TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

الاقتصاد الأمريكي يبدأ منحدر الهبوط الكارثي

الاقتصاد الأمريكي يبدأ منحدر الهبوط الكارثي

مباشر - سالي إسماعيل: بعد أداء قوي في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، فإن مزيجاً من تدابير احتواء وباء "كوفيد-19" ومخاوف المستهلكين سببت انهيارا للنشاط الاقتصادي الأمريكي في مارس/آذار الماضي.

ومع احتمالية استمرار عمليات الإغلاق إلى حد كبير حتى منتصف مايو/آيار إضافة لاستمرار تدابير التباعد الاجتماعي لما بعد ذلك، يتوقع بنك الاستثمار "آي.إن.جي" خلال تقرير لكبير الاقتصاديين الدوليين في نيويورك "جيمس نايتلي" انكماش اقتصاد الولايات المتحدة بوتيرة سنوية 40 بالمائة في الربع الثاني من هذا العام.

الضغط على المكابح

في بداية العام كان الاقتصاد الأمريكي في حالة جديدة، حيث إنه تم التخلص من حالة عدم اليقين النابعة من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين عبر الاتفاق الموقع بين الرئيس دونالد ترامب ونظيره شي جين بينغ.

في حين أن معدل البطالة الأدنى في أكثر من 50 عاماً بدا وكأنه سيعزز إنفاق المستهلكين بقوة.

وفي واقع الأمر، يشير نموذج الناتج المحلي الإجمالي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية أتلانتا، استناداً إلى البيانات الصادرة عن شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، إلى أن الولايات المتحدة كانت تسير على الطريق الصحيح نحو تسجيل نمواً بوتيرة سنوية تبلغ 4 بالمائة في الربع الأول.

لكن عوضاً عن ذلك، فإن تقرير الناتج المحلي الإجمالي الصادر مؤخراً يؤكد أن عمليات الإغلاق المنفذة في منتصف مارس/آذار والتي أغلقت الشركات وأدت حتى الآن لفقدان نحو 30 مليون أمريكي وظائفهم، تسببت في انهيار النشاط الاقتصادي في الأسابيع القليلة الأخيرة من شهر مارس/آذار الماضي.

ويُعتبر انكماش الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بمعدل سنوي بلغ 4.8 بالمائة في أول ثلاثة أشهر من 2020 هي القراءة الأسوأ منذ عمق الأزمة المالية في الربع الرابع من عام 2008 (عندما انكمش الاقتصاد حينذاك بوتيرة سنوية 8.4 بالمائة).

وتظهر التفاصيل أن استهلاك الأسر كان الحلقة الأضعف في البيانات، حيث انخفض بمعدل سنوي 7.6 بالمائة خلال الربع الأول.

وشهدنا بالفعل انخفاض مبيعات التجزئة بنحو 8.7 بالمائة في مارس/آذار الماضي على أساس شهري، مع مزيد من الهبوط في الإنفاق على الفنادق والسفر.

كما تراجع استثمار الشركات (انخفضت الاستثمارات الثابتة الخارجية بنحو 8.4 بالمائة)، رغم أنه في العادة يكون هناك فترات زمنية طويلة بين اتخاذ القرار وبين تأثر حجم الاستثمارات فعلياً.

وتراجعت المخزونات ما أدى لخفض نصف نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

ورغم ذلك كان هناك بعض النقاط الإيجابية، حيث ارتفعت الاستثمارات المحلية بنحو 21 بالمائة في حين أضاف صافي التجارة الخارجية فعلياً 1.3 نقطة مئوية كاملة إلى النمو، حيث انخفضت الواردات بدرجة أكبر من الصادرات.

لكن هذه المساهمات الإيجابية القوية لن تتكرر خلال الربع الثاني من هذا العام.

ومع تقريب الأرقام، فإن الإنفاق الحكومي ارتفع بوتيرة سنوية بلغت 0.7 بالمائة في أول 3 أشهر من العام الجاري.

العوامل المؤثرة في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة - (المصدر: مجموعة "آي.إن.جي")

انكماش الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني بوتيرة سنوية 40%

في حين أن قراءة الربع الأول كانت سيئة، إلا أن تقرير الربع الثاني سيكون أسوأ بكثير.

ونتوقع - مجموعة "آي.إن.جي" - انكماش بوتيرة سنوية 40 بالمائة خلال الربع الثاني (انكماش 10 بالمائة على أساس فصلي) في أعقاب تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول (4.8 بالمائة بوتيرة سنوية وتقريباً 1.2 بالمائة على أساس فصلي).

ويعني ذلك أن الاقتصاد الأمريكي سيكون أقل بنحو 13 بالمائة عن فترات الذروة.

ومن شأن هذا الأداء المتوقع أن يعادل الانكماش الذي شهدته الولايات المتحدة مع نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن هذا حدث على مدى ثلاث سنوات وليس في غضون فصلين كما يحدث الآن.

ويجب أن نتذكر أن عمليات الإغلاق دخلت حيز التنفيذ فقط في منتصف مارس/آذار، لذلك سيكون إجمالي إنفاق المستهلكين عن شهر أبريل/نيسان أكثر انخفاضاً مقارنة مع مارس/آذار.

وحتى إذا افترضنا أن الجزء الأكبر من قيود الإغلاق سيبدأً تخفيفها في منتصف شهر مايو/آيار، فإن تدابير التباعد الاجتماعي وحذر المستهلكين ونحو 30 مليون أمريكي عاطل عن العمل ستعني استمرار الإنفاق في الهبوط القوي حتى شهر يونيو/حزيران مقارنة مع مستويات يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط.

وستظل قيود السفر سارية، مما يحد من نطاق الانتعاش في شركات الطيران والفنادق وصناعات الضيافة.

في حين أن إجراءات التباعد الاجتماعي قد تجعل العديد من المطاعم والمقاهي غير قادرة على تحقيق الأرباح وتُجبر على الإغلاق.

ومع تحذير العديد من الشركات في الصناعات المختلفة من أنها ستكون بحاجة لإعادة الهيكلة، فإن ملايين الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم سيكافحون من أجل إيجاد عمل سريعاً.

وخلال الربع الثاني، سيتراجع الاستثمار وتحديداً في قطاع النفط والغاز.

وعلاوة على ذلك، مع انخفاض إنتاج المصانع بشكل حاد، ليس هناك حاجة كبيرة للاستثمار في توسيع منشآت الإنتاج، كما أن عمليات إعادة الفتح التدريجي المتوقعة في أماكن أخرى ستعيق نمو الصادرات.

مستويات الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة منذ عام 1929 - (المصدر: مجموعة "آي.إن.جي")

الطريق الطويل أمام التعافي

ولسوء الحظ، لدينا شكوك في أن الولايات المتحدة سوف تشهد تعافياً اقتصادياً على شكل حرف "V"، والذي يعني انتعاشاً سريعاً بعد الهبوط في النشاط.

وفي أفضل الأحوال، يعني الإرث الذي خلفته الأزمة وإمكانية حدوث تغييرات هيكلية على المدى الطويل حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي المفقود في الفصلين الأول والثاني لن يتم استعادته بالكامل حتى أواخر عام 2022.

كل هذا يرسم صورة قاتمة تماماً، لكن مع استمرار بنك الاحتياطي الفيدرالي والحكومة في تقديم الدعم ومع تدابير احتواء "كوفيد-19" التي من المرجح أن يتم تخفيفها أكثر في الربع الثاني من العام - خاصةً إذا كان هناك تقدماً كبيراً يتم إحرازه في جانب تطوير اللقاح - فإن الأنباء التي ستدفق بشأن الاقتصاد يجب أن تتحسن كثيراً في الفصلين الثالث والرابع.

ومن أجل ضمان استعادة الناتج المحلي الإجمالي المفقود بحلول أواخر عام 2022، ستكون هناك الحاجة إلى حوافز مالية وهو الأمر الذي يبدو مرجحاً بشدة.

بيد أن الكيفية التي سيتم بها هذا التحفيز (مزيج من الإنفاق والتخفيضات الضريبية) ستكون القضية الرئيسية في المعركة الانتخابية بين الرئيس دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي "جو بايدن".