TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

هل تتحول الأزمة الاقتصادية القادمة إلى حرب عالمية ثالثة؟

هل تتحول الأزمة الاقتصادية القادمة إلى حرب عالمية ثالثة؟

تحرير نهى النحاس

مباشر: هل نقترب من أزمة مالية عالمية جديدة؟ يبدو أن الأمر أقرب مما يتخيل الكثيرون، لكن المشكلة الحقيقية ستكون في تبعات هذه الأزمة والتي قد تصل إلى حرب عالمية ثالثة.

ويوضح تحليل نشره موقع "بروجيكت ساينديكيت"، أن الأزمة الاقتصادية المقبلة قريبة للغاية وتمهد الطريق إلى صراع عسكري واسع النطاق.

وفي البيئة التكنولوجية والسياسية والاجتماعية الحالية، فإن حدوث أزمة اقتصادية بالتزامن مع ارتفاع عدم المساواة في الدخل قد يؤدي إلى صراع عالمي عسكري كبير.

وكادت الأزمة المالية العالمية في 2008-2009 تتسبب في إفلاس حكومات وحدوث انهيار نظامي، وتمكن صناع السياسات الاقتصادية من سحب الاقتصاد العالمي من حافة الهاوية باستخدام التحفيزات النقدية بما فيها التيسير الكمي وخفض معدلات الفائدة إلى الصفر أو النطاق السالب في بعض الحالات.

لكن التحفيزات النقدية مثل جرعة الأدريالين إلى القلب المتوقف، فهي يمكنها إنقاذ المريض لكنها لا تفعل شيئاً لعلاج المرض نفسه.

وعلاج الاقتصاد المريض يتطلب إصلاحات هيكلية تغطي كل شيء من أسواق المال والعمل إلى الأنظمة الضريبية وأنماط الخصوبة وحتى سياسات التعليم.

وصناع السياسة فشلوا في تنفيذ تلك الإصلاحات بالرغم من وعودهم لتحقيق ذلك، وبدلاً من ذلك فهم ما زالوا مشغولين بالسياسة، ومن إيطاليا إلى ألمانيا أصبح تشكيل الحكومات يستغرق وقتاً أطول من الحكم الفعلي لهذه الحكومات.

واليونان على سبيل المثال اعتمدت على قنوات ائتمان دولية لإدارة أزمتها المالية بدلاً من إصلاح نظام المعاشات أو تطوير بيئة أعمالها.

ونقص الإصلاح الهيكلي كان يعني أن السيولة الزائدة غير المسبوقة والتي ضختها البنوك المركزية في الاقتصاديات لم يتم تخصيصها للاستخدامات الأكثر فعالية، وبدلاً من ذلك تسببت في زيادة أسعار الأصول العالمية لمستويات أعلى من سابقتها قبل الأزمة في 2008.

ووفقاً لموقع العقارات "زيلو" فإن أسعار المنازل في الولايات المتحدة الأن أعلى 8% مما كانت عليه وقت ذروة فقاعة أسعار المنازل في عام 2006.

وكما أن متوسط معدل أسعار الأسهم نسبة إلى الربحية والذي يقيس ما إذا كانت أسعار سوق الأسهم عند مستوى معقول أصبحت الآن أعلى مما كانت عليه في عام 2008 وبداية الكساد الكبير في 1929.

وبما أن التشديد النقدي يظهر نقاط الضعف في الاقتصاد الحقيقي فإن انهيار فقاعات أسعار الأصول سيتسبب في أزمة اقتصادية أخرى ستكون أكثر ضراوة من الأزمة الأخيرة لأننا تجاهلنا العلاج الاقتصادي القوي.

وتسبب قيام جهات التنمية بضخ جرعات من الأدرينالين طوال عقد من الزمن والمتمثلة في معدلات فائدة بالغة الانخفاض وسياسات نقدية غير تقليدية في استنزاف قدرة هذه السياسات في ضمان استقرار وتحفيز الاقتصاد.

وإذا تم الاستعانة بالتاريخ مرشداً لنا، فإن العواقب الوخيمة لتلك الأخطاء يمكن أن يمتد إلى ما هو أبعد من الاقتصاد، وبحسب الأستاذ في جماعة هارفارد "بنيامين فريدمان" فإن الفترات الطويلة من المحن الاقتصادية تميزت أيضاً بكراهية عامة إزاء الأقليات أو الدول الأجنبية وهو الأمر الذي يمكن أن يساعد على تحفيز الاضطرابات والإرهاب أو حتى حرب.

وعلى سبيل المثال فإن الرئيس الأمريكي الأسبق "هربرت هووفر" وقع قانوناً للتعريفات الجمركية أثناء الكساد العظيم عُرف بـ"سموث هاولي" هوولي" والذي كان يهدف منه حماية المزارعين والعمال الأجانب من المنافسة الأجنبية، وفي الـ5 سنوات التي أعقبت ذلك انكمشت التجارة العالمية بمقدار الثلثين وفي غضون عقد اندلعت الحرب العالمية الثانية.

وللتوضيح، فإن الحرب العالمية الثانية مثل الأولى لم تندلع لسبب محدد بل لأسباب كثيرة ولم يكن هناك مسار معياري للحرب، لكن هناك سبباً للاعتقاد بأن المستويات المرتفعة لعدم التكافؤ يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في تأجيج الصراع.

ووفقاً لورقة بحثية عن الاقتصادي "توماس بيكيتي" فإن ارتفاع عدم التكافؤ في الدخل في الغالب يتبعه أزمة كبيرة، ثم يتراجع عدم التكافؤ في الدخل بعد ذلك لفترة من الوقت قبل أن يرتفع مرة أخرى حتى يصل إلى قمة جديدة وبالتبعية تحدث أزمة جديدة.

وعلى الرغم أن السببية هنا لم تُثبت بعد بالنظر إلى العدد المحدود من البيانات فإن تلك العلاقة المترابطة لا يجب أن يتم اتخاذها بخفة، خاصة مع وصول عدم التكافؤ في الدخل والثروة لمستويات تاريخية مرتفعة حالياً.

ويعتبر الأمر مثيراً للقلق بشكل أكبر في ضوء العوامل العديدة الأخرى التي تؤجج الاضطرابات الاجتماعية والتوتر الدبلوماسي والتي تتضمن الاضطرابات التكنولوجيا والأزمات القياسية للهجرة والقلق بشأن العولمة والاستقطاب السياسي وصعود الشعبوية، وكل تلك هي أعراض للسياسات الفاشلة التي يمكنها أن تتحول إلى نقطة انطلاق لأزمة مستقبلية.

والناخبون لديهم أسباب حقيقية ليشعروا بالإحباط، لكن الشعبوية جذابة عاطفياً بالنسبة إلى هؤلاء الذين يقدمون حلولاً غير حكيمة تزيد الأمور سوءاً.

وأمام هذه البيئة التي نراها فإنه يجب أخذ إمكانية تحول الأزمة الاقتصادية إلى صراع عسكري واسع النطاق على محمل الجد.

وبمنطق العالم السياسي "صامويل هينتجون" فإن أخذ هذا السيناريو في الاعتبار يمكن أن يساعدنا على تجنبها لأنه سيجبرنا على اتخاذ إجراء.

وفي تلك الحالة فإن الحل سيكون تنفيذ صناع السياسة الإصلاحات الهيكلية التي وعدوا بتقديمها في الوقت الذي يتم فيه استبدال العداء بحوار عالمي معقول ومحترم قد يكون البديل لدمار عالمي.