TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

الأسواق الناشئة التحدي الأهم لرئيس البنك الدولي الجديد

الأسواق الناشئة التحدي الأهم لرئيس البنك الدولي الجديد

تحرير: نهى النحاس

مباشر: تعكف حكومات العالم في الوقت الراهن على اختيار رئيس جديد للبنك الدولي، وعند القيام بذلك فإن عليهم أن يفكروا في السياق الاقتصادي الاستراتيجي الذي يجب من خلاله أن يعمل البنك.

ويشير مقال نشرته صحيفة "ذا فايننشال تايمز" إلى أنه تم استعراض السنوات العشرة التي أعقبت الأحداث الدرامية للأزمة المالية العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا، لكن بالرغم من ذلك فإن الأحداث نادراً ما ركزت على الاقتصاديات النامية.

ولذلك فإن مدير البنك الدولي المقبل يحتاج إلى إدراك أفضل للتاريخ وعليه أن يعرف ما يجب أن تقوم به مؤسسته الآن للاستعداد للاتجاه الهابط القادم.

أما في حالة أن تجاهل صناع السياسة النقدية تجربة الدول النامية خلال الأزمة فإنه من غير المتحمل أن ينظروا إلى ديناميكيات الأسواق الناشئة ويفهمون مصادر المرونة لدى الاقتصاديات النامية وتقدير نقاط الضعف.

وبالنظر إلى الاهتمام الممنوح للبلدان النامية في الأزمات السابقة، سيكون من المفارقة الساخرة تجاهل دورهم خلال "الركود العظيم".

والأقطاب المتعددة للنمو هي مصدر القوة للاقتصاد العالمي، وعلى النقيض فإن الانهيار في الأسواق الناشئة يضر الأكثر احتياجاً، فالهجرة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية تكشف عن الخسائر البشرية لكل المجتمعات في حال الفشل في الدول الفقيرة.

وأدرك المنقذون في عام 2008 أن العالم قد تغير، حيث تحولوا من مجموعة السبع الكبرى إلى دول العشرين، وفي أعقاب الصدمات المالية مثلت الاقتصاديات النامية نحو نصف النمو العالمي، وقادت الأسوق الناشئة التعافي في التجارة العالمية حيث أن الطلب على الواردات زاد بمعدل الضعف مقارنة بالدول الأكثر رخاًء.

وأصبحت الدول النامية صافي مصدر لرأس المال إلى الدول ذات الدخل المرتفع، كما اكتسبت الصلات بين دول الجنوب أهمية أكبر ممثلة بذلك ثلث التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر.

وتقدم قصة الاقتصاد النامي خمسة دروس يجب الالتفات لها..

أما عن الدرس الأول، هو أن الأسواق الناشئة لم تنج من تكاليف الأزمة، حيث أن متوسط معدل النمو الذي قُدر بنحو 7% في السنوات الخمسة قبل الأزمة تراجع إلى مستوى 1.6% في 2009، ما أطاح بنحو 64 مليون شخص إلى الفقر المدقع.

وباستثناء الصين والهند فإن متوسط معدلات لنمو تراجع من نحو 6% إلى -2%.

وأما الدرس الثاني فهو أن التحفيزات الصينية الضخمة قدمت دفعة قوية للاقتصاد العالمي المتدهور خاصة مصدري السلع الأساسية، فمستوى الديون المرتفع لدى بكين اليوم يعكس التكلفة بالنسبة إلى مسار العمل هذا.

وبالنسبة إلى صناع السياسة النقدية الذين يدعوا أن بكين تضر الأسواق العالمية إلى جانب من يريدوا أن يفصلوا الصين عن الاقتصاد العالمي عليهم أن يأخذا ذلك بعين الاعتبار.

كما أن الهند وإندونيسيا أيضاً أثبتا مرونة قوية حينما احتاج الأمر ذلك.

وبالنسبة للدرس الثالث، يتمثل في أن النزاعات التجارية من المتحمل أن تتسبب في الإضرار بالدول الفقيرة بصورة أكبر من الصدمات المالية، فالتجارة الدولية هبطت وبسرعة حيث تراجعت بنحو %30 في الربع الأول من 2009 من مستويات المقارنة في العام السابق له، فالمرونة أمام الحمائية أثبتت أهميتها.

واضطرت منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي إلى الضغط على البنوك المركزية لدول مجموعة الـ20 لعدم التشدد فيما يخث تمويل التجارة.

أما حروب التعريفات الحالية بالإضافة إلى الحركة التدريجية في السنوات الأخيرة نحو الحواجز التجارية "المؤقتة" للسلع الوسيطة وكذلك التجزئة، فسوف تقوض المرونة المطلوبة في وقت الاتجاه الهابط المقبل.

وعن الدرس الرابع، فهو أن الإصلاحات الهيكلية في الدول النامية قبل العاصفة وفرت مساحة للتوسعات المالية في الوقت المناسب، فالكثير من الحكومات يمكنها الاعتماد على برامج منظمة للرعاية الصحية والتعليم وشبكات الأمان الاجتماعي والبنية التحية وبالرغم من أنهم اضطروا إلى إبطاء نمو الإنفاق.

وحاولت تلك الدول حماية الأصول الإنتاجية الأولية والمتمثلة في رأس المال البشري والمهارات.

وفي مواجهة إعادة التسعير القاسية للمخاطر وانسحاب البنوك الدولية فإن بعض الدول يمكنها حشد مصادر التمويل المحلية بما فيها الاستثمار الخاص لأنها طورت أسواق الأوراق المالية بالعملة المحلية وتمويل المؤسسات الصغيرة، والدول المتقدمة يمكن مساعدة نفسها في المستقبل في حالة مساعدتهم للاقتصاديات النامية في الاستعداد اليوم.

أما الدرس الخامس والأخير فإن البنوك الإنمائية متعددة الأطراف استكملت دعم صندوق النقد الدولي لمواجهة التقلبات الدورية بقيمة 158 مليار دولار من الالتزامات في الفترة بين يوليو 2008 وديسمبر 2009، منها 88 مليار دولار من البنك الدولي، وكانت تلك السياسات المحفزة من قبل البنوك الإنمائية تتمتع بنفس أهمية المال.

وقدمت تلك البنوك الانمائية مدخلات زراعية مهمة ومنعت إقرار حظر للصادرات خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية في عام 2008، وفي الوقت نفسه فإن صناديق التنمية مكنت الدول من تعزيز شبكات الأمان وتقديم تمويل مبتكر للمجموعات المعرضة للخطر.

وقام البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير والبنك الدولي بإقناع البنوك التجارية الأوروبية الغربية بالاحتفاظ برأسمال في الشركات التابعة في أوروبا الشرقية، متجنباً بذلك انكماشاً عكسياً للدورة الاقتصادية.

والدروس من الأزمة العالمية في 2008 تمتد إلى أبعد من تدخلات البنوك المركزية وبرامج إنقاذ البنوك وأعمال الرقابة والتنظيم.

وحينما تحدث الدورة الهبوطية أو الأزمة المالية المقبلة فإن الأسواق الناشئة من المحتمل أن تثبت أهميتها بصورة أكبر مما كانت عليه وقت الأزمة الماضية.

وعلى رئيس البنك الدولي القادم أن يساعد الدول النامية في الاستعداد من الآن.