TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. الذعر ليس وراء الموجة البيعية في الأسهم الأمريكية

تحليل.. الذعر ليس وراء الموجة البيعية في الأسهم الأمريكية

مباشر - سالي إسماعيل: تجاوزت خسائر سوق الأسهم الأمريكي 7 بالمائة في غضون آخر 5 جلسات تداول، وهذه هي المرة الرابعة فقط التي تشهد فيها "وول ستريت" هذه الموجة البيعية منذ أزمة سقف ديون الولايات المتحدة في عام 2011.

وبحسب تحليل نشرته وكالة "بلومبرج أوبينيون" للكاتب الاقتصادي "جون أوثرز"، فإنه بعد كل موجة بيعية من الثلاث مرات السابقة كان هناك حالة من التعافي الفوري.

موجات التصحيح والتعافي الثلاث السابقة - (المصدر: وكالة بلومبرج)

ولسوء الحظ، أنه من الصعب رؤية كيف نحقق مثل هذا التعافي في ذاك الوقت.

وعلى عكس سلطات السياسة النقدية في الصين أو بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن فيروس كورونا ليس عرضة للضغوط المالية، وعلى خلاف جيروم باول لا يمكن للكورونا أن تحول اتجاهها.

وحتى إذا كان هناك تراجعاً في هذه الأزمة الصحية، فإن الوضع سوف يتطلب مراقبته لبعض الوقت، لذلك لا يوجد أنباء رئيسية واضحة من شأنها أن تصحح الأمور.

وعلاوة على ذلك، فإن عوائد سندات الخزانة الأمريكية لآجل 10 سنوات سجلت أدنى مستوى في تاريخها خلال جلسة تداول الثلاثاء، في حين أن أداة العقود الآجلة للفيدرالي المعدلة تضع تكهنات بتنفيذ خفض معدل الفائدة في الولايات المتحدة مرتين قبل موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وذلك بمقدار 25 نقطة أساس (0.25 بالمائة) لكل مرة.

كما يوجد احتمالية بنحو 50 بالمائة لتنفيذ خفض إضافي في معدل الفائدة الأمريكي بحلول نهاية يناير/كانون الثاني من العام المقبل.

وبالطبع، لا تستخدم معدلات الفائدة المنخفضة ضد عدوى الجهاز التنفسي، لكن من المحتمل أن تساعد في التخفيف من التداعيات السلبية الاقتصادية الناجمة عن الفيروس.

وفي ظل حقيقة أن الأسواق بالفعل تضع تسعيرها على أساس فرضية خفض معدلات الفائدة وأن تكاليف الاقتراض منخفضة بشكل ملحوظ بالفعل، فإن احتمالية تنفيذ عمليات خفض كبيرة في الفائدة لن يكون لها نفس التأثير الذي أحدثته خطوات مماثلة في السابق.

وعلى عكس موجة التقلبات الشديدة التي حدثت قبل عامين، عندما تراجعت الرهانات بشكل حاد على أن تقلبات أسواق الأسهم الأمريكية ستظل منخفضة، إلا أن هذا الوضع لم يشهد انعكاساً لأيّ من المراكز المفرطة بشكل واضح.

ويوجد سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن العديد من قطاعات السوق مبالغ في قيمتها، وكان ذلك لفترة طويلة، لكن تحركات الأيام القليلة الماضية لا تتعلق بهذه المبالغات.

وبالأحرى، فإن هذه عبارة عن "موجة تصحيح" استثنائية للغاية تهدف إلى تصحيح التوقعات الاقتصادية في ضوء الأخبار بدلاً من المبالغات في السوق.

وبالنظر إلى حالة عدم اليقين الشديدة حيال مدى الضرر الاقتصادي الذي ستحدثه الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس في نهاية المطاف، فإن هذه التحركات هادئة ومنظمة بشكل يثير الدهشة.

وتتركز الخسائر في القطاعات التي من الواضح أنها ستتأثر بشكل أكبر مثل شركات الطيران والفنادق والرحلات البحرية، كما ستكون متمركزة في الشركات التي حذرت بشكل خاص من أنها تتوقع إلحاق الضرر بأرقامها المالية مثل آبل وماستر كارد.

أداء سهمي آبل وماستر كارد منذ جلسة 19 فبراير 2020 - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وشهدت جلسة الثلاثاء موجة بيعية حادة للغاية، حيث تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 3 بالمائة.

لكن لم يشمل ذلك أيّ محاولة لتقليل حالة المبالغة في تقييمات الأسواق.

وفي الواقع، فإن مؤشر "فانج+"، بما في ذلك الأسماء الأحدث في الوقت الحالي، تفوق في الأداء قليلاً عن أداء مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في هذا اليوم، بينما حققت أسهم النمو أداءً أفضل قليلاً من أسهم القيمة، على الرغم من الذعر المطول في السابق.

أسهم النمو تتفوق على أسهم القيمة - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وحتى مع هبوط العائد على سندات الخزانة الأمريكية التي يحل موعد سدادها بعد 10 سنوات إلى مستوى تاريخي متدن، لم يكن هناك كذلك اتجاهاً واضحاً للملاذات الآمنة التقليدية.

وتراجعت قليلاً عملة "البيتكوين"، التي تعد الملجأ الآمن الحديث في الوقت الراهن، كما انخفض سعر الذهب - الذي ارتفع بوتيرة متسارعة مؤخراً - في الواقع بشكل طفيف خلال جلسة التداول الأمريكي، في حين توقف عائد سندات الخزانة آجل 30 عاماً عن هبوطه.

عوائد السندات بدأت في الارتفاع وأسعار الذهب في الهبوط خلال جلسة الثلاثاء - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وعندما نتحول إلى الدولار، فإن هناك شيئاً غريباً يحدث مجدداً، حيث أن الدولار كان يتداول عالمياً في الآونة الأخيرة كملاذ آمن.

كما أن أداء اليورو كان ضعيفاً، حيث إن هناك تفشي كبير للفيروس في منطقة اليورو (في إيطاليا)، في حين أن الولايات المتحدة بعيدة عن هذا الأمر حتى الآن. (يذكر أن مركز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكي أصدر تحذيراً بشأن انتشار محتمل للفيروس في البلاد)

ومع ذلك، فإن اليورو ارتفع بالفعل مقابل الدولار هذا الأسبوع، على الرغم من أن عملات الأسواق الناشئة ( بقيادة دول أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وليس الدول الآسيوية) قد تراجعت إلى مستويات قياسية متدنية من حيث القيمة الاسمية.

عملات الأسواق الناشئة تسجل مستويات قياسية متدنية - (المصدر: وكالة بلومبرج)

وربما يكمن أفضل تفسير لهذا الوضع أن المستثمرين يقللون من عمليات المخاطرة من خلال إنهاء صفقات الشراء بالاقتراض، مما يعني إعادة شراء اليورو - وبالتبعية تقوية قيمة العملة مقابل الدولار - وبيع الاستثمارات في عملات الأسواق الناشئة.

لكن، مجدداً، يؤكد هذا الأمر أن حركة التصحيح تلك استثنائية.

وعوضاً عن الذعر، فإن هذه محاولة منظمة للتعامل مع مشاكل جادة.

وتبذل البنوك وجماعات الاستثمار قصارى جهدها من أجل تحديد النطاق المحتمل للمشكلة، وهم يفعلون ذلك بصورة معقولة إلى حد كبير.

ولا يعتبر ذلك بمثابة تجسيد لحالة الذعر في السوق، ومع ذلك فإن الأنباء التي تصدرت الأيام القليلة الماضية مثيرة للقلق، حيث يوجد حالة من الذعر لدى السكان المتضررين بشكل مباشر إلى جانب شيء قريب منه في المناطق التي لا تزال خالية من الفيروس.

ويمكن وصف هذا الأمر بأنه عبارة عن عملية تصحيح السوق للذعر في العالم الحقيقي.

وإذا كانت هذه هي الأنباء السارة، فلا يزال هناك الكثير من الأخبار السيئة، حيث يبذل العديد من الأشخاص محاولة صادقة لاكتشاف مدى خطورة فيروس كورونا.

والآن قد أثبتنا أن هذا الفيروس يختلف عن وبائي السارس والإيبولا، حيث لا يوجد بالفعل أيّ سابقة مفيدة في العقود الأخيرة.

وبعيداً عن هذه الأفكار الواقعية، تبقى المشاكل الرئيسية المتفاقمة بالنسبة للأسواق والاقتصاد، ولا يزال يبدو ذلك كسوق أسهم لا تدعمها سوى التقييمات المبالغة في سوق السندات.

وتتضاءل أهمية سوق الأسهم المبالغ في تقييماتها عند مقارنتها مع انتشار مرض معدي يحتمل أن يؤدي إلى الوفاة، لكنه يظل بمثابة معضلة، ولم تفعل أحداث الأيام القليلة الماضية شيئاً لعلاج هذا الأمر.