TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

أبانمي .. من عامل بناء بسيط إلى أحد أشهر المستثمرين بالعقارات والأسهم

أبانمي .. من عامل بناء بسيط إلى أحد أشهر المستثمرين بالعقارات والأسهم

رحل عن عالمنا اليوم رجل الأعمال السعودي سليمان بن عبدالمحسن أبانمي، عن عمر يناهز 87 عاماً، وأبانمي يعتبره الكثيرون أحد أهم الشخصيات التي عملت في سوقي الأسهم والعقارات، حيث كان يركز على الاستثمارات طويلة الأجل ويمتلك حصصا مؤثره في كثير من الشركات المساهمة والمصارف وله حضور فاعل في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والخيري، وهو ما يدل دلالة واضحة على صفة طول النفس والصبر والجلد عنده، وهي الصفات التي كان يرى أنه لابد من توفرها في رجل الأعمال.

المولد والنشأة

ولد أبانمي في بلدة الرويضة من قرى المجمعة الواقعة في احد فروع المشقر وادي منيخ تبعد عن المجمعة حوالي 22 كيلو متر وذلك في عام 1346هـ حسب نقل هو بنفسه عن والدته رحمهما الله تعالى حيث لم يكن يوجد سجل في ذلك الوقت وتربى في سنواته الأولى في كنف والديه في أحوال مادية دون المتوسطة حيث إن والده رحمه الله لم ينخرط في الزراعة والفلاحة الدائمة مثل أقرانه ولذلك كانت حياتهم بسيطة.

مكث في الرويضة فترة قليلة وفي صباح أحد الأيام خرجت من البيت إلى المجلس الذي يجتمع فيه الجماعة في أوقات فراغهم وكانت نشرة أخبار ذلك الصباح عن سفر عدد من شباب القرية إلى الرياض وجميعهم كانوا أكبر منه سناً، وعند سماعه للخبر رجع فوراً وبدون تردد إلى البيت حيث والدته هناك مقرراً السفر إلى الرياض وعندما اخبرها برغبته حاولت ثنيه عنها وتأجيل السفر للعام القادم على الأقل فأصر على تنفيذ رغبته قائلاً لها بيت الشاعر:

أما يجيك الغوج برفد بنو ماس       والا عليه الطير يامسندي حام

أي اما نجاح وهذا هو الأمل أو الفشل لا سمح الله وعندها لا تلوميني، وعندما رأت اصراره على تنفيذ رغبته بالسفر أخذت تبحث رحمها الله في خزانتها وهي علبة أو مطبق المشاط أي مسحوق السدر الذي تزين به النساء شعورها واخرجت منها ريالين وهي ما ادخرته لأقسى الظروف الطارئة وأعطته إياها.

وذهب إلى المجمعة على قدميه وعند وصوله للمجمعة أدرك مدى حاجة والدته إلى تلك الريالات لأنها تعول أخواته الصغار فسلم الريالين إلى أحد الجماعة العائد للقرية من المجمعة ليسلمها للوالدة قائلاً هي وأطفالها احق مني وسوف ييسر الله أمري.

وأبانمي الذي سار للمجمعة على قدميه سار بعد ذلك يسافر لكل دول العالم على درجة كبار رجال الأعمال.

ويقول أبانمي في أحد حواراته الصحفية تكلمة لهذا الموقف: بعد ذلك ركبت في سيارة لوري مع إبراهيم الحزيمي من المجمعة إلى الرياض بثلاثة ريالات وليس معي منها شيء.

وعند وصوله للرياض كان ذلك اليوم جمعة وفي ليلة السبت بات في بيت أحد اقاربه عبدالعزيز بن عبدالمحسن أبانمي يرحمه الله ورجاه أن يسدد الأجرة لصاحب السيارة وفي الصباح الباكر ليوم السبت التالي وقف في المقيبرة طالباً العمل مع زوج خالته المرحوم يوسف بن محمد بن سالم وخرجا لتوهم للعمل مع عثمان بن عثمان بأجرة ثلثي ريال وعملا في بناء سور له في الشميسي إلى يوم الخميس وحصل بذلك على أجرة أربعة ريالات سلمها لقريب له وهو صاحب دكان في ذلك الوقت ثلاثة منها أجرة السيارة والرابع أمانة لديه.

البداية عامل بناء

بعد ذلك التحق في أعمال البناء الخاصة بالدولة أي قصور أولاد الملك عبدالعزيز بأجر يومي خمسي ريال أي تسعة قروش الريال 22 قرشاً بعد فترة قصيرة التحق بالعمل في مستودع العمران (حوش الجص) مع المرحوم محمد بن سعد المقري من اهل الدوادمي وذلك في عام 1359هـ بأجر يومي مقداره 9 قروش (أي بخمسي ريال) ومجموع الراتب في الشهر تسعة ريالات تقريباً.

وبقي في هذا العمل كمساعد لمدير المستودع حوالي خمس سنوات وصل الراتب تسعين ريالاً في الشهر ثم انتقل للعمل في مكتب محاسبة العمران في مالية الرياض براتب قدره مائة وخمسون ريال وعمل لكامل عام 1364هـ وفي نهاية العام الغي عمل ابن قباع رئيس العمران بالطين وانتهى عملهم معه.

تاجر للسكر والشاهي

في عام 1365هـ فتح دكانا لبيع السكر والشاهي والقهوة لفترة ستة أشهر ولم يجد فيه فائدة عندها عرضت عليه وظيفة أمين صندوق بلدية الرياض براتب مائتين وثمانية عشر ريالا وذلك في رمضان عام 1365هـ وقبل العرض وعمل في البلدية كأمين صندوق لمدة ثلاث سنوات وبعدها ترقى إلى وظيفة عضو في الهيئة حتى 1370هـ براتب خمسمائة ريال وبعدها سافر إلى لبنان للعلاج وبعد فترة من وجوده في لبنان وصله خطاب من سعادة الشيخ سعود بن عبدالعزيز الحسن الدغيثر يفيد فيه ان رئيس البلدية عين بعده محمد حسن اخضر واقترح اعطاءه نصف الراتب والاستغناء عن خدماته واننا رأينا ان ذلك في مصلحتك فوافق سيدي عليه ولي العهد انذاك الملك سعود رحمه الله.

بعد سنة تقريباً عاد إلى الرياض واذا بوالدته مريضة مرضاً عضالاً ولم ينتظر عدة أيام ثم عاد بها إلى لبنان للعلاج وبقي بجانبها رحمها الله مدة سنتين وبعد ذلك عاد بها إلى الرياض عام 1364هـ.

العمل في الحرس الوطني

وفي عام 1365هـ كلف من الديوان الملكي بالتعاون مع سمو الأمير عبدالله الفيصل الفرحان رئيس الحرس المكلف باستلام افواج الحرس الوطني من الأخوان عبد العزيز وسليمان الحماد الشبل وتأسيس الحرس الوطني مع عدد من الشباب منهم عبدالرحمن العيسى وسويد السويد وسليمان بن بديع وجاسر الرميح ومحمد بن ابراهيم الصالح وبقي فيه حوالي ستة اشهر ثم استقال منه بدون ان يستلم أي راتب حيث لم يكن للحرس الوطني في ذلك الوقت ميزانية وذلك بعد خلاف مع سمو رئيس الحرس.

التعليم

قرأ أبانمي القرآن كاملاً في بلدة الرويضة في الكتاب على يد الشيخ محمد بن إبراهيم عجميان رحمه الله تعالى.

والتحق بالمدرسة الحكومية في عام 1357هـ أو 1358هـ  في الصف الثالث الابتدائي في النصف الأول ولم يتمكن من إتمام النصف الثاني للفصل الثالث لأن والدة أخواته توفيت رحمها الله تعالى وبعد ذلك مباشرة رجع قافلاً إلى الرويضة حيث والدته وبقية إخواني.

بدايات الدخول لعالم البزنس

يقول أبانمي عن بدايات حياته العملية: إنه وبينما كان في لبنان وعندما كان بجانب والدته قام بالبحث عما يساعده على المصاريف فاتصل بحسن تميم وكيل ساعات ميدو في لبنان وطلب منه عدد 200 ساعة من المنطقة الحرة لإرسالها للرياض فرفض قائلاً ابيعك داخل بيروت ومعني ذلك أن أصرف عليها رسوما جمركية بنسبة 30% وهذا لا يناسبني.

ويكمل أبانمي: بعد ذلك عرفني على مندوب شركة المانية تصنع اسورة الساعات (فيكسو مليكس) وبما انني لا اعرف التجارة اتصلت بصديقي إبراهيم المحمد اليحيى وهو صاحب خبرة لأنه يتعاطى بيع الساعات وذهبنا سوياً إلى الألماني في الفندق واطلعنا على الأساور التي يعرضها واشترينا منه عدد الفي حبة بمبلغ الف وثمانمائة دولار دفعناها مناصفة وأرسلت للرياض لمحلهم وبيعت بضعف القيمة وهذه بدايتي في مجال التجارة وبعد تطور عملي في تجارة الساعات حتى عام 1383هـ الموافق 1963م.

نقطة التحول إلى عالم الملايين

وكانت نقطة التحول في حياة أبانمي ونقلا عنه هو نفسه رحمه الله هي في تجارة الساعات من عام 1374هـ الموافق 1954م إلى 1383هـ الموافق 1963هـ وفيها حصلت على أول مليون ريال.

وكانت أول صفقة تجارية هي صفقة الأساور لأن الربح فيها 100% وهي التي شجعته على الانخراط في تجارة الساعات.

وبعد ذلك دخل في مجال الصناعة عام 1383هـ وأول مصنع هو مراتب السست (سبرنق مترس) وفي عام 1385هـ ألحق به مصنعا للأثاث المعدني المكتبي وكذلك السرر الحديدية. وفي عام 1390هـ انشأ مصنع الأسفنج الذي لايزال قائماً في المنطقة الصناعية الأولى.

ويقول أبانمي:  مساهماتنا تتوزع على الأسهم والعقار وعلى الصناديق الخارجية عملاً بالقول لا تضع البيض في سلة واحدة حتى لو وقعت السلة يتكسر بعض البيض ولا ينكسر جميعه.

أبانمي وأسواق الأسهم

بدأت تجربة أبانمي مع سوق الأسهم عام 1402هـ واستمرت حتى وفاته وتعرض فيها لتقلبات كثيرة فيها الربح والخسارة وهذه طبيعة التجارة اقبالاً وادبار أما المضاربات فكان يؤكد هو أنه لا يعرف شيئا عنها، وكان يقول: أنا غير مضارب وانما انا مستثمر فقط.

ويؤكد أبانمي أنه كان يتغلب على التقلبات والانهيارات في أسواق المال والعقار بالصبر وعدم التسرع في البيع إلا في حالة الإحلال من سهم لسهم حسب الرغبة.

ويعتبر أبانمي أحد كبار المستثمرين السعوديين في البورصة المصرية ويمتلك حصصاً فى عدد من الشركات المصرية منها مجموعة القلعة للاستشارات المالية، وسوديك و بلتون المالية القابضة.

سوق الأسهم من أجل الأيتام

ذكر أبانمي في أحد الحوارات الصحفية أنه قام بالاكتتاب في شركة ينساب لصالح عشرة آلاف يتيم ويتيمة، بإشراف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وأيتام وزارة الشؤون الإجتماعية وذلك بدفع قيمة ما خصص لهم من الأسهم.

الأقربون أولى بالمعروف

ولأن "الأقربون أولى بالمعروف"، فإن أسرة أبانمي لها نصيبٌ كبير؛ حيث جعل تبرعاتٍ سنويةً لأفراد أسرته ممن هم بحاجةٍ للدعم، بل امتد الأمر كذلك إلى جيران ومعارف أقاربه، وكان قد قرر لكافة أفراد أسرة آل أبانمي ذكورا وإناثا مساعدةَ زواجٍ تبدأ ب 100 ألف ريال للدرجة الأولى، و 50 ألفا للدرجة الثانية، و 30 ألفا لعامة الأقارب، وعدد أفراد أسرة آل أبانمي حسب الشجرة التي تمَّ إعداها مؤخرا بلغ حوالي 1700 من الذكور والإناث، وذلك حتى العام 2006.

وكان هناك توزيعاتٍ على كافة الفقراء من المواطنين، إلى جانب تبرعاتٍ لأعمال خيرية منها بناء المساجد.