من: محمد سليمان
مباشر: حققت العملات الإلكترونية مكاسبَ قوية خلال الأشهر الماضية، دفعتها لتصدر اهتمامات المستثمرين حول العالم، وسط تساؤلات متزايدة حول إمكانية أن تحل بدلاً من الذهب كملاذ آمن ضد مخاطر التضخم والأزمات السياسية والاقتصادية.
ونجحت "البيتكوين" التي تُعد أكبر عملة إلكترونية من حيث القيمة السوقية في الوصول لمستوى يتجاوز الذهب بأكثر من 3 أمثال، رغم حقيقة التقلبات الحادة في أسعار العملات الإلكترونية على عكس المعدن الأصفر الأقل تذبذباً.
وتظهر البيانات أن عائد "البيتكوين" تجاوز كثيراً الأرباح التي حققها المعدن النفيس للمستثمرين خلال السنوات الماضية، خاصة مع تحول العملات الإلكترونية إلى "ملاذ آمن نسبي" للمستثمرين.
الحداثة تتجاوز التاريخ
التاريخ يشير إلى تفوق كاسح للبيتكوين عن الذهب، مع النظر إلى معدل العائد للعملة الإلكترونية مقارنة بالمعدن الأصفر خلال الألفية الجديدة.
واستهل الذهب تعاملاته في الألفية الثالثة عند مستوى يقل عن 300 دولار، وخلال 17 عاماً شهدت عدداً كبيراً من الأزمات الاقتصادية والسياسية والحروب حقق المعدن مكاسبَ قوية.
وسجلت عقود الذهب ارتفاعا لمستوى أعلى 1900 دولار في أغسطس 2011، وهو أعلى مستوى في تاريخ المعدن الأصفر، مع ذروة أزمات الديون في الولايات المتحدة وأوروبا.
وتمكن المعدن النفيس من تحقيق معدل ارتفاع بلغ 530% في عام 2011 مقارنة بمستوياته مع بداية عام 2000، وهو أعلى معدل نمو في سعر المعدن منذ الألفية الجديدة.
أداء الذهب منذ عام 2000 (المصدر - Goldprices)
وشكلت الأزمة المالية العالمية تحولاً إيجابياً ضخماً للذهب، حيث تجاوز سعر الأوقية مستوى 1000 دولار للمرة الأولى في سبتمبر 2009، مع مخاوف المستثمرين حيال سقوط الأنظمة المالية في معظم الاقتصادات المتقدمة.
ويتداول سعر الذهب حاليا أعلى 1300 دولار للأوقية، بمعدل ارتفاع يبلغ 330% تقريباً، مقارنة بمستواه في عام 2000.
وبحلول الساعة 4:59 مساءً بتوقيت جرينتش، تراجع سعر العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3% إلى 1314.5 دولار للأوقية.
على الجانب الآخر، ورغم طرح عملة "البيتكوين" في عام 2009، فإنها لم تؤخذ على محمل الجد من حيث التعاملات والقيمة سوى مع نهاية عام 2010.
وبلغ سعر "البيتكوين" في أكتوبر 2010 مستوى 0.1 دولار، قبل أن ترتفع في يونيو 2011 إلى 9.2 دولار، لتتوالى الارتفاعات الكبيرة في قيمتها على مدار الأعوام التالية، لتنهي عام 2016 عند مستوى 960 دولاراً.
تطور أداء البيتكوين منذ بداية عام 2017 (المصدر - coinmarketcap)
ومنذ بداية العام الحالي وحتى الأمس، قفزت قيمة "البيتكوين" بنسبة 375% تقريباً لتصل إلى مستوى أعلى 4500 دولار.
وبحلول الساعة 6:20 مساءً بتوقيت جرينتش، ارتفعت العملة الإلكترونية بنحو 0.1% لتصل إلى 4560.7 دولار.
ماذا عن المستقبل؟
يمثل سعر عملة "البيتكوين" حالياً نحو 3.4 مثل قيمة أوقية الذهب، رغم أنه مع بداية عام 2017 كان المعدن الأصفر يتجاوز قيمة العملة الاقتراضية بـ300 دولار تقريباً.
ويرى محللون أن "البيتكوين" مرشحٌ للوصول لمستوى يتجاوز 20 ألف دولار بحلول عام 2022؛ نتيجة انتقال الطلب بعيداً عن الذهب إلى العملات الإلكترونية.
وقال "توم لي" أحد أبرز محللي "وول ستريت" في شهر يوليو الماضي، إن المستثمرين سوف يتجهون لاستخدام العملة الإلكترونية بديلاً للذهب.
ومن المقرر أن تصل الكمية المتاحة من العملات الإلكترونية "للحد الأقصى" خلال السنوات القليلة المقبلة، ما قد يزيد من الطلب على العملات محدودة العرض.
وحصلت "البيتكوين" بالفعل على "إقرار شرعية وقانونية" من قبل عدة دول منها ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.، لكنها لا تزال غير معترف بها في معظم الدول.
وبالرغم من قيام "البيتكوين" بنفس وظائف الذهب تقريباً من حيث إنها تمثل "ملاذاً آمناً" للمستثمرين، فإن العملات الإلكترونية تشهد عادة تقلبات حادة قد تتجاوز 50% في غضون ساعات.
وشهدت عملة البيتكوين هبوطاً تجاوز 9% في جلسة 15 أغسطس، كما سجلت العملة المشتقة "بيتكوين كاش" ارتفاعاً بلغت نسبته 130% في ثاني أيام تداولها، قبل أن تتهاوى بنحو 30% في تعاملات 4 أغسطس.
