TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

ماذا تعلمنا من الاجتماع الأخير للفيدرالي؟

ماذا تعلمنا من الاجتماع الأخير للفيدرالي؟

مباشر - سالي إسماعيل: تزاحمت القرارات والتوقعات والتصريحات في أعقاب اجتماع السياسة النقدية الأخير لبنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن ماذا تعلمنا من هذا الاجتماع؟

انتهى اجتماع مسؤولي السياسة النقدية في الفيدرالي، والذي عقد لمدة يومين متتاليين، إلى تثبيت الفائدة عند مستوى قياسي متدن يتراوح بين صفر إلى 0.25 بالمائة مع التأكيد على شراء كميات غير محدودة من الأصول لدعم الاقتصاد والأسواق.

ورغم أن الاحتياطي الفيدرالي ترك سياسته النقدية دون تغيير، لكنه حذر من المخاطر السلبية الرئيسية على النمو الاقتصادي، وهو ما انعكس على الأسواق المالية الخطرة والآمنة على حد سواء.

لكن صاحب قرار السياسة النقدية الإفصاح عن أول توقعات مستقبلية من جانب البنك المركزي بشأن أكبر اقتصاد حول العالم، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، أيّ قبل تفشي وباء كورونا.

ويعتقد الفيدرالي أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سوف يواجه انكماشاً بنحو 6.5 بالمائة في العام الجاري قبل أن يتمكن من النمو الاقتصادي في العامين القادمين.

ويؤكد المركزي الأمريكي على المخاطر الكبيرة أمام التوقعات الاقتصادية، وهو ما يرجع بشكل واضح وأساسي إلى أن الوباء، الذي أصاب نحو مليوني أمريكي، سيؤثر بشدة في هذا الشأن.

وأعقب القرار المتوقع على نطاق واسع والتوقعات التي يخيّم عليها النظرة المتشائمة، تصريحات من جانب رئيس أكبر بنك مركزي حول العالم "جيروم باول".

وفي حين أكد "باول" أن الفيدرالي لا يفكر في زيادة معدلات الفائدة عن نطاقها الحالي حتى عام 2022، لكنه يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي أمامه طريقاً طويلاً للتعافي مع الإشارة إلى أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة.

ويظهر منحنى "دوت بلوت" أن متوسط التوقعات تستبعد زيادة معدلات الفائدة قبل حلول نهاية عام 2022 مع تطلع اثنين من بين 17 عضواً في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لزيادة معدلات الفائدة في عام 2022.

ويعني ذلك أن مسؤولي السياسة النقدية يعتزمون الإبقاء على سياسة فضفاضة للغاية في غضون العامين القادمين على الأقل، حتى التأكد من أن الاقتصاد يشهد حالة تحسن.

بيد أنه لم يتوقع أحد من مسؤولي السياسة في الفيدرالي تحول معدلات الفائدة الأمريكية إلى النطاق السالب.

ويرى بنك "آي.إن.جي" الهولندي احتمالات قليلة لتحرك الفيدرالي نحو تشديد سياسته النقدية في أيّ وقت قريب، لكنه بدلاً من ذلك يرى فرصاً أكبر لمزيد من التحفيز.

وينبع اعتقاد المجموعة الهولندية من أن الحذر يعتبر بمثابة مسألة مبررة في الوقت الراهن بسبب عدة أمور، يأتي في مقدمتها أن المسار الذي قد يتخذه فيروس "كوفيد-19" لا يزال مجهولاً خاصةً في ظل إشارات تزايد حالات انتقال العدوى مجدداً في الاقتصادات التي أعيد فتحها في وقت مبكر مقابل تلك التي ظلت قابعة تحت قيود الإغلاق.

كما تشير إلى أن تدابير التباعد الاجتماعي بشكل عام وحذر المستهلكين مع قيود السفر، جميعها أمور تحول دون العودة للوضع الاقتصادي الطبيعي في فترة ما قبل تشي الوباء.

وعلى صعيد آخر، ساهمت تعليقات "باول" في ضرب آمال المستثمرين - بشأن حدوث تعافي للاقتصاد الأمريكي على شكل حرف V - بعرض الحائط، كما يوضح المستشار الاقتصادي في شركة أليانز العالمية "محمد العريان" خلال تحليل نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون".

ويقول العريان إن الفيدرالي من خلال تحديث توقعات النمو والبطالة أحبط فكرة أن تقرير الوظائف الشهري يشير إلى تعافٍ حاد وسريع للنشاط الاقتصادي.

وفي المؤتمر الصحفي بالأمس، ذكر "جيروم باول" أن مفاجأة تقرير الوظائف عن شهر مايو/آيار الماضي، والتي تكشف عن أكبر معدل إضافة وظائف على الإطلاق، تظهر مدى عدم اليقين حيال المستقبل، مشيراً إلى أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون حاسمة.

ويوضح العريان أن البنك المركزي - من خلال تمديد توقيت ونطاق إشارات السياسة النقدية بشكل ملحوظ - عزز افتراض السوق العميق بأن المستثمرين سيتمتعون بحماية جيدة إذا ظلوا تحت مظلة سياسة الفيدرالي.

وتابع: "ومع ذلك، ترك الفيدرالي الباب مفتوحاً أمام سؤالين هامين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي والعالمي: كيف يتم حماية الأصول المالية ضمن سياسة الفيدرالي؟، وماذا يعني الفصل الملحوظ بين أسعار الأصول والاقتصاد الحقيقي على المدى الطويل؟".

وذكر المستشار الاقتصادي في أليانز خلال التحليل أن "باول" تجنب التطرق إلى المخاوف طويلة الأجل بشأن الفصل الواضح بين الأسواق وبين الأفراد والشركات الذين يمثلون الاقتصاد الحقيقي.

وتابع: "لقد برزت هذه المخاوف في الصدارة بسرعة أكبر مما كانت عليه خلال الأزمة المالية العالمية، وهذا أمر مفهوم بالنظر إلى الانزعاج المتراكم بشأن تفاقم عدم المساواة في الدخل والثروة والفرص".

وتوصل العريان إلى أن الرسالة الأساسية والأكثر أهمية التي كشف عنها اجتماع الفيدرالي يوم الأربعاء، والتي تتمثل في أهمية تبني نهج سياسي شامل يتعامل على نحو أكثر فعالية مع الإنتاجية والتوظيف وعدم المساواة والاستقرار المالي الحقيقي، قد تسمح كذلك بحل التناقضات المتأصلة والأسئلة التي لم يتم الرد عليها على نحو مرضي ومنظم.

وأضاف أنه لذلك سيتعين على الفيدرالي تسليم قيادته السياسية إلى صانعي السياسات الآخرين الذين لديهم أدوات مناسبة بشكل أفضل لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع وشامل مع استقرار مالي حقيقي ومستدام.

ويؤكد الاقتصادي في وكالة بلومبرج "جون أوثرز" أن رئيس الفيدرالي "باول" أوضح بشكل صريح أن دعم الاقتصاد الحقيقي يتجاوز المخاوف بشأن تضخم أسعار الأصول.

وكان "باول" قد تعرض خلال المؤتمر الصحفي إلى سؤال: ما إذا كان هناك فقاعة محتملة لأسعار الأصول تتشكل؟

وجاءت إجابة رئيس المركزي الأمريكي على النحو التالي: "ينصب تركيزنا الأساسي على حالة الاقتصاد وعلى سوق العمل وعلى التضخم، وبالطبع معدل التضخم يقف حالياً عند مستويات منخفضة، ونعتقد أنه من المرجح للغاية أن يظل منخفضاً لبعض الوقت دون هدفنا، وحقاً يتعلق الأمر بتحسين سوق العمل وهذا هو تركيزنا الرئيسي، رغم ما يتردد بأن أسعار الأصول مرتفعة للغاية".

وكرر رئيس البنك المركزي تأكيده على أن الاحتياطي الفيدرالي سيركز على أهدافه بشأن الاقتصاد الحقيقي، مع الإشارة لاهتمامه بالاستقرار المالي وسط الإشادة بقوة النظام المصرفي.

ويوضح "أوثرز" أنه مع اعتماد الاقتصاد الآن بدرجة كبيرة على ارتفاع أسعار الأصول وقدرة المقترضين على تمديد كميات ضخمة من ديون الرافعة المالية، فإن "جيروم باول" كان يتنصل فعلياً من العمل بشكل استباقي للتخلص من الفقاعات عندما تتكون.