TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. أزمة سوق الريبو بعيدة عن النهاية

تحليل.. أزمة سوق الريبو بعيدة عن النهاية

مباشر - سالي إسماعيل: مع وضع أفضل النوايا في الاعتبار، فإن البنوك المركزية والحكومات وضعت قواعد لضمان أن المؤسسات المالية تمتلك ما يكفي من السيولة لتحمل أزمة أخرى.

ويناقش "جيم بيانكو" الرئيس التنفيذي لشركة الأبحاث بيانكو خلال رؤية تحليلية نشرتها وكالة "بلومبرج أوبينيون" الأمريكية مسألة إصلاح سوق الريبو من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وسوق الريبو هو سوق إعادة شراء الأوراق المالية الحكومية، أي قيام التجار ببيع أدوات دين حكومية لفترة قد تصل إلى 24 ساعة فقط والحصول على سيولة مع التعهد بإعادة شراء هذه الأوراق المالية مجدداً.

لكن نسب تغطية السيولة بالإضافة إلى قواعد الأصول السائلة ذات الجودة المرتفعة والامتثال للنموذج التنظيمي "بازل 3" والرسوم المصرفية الهامة للنظام عالمياً وصافي نسب التمويل المستقرة المزمع تنفيذها قريباً، جعلت توفير كافة احتياجات سوق الريبو أمراً معقداً لدرجة أن لا أحد يعلم حقاً المطلوب.

وأدرك الفيدرالي أن هذه القواعد الجديدة تشكل خطر غير مؤكد، وهو ما يفسر سبب إجراء مسح وعقد مشاورات مع المتعاملين الأساسيين بشكل منتظم من أجل معرفة أرائهم.

ومع ذلك، في ظل عدم وجود تجربة واقعية لهذه القواعد الجديدة، فإن الأمر كان قائماً على تخمينات الجميع بشكل أساسي.

ومع إصدار كميات هائلة من سندات الخزانة الأمريكية لمواجهة العجز في الموازنة البالغ قدره تريليون دولار، انهار سوق الريبو (الاقتراض بين البنوك) بحلول منتصف شهر سبتمبر/أيلول مع عدم القدرة على تلبية الطلب الآخذ في الزيادة باستمرار.

ويكمن الإصلاح البسيط في تقليص اللوائح التنظيمية، وهذا هو ما اقترحه وزير الخزانة الأمريكي "ستيفن منوشين" في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتبع هذا الاقتراح بوقت قصير خطاباً من المرشحة للرئاسة الأمريكية "إليزابيث وارين"، والتي حذرت من أن "هذه القواعد كانت مصممة لضمان أن البنوك تمتلك سيولة كافية للوفاء بالتزاماتها في حالة حدوث انهيار آخر في الأسواق"، وأن "البنوك تعلن تسجيل أرباحاً عند مستويات قياسية".

كما سيكون من المفارقات المؤلمة أن تصبح الفوضى غير المبررة في جزء صغير من الأسواق المصرفية بمثابة ذريعة لمزيد من التخفيف في القواعد التي تحمي الاقتصاد من هذه الأنواع من المخاطر.

ولم تكن "وارين" منفردة في هذه الرؤية، حيث حذر كل من نائب رئيس الفيدرالي السابق "ألان بليندر" ورئيسة شركة تأمين الودائع الفيدرالية الأمريكية السابقة "شيلا بير" من أن القواعد ينبغي أن تظل سارية المفعول.

وبدلاً من ذلك، تدخل الفيدرالي في سوق الريبو عبر ضخ مزيداً من الأموال حتى تختفي هذه المشكلة.

وقام المركزي الأمريكي بهذا الأمر من خلال توفير الريبو للتجار الأساسيين بشكل مباشر والاحتياطيات للنظام المصرفي عبر شراء أذون الخزانة الأمريكية.

ولسوء الحظ، ارتكب الفيدرالي خطأ جسيماً في التصميم أثناء تدخله اليومي بسوق الريبو، حيث يعرض البنك المركزي توفير الريبو للتجار بأسعار السوق السائدة.

وبكلمات أخرى، فإن الفيدرالي يمنح التجار كافة الحوافز من أجل شراء الريبو من الفيدرالي عوضاً عن السوق.

وخلاصة القول، فإن الفيدرالي قد أصبح مقرض الملاذ الأول في الوقت الذي ينبغي فيه أن يكون مقرض الملاذ الأخير ويقدم الريبو بمعدل فائدة أعلى.

ويجب أن يكون الفيدرالي على استعداد لمساعدة المستثمر في وقت حاجته لكن يجب أن تكون هذه المساعدة بمقابل ما.

ولذلك، بعد أربعة أشهر من عمليات إعادة الشراء الفيدرالية تلك، فإن مشاكل جديدة برزت.

وبشكل أكثر تحديداً، ربما يتخذ الفيدرالي خطوات سريعة للغاية ويضخ كميات مفرطة من الأموال في هذا السوق، حيث يشير معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية الفعال إلى وجود احتياطيات كافية في النظام المصرفي.

وكان معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية يتداول خلال الشهر الجاري عند 1.54 بالمائة، وهو مستوى أقل من الحد الأدنى لمعدل الفائدة على الاحتياطيات الفائضة والبالغ 1.55 بالمائة، وهو ما يحدث لأول مرة في 14 شهراً.

ويحدث هذا الأمر بالتزامن مع إعلان الفيدرالي أنه سوف يستمر في شراء أذون الخزانة وضخ مئات المليارات من الدولارات في سوق الريبو حتى أبريل/نيسان او بعد ذلك.

ما الذي ينبغي على الفيدرالي القيام به؟، لقد أوضح بالفعل أنه سيقوم بزيادة معدل الفائدة على الاحتياطيات الفائضة بنحو 5 نقاط أساس إلى 1.60 بالمائة خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهو ما تم بالفعل.

ومن المفترض أن يقوم كذلك بزيادة معدل الفائدة على الريبو الذي يقدمه بنحو 5 نقاط أساس لتصل إلى 1.60 بالمائة، وينبغي أن يقوم صناع السياسة بزيادة معدل الريبو أكثر من ذلك.

كن مستعداً لضخ السيولة لكن بأسعار عقابية أو أعلى من سعر السوق.

ولن يعالج هذا الحل المشكلة في سوق الريبو، فقط إدخال تغييرات في القواعد بمقدوره إنهاء الأزمة.

ولكن هذا على الأقل سوف يسمح للفيدرالي بتحديد مقدار كمية الأموال المطلوب ضخها لإعادة التوازن في السوق بدلاً من المخاطرة بفقدان السيطرة على معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية تماماً.

ولا يفترض أن يسعى الفيدرالي إلى إقحام نفسه بشكل دائم في سوق الريبو.

ولا يزال الريبو سوق ائتماني، وفي أوقات التوتر، يكون بحاجة إلى قرار ائتماني عند تحديد من يحصل على قرض معزز بالضمانات وبأيّ شروط.

والبنوك المركزية غير مؤهلة لاتخاذ هذه القرارات  كما أن مشاركتها يمكن أن تخلق مخاطر أخلاقية، مما يفاقم الأمور نحو الأسوأ.

والخلاصة هي أن مشاكل سوق الريبو أبعد ما تكون عن النهاية.