TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

شراكة اقتصادية أم هيمنة للصين..ماذا تمثل أكبر اتفاقية تجارية بالعالم؟

شراكة اقتصادية أم هيمنة للصين..ماذا تمثل أكبر اتفاقية تجارية بالعالم؟

مباشر- أحمد شوقي: بعد 8 سنوات من التفاوض، وقعت 15 دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ بقيادة الصين، أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم، في خطوة قد تغير موازين القوى الاقتصادية.

وتضم اتفاقية "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" أو "RCEP" أكبر كتلة تجارية على مستوى العالم، وتغطي سوقاً يبلغ 2.2 مليار شخص، و26.2 تريليون دولار من الناتج الإجمالي العالمي.

وتشمل الاتفاقية الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا "الآسيان"، بالإضافة إلى الصين واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.

بدأ مقترح الاتفاقية في الظهور لأول مرة في عام 2012، لكن بعد "المفاوضات والدماء والبكاء"، كما يقول محمد عزمين علي، وزير التجارة الماليزي، أُبرم الاتفاق أخيرًا في نهاية قمة جنوب شرق آسيا هذا الأسبوع، مع سعي الدول لإعادة بوصلة اقتصاداتهم المتضررة من تفشي وباء كورونا إلى مسارها الصحيح.

وفي أحدث تقرير له، توقع البنك الدولي نمو اقتصاد شرق آسيا والمحيط الهادئ بأدنى وتيرة منذ عام 1967 عند 0.9 بالمائة في العام الجاري، مع تداعيات فيروس كورونا.

فما أهمية اتفاقية التجارة الحرة؟ تتمثل أهداف اتفاقية "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" في خفض الرسوم الجمركية على الواردات تدريجياً في غضون 20 عاماً، وإنشاء منطقة حرة بين هذه الدول، كما تتضمن أحكامًا بشأن الملكية الفكرية والاتصالات والخدمات المالية والمهنية والتجارة الإلكترونية.

ويقول سايمون بابتيست كبير الاقتصاديين العالميين في "إيكونوميست إنتليجنس" في تعليقات لشبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية، إن الصفقة الضخمة تضع الأساس لتعاون أعمق بين الدول الأعضاء في المستقبل، خاصة بين تلك التي ليس لديها اتفاقيات تجارية ثنائية قائمة.

كما أشارت الدول الشريكة إلى أهمية الاتفاقية حيث يحاول العالم التعافي من وباء كورونا، قائلة في بيان مشترك، إن الاتفاقية ستلعب دوراً مهماً في بناء قدرة المنطقة على الصمود من خلال عملية التعافي الاقتصادي الشاملة والمستدامة بعد الوباء.

ويرى راجيف بيسواس كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مؤسسة "ماركت" للأبحاث، أن الاتفاقية الجديدة، التي يمثل أعضاؤها 30 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، تشكل خطوة جوهرية لتحرير التجارة والاستثمار في المنطقة.

وعلى الصعيد العالمي، يقدّر معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي أن يؤدي الاتفاق إلى زيادة الدخل القومي العالمي بمقدار 186 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، مع إضافة 0.2 بالمئة إلى اقتصاد الدول الأعضاء في الاتفاقية.

لكن في الحقيقة، قد تكون الصين، المستفيد الأكبر، فعلى الرغم من أن انضمام الصين للاتفاقية أعطى ثقلاً كبيراً باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن بكين أيضاً استفادت من هذه الشراكة، حيث أصبحت في وضع أفضل لتشكيل القواعد التجارية في المنطقة وتوسيع نفوذها، خاصة في ظل غياب الولايات المتحدة والأزمات التجارية التي أثارها الرئيس دونالد ترامب.

ويشير محللون لشبكة "سي.إن.بي.سي" إلى أن الصفقة انتصار جيوسياسي للصين في وقت يبدو فيه أن الولايات المتحدة تتراجع عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ بالنظر إلى السياسة الخارجية لترامب "أمريكا أولاً".

ويأتي ذلك في وقت تنشغل فيه الولايات المتحدة بمسألة انتقال السلطة، مما يعطي غموضاً حول ما إذا كان أكبر اقتصاد حول العالم سيتفاوض بشأن أي صفقات تجارية ضخمة مع اقتصادات المنطقة في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن.

ويمكن أن تساعد هذه الاتفاقية الجديدة بكين على تقليص اعتمادها على الأسواق والتكنولوجيا الخارجية، وهو تحول تسارع بسبب تعميق الخلاف مع واشنطن، حسبما قال إيريس بانج كبير الاقتصاديين في الصين الكبرى لدى "أي.إن.جي".

في النهاية، هل تحقق أكبر اتفاقية للتجارة الحرة أهدافها؟ تتزايد أهمية هذا السؤال خاصة أن هذه الصفقة تجمع بين الدول التي غالبًا ما كانت لديها علاقات دبلوماسية شائكة، لا سيما الصين واليابان.

وفي هذا الصدد، يقول جارث ليزر المحلل في "كابيتال إيكونوميكس" إن بعض الدول الأعضاء، مثل اليابان، تعتبر وجود الهند في هذه الاتفاقية مهمًا لمواجهة الوزن الاقتصادي للصين.

وانسحبت الهند من مفاوضات الاتفاقية في العام الماضي، لكن لا يزال هناك ترحيب من الدول الأعضاء بعودتها مرة أخرى إذا أرادت.

كما تضمنت الاتفاقية كل من أستراليا والصين، على الرغم من التقارير التي تفيد بأن الصين قد تقاطع بعض الواردات الأسترالية بسبب مجموعة متنوعة من الاختلافات السياسية.