TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

رغم تهديدات "أوميكرون"..لماذا رفعت الحكومة المصرية الحد الأدنى للإقامة بالفنادق؟

رغم تهديدات "أوميكرون"..لماذا رفعت الحكومة المصرية الحد الأدنى للإقامة بالفنادق؟
أحد شواطئ شرم الشيخ - صورة أرشيفية

القاهرة- عمر حسن: بينما يتسلل متحور "أوميكرون" لاختراق دفاعات الدول ضد كورونا، ثمة قرار حكومي في مصر قد يشكل تحدياً جديداً أمام قطاع السياحة، الذي ما لبس أن التقط أنفاسه عقب أزمة الجائحة التي كبّلت حركة الطيران لشهور، حتى جاءت اللقاحات لتفتح أبواب إنعاش القطاع من جديد، ومن ورائها قرار بتحديد حد أدنى للإقامة في الفنادق.

سابقة لم تحدث

مطارات شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم عادت لتستقبل عشرات الأفواج السياحية، في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لتحصين الفنادق وأطقم العاملين، وارتفعت نسب الإشغال إلى أكثر من 90 بالمائة، الأمر الذي دفع وزير السياحة والآثار إلى إصدار قرار يوم 23 أبريل/ نيسان الماضي، بوضع حد أدنى لمقابل خدمة الإقامة في المنشآت الفندقية.

بدأ تطبيق قرار الوزير في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، على أن يكون الحد الأدنى لمقابل الإقامة بالمنشآت الفندقية الخمس نجوم هو 40 دولاراً أمريكياً، و28 دولاراً أمريكياً للفنادق الأربع نجوم.

وفي اجتماع مجلس الوزراء برئاسة مصطفى مدبولي، يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، وافق المجلس على رفع قيمة الحد الأدنى لتكون 50 دولاراً للفنادق خمس نجوم، و40 دولاراً للفنادق أربع نجوم، و30 دولاراً للفنادق ثلاث نجوم، و20 دولاراً للفنادق نجمتين، و10 دولارات للفنادق نجمة واحدة، وذلك اعتبارا من أول مايو/ أيار 2022.

القرار الحكومي استثنى محافظات الأقصر وأسوان والوادي الجديد، ومدن طابا ونويبع من حيث موعد التطبيق، على أن يكون اعتباراً من أول نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وهذا يعني أن الموسم الشتوي لن يخضع لاختبار رفع الأسعار، وسط آمال دولية بسرعة تقويض "أوميكرون" حفاظاً على دوران عجلة الاقتصاد.

غادة شلبي، نائب وزير السياحة والآثار لشؤون السياحة، قالت في تصريحات تليفزيونية، إن قرار وضع حدود دُنيا للأسعار يعتبر سابقة لم تحدث، مشيرة إلى أن هذا هو الحد الأدنى الذي تحصل وزارة المالية على الضرائب من خلاله، وبإمكان أن تكون أسعار الغرف أعلى من ذلك.

وبحسب تصريحات شلبي، فإن بعض الفنادق كانت تقدم أسعاراً قد تؤثر بشدة على جودة الخدمات المقدمة، موضحة أن بعض الفنادق كانت تقدم الغرفة الـ5 نجوم مقابل 25 دولاراً فقط.

ووفقاً لبيانات وزارة السياحة والآثار، استقبلت مصر نحو 3.5 مليون سائح خلال الفترة من أول يناير/ كانون الثاني حتى نهاية يونيو/ حزيران عام 2021، وبلغت الإيرادات الإجمالية ما يتراوح بين 3.5 إلى 4 مليارات دولار، وذلك بمتوسط إنفاق للسائح الواحد يبلغ 95 دولاراً لليلة الواحدة.

 

سمعة مصر السياحية

من جانبه، أكد باسم حلقة، نقيب السياحيين، أن تدخل الحكومة في تحديد الحد الأدنى للإقامة بالفنادق كان ضرورياً لـ"الحفاظ على سمعة مصر السياحية"، على حد قوله.

وأوضح نقيب السياحيين في تصريحات خاصة لـ"مباشر"، أن سياسات السوق المصري في مجال الإقامة الفندقية "غير جيدة"، وهي التي مهّدت لتدخل الحكومة في تحديد الحد الأدنى، قائلاً: "حرق الأسعار تسبب في خسائر للفنادق وبالتالي أثر على دخل العاملين في القطاع، وعلى تغطية تكلفة التشغيل".

وتلجأ الفنادق لـ"حرق الأسعار" في أوقات الأزمات وانخفاض الإقبال للحفاظ على عملية التشغيل، ولكن ذلك يشكل نزيفاً للاقتصاد المصري، على حد تعبير نقيب السياحيين.

وأضاف باسم حلقة: "مصر تقدم أرخص سعر للإقامة الفندقية في المنطقة، وهذا عيب في حقنا، في ظل وجود إمكانيات سياحية هائلة"، مختتماً: "أدعم تطبيق القرار بشكل دائم وليس مؤقتاً، فمثلما يوجد حد أدنى للأجور، يجب أن يكون هناك حد أدنى لتقديم الخدمة".

 

هل يضع "أوميكرون" الحكومة في مأزق؟

قرار مجلس الوزراء برفع الحد الأدنى للإقامة الفندقية جاء في ظل اتجاه عدد من الدول لتعليق الطيران مع البلدان التي يظهر فيها متحور كورونا الجديد "أوميكرون"، الذي تم تصنيفه كـ"متحور مثير للقلق"، من جانب منظمة الصحة العالمية.

يأتي كل ذلك وسط مخاوف حول مدى فاعلية اللقاحات الحالية ضد المتحور الجديد، خاصة بعد تصريحات رئيس شركة صناعة الأدوية "مودرنا"، لصحيفة "فايننشال تايمز"، التي قال فيها إنه يستبعد أن تكون اللقاحات المضادة لكوفيد-19 فعالة ضد المتحور "أوميكرون" كما كان الأمر بالنسبة للسلالة "دلتا".

حتى الوقت الحالي لم تُعلن مصر رصد أي حالة لمصاب بمتحور "أوميكرون" على أرضها حتى الآن، لكن مع احتمالية ظهوره وتأثر حركة السياحة عالمياً، هل ستضطر الحكومة لمراجعة قرارها حفاظاً على نسب الإشغال؟

أكد عمرو صدقي، الخبير السياحي ورئيس لجنة السياحة بمجلس النواب المصري سابقاً، أن متحور "أوميكرون" ستكون له تداعيات سلبية على قطاع السياحة عالميًا، لافتًا في الوقت نفسه إلى عدم تأثير قرار الحكومة على نسب الإشغالات في الفنادق حتى مع ظهور المتحور الجديد في مصر.

وبيّن صدقي في تصريحات لـ"مباشر"، أن السعر لم يكن أبداً عاملاً مؤثراً في مدى إقبال السائحين الأجانب على الإقامة بالفنادق، موضحاً: "في ظل حظر الطيران أثناء الجائحة كانت تستقبل مصر السائحين ولم تكن مشكلة انخفاض الإقبال بسبب الأسعار بل كانت بسبب حركة الطيران".

وتابع: "السائحون الروس كانوا يأتون إلى مصر في ظل تعليق الطيران الروسي وذلك عن طريق السفر إلى أوكرانيا، لذا أؤكد أن المشكلة ليست في السعر مطلقاً"، مضيفاً: "السائح الروسي كان يقيم في فنادق شرم الشيخ والغردقة بـ15 دولاراً في الليلة، ويدفع 800 دولار مقابل شرب زجاجة كحول".

أما عن القرار في حد ذاته فقال: "الأصل خضوع الأسعار لآلية العرض والطلب، هي تعني انخفاض وارتفاع الأسعار طبقا للمنافسة، لكن ما حدث أو انخفاض الأسعار فقط ظناً من الفنادق أن ذلك يجذب المزيد من السائحين وهي نظرية خاطئة".

وتابع: "تدخلت الدولة بشكل جزئي للحفاظ على مقدراتها، بتحديد الحد الأدنى وإطلاق الحد الأقصى، حتى يتسنى لوزارة المالية تحصيل الضرائب، ومن جهة أخرى الحفاظ على مستوى جودة الخدمات، لأن السائح لا يميز بين سوء الخدمة في فندق معين، وإنما يعتبر زيارته إلى مصر بمثابة تجربة سيئة وسط انخفاض مستوى الخدمة لدى بعض الفنادق".

 

تأثر السياحة الداخلية

تبقى السياحة الداخلية طوق النجاة لانتشال القطاع من حالات الركود التي تضربه في أوقات الأزمات؛ حيث أصبحت شرم الشيخ والغردقة مقصداً للسياحة الداخلية للطبقة المتوسطة أكثر من ذي قبل، وذلك نتيجة لانخفاض الأسعار خلال فترة الأزمات.

ساهم ذلك الإقبال في رفع نسب الإشغال حتى 70 بالمائة، وذلك خلال فترة تفشي جائحة كورونا وغلق المجالات الجوية للدول وتعليق حركة الطيران، وحينها بذلت وزارة السياحة والآثار جهداً كبيراً لاستئناف الحركة السياحية والاعتماد على السياحة الداخلية؛ فقامت بتنفيذ مبادرات بأسعار منخفضة للمصريين لتشجيع السياحة الداخلية.

وهنا يبرز السؤال: هل سيقل نصيب السياحة الداخلية من شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم في ظل رفع الحد الأدنى لأسعار الإقامة بالمنشآت الفندقية مع تنامي إقبال سائحي روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا؟

رد الخبير السياحي عمرو صدقي على ذلك: "المواطنون فهموا القرار بشكل خطأ، فلم يتم رفع سعر الإقامة للمصريين، بل تمت مساواة الأجانب بالمصريين".

وأوضح صدقي: "كانت الشكوى أن المصريين يدفعون أكثر من الأجانب للإقامة بفنادق شرم الشيخ والغردقة، في الوقت الذي يقيم فيه الأجنبي مقابل 15 دولاراً لليلة، والآن يدفع الأجنبي مثل المصري تماماً بدون تفرقة، والسعر كما هو للمصريين كحد أدنى لفنادق الخمس نجوم ما يعادل 650 جنيهاً لليلة تقريباً".

واختتم عمرو صدقي: وارد أن تراجع الحكومة قرارها بتخفيض الحد الأدنى، في ظل تغير حركة السوق وهذا ليس عيباً، لكن لن يكون ذلك في الوقت القريب".