TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي: أتوقع أن تجذب البنوك الإسلامية العمانية المدخرات من كافة دول الخليج

رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي: أتوقع أن تجذب البنوك الإسلامية العمانية المدخرات من كافة دول الخليج

 

قال رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي ورئيس التدريب في بنك دبي الإسلامي د.معبد علي الجارحي: إن السلطنة مقبلة على تجربة جديدة في مسيرة مصارفها وكل التوقعات تؤكد أنها ستكون متميزة لأنه أعد لها بأحكام وهدوء وبطريقة مدروسة وفق خطة واضحة ودقيقة.

 

وأوضح الجارحي أن البنوك الإسلامية حققت الكثير من الإنجازات منذ بداية هذا القرن. فبعد أن كانت تعد خلال الربع الأخير من القرن الفائت صناعة مالية من نوع خاص تمارس على نطاق ضيق، أضحت صناعة معروفة تمثل جزءا مهما ومتزايدا من القطاع المالي، حيث يزيد عدد البنوك الإسلامية في دول الخليج عن 52 بنكا وشركات التمويل الإسلامية عن 95 شركة، وشركات التكافل عن 64 شركة. وقد قامت الصناعة المالية الإسلامية بدور كبير في تنمية الدول الخليجية، خاصة في قطاع الإسكان والبنية الأساسية، حيث تظهر النتائج جلية على أرض الواقع وما زال العطاء متواصلا والإنجازات تتلاحق والجهد يبذل بسخاء.

 

زيادة كفاءة التشغيل

البنوك الإسلامية قطعت شوطا بعيدا في زيادة كفاءة التشغيل، كما أنها أخذت موقع الريادة في تمويل المشروعات الصغيرة، وإتاحة المزيد من التمويل للطبقات الضعيفة التي لا تستطيع أن تستفيد من البنوك التقليدية، وقدمت معونات كبيرة ومطردة للفقراء، وهي تقف مستعدة لمساعدة المجتمعات الخليجية في تفعيل الزكاة، لتحقيق هدف إغناء الفقير، بإنشاء وتمويل مشروعات صغيرة تملك للفقراء، متى قرر المجتمع أن يوكل إليها هذا الدور الحيوي، هذا ما أكده معبد الجارحي الذي أوضح أيضا أنه من المنتظر أن يتعاظم دورها في هذا المجال مع زيادة نصيبها من السوق، حيث ينتظر أن يصل إلى 40 % بحلول العام 2020.

 

قواعد واضحة لحوكمة الهيئات الشرعية

رئيس الجمعية الدولية للاقتصاد الإسلامي د.معبد الجارحي أوضح أن هناك خمس تحديات تواجه الصيرفة الإسلامية أولها، أن السلطات الرقابية لا تضع قواعد واضحة لحوكمة الهيئات الشرعية. فليس هناك من قانون يجبر المساهمين في البنوك الإسلامية على تعيين أعضاء الهيئات الشرعية من حملة الدكتوراه في الشريعة، ولا أن تضم كل هيئة منها أحد الاقتصاديين المتخصصين في الشؤون النقدية والمالية بجانب بقية الأعضاء من علماء الشريعة. كما أنه ليس هناك حد أقصى لعدد الهيئات الشرعية التي ينتمي إليها العضو. بالإضافة إلى أنه ليست هناك هيئة شرعية حاكمة على مستوى الدولة، تلك الهيئة التي يحسن أن تتكون من رؤساء الهيئات الشرعية العاملة في الدولة، وأن يضاف إليها اقتصادي وأن يقوم البنك المركزي بأمانتها. وفي الغالب، يغيب عن القوانين الحاكمة للتمويل الإسلامي إلزام البنوك الإسلامية بالمعايير التي تصدرها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، كما ليس هناك ما يلزم الهيئات الشرعية باتباع قرارات مجمع الفقه الدولي، وهو الهيئة التي يتم من خلالها الاجتهاد الجماعي المعاصر لعامة المسلمين.

 

بيئة قانونية وقواعد للرقابة

وجود بنك إسلامي 100 % اختلفت الآراء حوله، فهناك من يرى استحالة ذلك لكن لابد أن نتفق أن البنك الإسلامي هو تطبيق بشري للشريعة الغراء، وبصفته عملا بشريا فهو بطبيعته لا يصل إلى درجة الكمال، ولكننا لو أصررنا على الكمال لما قمنا بأي عمل. والامتناع عن العمل خشية الخطأ لا يجوز، كمن لا يصلي خشية السهو في الصلاة. فالصلاة فرض لايجوز الامتناع عنه. كما أن ترك الربا والابتعاد عنه فرض لا يجوز تركه خشية الخطأ في التطبيق.

 

والبنك الإسلامي الذي يقترب، وإن كان لا يصل إلى درجة الكمال، هو عمل صالح وقربة إلى الله تعالى، وهو أفضل من الوقوع في الربا الصريح، بشرط أن تتوفر فيه الشروط والقوانين والضوابط التي لابد منها لقيام بنك إسلامي وهي سبعة شروط أساسية لابد من توفرها مجتمعة لقيام بنك إسلامي هذا ما أبرزه معبد الجارحي الذي أوضح أن أول وأهم شرط لقيام بنك إسلامي، أن يقصد المساهمون من وراء إنشائه إتاحة التميل الحلال الخالي من الربا والغبن والغرر، وأن يعتقدوا اعتقادا راسخا أن السعي وراء هذا الهدف النبيل هو سبيل إلى نماء أموالهم، وتنمية اقتصاد دولتهم، وتحقيق مصلحة الأمة الإسلامية جمعاء.

 

أما الشرط الثاني فهو أن تتوفر البيئة القانونية المناسبة، ويتحقق ذلك بصدور قانون البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، الذي يحدد هيكل كل منها، ومجالات وأساليب أعمالها. وبصفة خاصة، هيكل الهيئة الشرعية وجهاز الرقابة الشرعية، أما الشرط الثالث فهو أن يعد البنك المركزي قائمة بقواعد الرقابة والإشراف على تلك البنوك والمؤسسات، ومن أهم تلك القواعد، حوكمة الهيئات الشرعية، وتكوين الهيئة الشرعية المركزية، والالتزام بقرارات مجمع الفقه الدولي، وبمعايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وبمعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية. كما يجب أن تشمل تلك القواعد التأكد من السلامة المالية، بالإضافة للتأكد من السلامة الاستثمارية والشرعية، وحماية البنوك الإسلامية من مخاطر السمعة التي تنجم عن التورط في المنتجات المالية سيئة السمعة.

 

تدريب ومنافسة

الشرط الرابع لقيام بنك اسلامي هو أن يحتوي القانون المدني على تعاريف عقود المعاملات والتمويل الإسلامية، ليرجع إليها القضاة عند التقاضي في حين يتمثل الشرط الخامس في أن يحتوي قانون السوق المالية الإسلامية على ضوابط تحكم إصدار وتداول الأدوات المالية الإسلامية مثل أسهم الشركات المتوافقة مع الشريعة، والصكوك، وشهادات الصناديق الإسلامية، وشهادات الاستثمار العقاري، أما الشرط السادس فهو أن تنشأ في الدولة مؤسسة لتدريب العاملين في البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، يعمل بها مدربون من حملة الدكتوراه في الاقتصاد وفي الشريعة وفي المحاسبة. وأخيرا الشرط السابع وهو أن تتوفر أسباب المنافسة الحرة بين البنوك الإسلامية، فلا يتم التصريح بإنشاء عدد قليل منها، ثم يغلق الباب وراء الباقين، فهذا نوع من الاحتكار الذي يضر بالصناعة المالية الإسلامية، ويؤدي بها إلى التراخي عن التجديد والابتكار والتنافس في خدمة المتعاملين.

 

النوافذ الإسلامية لها فوائد كثيرة

د.معبد الجارحي أوضح أيضا أنه ومع قيام بنوك إسلامية فإن البنوك التقليدية تعمل على فتح نوافذ لتقديم الخدمات الإسلامية، وذلك للحفاظ على عملائها وللمساهمة في سوق الصيرفة الإسلامية والنوافذ الإسلامية لها فوائد كثيرة من حيث أنها تعطي الفرصة للبنك الربوي في التعرف على خفايا التمويل الإسلامي، والانتقال المتدرج من التمويل الربوي إلى التمويل المتوافق مع الشريعة. وبهذا المعنى تعد النافذة مرحلة انتقالية مؤقتة، لابد وأن تؤول خلال بضع سنوات إلى فرع مستقل للمعاملات المالية الإسلامية أو إلى بنك إسلامي مستقل. ويخشى في العادة أن تستخدم البنوك التقليدية تلك النوافذ كوسيلة لجمع الأموال ومن ثم استخدامها استخدامات غير شرعية في تمويلات ربوية محرمة.

 

ولمنع ذلك، لابد وأن يفرض البنك المركزي قاعدتين. الأولى أن تكون للنافذة حسابات مالية مستقلة ومدققة ومنشورة على الملأ، حتى يتم التأكد من الفصل التام بين نشاط التمويل الإسلامي والتمويل الربوي. القاعدة الثانية، أن يفرض البنك المركزي توقيتا محددا لتحويل النافذة إلى فرع مستقل أو بنك إسلامي مستقل.

 

جاذبة للمدخرات من دول الخليج

من المتوقع أن تختط السلطنة سياسة وسطية، تهيئ للبنوك الإسلامي العمل على قدم المساواة مع البنوك التقليدية، وأن تترك للمنافسة تقرير ما هو أصلح للاقتصاد العماني، كما أتوقع أيضا أن تقدم السلطنة نموذجا للصيرفة الإسلامية يخلو من المنتجات سيئة السمعة المبنية على العينة والتورق وبيع الديون، الأمر الذي يجعل بنوكها الإسلامية جاذبة للمدخرات من كافة دول الخليج، هذا ما ركز عليه معبد الجارحي الذي اختتم حديثه بالتأكيد على أنه على يقين أن القائمين على المؤسسات الدينية الرسمية في السلطنة يحرصون على الحلال، وسيعملون جهدهم لضمان الالتزام الشرعي، كما أن الشعب العماني يتميز بالأصالة والقدرة على المبادرة والابتكار في مجال الأعمال، وسيوفر ذلك الموارد البشرية اللازمة لبناء صناعة مالية إسلامية متطورة ورائدة تسجل مكانتها تحصد النجاح وتحقق الأهداف المسطرة على أرض الواقع