TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

المعضلة الزائفة.. إنقاذ الأرواح أم الوظائف؟

المعضلة الزائفة.. إنقاذ الأرواح أم الوظائف؟

مباشر – أحمد شوقي: بينما يستجيب العالم لوباء كورونا، تواجه دولة تلو الأخرى الحاجة لاحتواء انتشار الفيروس وإن كان على حساب توقف حركة مجتمعها واقتصادها.

ظاهرياً، هناك مفاضلة في كيفية الاستجابة للفيروس: إما إنقاذ الأرواح أو إنقاذ سبل العيش، لكن واقعياً هذه معضلة زائفة لأن السيطرة على كورونا شرط أساسي لإنقاذ الوظائف، بحسب رؤية مديرة صندوق النقد الدولي "كريستالينا جورجيفا" ورئيس منظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم غيبرييسوس".

هذا هو ما يجمع منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي بشكل وثيق مع بعضهما البعض، حيث أن الأولى موجودة لحماية صحة الناس وهي في وضع جيد لتقديم المشورة بشأن الأولويات الصحية، في حين يتواجد صندوق النقد لحماية صحة الاقتصاد العالمي عبر تقديم المشورة بشأن الأولويات الاقتصادية والمساعدة أيضًا في توفير التمويل.

وتكمن المناشدة المشتركة بين المؤسستين وخاصة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، في الاعتراف بأن حماية الصحة العامة وإعادة الناس إلى العمل تسير جنباً إلى جنب.

وبحكم تفويضها، تقف منظمة الصحة العالمية في الخط الأمامي لهذه الأزمة، وكذلك صندوق النقد حيث أنه في وقت قصير منذ بدء انتشار "كوفيد -19" في جميع أنحاء العالم، ارتفع الطلب على تمويل صندوق النقد بشكل كبير.

ولم يحدث في 75 عامًا من تاريخ المؤسسة أن العديد من الدول - 85 حتى الآن - وجدت نفسها بحاجة إلى تمويل طارئ من صندوق النقد يتم توفيره في وقت قصير قياسي، مع الموافقة على المشاريع الأولى بالفعل وصرف الأموال لتوفير المساعدة التي تشتد الحاجة إليها لحماية الدول من الزيادة الكبيرة في الاحتياجات المالية في وقت الانخفاض المفاجئ في الأنشطة الاقتصادية والإيرادات.

ومع وصول التمويل لدعم الموازنات العامة المضغوطة بشدة إلى الدول التي تحتاج إليه، فلابد من وضع النفقات الصحية على رأس قائمة الأولويات.

هذا لأن دفع رواتب الأطباء والممرضات، ودعم المستشفيات وغرف الطوارئ، وإنشاء عيادات ميدانية مؤقتة، وشراء معدات واقية وطبية أساسية، وتنفيذ حملات توعية عامة بشأن التدابير البسيطة مثل غسل اليدين تمثل استثمارات مهمة لحماية الناس من الوباء.

في العديد من الدول تعتبر الأنظمة الصحية غير مستعدة للتعامل مع ظهور عدد كبير من إصابات كورونا، لذا من الأهمية بمكان إعطائهم دفعة لذلك.

وهذا يمكن ويجب أن يسير جنباً إلى جنب مع دعم الأولويات على مستوى الاقتصاد المطلوب للحد من البطالة، وتقليل حالات الإفلاس، ومع مرور الوقت ضمان التعافي.

ويجب أن تأتي أولويات الاقتصاد بالإضافة إلى الإنفاق الصحي – وليس بديلاً له-على أن تساهم في تقديم دعم موجه للأسر والشركات الأكثر تضرراً، بما في ذلك التحويلات النقدية، ودعم الأجور، وخفض ساعات العمل وتعزيز إعانات البطالة وشبكات الأمان الاجتماعي، والحد من ارتفاع تكاليف الاقتراض.

ندرك أن هناك صعوبة كبيرة في تحقيق التوازن الصحيح، فالنشاط الاقتصادي آخذ في الهبوط حيث تؤثر الإصابات وإجراءات مكافحة الوباء على العمال والشركات وسلاسل التوريد وفقدان الوظائف وعدم اليقين مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق، وتشديد الأوضاع المالية بشكل حاد، كما يضر انهيار أسعار النفط مصدري السلع الأساسية، كل ذلك مع تداعيات عبر الحدود.

وتعتمد الأسر في البلدان ذات الاقتصادات غير الرسمية الكبيرة على الأجور اليومية، كما تجعل الأحياء الفقيرة الحضرية المزدحمة الابتعاد الاجتماعي مستحيلاً.

ومع ذلك، هناك إقناع بأن تمويل الطوارئ لا يمكن أن يساعد إلا إذا حققت الدول هذا التوازن.

 ويمكن لمنظمة الصحة العالمية أن تساعد في المجالات الحيوية للتنسيق مثل ضمان إنتاج وتسليم الإمدادات الطبية للدول التي تحتاج إليها، بطريقة فعالة وذات كفاءة وعادلة، من خلال تسهيل اتفاقيات الشراء المسبق على سبيل المثال.

كما تعمل منظمة الصحة العالمية أيضًا مع موردي معدات الحماية الشخصية للعاملين في مجال الصحة لضمان عمل سلاسل التوريد، وهذا مجال يمكن أن يكون فيه التعاون مع المنظمات الدولية الأخرى فعالاً للغاية، على سبيل المثال الاستفادة من قدرة البنك الدولي على تجميع الطلب لشراء الإمدادات الطبية بكميات كبيرة بالجملة

ومن جانبه، يهدف صندوق النقد إلى المساعدة من خلال مضاعفة قدرته على الاستجابة لحالات الطوارئ من 50 مليار دولار إلى 100 مليار دولار، مما يجعل من الممكن للبلدان الحصول على ضعف ما تم توفيره من أموال من الصندوق خلال حالات الطوارئ السابقة.

وتمكن الصندوق من تأمين قدرته الإقراض الإجمالية البالغة تريليون دولار الآن بفضل الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها الدول الأعضاء.

كما يزيد الصندوق من قدرته على تخفيف التزامات خدمة الديون لأعضائه الأكثر فقراً من خلال صندوق الإغاثة لاحتواء الكوارث والذي يتلقى مساهمات سخية من كبار المانحين.

وإلى جانب البنك الدولي، يدعو صندوق النقد إلى تجميد خدمة الديون من الدول الأكثر فقراً إلى الدائنين الثنائيين الرسمين طالما أن الاقتصاد العالمي يصيبه الشلل بسبب الوباء.

خلاصة القول، إن مسار أزمة الصحة العالمية ومصير الاقتصاد العالمي متشابكان بشكل لا ينفصل، حيث أن مكافحة الوباء ضرورة لازمة للتعافي الاقتصادي، لهذا السبب تتعاون منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد بشكل وثيق مع بعضهما البعض ومع المنظمات الدولية الأخرى للمساعدة في تلبية احتياجات الدول ذات الأولوية.