TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل ... ماذا فعلت الضريبة بالبورصة والاقتصاد المصري؟

تحليل ... ماذا فعلت الضريبة بالبورصة والاقتصاد المصري؟
وزير المالية المصري

كتب: محمود مكاوي*


جدل المؤيدين والمعارضين لفرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية ربما يظهر منه سعي كلا الطرفين لتحقيق مصالح شخصية, ولكن حتى وإن كانت هناك مصالح لأي طرف فلابد أن يكون الحكم بين الاثنين هو المصلحة العامة التي تحقق الاستفادة لمؤشرات الإقتصاد الكلي للبلاد وهو ما نحاول الوصول إليه من خلال مقارنات بسيطة لبعض الأرقام قبل فرض الضريبة وخلال تطبيقها وعقب صدور قرار حكومي بتأجيلها لمدة عامين قبل أن يطلع علينا مسئولي صندوق النقد الدولي بإنتقاد قرار التأجيل بإعتباره قرار خاطئ لا يصب في مصلحة موارد الدولة, واعتقد أنهم يتحدثون عن قشور الأمر دون النظر بعمق لأبعاده التي إنعكست سلباً على سوق المال المصري وعلى الإستثمار الأجنبي غير المباشر وتنافسية سوق المال المصري داخل المنطقة وكذلك أصول الدولة نفسها.


 ففي الوقت الذي سعت فيه المالية لحصد 10 مليارات جنيه من ضريبة البورصة خلال العام المالي جاءت النتيجة عكسية فأشارات الأرقام لتحصيل أقل من 500 مليون جنيه تحت حساب الضريبة مع خسائر رأسمالية لأصول حكومية تجاوزت العشر مليارات المطلوب توريدها لخزينة الدولة مع خسارة أكبر وهي تهديد MSCI  بخروج بورصة مصر من مؤشر الأسواق الناشئة والذي يمثل بوصلة توجيه الإستثمارات الأجنبية, خلال المراجعة القادمة بفضل الأداء المتردي للتعاملات.


وحتى تكون الحقيقة جلية لابد أن تكون الأرقام والإحصائيات هي صاحبة القول الفصل في تلك المعركة ولكن الأرقام متشابكة بدرجة كبيرة خاصة وأن الأمر يتعلق بأطراف كتيرة منها شركات الأوراق المالية التي يعمل بها أكثر من 30 الف شخص "وفقاً لاحصائيات غير رسمية" ودخل تلك الشركات يرتبط بعمولات التنفيذ أي يتوقف على قيم التداولات اليومية وكذلك رسوم التنفيذ التي تحصل عليها البورصة المصرية ومصر للمقاصة وهيئة الرقابة المالية وصندوق المخاطر وبالتالي يتوقف عائد تلك المؤسسات على عدد الصفقات اليومية.


وعلى صعيد الإحصائيات الاخرى وأبعاد ضريبة البورصة فهناك مساهمات حكومية في أكثر من 40% من عدد الشركات المدرجة سواء كانت بصورة مباشرة او غير مباشرة من خلال الشركات القابضة أو البنوك الحكومية وكذلك الإستثمارات الأجنبية بسوق المال المصري وتمويل المشروعات القائمة للشركات المدرجة فالبورصة هي سوق رئيسي لتمويل المشروعات وليس فقط مكان للربح أو الخسارة السريعة من عمليات المضاربة وربما لو استطاعت الحكومة استغلالها على النحو الإيجابي لساهمت في دعم وتمويل مشروعات متوقفة أو متعثرة نتيجة لضعف إمكانيات التمويل.
والأهم من ذلك ماذا حصدت وزارة المالية من فرض تلك الضريبة مقابل الإحصائيات التي نستعرضها في السطور التالية:


نشاط التداولات اليومية: تراجع متوسط قيمة التداولات اليومية مع صدور اللائحة التفيذية لقانون الضريبة بنحو 50% متراجعاً من 700 مليون جنيه إلى ما يقرب من 350 مليون جنيه بعد إستبعاد الصفقات ونفس الأمر بالنسبة لعدد الصفقات اليومية بما يعني تراجع دخل شركات الأوراق المالية والبورصة ومصر للمقاصة وأمناء الحفظ وانعكس هذا الأمر بالتأكيد على العاملين بالقطاع ما بين تخفيض عدد عمالة وبين توقف لعمليات توسع كانت ستسهم بالتأكيد في إيجاد فرصة عمل جديد, ولن نتحدث على تراجع دخل البورصة أو مصر للمقاصة لانه من المؤكد أن هناك وفورات مالية كانت ستحققها تلك المؤسسات الحكومية إنخفضت بصورة كبيرة.
تراجع قيم الأصول الحكومية المدرجة: كما ذكرنا أن الحكومة تمتلك أسهم بشركات مدرجة ويتم تقييم أصول تلك الشركات وفقاً لقيمة السهم السوقية وإذا ما كانت تلك القيم تراجعت بنسبة ما بين 10 و50% فذلك يعني تراجع القيم الإجمالية لتك الأصول الحكومية بنفس النسبة وهذا ما أوضحناه في سلسة تقارير على حلقات خاصة بـ "مباشر"
-    رابط الحلقة الأولى
-    رابط الحلقة الثانية
-    رابط الحلقة الثالثة
-    رابط الحلقة الرابعة


تمويل المشروعات والتوسعات للشركات المدرجة: تراجعت القيم السعرية للكثير من الأسهم المدرجة دون قيمتها الأسمية وأن كان البعض يتداول بقيمة أكبر من قيمته الإسمية فهو يتداول تحت قيمته العادلة وأنعكس ذلك بصورة سلبية على مشروعات أكتتابات زيادة رأس المال للشركات المدرجة بهدف تمويل عمليات التوسع والإنفاق الإستثماري فهناك شركات مثل اسيك للتعدين كانت نتيجة التغطية صفر بسبب تداول السهم تحت قيمته الإسمية والتي تمثل الحد الأدنى لسعر الإكتتاب وكذلك قامت شركات بتأجيل قرارات زيادة رأس المال مثل جنوب الوادي للأسمنت مع تحسسها لوضع السوق والسيولة التي قد لا تسمح بنجاح تلك العملية وكذلك سهم القلعة الذي يتداول دون قيمته الإسمية بأكثر من 50% كيف يساهم ملاك السهم الافراد في عملية أكتتاب بقيمة 5 جنيهات للسهم في الوقت الذي يمكن فيه شراء السهم مباشرة بأقل من 2 جنيه.


تنافسية السوق المصري وحجم الإستثمار الأجنبي: كان حجم الإستثمار الاجنبي والعربي ببورصة مصر قبل ثورة يناير يتجاوز 30% وتراجعت تلك النسبة بصورة كبيرة مع غياب الإستقرار السياسي وضعف معدلات النمو الإقتصادي التي تمثل الداعم الرئيسي لأي إستثمار أجنبي, وكان ذلك سبباً في هروب تلك الإستثمارات إلى الدول المجاورة وحتى تعود تلك الإستثمارات كان لابد من فرض حالة الأستقرار السياسي وشحذ القوى لتحقيق معدلات نمو تشير لتحسن إتجاه الإقتصاد المصري ومع ظهور تلك البوادر والوصول لحالة اليقين أن بورصة مصر في طريقها لمستويات سعرية جديدة ووصول المؤشر الرئيسي لمستوى 10 الاف نقطة جاء صدور اللائحة التنفيذية وإقتطاع 6% من قيمة تعاملات الأجانب تحت حساب الضريبة كسبب مباشر في تراجع تعاملات المستثمرين الأجانب والعرب بالبورصة المصرية خلال شهر أبريل إلى 11% مع الإتجاه المؤسسي نحو البيع سواء كان أجنبي أو محلي, يأتي ذلك في الوقت الذي سعت فيه أسواق الإمارات وقطر لزيادة معدلات الأستثمار الاجنبي بالسوق ونجحت في دخول مؤشر الأسواق الناشئة وقرار هيئة السوق السعودية بفتح الإستثمار الاجنبي المباشر إعتبارا من منتصف يونيو القادم مع ملاحظة أن تلك الأسواق لا يوجد لديها قانون ضريبة مماثل فكيف للسوق المصري أن ينافس تلك الأسواق في مثل هذه الظروف مع تلك الضريبة؟

يوضح الرسم التالي قيمة تعاملات الفئات المختلفة بالبورصة المصرية سواء بالبيع أو الشراء خلال شهر ابريل 2015

مصدر البيانات Decypha

يتبقى أن نعود لقرار التأجيل في حد ذاته والذي يحمل يقين حكومي لعدم القدرة على تحصيل أي ضريبة على الأرباح لمدة عامين على الأقل, والسبب في ذلك أن أستمرار الضريبة سيسهم في الضغط على أسعار الأسهم وبالفعل تحتاج المحافظ الإستثمارية لظروف متوازنه لمدة عامين على الأقل لتعويض خسائرها المتراكمة منذ بداية قرار الضريبة.

* رئيس التحرير