TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

الجنون يسود الأسواق العالمية مع حلم "توقيت الفقاعة"

الجنون يسود الأسواق العالمية مع حلم "توقيت الفقاعة"

مباشر - سالي إسماعيل: "كيفية توقيت الفقاعة"، هذه هي القضية المثارة في الوقت الحالي وسط احتمالية أن يكون من الصعب تفادي جنون الاستثمار.

و"توقيت التعامل مع الفقاعة المالية" أو ما يعني محاولة توقع وقت انفجارها واستغلال صعود الأصول قبله يعتبر بمثابة أمر خطير ومستحيل، لكنه مربح للغاية إذا فعلته بشكل صحيح، وفقاً لتحليل نشره موقع "بلومبرج أوبينون" للكاتب "جون أوثرز".

ورغم أنها فكرة نادراً ما تكون جيدة، لكن بالنسبة للكثيرين في صناعة إدارة الأموال المحترفة قد لا يكون هناك بديلاً عنها في الوقت الحالي.

ويوجد الكثير من الاختلافات بين الوضع الحالي وبين الفقاعة الكبرى التي انفجرت في عام 2000.

ولعل الأمر الأكثر أهمية يكمن في أنه لا يزال هناك دفعة من السيولة في الوقت الحالي، بينما في عام 2000 كان بنك الاحتياطي الفيدرالي يسحب السيولة بعد أن تمكنت أنظمة الحاسوب في العالم من حل مشكلة "واي تو كيه" (أو مشكلة عام 2000 لاختصار طريقة تخزين أرقام السنة المكونة من 4 أرقام إلى رقمين فقط لتقليل الذاكرة المستهلكة) بنجاح.

وهناك كذلك مخاطر أكثر وضوحاً الآن مما كانت عليه آنذاك، حيث إن العالم مكان أكثر خطورة مما كان عليه قبل 20 عاماً، كما لا تزال المخاطر الناجمة عن وباء "كوفيد-19" تميل صوب الجانب السلبي.

في حين أن وجه التشابه مع عام 2000 يتجسد عبر الارتفاع الحاد في أسهم شركات التكنولوجيا، مصحوباً بأدلة واضحة على الجنون المطلق عبر الشراء بالهامش.

وقبل 20 عاماً قام المستثمرون بشراء أسهم الشركات التي لم تحقق عوائد حتى الآن، ناهيك عن الأرباح، لكنهم الآن على استعداد لتسليم الأموال مباشرة إلى شركات مفلسة، في ظل اليقين الفعلي بأن أموالهم سيتم دفعها على الفور إلى الدائنين.

وكما هو الحال الآن، لم تعد مقاييس التقييم التقليدية تُشكل أيّ أهمية.

وإذا كانت أسهم التكنولوجيا تتأثر وتهتم بالتقييمات لكان من المفترض أن تباع قبل فترة طويلة، فضلاً عن أنه مثل عام 2000 بشكل غريب، هناك مجالات كبيرة من السوق لا تتأثر بحالة الهوس.

وفي الحالات المفرطة، يمكن أن تصبح الفقاعة دائماً أكثر تكلفة، كما أن المقاييس الهامة التي يجب مراقبتها هي مؤشرات فنية تتعلق بالتحرك في السوق نفسه.

وفي الفقاعة، أنت لا تستثمر في شركة لكنك تراهن على السلوك الجماعي للمستثمرين الآخرين.

ويتضح هذا السلوك في نماذج الرسوم البيانية وليس في الميزانيات العمومية والتقييمات.

وتبدو بعض الفقاعات الأكثر شهرة في التاريخ متشابهة بشكل يثير الدهشة.

ونرصد فيما يلي أكبر فقاعتين في سوق الأسهم: أسهم شركات التكنولوجيا في بورصة ناسداك والتي وصلت إلى ذروة في مارس/آذار عام 2000، وفي مؤشر شنغهاي المركب من "الفئة إيه" وبلغت قمة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2007.

ويوضح الرسم البياني التالي هذا الوضع، بحيث يصل كلا السوقين إلى ذروة عند 100 نقطة، كما أن أوجه التشابه وخاصة مع انفجار الفقاعات، متقاربة بشكل استثنائي.

ذروة أسهم التكنولوجيا في مؤشري ناسداك وشنغهاي - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وفي الحالتين، ارتفعت الأسهم لتبلغ ذروة ثم تراجعت قبل أن ترتفع مجدداً لتقترب  من الذروة مجدداً لكنها تفشل في الوصول لنفس القمة لتنهار بعد ذلك بطريقة أسطورية.

والآن، لننظر إلى الصعود الأخير في مؤشر ناسداك قبل 20 عاماً مقارنة مع الوضع في العام الحالي.

وتتماشى القمة المسجلة في 10 يونيو/حزيران الجاري مع قمة عام 2000، ومن الواضح أن السؤال الحاسم هو ما إذا كانت هذا الذروة ستكون تلك التي يعقبها انهيار حاد.

لكن مرة أخرى، فإن أوجه التشابه ليست خيالية بشكل تام.

مؤشر ناسداك في عام 2000 وهذا العام - (المصدر: وكالة بلومبرج)

إذن؛، هل رأينا القمة؟ يقول الكاتب إن ليس لديه أيّ فكرة، لكن يمكن النظر إلى النهج الذي اقترحه المؤسس المشارك في جافيكال إيكونوميسك "أناتول كاليتسكي".

ورسم "كاليتسكي" العديد من أوجه الشبه بين الحالتين، ثم أظهر أنه في ذاك الوقت تأثر المستثمرون إلى حد كبير بكيفية أداء السوق مقارنة بحالات الذروة السابقة.

لكن إذا تم تجاوز القمة السابقة، فيمكن النظر في ذلك باعتباره إشارة على الشراء، وهذا هو ما حدث في خريف عام 1999، ما أدى لزيادة قوية في المضاربات.

ومع فشل أسهم التكنولوجيا في تحقيق المزيد من الصعود، لتُشكل "القمة المزدوجة" التي شهدناها في مارس/آذار عام 2000، فقد انهارت.

وحدث هذا مرة أخرى في وقت لاحق من ذاك العام، كما هو واضح في الرسم البياني الأول.

ومجدداً، أدى الفشل في تجاوز الذروة السابقة إلى موجات بيعية ضخمة، وتبدو النتائج المحتملة مزدوجة.

وفيما يلي الاستنتاج الذي توصل له "كاليتسكي"، وهو ما أؤيده بالكامل، كما يقول الكاتب: في يوم الأربعاء الماضي، تجاوز مؤشر ناسداك أعلى مستوياته قبل تفشي وباء كورونا والبالغة 9817 نقطة في 19 فبراير/شباط، لكنه تراجع بشكل حاد بعد ذلك.

وإذا تعافى مؤشر ناسداك الآن أعلى مستويات الأسبوع الماضي البالغة 10 آلاف نقطة تقريباً، يشير التاريخ إلى أنه سيتم استئناف السوق الصاعدة، كما أن العديد من الشركات عديمة القيمة سوف ترتفع لمستويات لا يمكن تصورها.

ومن ناحية أخرى، إذا اتضح أن الجنون في ناسداك يشير إلى قمة مزدوجة، فقد تنهار فقاعة الأسهم في فترة ما بعد الوباء بسرعة كبيرة، وقد يكون الحدث الكبير التالي للمستثمرين هو اختبار المستويات المتدنية المسجلة في مارس/آذار الماضي.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟، ليس لدى الكاتب أيّ فكرة، لكن من المؤكد للغاية أن سيكولوجية السوق بدلاً من السياسة النقدية أو البيانات الاقتصادية ستحدد الإجابة.

وفي نهاية المطاف، عندما نتحوط فإننا نقوم بذلك ضد احتمال أننا مخطئون.

وإذا كنا أذكياء جداً، فسوف نحتاج إلى ذلك التحوط في أقل من نصف الأوقات تقريباً، أما إذا كنا نعتقد بالخطأً أنه لا توجد فقاعة، فلحسن الحظ أن التحوط ضد خطر أننا مخطئون ليس مكلف للغاية.

ويتوافد المستثمرين الأفراد إلى السوق في الوقت الحاضر على الأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة، حتى لو كانت تبدو مفزعة.

وتعتبر هذه الشركات صغيرة وتفتقر للسيولة لدرجة أنه تم بيعها، لذلك هناك الكثير من الأخبار السيئة التي تؤثر على سعر السهم بالفعل.

(لا يزال هذا لا يمنحك الكثير من الحماية على الجانب السلبي، حيث يمكن للعديد من الشركات أن تنهار بسهولة، ولكنها على الأقل قد تساعد على التعامل مع التناقض لشراء أسهم الشركات السيئة للغاية أثناء فقاعة).

وفي حال كان لا يزال أمام الفقاعة عدة أشهر قبل الانهيار، فقد ترتفع هذه الأسهم كثيراً وهو ما يعني أنه ليس هناك حاجة لحيازة حصة كبيرة للغاية في الشركات ذات القيمة لسوقية الصغيرة من أجل حماية بقية محفظتك الاستثمارية.

وإذا حقق مؤشر ناسداك صعوداً آخر في الأيام القليلة المقبلة، وتفادى تكرار سيناريو "القمة المزدوجة" لعام 2000، فربما يكون من المنطقي الإقبال على أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة (وكن مستعداً للبيع عندما تظهر قمة مزدوجة).

لكن حال صمود هذه القمة، فلن يكون الحكمة بيع الكثير من الأسهم.

ومن الممكن أن تكون محقاً، ومن الممكن أكون مجنوناً، ولكن قد يكون الجنون هو الذي يدفع الأسعار في الوقت الحالي، وبالتالي من المفيد أن تتوخى الحذر.