى 995 دولاراُ - بمقدار النصف، وتحديداً من 64 دولة إلى 34 حالياً.

ونجحت 32 دولة من الدول منخفضة الدخل في الوصول لمستوى لفئة الدخل المتوسط، في حين انضمت دولتان فحسب إلى قائمة أصحاب الدخل المنخفض، وانتشل ذلك الإنجاز الملحوظ خلال جيل واحد فقط ملايين الأشخاص خارج الفقر.

والنمو الاقتصادي السريع أمر ضروري لخفض الفقر، ومنذ عام 2011 وحتى 2018 استطاعت الدول الـ32 التي انتقلت من فئة الدخل المنخفض نحو الدخل المتوسط أن تحقق نمواً اقتصادياً بنحو 6 بالمائة تقريباَ سنوياً.

وتعد تلك النسبة أسرع بنحو 60 بالمائة من النمو داخل الأسواق الناشئة ذات الدخل المرتفع والمتوسط والاقتصاديات النامية في تلك الفترة، كما أنها أسرع بنحو 25 بالمائة في الدول التي ظلت عالقة بفئة الدخل المنخفض.

ودعمت البيئة الخارجية المواتية النمو السريع قبل الأزمة المالية العالمية، في حين أن طفرة أسعار السلع في الفترة من 2001 وحتى 2011 حفزت الاستثمارات الضخمة في الاستكشافات والإنتاج في العديد من الدول ذات الدخل المنخفض.

والزيادة الناتجة في أرباح الصادرات أدت إلى تحسين أوضاع مالية حكوماتهم.

وعلاوة على ذلك فإن هناك 9 دول ذات دخل منخفض في شرق أوروبا ووسط آسيا تعافت من الركود العميق في فترة التسعينات، حيث انتقلت من الاقتصاد المخطط نحو اقتصاد السوق.

وبشكل منفصل، ساعدت المبادرات المتعددة الأطراف لتخفيف عبء الديون في 2001 بعض الدول ذات الدخل المنخفض في تحقيق الاستقرار للاقتصاد والموازنة.

كما أن تراجع الصراع داخل بعض الدول الأفريقية أدى إلى انخفاض مطرد في الخسائر المرتبطة بالعنف، بالإضافة إلى أن المزيد من التكامل التجاري دعم الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية وحفز الإصلاحات.

وبالتالي تمكنت الدول ذات الدخل المنخفض من الاستثمار أكثر في مواطنيها، ومنذ 2001 تضاعفت معدلات الالتحاق بالمدارس الثانوية، كما زاد معدل الاستثمار إلى الناتج الإجمالي المحلي بمقدار 5 بالمائة في الدول ذات الدخل المنخفض منذ 2001.

وحصلت بعض الدول على دفعة أكبر من غيرها، وكان لدى أولئك الذين رفعوا سلم الدخل أطر عمل أفضل للسياسات والحكم وبيئات العمل، بنية تحتية أكثر تطوراً، وتحسينات أكبر في رأس المال البشري، وموارد مالية أكثر وفرة.

وأخيراً كانت الجغرافيا ميزة رئيسية أخرى، حيث أن ثلث الدول فقط التي انتقلت من مجموعة الدخل المنخفض خلال الفترة من 2001 وحتى 2019 كانت غير ساحلية، ومعظمهم كان لديهم في الغالب دول مجاورة ثرية.

وفي المقابل فإن ما يقرب من نصف الدول الباقية في فئة الدول منخفضة الدخل لا يوجد لديها منفذ وصول للبحر.

وساعد التوسع الاقتصادي السريع في تقليل عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر في جميع أنحاء العالم - الذين يعيشون على 1.90 دولار أو أقل يومياً - بمقدار الثلث بين عامي 2001 و2015.

ومع ذلك فإن هذه الانخفاضات كانت في معظمها في البلدان التي تقدمت إلى وضع الدخل المتوسط، في حين أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في الفقر في بلدان الدول منخفضة الدخل لم يتغير بشكل كبير.

واليوم يجب على الدول منخفضة الدخل القفز أعلى مما قفز أقرانهم للهروب من الفقر، حيث أن دخل الفرد أقل كثيراً من الحد الأدنى لمتوسطي الدخل، ومعظم تلك الدول هشة، ومعروفة بأنها تعاني من الصراع أو عدم الاستقرار السياسي.

وتعتمد تلك الدول بشدة على الزراعة مما يجعلهم عرضة للطقس القاسي، كما أن الطلب على صادراتهم من السلع يضعف، مع حقيقة أن الأسواق الناشئة الكبيرة تنمو ببطء وتتحول نحو صناعات أقل كثافة في استخدام الموارد.

وعلاوة على ذلك فإن هناك الكثير من الدول الفقيرة مثقلة بأعباء ديون كثيرة، وتمتص خدمة الدين الإيرادات التي قد تمول مشاريع البنية التحتية أو الإنفاق على الصحة والتعليم.

ونظرًا لأن معدل الفقر في البلدان المتبقية ذات فئة الدخل المنخفض في العالم يزيد عن 40 بالمائة، فمن غير المرجح أن يكون نمو دخل الفرد المتوقع كافياً للمساعدة في بلوغ مستهدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والمتمثل في خفض الفقر المدقع حول العالم إلى 3 بالمائة بحلول 2030.

وتحتاج تلك الدول إلى خطة جسورة لتعزيز النمو لخلق المزيد من الوظائف، كما أنهم يحتاجوا لأن يكون أكثر اندماجاً في تدفقات التجارة العالمية، وتنويع صادراتهم وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة الأجنبية، كما يمكن لحكوماتهم تطوير المهارات والتكنولوجيات بالاستثمار في رأس المال البشري والبنية التحتية.

والتدابير لتعزيز الشمول المالي وتقوية الأنظمة المالية قد تساهم أيضاً في المساعدة، لذلك وكذلك حشد الإيرادات المحلية لجعل تمويلات الحكومة أكثر استدامة.

كما أنه يوجد بعض الأولويات الأخرى مثل تطوير الحوكمة ومناخ الأعمال، تعزيز سياسات المنافسة لرفع الإنتاجية والتنافسية الدولية، ودعم نشاط القطاع الخاص.

وتلك الأجندة ضرورية من أجل انتشال الدول ذات الدخل المنخفض من الفقر، حيث أنه حتى الآن هم غير قادرين على تنفيذ ذلك بمفردهم، وباقي العالم يتحمل مسئولية المساعدة.

قد يكون الاقتصاد العالمي يعاني حالياً من تباطؤ واضح، لكن هذا ليس مبرراً لتجاهل الأفقر في العالم، بل على العكس فهذا سبب أهم لفعل المزيد، وقمة أوساكا بمثابة فرصة جيدة لذلك.