TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

العريان: خطوة الفيدرالي تحمل خطر "النيران الصديقة"

العريان: خطوة الفيدرالي تحمل خطر "النيران الصديقة"

مباشر - سالي إسماعيل: سينظر الجميع إلى الإجراءات التي اتخذتها ستة بنوك مركزية في ليلة الأحد على أنها واحدة من أكبر تدخلات السياسة النقدية العديدة والمنسقة في التاريخ.

ويتمثل الهدف المباشر في هذه الخطوة في تجنب بدء الأسواق تعاملات هذا الأسبوع على وضع كان يتخوف أن يكون فوضوياً بفعل تدفق الأنباء السلبية الناجمة حيال الكورونا في عطلة نهاية الأسبوع، وفقاً لرؤية تحليلية نشرها موقع "بلومبرج أوبينيون" للمستشار الاقتصادي في مجموعة أليانز العالمية "محمد العريان".

ويكمن الخطر في إطلاق الكثير من "قذائف البازوكا" - في إشارة إلى إجراءات البنوك المركزية الكبرى - ليس فقط في كونه سابق لأوانه لتحقيق وضع جيد للاقتصاد لكن كذلك للحفاظ على الاستقرار المالي وربما لحماية فعالية البنوك المركزية الحديثة في المستقبل.

ومن شأن جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي أن تسيطر على العناوين الرئيسية بالنظر إلى وضعه كأكثر البنوك المركزية قوة في العالم.

وفي إطار نهج السياسة المتمثل في "القيام بكل ما يتطلبه الأمر"، قرر الفيدرالي خفض معدلات الفائدة إلى مستوى قرب "صفر"، مع إعلان برنامج شراء أصول بقيمة 700 مليار دولار (تيسير كمي) ومن خلال التنسيق مع 5 بنوك مركزية أخرى، تم تقوية خطوط مقايضة الدولار.

وتعزي الحاجة إلى مثل هذا التدخل الكبير من جانب البنك المركزي  الأمريكي إلى الخوف من أن المزيد من الضغوط الهبوطية على أسعار الأصول عندما تستهل الأسواق تعاملات هذا الأسبوع لن تؤدي فقط إلى التقلبات المقلقة بل ستؤدي كذلك إلى خلق حالة من الخلل في الأسواق والتي قد تسبب في انتشار التأثير السلبي من القطاع المالي إلى نطاق الاقتصاد الأوسع.

ويأتي ذلك في أعقاب ما يُعتقد أنه الكتلة الحرجة التي تم الوصول لها خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي في ديناميكيات التوقف المفاجئ والتي أدت إلى شلل الاقتصاد العالمي بشكل تدريجي، حيث أغلقت المزيد من الدول الأوروبية حدودها كما توقفت المزيد من الشركات والمدارس مع توسيع نطاق عمليات حظر السفر وفرض بعض الدول المتقدمة والنامية عمليات إغلاق على مستوى الدولة بشكل فعال.

وفي نفس التوقيت، تحول المزيد من الأسر، إما بشكل اختياري أو من خلال التوجيهات الحكومية المتمثلة في "الإبعاد الاجتماعي" إلى عقلية الاحتماء، حيث قام البعض بإفراغ أرفف المتاجر أولاً.

ومن أجل العمل على تحقيق الاستقرار في الأسواق، فإن تدخل الفيدرالي ذاك بحاجة للتغلب على خمسة شواغل والتي تبتعد كثيراً عن النظام المعد مسبقاً.

أولاً: في حين أن هذه الإجراءات تكون داعمة لزيادة الميزانيات العمومية وتسهيل عمليات إعادة تمويل الرهن العقاري المناسبة، لكنها لن تؤثر على استعادة النشاط الاقتصادي خلال الوقت الحاضر.

وبكل بساطة، لن تشجع القروض ذات التكاليف المنخفضة ولا السيولة المتوفرة من مدفوعات الرهن العقاري المنخفضة الناس على السفر والانخراط مجدداً في التفاعلات الاقتصادية.

ثانياً: من المفترض أن يساعد ضخ السيولة على إصدار سندات ذات جودة مرتفعة وربما يعزز رغبة البنوك في زيادة الاتئمان من أجل تقليل مخاطر تحول مشاكل السيولة لدى الشركات إلى أخرى تتعلق بالملاءة أو القدرة على الوفاء بالديون.

لكن التأثير على قطاعات التمويل الأخرى بما في ذلك سندات الشركات يُعد أقل مباشرة بكثير في هذه المرحلة.

ويفسر ذلك سبب المجادلة بإتباع نهج أكثر إلحاحاً وتركيزاً من جانب الفيدرالي لمعالجة خلل الأسواق بشكل مباشر مع الحفاظ على غالبية التدابير العامة لمعرفة للوقت الذي سيكون ذو تأثيرات أكبر.

ثالثاً: مع خفض الفائدة قرب الصفر، فإن الفيدرالي قد استنفد بشكل أساسي آلية معدلات الفائدة في وقت يتسم بقدر أكثر محدودية من السياسة النقدية الفعالة بسبب ما يمكن تسميته بخطر إطلاق سابق لأوانه لقذيفة "بازوكا" كبيرة.

لكن فكرة تحول معدلات الفائدة الأمريكية إلى النطاق السالب مقيدة بأدلة متزايدة من أوروبا حول خطر النتائج الاقتصادية والمالية ذات النتائج العكسية فضلاً عن المخاوف بشأن جدوى قطاع سوق المال خاصةً بعد صدمة الانهيار المالي في سبتمبر/أيلول عام 2008.

رابعاً: كل هذا يُعقد التحدي الكبير للسوق الذي يواجهه الفيدرالي في سعيه لجذب ما يكفي من مستثمري "الشراء عند الهبوط" إلى سوق الأسهم.

وكلما تردد مشترين كهؤلاء في المشاركة بالسوق، كلما زاد خطر أن يُعامل التدخل الضخم الذي نفذه الفيدرالي ببساطة على أنه يوفر مجالاً أكبر لخروج المستثمرين والبائعين المتعثرين من السوق.

وحال تحقق ذلك، فإن الأسواق سوف تشهد هبوطاً قبيل هذا البيع المتوقع.

خامساً: من أجل تفادي عملية تواصل مؤسفة أخرى من جانب الفيدرالي، فإن تدخل السياسة النقدية بحاجة إلى أن يُقدم بطريقة تطمئن الأسواق بأن هذا جزءاً من مسار عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي.

 ولكن أول ثلاثة بيانات صحفية تم نشرهم مساء الأحد لم تستوفٍ هذا الشرط بعد.

وبعد أن ساهم الفيدرالي في البداية بشكل غير مقصود في فصل أسعار الأصول المرتفعة عن الأساسيات الاقتصادية الأقل تقدماً لسنوات عديدة، فإنه بذل "أقصى ما يمكن فعله" ليس فقط في سبيل منع إحداث الخلل بالأسواق ولكن كذلك من أجل الحفاظ على مصداقيته ومكانته وربما استقلاله السياسي.

ويُعد هذا بمثابة رهان سياسي ضخم نأمل أن ينجح، لكن القلق يكمن في أنه على الأقل في الوقت الحالي لا يبدو أن هذا الرهان ذو احتمالات نجاح ساحق.