TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

مصالح السياسيين تصطدم باستقلالية البنوك المركزية العالمية في 2018

مصالح السياسيين تصطدم باستقلالية البنوك المركزية العالمية في 2018

من: سالي إسماعيل

مباشر: مع تبقي أيام قليلة في عام 2018، لا يمكن تجاهل تحركات البنوك المركزية حول العالم للابتعاد شيئاً فشيئاً عن سياسة التحفيز المالي لكن مع ذلك فإن المخاطر تحاوط الاستقلالية.

وكشف التشديد النقدي الذي ظهر بوتيرة متسارعة هذا العام عن عوار النمو الاقتصادي العالمي الذي استفاد على مدى العقد الماضي على خلفية إتباع سياسات نقدية فضفاضة في أعقاب الأزمة المالية العالمية.

ومع إشارات تباطؤ النمو الاقتصادي إلى جانب اضطرابات الأسواق المالية، فإن دول العالم المتقدمة والناشئة معاً شهدت تدخلات بالسياسة النقدية من جانب عدد من الدول بل والرؤساء في بعض الأحيان كما هو الحال في الولايات المتحدة وتركيا، وهو ما يُعد أمراً نادر الحدوث تاريخياً.

واختار عدد من البنوك المركزية حول العالم زيادة معدلات الفائدة بوتيرة أكثر تشدداً مثلما فعل الاحتياطي الفيدرالي والذي أقر هذه الخطوة 4 مرات على مدى العام في حين أنهى البنك المركزي الأوروبي برامج شراء الأصول.

وشهدت الأرجنتين وتركيا على سبيل المثال لا الحصر، زيادة حادة في معدل الفائدة هذا العام لتصل إلى 60% و24% على الترتيب مقابل مستوى 28.75% و8% المسجل في بداية عام 2018، وذلك في مسعى لوقف نزييف خسائر العملة المحلية لكل دولة على حدا.

وفي الواقع، فإن الإسراف في التشديد النقدي من جانب بعض المصارف المركزية العالمية بعد مرور نحو 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية أثار مخاوف جمة تتعلق بالنمو الاقتصادي العالمي المحتمل خلال الفترة المقبلة مع وجود إشارات فعلية من خلال بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير.

وكان كبير الاقتصاديين السابق في البنك الدولي "كوشيك باسو" قد حذر البنوك المركزية من الوقوع في فخ مالي بسبب تحولهم من السياسات التيسيرية غير المسبوقة إلى أوضاع أكثر تشدداً قائلاً: "يجب أن تعمل تلك المصارف معاً أو تعاني وحدها".

ومع الصعود السريع للحكومات الشعبوية حول العالم في العام الماضي باتت استقلالية البنوك المركزية على المحك، وفقاً لتحليل نشرته شبكة "بلومبرج" الأمريكية.

وبحسب دراسة أجريت عام 1993، فإن البنوك المركزية المستقلة تقوم بعمل أفضل في السيطرة على التضخم من البنوك المركزية الخاضعة لهيمنة السياسة إلا أن فكرة الشعبوية تقوم على حتمية تدخل الرئيس في السياسة النقدية.

ومنذ فترة الستينيات والسبعينيات، فإن البنوك المركزية حول العالم تكافح من أجل التحرك ووضع قرارات تتعلق بالسياسة النقدية بمعزل عن السياسة.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، فإن الخلاف بين الرئيس الأمريكي ورئيس الاحتياطي الفيدرالي وصل للذروة لدرجة أن ترامب أبدى ندمه اختيار باول في هذا المنصب مع التأكيد مراراً على أن معدلات الفائدة المرتفعة تضر النمو الاقتصادي القوي للبلاد.

ويعتبر انتقاد ترامب للفيدرالي الذي تكرر كثيراً وفي أكثر من حدث هو أمر مخالف للنهج الذي اتبعه البيت الأبيض على مدى عقدين من الزمان عبر تجنب التعليق على السياسة النقدية بهدف احترام استقلالية البنك المركزي.

وقام البنك المركزي الأمريكي بتنفيذ 4 زيادات في معدل الفائدة هذا العام، مع استمرار برنامج خفض ميزانته العمومية ما يمثل بطريقة غير مباشرة زيادة إضافية لتكاليف الاقتراض.

كما كانت تدخلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسياسة النقدية مثالاً آخر واضحاً، خاصة بعد فوزه بولاية جديدة في الانتخابات التي أجريت منتصف هذا العام.

ولم يكتفِ أردوغان الذي لقب نفسه بـ"عدو الفائدة المرتفعة"، بمطالبة البنك المركزي التركي خفض معدل الفائدة لكنه كذلك عزز نفوذه في هذا الشأن ليجعل تعيين محافظ البنك المركزي أحد اختصاصاته مع إجراء بعض التعديلات بشأن فترة الولاية وذلك إلى جانب تعييه صهره "بيرات البيرق" في منصبه وزير المالية والخزانة في البلاد، وهي الخطوة التي ينظر إليها على نطاق واسع كمزيد من إحكام القبضة على السياسة المالية.

وفي آخر اجتماعات البنك المركزي لتركيا، قرر الإبقاء على معدل الفائدة كما هو عند مستوى 24% في مسعى لمواجهة التضخم الذي لا يزال مرتفعاً قرب أعلى مستوى مسجل في نحو 15 عاماً.

وبالنسبة للوضع في الهند فلم يختلف المشهد كثيراً على صعيد محاولات التدخل لكن الصورة كانت مميزة فيما يتعلق برد محافظ الاحتياطي الهندي الذي استقاله في ديسمبر الجاري لأسباب شخصية على قوله، لكن ضغوط الحكومة على البنك لتحفيز الإقراض ليست بأمر خفي عن أيّ شخص.

وبعد ساعات من استقالة "أورجيت باتيل" أعلنت الحكومة الهندية تعيين "شاكتيكانتا داس" في المنصب ذاته والمعروف بولائه للحكومة وموقفه الأقل تشدداً فيما يتعلق بالسياسة النقدية مقارنه بسلفه.