TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

توجيهات رئاسية بمراعاة البعد الاجتماعي في تقييم أسعار تصالح مخالفات البناء بمصر

توجيهات رئاسية بمراعاة البعد الاجتماعي في تقييم أسعار تصالح مخالفات البناء بمصر
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري

القاهرة - مباشر: أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، أن هناك توجيها من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة وضع مصلحة أهالينا في الريف والقرى على رأس الأولويات في التعامل مع ملف مخالفات البناء، وتغليب مصلحتهم فيما يتعلق بالتقييمات الخاصة بالتصالح، مشيرا إلى أن تخفيض قيمة التصالح لكل الريف المصري، إلى 50 جنيها للمتر، وهو الحد الأدنى لقيمة التصالح المقررة طبقاً للقانون، جاء تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية في هذا الشأن، مراعاة للظروف الاجتماعية لأهلينا في الريف.

وذكر البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس الوزراء، أن ذلك جاء خلال كلمة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم السبت، خلال زيارته لزمام كفر سعد بمحافظة القليوبية، والتي تحدث خلالها بشأن مواجهة التعديات على الأراضي الزراعية ومخالفات البناء، وكذا تطبيق قانون التصالح، وذلك بحضور الفريق أول محمد زكي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، واللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، واللواء عبد الحميد الهجان، محافظ القليوبية.

وجدد مدبولي التأكيد على أن هدف الدولة هو تقنين الأوضاع المخالفة، وليس جمع الأموال، مشيراً إلى أن القانون ينص على أن كل ما يتم تحصيله نتيجة للتصالح في مخالفات البناء، يتم تخصيصها لتطوير البنية الأساسية ورفع كفاءة الخدمات بهذه المناطق.

وقال رئيس مجلس الوزراء "إن حضورنا اليوم على أرض محافظة القليوبية، يأتي في ضوء استكمال مناقشة واحدة من أهم وأعقد القضايا والتحديات التي تواجه الدولة حالياً، تتمثل في التعديات على الأراضي الزراعية"، مؤكداً أنه عندما تتصدى الدولة لكافة القضايا الممتدة على مدى عقود ماضية، يأتي بهدف الإصلاح ووضع حد للنزيف والأخطاء المتوارثة التي نتجت عن عدم المواجهة، كما يأتي ذلك من أجل وضع حلول لتلك المشكلات والقضايا، مشددا على أن غض الطرف عن حل المشكلات لا يعني أنها ستختفي، بل على العكس تماما، وهو ما تعلمناه من قضية البناء العشوائي والبناء على الأراضي الزراعية.

ونوّه رئيس الوزراء إلى المؤتمر الصحفي، الذي عقده مؤخراً، لتوضيح حقائق وتداعيات مشكلة البناء المخالف غير المخطط، والتعدي على الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أنه تم عرض مجموعة من الأرقام المهمة، منها أن مصر فقدت على مدار الـ 40 عاما الماضية، ما يقرب من 400 ألف فدان من أجود وأخصب الأراضي الزراعية على مستوى العالم، منها 90 ألفا خلال الفترة من 2011 حتى الآن في الدلتا ووادي النيل من الأراضي التي حبانا بها الله على مدار آلاف السنين.

وأعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن أسفه إزاء ما يمكن أن يتم بذله لتعويض أو استبدال هذا الفاقد من الأراضي الزراعية، لأننا نحتاج إلى منظومة من العمل الشاق والهائل لعمل بنية أساسية كبيرة تكون قادرة على استصلاح الأراضي الصحراء، التي لا تتمتع بنفس جودة الأراضي الزراعية المتوافرة في الدلتا ووادي النيل والتي تكونت وتشكلت عبر السنين، لافتا إلى أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تتراوح ما بين 150 إلى 200 ألف جنيه، حتى يكون قابلا للزراعة.

وقال: "لتعويض ما فقدنا مؤخراً من أراضٍ زراعية وصلت إلى 90 ألف فدان، نحتاج إلى 18 مليار جنيه، وذلك لاستصلاح أراض صحراوية بعيدة تستغرق المزيد من الجهد والوقت، ولا يعتبر ذلك إضافة أرض جديدة بل مجرد تعويض لما فقدناه، وذلك من أجل استيعاب احتياجات ومتطلبات الأجيال القادمة من تأمين غذائهم".

وأشار رئيس الوزراء إلى صعوبة ومشقة السباق الذي تخوضه الدولة مع المواطن، وذلك نتيجة زيادة حجم المخالفات التي يتم رصدها، واعتبار ذلك وضع قائم ومستمر، موضحاً أن الدولة تتحرك فقط لتعالج هذه المشكلة، وما ينتج عنها من تداعيات، متطرقا للجدل الكبير الذي ثار خلال الأيام الماضية حول اختيار هذا التوقيت للتعامل مع ملف مخالفات البناء، والتشديد في التعامل مع هذه المخالفات، وعن ماهية موضوع التصالح، ولماذا تتخذ الدولة في هذه المرحلة كل الإجراءات بحسم وحزم، لإنهاء هذا النزيف الهائل لأحد أهم ثروات بلدنا.

وقال: "إن كل ما أثير من جدل دعانا للقيام بهذه الزيارة الميدانية على أرض القليوبية، ونشرف فيها بصحبة العديد من كبار رجال الإعلام والمفكرين، وذوى الرأي، إلى جانب مجموعة من الخبراء، وذلك بهدف المساهمة في إيضاح الصورة أمام الرأي العام والمواطن البسيط عن حجم الخسائر الهائلة التي تتكبدها الدولة نتيجة استمرار مخالفات البناء، والتعدي على الأراضي الزراعية، وتوضيح تداعيات هذه المشكلة، والإجابة عن تساؤل : لماذا لجأت الدولة للتصدي لهذه القضية في هذه المرحلة تحديداً، وهى الرؤية المستقبلية للتعامل مع هذا الملف".

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن كلمته اليوم مرتبطة بفيلم وثائقي تم تصويره في أنحاء محافظة القليوبية والذي يرصد حجم التحدي الكبير الذي تواجهه الدولة، مؤكداً أن هذا النمط يمثل أغلب العمران المصري، موضحاً أنه تم التصوير فوق مدينة "الخصوص" بالمحافظة، التي نشأت بالكامل على أرض زراعية بدون أي تخطيط، حيث بدأت بقرية صغيرة، ثم تحولت إلى أحجام هائلة من الكتل كغابة من الكتل العمرانية الخرسانية بعمارات ذات ارتفاعات هائلة بعرض شوارع لا يتخطى الـ 3 أو 4 أمتار.

واستعرض رئيس الوزراء - من خلال الفيلم الوثائقي - مدى التعقيد الشديد في التعامل مع هذه الإشكالية القائمة على أرض الخصوص وعلى مستوى الدولة بوجه عام، وتوفير الخدمات الرئيسية لقاطني هذه المناطق، والمتمثلة في توصيل المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والغاز الطبيعي، بما يضمن أدنى مستويات المعيشة.

وأشار إلى العديد من المعايير والجوانب الفنية، والتي تتضمن عدم القدرة على توصيل الغاز الطبيعي في مثل هذه الشوارع، وذلك تنفيذاَ لنسب ومساحات الأمان المطلوبة لتوصيل الغاز الطبيعي، وهو ما يجعل مثل هذه المناطق تستمر في الاعتماد على أسطوانات البوتاجاز.

وأضاف رئيس الوزراء: "مثل هذه المناطق لم تكن ضمن أي تخطيط للدولة، بل كانت عبارة عن مناطق زراعية، ونتيجة للنمو غير المخطط أصبحت بهذا الشكل، وقال إنه كان بإمكاننا أن نُطور ونحسن من العمران و مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في هذه المناطق إذا ما تم النمو بشكل مخطط"، متسائلا عن مصير الجيوب الزراعية الموجودة حالياً داخل الكتل السكنية في المستقبل القريب إذا لم نأخذ قرارا بوقف حقيقي لمثل هذه التعديات والمخالفات والبناء العشوائي؟

وأوضح رئيس الوزراء أن ما تم من بناء مخالف لم يُراع إتاحة فرصة لبناء وتوصيل خدمات ومرافق لهذه المناطق، مضيفاً أنه فيما يتعلق بمدينة الخصوص، والتي تكتظ بالسكان لدينا نقص شديد في المدارس، ولدينا رغبة في إقامة مستشفى ووحدات صحية، ومحطات لمياه الشرب والصرف الصحي لخدمة قاطني المنطقة.

وتسائل رئيس الوزراء باستنكار : ما هو الحل لإقامة مثل هذه المنشآت؟، وأين الأماكن المتاحة لإقامتها؟، مجيباً على ذلك بأن الحل هو نزع ملكية أحد الجيوب الزراعية الموجودة بالمنطقة لإقامة مثل هذه المنشآت الحيوية والضرورية لأهالي المنطقة، وهو ما يُفقدنا مساحات جديدة من الأراضي الزراعية.

وأكد رئيس الوزراء أنه من حق المواطن أن تقوم الدولة بتطوير الخدمات المقدمة لهم، ومستوى المعيشة الخاص بهم، لكن يواجهنا العديد من التحديات في مثل هذه المناطق.

وأشار إلى أنه بمجرد التفكير في فتح وإقامة شبكة طرق لتسهيل الحركة المواطنين داخل هذه المنطقة، فإننا نحتاج إلى إزالة العديد من المباني والعمارات الموجودة، إلى جانب توفير البديل لقاطني المباني التي تم إزالتها داخل إحدى المدن الجديدة، وهو ما لن يلقى قبولاً من جانب الأهالي، نظراً للموروثات الثقافية، ونجد أنفسنا أننا أمام ارتكاب المزيد من الأخطاء والتعقيد، وهو البناء على باقي الأراضي الزراعية المتاخمة للمنطقة المأهولة بالسكان، وإنشاء سكن بديل لما تم إزالته من مبان بهدف إقامة شبكة طرق.. مؤكداً أن ذلك يمثل حجم التعديات والتعقيد الذي نواجهه في مصر للتعامل مع مشكلة البناء العشوائي والمخالف.

ولفت رئيس الوزراء إلى أنه كان من السهولة على القيادة السياسية والحكومة نتيجة لتفاقم هذه المشكلة، هو غض الطرف عنها، كمان كان يحدث في فترات سابقة، وفي هذا الإطار إننا لا نحمل من سبقونا أي أخطاء؛ فالظروف السياسية والاقتصادية التي كانت قائمة في مصر منذ بدء هذه الظاهرة في السبعينيات من القرن الماضي كان من الممكن أن تكون قد فرضت على متخذي القرار والحكومات المتعاقبة عدم الدخول في ملف شديد التعقيد بهذا الشكل، وذلك لعدم وجود القدرة أو الرغبة في الدخول إليه، وكان من الوارد أن نفكر بنفس هذا المنطق، معبرا بقوله: "ليه نزعل الناس ونضايقهم.. وممكن نكتفي بالأمور بهذا الشكل ونؤجلها لمن يأتي بعدنا".

وشدد رئيس الوزراء على أن ما نشهده الآن هو نتاج لعدم المواجهة والتعامل بحسم وشدة مع هذه الملفات منذ السبعينيات والثمانينات، متسائلاً: لو تم غض الطرف عن هذه القضية، فما هو الوضع بعد 10 أو 20 سنة؟، مستعرضا هذا الوضع بقوله : "بأن نتخيل حجم المتبقي من الأراضي الزراعية"، وذلك هو ما يجعلنا مهمومين بهذا الملف، والتفكير فيما سيكون مستقبل مصر لو استمر هذا النمط من النمو العشوائي.

وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة ليس بمعزل عن المواطنين، وأنها دائما متواجدة في الشارع ترصد كافة تساؤلات المواطنين حول ملف التصالح مع مخالفات البناء، والدولة تعرف حجم وصعوبة هذه القضية، لذا فكان من الضروري العمل على وقف التعديات على الأراضي الزراعية والجيوب الزراعية المتواجدة داخل الكتل العمرانية، التي ستتحول خلال وقت قريب إلى كتل سكنية أيضاً.

وقال إن الوضع داخل هذه الكتل السكنية غير صحي؛ فمع الارتفاعات الشاهقة للمباني أصبحت الشوارع كاحلة لا يدخلها الضوء، فضلاً عن أنه في حالة لا قدر الله حدوث أي كوارث أو حوادث في مثل هذه المناطق، تكون هناك صعوبة كبيرة في التعامل معها.

وأضاف رئيس الوزراء إلى أنه فيما يتعلق بتوسيع الأحوزة العمرانية، فقد قامت الدولة بتوسيعها بين عامي 2008 و2009 لكافة المدن والقرى، وأضافت 160 ألف فدان من الأراضي الزراعية لأحوزة المدن والقرى المصرية حتى تكفي لـ 24 مليون مواطن حتى عام 2030، وذلك على اعتبار عدم إقامة مدن جديدة.

وأكد أنه مع قيام الدولة بالتوسع في إقامة المدن الجديدة، فإن الأحوزة العمرانية تكفى حتى عام 2040، و2050، مؤكدا أن هذا هو الهدف الرئيسي للدولة من ضرورة انتقال المواطنين إلى المناطق والمدن الجديدة، حفاظاً على الرقعة الزراعية.

وأعرب رئيس الوزراء عن أسفه لعدم التزام المواطنين بهذه المخططات والأحوزة العمرانية التي تقرها الدولة، والتي تُعد امتدادا للكتل السكنية القائمة، وقيامهم بالبناء على أراضيهم الخاصة المتواجدة خارج تلك الأحوزة، وهو ما أدى إلى ظهور العديد من العزب والتوابع وسط المناطق الخضراء، والمطالبة بتوفير المرافق والخدمات لهذه العزب والتوابع، والتي تبعد مئات الأمتار أو الكيلوات من أقرب مرافق موجودة مخططة، وهو ما يُجبر الدولة على توصيل المرافق والشبكات بتكلفة أضعافا مضاعفة، عمّا إذا كانت هذه المناطق قد نمت بطريقة مخططة، فضلاً عن القيام باستقطاع بعض الأراضي الزراعية لإقامة وتوصيل هذه المرافق.

وأكد رئيس الوزراء أن العزب وسط المنطقة الخضراء تظهر كتلة سكنية بهذا الشكل، أصبحت تضم 300 أو 400 أسرة على مدار الوقت، وبمرور الوقت يصبحون من الناحية الإنسانية لهم مطالب، ويسعون لدى نواب البرلمان لحل مشكلاتهم، ويقوم النواب بدورهم بتقديم طلبات لدى مسئولي الحكومة لتوصيل المرافق لهذه الكتلة السكنية، التي تبعد مئات الأمتار عن أقرب مرافق قائمة، فمثلا مدينة بنها، أو الخصوص كان لها حيز محدد، وتم التخطيط للمرافق بأطوال معينة، لكن مع ظهور هذه العزب التي تبعد عن المدينتين، ومع ضغط سكان تلك العزب تضطر الحكومة إلى مد شبكات مرافق كاملة بأطوال مئات الأمتار أو في بعض الأحيان بأطوال كيلو مترات، بتكلفة أضعاف الأضعاف لمجرد توصيل المرافق إلى هذه المنطقة، معربا عن أسفه لأن الحكومة في هذه الحالة تضطر لاستقطاع جزء من الأراضي الزراعية لمد شبكات المرافق بها، حتى يتم توصيل الشبكات إلى هذه الكتلة السكنية.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: "في عام 2011 كان عدد العزب والتوابع والكفور في مصر يبلغ 27 ألف عزبة وتابع، وحالياً مع التوسع العمراني غير المخطط يبلغ عددها 32 ألفا، بزيادة 5 آلاف كتلة مماثلة لهذا الشكل خلال السنوات العشرة الماضية فقط، وهو ما يُمثل ضغطاً هائلا على الحكومة لتلبية طلبات سكانها وتوصيل المرافق لها، ورغم أننا كنا وصلنا بحجم تغطية لمياه الشرب 98,5% ، وكانت نسبة 1,5% المتبقية تمثل هذه النوعية من العزب والكتل السكنية".

وأضاف رئيس الوزراء: كلما اقتربنا من تنفيذ ما هو مخطط من مشروعات للمرافق يتبين لنا أن هناك عددا آخر من تلك التوابع والتجمعات ظهرت في الأفق، التي تفرض علينا توصيل المرافق، وعقب توصيل المرافق لم تنته مشكلة تواجد هذه التجمعات لأنها تظهر متلاصقة بدون تخطيط للشوارع بشكل مدروس، وفي حالة ترك هذه الكتل دون تدخل من الحكومة وبمرور الوقت ستتآكل الأراضي الزراعية المحصورة بين هذه الكتل وتنضم للتجمعات غير المخططة.

وتابع: نحتاج لإقامة روافع لرفع منسوب مياه نتيجة عدم استواء سطح الأراضي على مستوى واحد، لافتا إلى أن إقامة رافع واحد يحتاج إلى ما يقرب من نصف فدان، الأمر الذي يمثل استقطاعا آخر من الأراضي الزراعية، ناهيك عن الحاجة لإنشاء مدارس لخدمة أبناء سكان هذه الكتلة المخالفة من الأساس.