TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

بعد إغلاق البورصة.. مثلث الرعب في زيمبابوي يكتمل

بعد إغلاق البورصة.. مثلث الرعب في زيمبابوي يكتمل

مباشر - سالي إسماعيل: عندما قامت زيمبابوي بتعليق التداولات على البورصة في الأسبوع الماضي، فإن "جيمس هوف" تم حرمانه من صلاحية الوصول إلى الأموال التي يحتاجها لإدارة أعماله.

وشأنه في ذلك شأن العديد من الأثرياء الزيمبابويين يستثمر "هوف" في سوق الأسهم المحلية، وفقاً لتقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية لثلاثة من الاقتصاديين وهم "أنطوني سوغازين" و"بريان لاثام" و"راي ندلوفو".

ولا يُقبل المستثمرين على هذا الأمر بدافع القيمة التي يرونها في الشركات التي يتم التداول على أسهمها، ولكن كتحوط ضد أسعار المستهلكين الآخذة في الارتفاع: وبينما يحوم معدل التضخم السنوي عند 786 بالمائة، فإن المؤشر الصناعي في بورصة زيمبابوي ارتفع بنحو 7 أمثال هذا العام.

وقامت السلطات في زيمبابوي بتعليق التداولات، حيث إن المضاربة واستخدام أسهم التداول المزدوج كمؤشر على سعر الصرف في المستقبل يعملان على تقويض عملة البلاد، على حد مبرراتهم.

ويقول هوف، البالغ من العمر 48 عاماً، وهو تاجر عقارات في مكالمة عبر الهاتف من العاصمة هراري مع الوكالة الأمريكية: "تم حظري ولست متأكداً من مدى قانونية ذلك، لقد قيدوا المال الذي أحتاجه حقاً الآن، كيف يمكنهم القيام بذلك؟".

ويعتبر إغلاق البورصة وتعليق المعاملات النقدية الضخمة عبر الهاتف المحمول، بأمر من قادة الأمن في البلاد، بمثابة الإجراء الأخير الذي يسلب المستثمرين في زيمبابوي، المحليين والأجانب على حد سواء، من اليقين اللازم لاتخاذ قرارات.

ومنذ عام 2000، عندما بدأت الحكومة تشجيع الاستيلاء العنيف على المزارع التجارية المملوكة للبيض، واجه المستثمرين المصادرات المفاجئة للأصول وموجات من التضخم الجامح.

كما عانوا كذلك من النظام الفوضوي للعملة، والذي شهد بدوره إلغاء العملة المحلية، وإعادتها مجدداً بعد عقد من الزمن وتحويلات بين عشية وضحاها لحيازات الدولار الأمريكي في البنوك المحلية إلى دولارات زيمبابوية.

وطوال تلك الفترة، وفي الواقع منذ الاستقلال في عام 1980، كانت البلاد خاضعة لحكم "الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي - الجبهة الوطنية"، وهو حزب سياسي في زيمبابوي.

وبالنسبة إلى سوق الأوراق المالية، والتي كانت على النقيض للاقتصاد تشهد في كثير من الأحيان قفزات مفاجئة، فقد اعتبرت كمخزن للقيمة، لكن هذا الأمر انتهى كذلك الآن.

وتقول "تارا أوكونور" المديرة التنفيذية لشركة "أفريكا ريسك" للاستشارات والتي تتخذ من لندن مقراً لها، إن هناك إشارة واضحة على أن اقتصاد زيمبابوي ليس طبيعياً.

وتضيف أن بورصة زيمبايوي كانت الواجهة الأخيرة لأيّ نشاط اقتصادي عادي، لكن بإغلاقها فإن "الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي - الجبهة الوطنية" أغلق زيمبابوي.

ومن المرجح أن يؤدي إغلاق البورصة إلى زيادة تعقيد مساعي إدارة زيمبابوي لإخراج الاقتصاد من الركود المستمر منذ عقدين.

"لا داعي للذعر"

"لا ينبغي أن يشعر المستثمرين بالذعر".. هكذا يقول المتحدث باسم وزاة الخزانة الزيمبابوية "كلايف مفامبيلا"، مع الإشارة إلى أن سوق الأسهم سيتم إعادة فتحها بالتأكيد.

ويقول الرئيس التنفيذي للبورصة في زيمبابوي "جوستين بوني" إنه يعمل على إنهاء عملية التعليق لسوق الأسهم بأسرع ما يمكن.

ومع تراجع شعبيته، شجع الرئيس السابق لزيمبابوي "روبرت موغابي" في عام 2000 مزارعي الكفاف (أو الزراعة التي تعتمد الاكتفاء الذاتي ويتم خلالها التركيز على زراعة الأطعمة التي تكفي لإطعام أنفسهم وعائلاتهم) على اجتياح المزارع التجارية التي أنتجت معظم صادرات البلاد في شكل التبغ والأزهار والفلفل الأحمر.

وتبع ذلك دوامة هبوطية من الناحية الاقتصادية والسياسية.

كما تسببت ندرة العملات الأجنبية في تأثيرات سلبية على صناعات التعدين والتصنيع في زيمبابوي، حيث كافحت الشركات لشراء المدخلات وقطع الغيار.

وبدأ البنك المركزي في البلاد في طباعة أوراق بنكنوت إضافية لتغطية النفقات الحكومية، وتراجعت قيمة العملة الأمر الذي أدى إلى تضخم بلغ 500 مليار بالمائة في عام 2008 وإلغاء عملة الدولار الزيمبابوي في عام 2009.

السكان الأشد احتياجاً

مع زيادة نسبة السكان الأشد احتياجاً والتي تدعم المعارضة، ظل موغابي في السلطة عبر سلسلة من الانتخابات التي شابها العنف والمخالفات.

وبينما تم عزله من قبل الجيش في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، فشل الرئيس الذي حل محله "إمرسون منانغاغوا" في الوفاء بتعهداته بشأن إنعاش الاقتصاد.

ورفضت جهات الإقراض متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي تقديم المزيد من الأموال إلى زيمبابوي حتى تقوم البلاد بسداد متأخرات بقيمة 8 مليارات دولار من الديون الخارجية وتنفذ الإصلاحات السياسية الموعودة.

ويعتبر نقص المواد الغذائية والوقود بمثابة أمر شائع في البلاد، كما يأخذ موظفو الخدمة المدنية عشر مكاسبهم المستحقة قبل عامين، فضلاً عن أن العديد من الزيمبابويين يعتمدون على التحويلات من الأقارب الذين تركوا البلاد.

ويرى المتحدث باسم الحكومة الزيمبابوية "نيك مانجوانا" أنهم يعتزمون التحرك بسرعة في برنامجهم الإصلاحي.

ويضيف: "لكن علينا أن نواجه حقيقة أن الإصلاحات الهيكلية والثقافية ليست حدثاً يتم بين عشية وضحاها، هناك دائما تحديات غير متوقعة تبطئ العملية".

وتتداول العملة المحلية، والتي يتم ربطها مع الدولار الأمريكي بالتساوٍ في فبراير/شباط عام 2019، في التعاملات الرسمية عند 64 لكل دولار أمريكي، لكن سعر الصرف في السوق السوداء يتجاوز 100 دولار زيمبابوي.

ويُلقي الزيمبابويين باللوم بشدة على عاتق الحكومة.

ويقول الخبير الاقتصادي المستقل في هراري "جون روبرتسون": لقد استولوا على المزارع ثم نهبوا الحسابات المصرفية ثم طلبوا من عمال مناجم البلاتنيوم التنازل عن نصف مستحقاتهم.

ويضيف: "ما تقوله الحكومة الزيمبابوية هو إنهم يملكون كل شيء ويمكنهم الاستيلاء عليه".