TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تخمة المعروض ومخاوف الطلب تُجبر النفط على خسائر قاسية في2018

تخمة المعروض ومخاوف الطلب تُجبر النفط على خسائر قاسية في2018

من: نهى النحاس

مباشر: من القاع إلى القمة ثم العودة إلى قاع مجدداً، ذلك هو وضع أسعار النفط على مدار عام 2018 الذي شهد محطات كثيرة متباينة لسوق الخام حول العالم.

وفشل خام "برنت" التي بدأ عام 2018 عند مستوى 66.87 دولار للبرميل فشل في الحفاظ على هذا المستوى مع نهاية العام، رغم أنه قفز إلى 86 دولار في شهر أكتوبر الماضي.

وكان السبب في أداء أسعار النفط في 2018 سواء بالارتفاع أو الانخفاض، تصريحات وقرارات عديدة تحكمت في اتجاهه المتذبذب.

وفي الخام "برنت" تراجعاً بنحو 21.9%، أما خام "نايمكس" الأمريكي فهبط بنسبة 24.8%

تعديلات اتفاق أوبك

استغرقت مشاورات الوضع المستقبلي لاتفاق أوبك فترة من الزمن كان لها تأثير بشكل ما على وضع الأسعار في سوق النفط.

وبالرغم أن أوبك وحلفائها كانوا قد اتفقوا في نهاية العام الماضي على تمديد اتفاق خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل حتى نهاية العام الجاري إلا أنه مع ارتفاع أسعار الخام في منتصف 2018 ظهرت الحاجة لزيادة المعروض.

وبالفعل فإن قرار أوبك جاء في منتصف يونيو الماضي بخفض الامتثال لاتفاقية خفض الإنتاج عند مستوى 100%، ما يعني ضمنياً رفع إنتاجها من الخام خاصة مع انتظار العالم فرض عقوبات أمريكية ضد النفط الإيراني تهدد بتقليص المعروض من الخام.

ولكن جاء قرار الولايات المتحدة أقل حدة مما توقعه السوق، حيث وافقت واشنطن على استثناء 8 دول من حظر استيراد النفط الإيراني، ما جعل زيادة إنتاج أعضاء أوبك تتزامن مع استمرار جزء كبير من الإنتاج الإيراني في السوق ليتسببا معاً في مخاوف لتخمة المعروض.

وأعلنت أوبك أنها اتفقت مع منتجين من خارجها أبرزهم روسيا لخفض الإنتاج بدءًا من الشهر المقبل بمقدار 1.2 مليون برميل يومياً.

وجاء قرار أوبك الأخير استجابة للتراجع الحاد لأسعار النفط، حيث فقد خام "برنت" أكثر من 30 دولاراً للبرميل في نحو شهرين.

شراسة تصريحات ترامب

عبر مناسبات عديدة انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ارتفاع أسعار النفط وطالب المنتجون الرئيسيون بزيادة الإنتاج لخفض الأسعار.

وفي إحدى تغريداته قال ترامب في أبريل الماضي إن أسعار النفط مرتفعة بشكل مصطنع وأن ذلك شيء غير جيد ولا يمكن القبول به، وذكر ترامب أن هناك كميات قياسية من النفط في كل مكان، "بما فيها السفن المحملة بالخام في كل مكان في البحر".

وتطور الأمر ليوجه نقداً صريحاً لمنظمة أوبك حيث ذكر نصاً أن أسعار النفط مرتفعة للغاية وأن "أوبك وراء الأمر مجدداً، هذا ليس جيداً".

وبعد قرار أوبك بخفض الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج طالب الرئيس الأمريكي المنظمة بما سماه "زيادة حقيقية للإنتاج"، حيث ذكر وقتها أن ارتفاع أسعار النفط مبالغ فيها ولا تتناسب مع الإنتاج الكبير للخام.

وكان لتصريحات الرئيس الأمريكي تأثير سلبي دوماً على أسعار الخام التي كانت تتحول للتراجع على الفور من وراء ذلك التدخل الواضح للرئيس الأمريكي.

وفي الشهر الماضي أعلنت شركة "بي.بي" أن ترامب أحد العوامل المؤثرة بالسلب على سعر النفط، "فهو يجعل الناس تقوم بالتخمين بشأن العديد من القضايا وهو الأمر الذي يؤثر على أسواق النفط كذلك".

خلافات واشنطن وطهران

كان لتطبيق العقوبات الأمريكية ضد إيران تأثير مختلف تماماً على الأسعار عن تأثيرها قبل تنفيذ العقوبات.

وفي الأسابيع القليلة التي سبقت يوم 4 نوفمبر والذي يوافق بدء تطبيق العقوبات، كانت أسعار النفط سجلت مكاسب واسعة، حيث زادت التكهنات بأن إنتاج إيران التي تعتبر أحد أبرز أعضاء أوبك سيتراجع بشكل حاد مع تطبيق الولايات المتحدة لعقوباتها ما سيزيد من سعر الخام.

ولكن كانت بداية تنفيذ العقوبات هي بداية هبوط حاد في أسعار النفط والذي استمر حتى نهاية العام، حيث فقد نحو 15 دولاراً في شهر واحد، وذلك مع قرار الولايات المتحدة باستثناء 8 دول بشكل مؤقت من قرار العقوبات.

كما أن أسعار النفط شهدت ارتفاعاً آخراً بسبب إيران في شهري يوليو وأغسطس، حينما هددت طهران بتعطيل التدفق النفطي عبر مضيق هرمز وانتشرت تكهنات وقتها بأن أسعار الخام قد تصل إلى 200 دولار للبرميل، لكن إيران لم تنفذ تهديداتها.

تهديدات بتباطؤ النمو الاقتصاد العالمي

تسببت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في العام الجاري بتأثير سلبي على أسعار الخام، حيث انتشرت مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ومن ثم تراجع الطلب على الخام.

وشهد عام 2018 نزاعاً بين الولايات المتحدة والصين على التعريفات الجمركية، حيث طبقت واشنطن رسوم جمركية على واردات من الصين بقيمة 200 مليار دولار، وردت بكين بقائمة تعريفات أخرى على منتجات أمريكية.

وأدت تلك الأحداث إلى قيام صندوق النقد الدولي بخفض تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي للمرة الأولى في عامين وذلك عن 2018 و2019.

وكان لتلك الأحداث تأثيرها السلبي بطبيعة الحال على أسعار السلع ومنها النفط، وذلك مع كل قرار جديد حول التعريفات أو بيانات جديدة حول تباطؤ النشاط الاقتصادي.

تضخم الإنتاج الأمريكي

واصل الإنتاج الأمريكي دوره في العام الجاري كعامل ضغط على أسعار الخام، حيث وصل عند مستوى 11.7 مليون برميل يومياً مع نهاية نوفمبر الماضي وهو أعلى مستوى على الإطلاق، كما أنه أعلى بأكثر من 2 مليون برميل يومياً عن مستوياته في سبتمبر 2017.

ومن المتوقع أن يواصل إنتاج الخام الأمريكي ارتفاعه في 2019 عند مستوى 12.06 مليون برميل يومياً وذلك بحسب توقعات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.

ومع زيادة الإنتاج الأمريكي فأن أكبر اقتصاد في العالم أصبحت مصدراً صافياً للنفط ومشتقاته للمرة الأولى في 45 عاماً.

ماذا سيحدث في 2019؟

تباينت توقعات المحللين لأسعار النفط في عام 2019، بين بنوك ترى أن الخام سيشهد تعافياً في الأداء وأخر ترى أنه سينزلق في موجة تراجع.

ويعد بنك "جولدمان ساكس" أحد البنوك التي منحت نظرة متفائلة لسعر النفط للعام المقبل، وذلك ضمن رؤية إيجابية بشكل عام لأسعار السلع، حيث توقع ارتفاع في أسعار السلع بنحو 17% في الأشهر المقبلة.

ويرى البنك الأمريكي أن اتفاق أوبك لخفض الإنتاج سيساهم في تعافي الأسعار، وأكد أنه لم يكن هناك ما يبرر وصول سعر خام "برنت" إلى مستوى 86 دولارا للبرميل وكذلك لا يوجد ما يبرر وجودها عند مستوى 59 دولارا للبرميل، حيث يرى أن سعر الخام في العام المقبل سيبلغ مستوى 70 دولارا.

على الجانب الآخر، خفض بنك "مورجان ستانلي" تقديراته لسعر خام "برنت" في العام المقبل بمقدار 10 دولارات للبرميل عند 68.50 دولار للبرميل.

وذكر البنك أن بالرغم من أن اتفاق أوبك الذي سيبدأ في يناير المقبل سيكون له تأثير إيجابي متمثل في تهدئة المخاوف بشأن تخمة المعروض، "لكن ذلك الاتجاه الصعودي سيكون محدوداً".

فيما ترى شركة "إن.بي.كيه" أن التخفيضات المقررة من جانب أوبك لن تكون كافية لتعويض زيادة الإنتاج من جانب غير المشاركين بالاتفاق.

وفي آخر تقديرات لمنظمة أوبك أعلنت أن المعروض النفطي من خارج المنظمة خلال العام القادم سينمو بنحو 2.16 مليون برميل يومياً ليسجل 62.19 مليون برميل يومياً وهو انخفاض قدره 80 ألف برميل يومياً عن التوقعات السابقة.

أما فيما يتعلق بالطلب فترى الوكالة أنه سيصل إلى 100.08 مليون برميل يومياً في 2019 بوتيرة نمو قدرها 1.29 مليون برميل يومياً.