TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

هل يصبح تحالف "أوبك+" ضحية نجاحه الخاص؟

هل يصبح تحالف "أوبك+" ضحية نجاحه الخاص؟

مباشر - سالي إسماعيل: مع التعافي السريع في أسعار النفط، فإن خفض إمدادات الخام الذي ينفذه تحالف "أوبك+" يؤدي وظيفته بلا شك.

لكن هذا الاتفاق بشأن خفض الإنتاج النفطي من المقرر أن يخضع للمراجعة، ربما في الأسبوع الجاري، كما أن مجموعة الدول المنتجة للنفط تحتاج للتأكد من أن الانقسامات بين القادة الفعليون مثل السعودية وروسيا لا تطفو على السطح مرة أخرى، وفقاً لتحليل نشره موقع "بلومبرج أوبينيون" للكاتب "جوليان لي".

والجميع يعلم ما حدث في المرة الماضية عندما فشلت منظمة الدول المصدرة للنفط ومنتجي الخام الحلفاء من خارج أوبك بقيادة روسيا، في الاتفاق على سبل المضي قدماً.

وفي الوقت الراهن، فإن نتائج التعاون تقريباً جيدة للغاية، حيث إنه في الشهر الأول من التنفيذ، كان مستوى الامتثال المحقق من غالبية الـ20 دولة التي وقعت على هذا الاتفاق، جيداً بشكل مذهل.

ومن المحتمل أن يكون ذلك بمثابة إشارة على اليأس بعد انخفاض أسعار الخام دون الصفر أو انعكاس لمعاناة بيع الشحنات في عالم يشهد حالة من الانهيار في الطلب.

وربما بشكل غير مفاجئ، أن الدول غير المشاركة في الصفقة لعبت دورها كذلك، حيث قادت العوامل الاقتصادية شركات النفط لخفض إنتاجها، لكن تمديد مثل هذه الخطوات قد يكون أمر مدهش حقاً.

وأظهرت البيانات الأسبوعية أن الإنتاج الأمريكي للخام انخفض بنحو 1.6 مليون برميل يومياً أو 12 بالمائة في غضون شهرين.

ومن المحتمل أن يكون الهبوط الحقيقي أكبر، حيث أن إدارة معلومات الطاقة لا يمكنها رصد تقديرات توازن العرض والطلب إلا من خلال عامل تعديل يبلغ سالب 999 ألف برميل يومياً (ما يشبه هامش الخطأ في التقديرات)

ويعتبر هذا الرقم هو التعديل المحتمل السالب الأكبر على الإطلاق، كما أنه يكاد يكون من المؤكد أن جزء منه يمثل مبالغة في الإنتاج.

وفي كندا، تراجع الإنتاج النفطي في مقاطعة ألبرتا بنحو 25 بالمائة أو ما يعادل مليون برميل يومياً.

انخفاض إنتاج النفط الأمريكي - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وبكل تأكيد، تتحرك الأمور في الاتجاه الصحيح، لكن السؤال يتمثل في كيف ينبغي أن يستجيب المنتجين؟

ويرى مكتب وزير الطاقة الروسي في موسكو "ألكسندر نوفاك" أن كل هذه التخفيضات في الإنتاج جنباً إلى جنب مع الطلب الصيني على النفط الآخذ في التعافي من شأنهما دفع الطلب والمعروض العالمي للعودة إلى مسار التوازن في يونيو/حزيران أو يوليو/تموز.

وربما يخفي ذلك التفاصيل بسرعة أكبر قليلاً، فمن المبكر للغاية حقاً بالنسبة للمنتجين للشعور بالراحة، حيث إن الطلب على النفط في الولايات المتحدة أو أوروبا أو في الغالبية العظمى من آسيا بعيداً عن الصين، لم ينتعش بعد.

ويقف استهلاك الوقود في الهند عند حوالي 40 بالمائة أقل من مستويات العام الماضي، في حين أن الهبوط المفاجئ الثاني في الولايات المتحدة في الطلب خلال بيانات الأسبوع الماضي تعني أنه أقل بنحو 25 بالمائة عند المقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

انخفاض الطلب على النفط في الولايات المتحدة - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وينبغي أن يأخذ المنتجين ذلك في اعتبارهم، في الوقت الذين يستعدون فيه للاجتماع مجدداً من أجل تقييم فعالية اتفاق الإنتاج وبهدف تأكيد خطواتهم المقبلة.

وفي الأساس، كان من المخطط أن يحدث اجتماعهم الافتراضي يومي 9 و10 يونيو/حزيران الجاري، لكن قد يتم تقديم موعده واختزاله في اجتماع لمدة يوم واحد وهو 4 يونيو/حزيران.

ويوجد لديهم الكثير من الأمور للاحتفال بها ليس أقلها التعافي في أسعار النفط.

تعافي جزئي في أسعار خام برنت - (المصدر: وكالة بلومبرج)

لكن المنتجين بحاجة إلى توخي الحذر، حيث إن مسألة البدء في زيادة الإنتاج أمر مغرٍ للغاية، لكن لا ينبغي التعامل مع التعافي في أسعار النفط على أنه بمثابة حجة لزيادة الإمدادات النفطية، وخاصةً أن الأسعار مدعومة من خلال الجهود الخارجية من جانب بعض أعضاء التحالف.

وقررت السعودية وجيرانها في وقت سابق من الشهر الماضي إجراء تخفيضات إضافية في الإنتاج خلال شهر يونيو/حزيران، تتجاوز بالفعل تلك المتفق عليها.

ومن شأن ذلك أن يساهم في خفض إضافي قدره 1.2 مليون برميل يومياً، ما يدفع إنتاج السعودية النفطي للهبوط إلى 7.5 مليون برميل يومياً الشهر الجاري، وهو مستوى غير مسبوق في نحو 20 عاماً، إلا في أعقاب الهجمات على مصانع معالجة النفط السعودية خلال العام الماضي.

ومع ذلك، يُبدي البعض في تحالف "أوبك+"، وأبرزهم روسيا، رغبة شديدة في الالتزام بالصفقة التي وافقوا عليها في أبريل/نيسان الماضي والبدء في إعادة ضخ الإمدادات في بداية شهر يوليو/تموز القادم.

وتكمن الصعوبة التي تواجه "أوبك+" في أن لها كل الحق في القيام بذلك، حيث إن صفقتهم التي تم التوصل لها بصعوبة تحتوي على شروط تسمح للمشاركين بالبدء في تخفيف القيود في يوليو/تموز.

وإذا فعلوا ذلك، من شأن ذلك أن يؤدي إلى عودة سريعة لما يتراوح بين مليونين إلى 4 ملايين برميل يومياً من إمدادات النفط.

ومن حسن الحظ، يبدو المشاركون الآخرون أكثر حذراً وربما يكون من بينهم السعودية والكويت والإمارات.

وكانت أحد الأفكار التي تم طرحها هي مراجعة اتفاقية أبريل/نيسان وتمديد أهداف الإنتاج المتبعة في شهري مايو/آيار ويونيو/حزيران حتى نهاية العام، لكن هذا الاقتراح لم يحظى بتأييد موسكو.

في حين يشير اقتراح آخر إلى تمديد الصفقة لفترة أقصر تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر ومن ثم مراجعة التقدم الذي يتم إحرازه مرة أخرى.

ويبدو أن السعودية وروسيا - أكبر الدول المنتجة للمجموعة بهامش كبير - تحاولان تجنب خوض صراعاً آخر.

وفي هذه الجولة المقبلة، اتفقت الدولتان على التنسيق الوثيق خلال مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الأسبوع الماضي.

وكان الرئيسيان قد عقدا محادثات مماثلة قبل اجتماعات "أوبك+" السابقة.

ومع هذا، لم يمر وقت طويل على رفض موسكو قبول تخفيضات أكبر في الإنتاج النفطي الذي دفعت نحوه الرياض وأدى إلى انهيار المحادثات تماماً وأثار معركة حصة السوق التي شهدت تعزيز السعودية لإنتاجها أعلى 12 مليون برميل يومياً.

والجميع يعلم كيف انتهى ذلك، مع اقتراب الطاقة التخزينية من الامتلاء وتهاوي أسعار النفط لأدنى مستوى في نحو 20 عاماً.

وبعد صفقة أبريل/نيسان التي تم تحقيقها بشق الأنفس، يعود الأمر إلى تحالف "أوبك+" للتأكد من أنها لم تحقق نجاحاً قصير الآجل الآن مع تراجع التهديد الوشيك المتمثل في انهيار أسعار النفط.