TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

هل تدق روسيا وتركيا المسمار الأخير في نعش هيمنة الدولار؟

هل تدق روسيا وتركيا المسمار الأخير في نعش هيمنة الدولار؟

تحرير نهى النحاس

مباشر: منذ ديسمبر 2017 خفضت روسيا حيازتها من السندات الحكومية الأمريكية بأكثر من النصف لصالح زيادة حصة الذهب في احتياطاتها الدولية.

ويشير تحليل نشرته "بلومبرج فيو" إلى أنه رغم أن ذلك يعد سلوكاً مفهوماً من جانب دولة عليها أن تتعامل مع العقوبات غير المتوقعة من جانب الولايات المتحدة، لكنه يعد أيضاً جزءاً من توجه عالمي.

وأصبحت الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية تمثل حصة متناقصة من الديون الأمريكية مستحقة السداد، كما أن بعض الاقتصاديات أصبحت في السنوات الأخيرة ترفع بشكل حاد حصة الذهب في احتياطاتها.

مساهمة روسيا في الدين الأمريكي

وتراجعت حيازة روسيا من السندات الأمريكية إلى 48.7 مليار دولار في أبريل الماضي، مقابل 102.2 مليار دولار في ديسمبر 2017، ما يمثل تراجعاً حاداً للغاية.

لكن هذا التراجع في حيازة روسيا للسندات الحكومية الأمريكية لم يمثل أزمة للولايات المتحدة، حيث أن استثمار موسكو في الدين الأمريكي يبدو ضئيلاً جداً مقارنة بدول مثل اليابان والصين والبرازيل وبعض الدول الأوروبية.

فالولايات المتحدة بديونها التي تقترب من 21 تريليون دولار لايمكنها أن تلاحظ تقلبات في عشرات الملايين من الدولارات، نتيجة لجهود تقوم بها دولة تسعى للهروب من الدولار ومكافحة الآثار الاقتصادية السلبية.

هل ذلك مؤشر يدعو لقلق الولايات المتحدة؟

ويمكن للولايات المتحدة أن تهدئ نفسها وتتوصل لشعور معين بالأمان وهي تراقب تزايد حصص الأجانب في ديونها المالية بالقيمة المطلقة، بينما يتراجع الدولار ببطيء كحصة من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية.

ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي فإن العملة الأمريكية مثلت 62.7% من الاحتياطات الأجنبية لدى الدول، متراجعة عن مستوى 64.59% المسجل في 2014.

لكن حصة اليورو أيضاً شهدت تراجعاً إلى 20.15%، من 21.57%.

ومع ذلك فإن لدى الولايات المتحدة بعض الأمور التي تدعو للقلق عندما يتعلق الأمر بهيمنتها على الاحتياطيات الدولية الرسمية للدول الأخرى، ومن الناحية النسبية فإن الحكومات والبنوك المركزية أصبحت أقل اهتماماً بالديون المتضخمة للولايات المتحدة.

لماذا يوجد حذر تجاه الدين الأمريكي؟

الدين الأمريكي ينمو أسرع من الاحتياطيات الدولية العالمية، ويفسر ذلك جزئياً الانخفاض في دور الدول الأجنبية فيما يخص تمويل الحكومة الأمريكية.

نمو الاقتراض أسرع من الادخار العالمي.. يوجد وفرة في الديون الأمريكية لكن الدول لا تهتم بزيادة حصة تلك الديون في احتياطاتها.

وبدلاً من ذلك فإن حصة السندات الأمريكية في الاحتياطات انخفضت إلى 25.4% مقابل 28.1% في 2008، وفي مقابل ذلك فإن حصة الذهب استقرت عند 11% على مدار نفس المدة، وفقاً لبيانات مجلس الذهب العالمي.

ويرجع ذلك جزئياً إلى النزعات لدى بعض السلطات لامتلاك الذهب، فإلى جانب روسيا في هذا الاتجاه توجد كازاخستان وتركيا التي انضمت مؤخراً مع اعتقاد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الغرب يسعون لعقاب بلاده بسبب سياسة تعزيز السيادة.

 هوس السلطات بالذهب

تمثل روسيا وتركيا وكازخستان 50% من صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب في السنوات الخمسة الماضي، أما الاقتصاديات الأوروبية الكبرى والتي احتفظت طويلاً بالذهب كأكبر عنصر في احتياطاتها، فقد أبقت تقريباً على حصصها مستقرة بدلاً من الاستثمار الإضافي في الأصول الدولارية.

وفي منطقة اليورو بما فيها المركزي الأوروبي فإن الدول تضع 55% من احتياطاتها في الذهب، وهي نفس النسبة المسجلة في عامم 2008.

ومؤخراً فإن إجمالي الطلب على الذهب تراجع، حيث انخفض بنحو 7% على أساس سنوي في الربع الأول من العام الجاري، نتيجة هبوط طلب الاستثمار الخاص.

أما البنوك المركزية فقامت بشراء 116.5 طن من الذهب في الأشهر الثلاثة الأولى من 2018، وهي الوتيرة الأكبر في أي ربع أول منذ 2014، وبارتفاع بنسبة 42% على أساس سنوي.

وبالنسبة لتركيا وروسيا فإن قرار خفض حيازة العملات الأجنبية يبدو أنه استراتيجي، ومثل روسيا فإن تركيا مؤخراً انتقلت وبسرعة خارج الدين الأمريكي، مخفضة حيازتها بنحو 38% منذ أكتوبر 2017.

أما السبب وراء عدم قيام الكثير من الدول بنفس اتجاه تركيا وروسيا على خلفية انزعاجها من السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحروبه التجارية ونزعته الانعزالية والدولار الأمريكي الضعيف نسبياً، هو أن أداء الذهب أضعف من الدولار الأمريكي.

ومسؤولو الاحتياطي الأجنبي في معظم الدول يتصرفون مثل المستثمرين على نحو متزايد حيث يسعون نحو عوائد إيجابية، وهذا يعني أن التحركات ذات الدوافع الأيدولوجية والسياسية بالنسبة للذهب ليست الدافع لمعظمهم، لكن حينما يبدأ المعدن النفيس في الارتفاع ربما كرد فعل على تسارع التضخم، حينها سوف يتحركون لحيازته.

وفي غضون ذلك فإن مسؤولي إدارة الاحتياطات يبحثون عن أصول غير دولارية أخرى، حيث ترتفع حصص كافة عملات الاحتياطي باستثناء الدولار، حتى لو بشكل ضئيل نسبياً، منذ انتخاب ترامب.

ويعد هذا تحولاً خجولاً للغاية حتى الآن، لكن ذلك لا يجب أن يخدع صناع السياسة النقدية الأمريكية، حيث ظلت هيمنة الدولار الأمريكي على الاحتياطيات الدولية لمدة قرن تقريباً لكن من الناحية النسبية فإن تلك هي فترة قصيرة للغاية.

وكان الجنيه الإسترليني هو العملة المفضلة قبل الدولار ومن قبله الفرنك الفرنسي.

وليس من المعقول أن يستمر العالم في شراء الديون الأمريكية بنفس المستويات بغض النظر عن السياسات الأمريكية والتصورات المتغيرة للقوة السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، ولذلك يمكن أن يكون التحول الروسي والتركي إلى الذهب مقدمة لتحولات عالمية أكبر.