TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

حدث الأسبوع.. جبل الديون يهدد الاقتصاد العالمي

حدث الأسبوع.. جبل الديون يهدد الاقتصاد العالمي

من: سالي إسماعيل

مباشر: مع إعلان أرقام جديدة حول تقديرات حجم الدين العالمي والتي سبقها تحذيرات رئيسة صندوق النقد الدولي الجديدة، فإن تلك القضية تصدرت اهتمامات الأسواق العالمية في الأسبوع الماضي.

وتحوم الديون العالمية في الوقت الراهن حول مستويات قياسية بالفعل كما من المتوقع أن تكسر حاجز الـ255 تريليون دولار بحلول نهاية العام الحالي، وفقاً لتقرير حديث صادر عن معهد التمويل الدولي.

وتعني هذه الأرقام أن كل فرد في الكوكب البالغ عدد سكانه 7.7 مليار نسمة، يقع على عاتقه ديون بحوالي 32.5 ألف دولار، وفقاً لحسابات وكالة رويترز.

ولم يكن هذا الوضع بمثابة ظاهرة جديدة، فمنذ الأزمة المالية في عام 2008 والديون العالمية تتبع اتجاهاً تصاعدياَ سواء كانت حكومية أو لشركات غير مالية أو بالقطاع المالي أو حتى ديون للأسر، ما يعني أن الاقتراض يتزايد في كل مكان.

وبحسب تقرير معهد التمويل الأخير، فإن الدين العالمي ارتفع بنحو 7.5 تريليون دولار في الأشهر الستة الأولى من هذا العام لتصل إلى مستوى 250.9 تريليون دولار

ومن الأمور المثيرة للقلق أن جبل الدين العالمي يقف حالياً عند مستوى 320 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي يشهد حالة من تباطؤ النمو على نحو متزايد.

وتأتي هذه الطفرة في الديون، أو حوالي 60 بالمائة من الزيادة في الديون العالمية، بقيادة الولايات المتحدة والصين.

وبالمثل، صعدت ديون الأسواق الناشئة لتصل إلى مستوى قياسي جديد عند 71.4 تريليون دولار (220 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي).

وبعيداً القطاع المالي، فإن ديون القطاع غير المالي - الحكومات والأسر والشركات الأخرى - وصلت إلى 190 تريليون دولار تقريباً بنهاية يونيو/حزيرات الماضي أو ما يعادل 75 بالمائة من إجمالي الديون العالمية كما أنها تنمو بوتيرة أسرع من الاقتصاد العالمي.

ومع ذلك، لا يبدو محافظو البنوك المركزية قلقين للغاية حيال تلك الديون الآخذة في الزيادة، حيث استبعد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في شهادته أمام الكونجرس الأمريكي بالأسبوع الماضي وجود أية علامات على وجود فقاعات تلوح في الأفق أو مخاطر فورية ناجمة عن العجز البالغة قيمته تريليون دولار.

ويرسم تقرير معهد التمويل الدولي صورة مختلفة، حيث ذكر أن الدين الحكومي سوف يتجاوز مستوى 70 تريليون دولار في عام 2019، ليزيد عن مستوى 65.7 تريليون دولار المسجل في عام 2018 مدفوعاً بقفزة في الدين الفيدرالي الأمريكي.

وكان سوق السندات العالمية وخاصة ما يُنظر إليه كأصول ذات الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة الأمريكية، مزدحم للغاية مؤخراً، مع اندفاع المستثمرين على الأصول الآمنة وسط عدم اليقين بسبب البريكست وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي على خلفية التوترات التجارية إضافة لتحقيقات مساءلة الرئيس دونالد ترامب.

ويجدر الإشارة إلى أنه على مدى العقد الماضي، شهدت الديون العالمية زيادة بأكثر من 70 تريليون دولار والتي كانت مدفوعة في الأساس بالحكومات والشركات غير المالية.

وتساعد سوق السندات التي يتم إصدارها على الصعيد العالمي في تراكم كومة الديون، حيث ارتفعت من 87 تريليون دولار في عام 2009 لتتجاوز 115 تريليون دولار بنهاية النصف الأول من 2019.

وتُشكل السندات الحكومية في الوقت الحالي 47 بالمائة من أسواق السندات العالمية مقابل 40 بالمائة في عام 2009.

واقترضت الحكومات 30 تريليون دولار منذ انهيار البنك الأمريكي "ليمان براذرز" كما حصلت الشركات على 25 تريليون، في حين أن ديون الأسر زادت بنحو 9 تريليونات دولار أما البنوك فقامت باقتراض تريليوني دولار، وفقاً لتحليل "بنك أوف أمريكا ميريل لينش".

وفي سياق الاتجاه السائد في الآونة الحالية، سجلت ديون الأسر الأمريكية أعلى مستوى على الإطلاق عند 13.95 تريليون دولار بنهاية الربع الثالث من هذا العام مع حقيقة أن هذا الأداء يمثل اتجاهاً صعودياً للربع الـ21 على التوالي، بحسب بيانات صادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية نيويورك.

وتعتبر الديون المتزايدة عبر كافة أنحاء العالمي بمثابة مصدر قلق كبير بالنسبة للمستثمرين كما يشير عدد من الاقتصاديين هذا الوضع كونه نقطة الانهيار القادمة.

ويكمن السبب بشكل رئيسي في الإقبال الكثيف على الاقتراض معدلات الفائدة المنخفضة بشكل تاريخي والتي تجعل من السهل للغاية على الشركات والمؤسسات السياسية اقتراض المزيد من الأموال.

وذكر المعهد الدولي أن البنوك المركزية قد خفضت معدلات الفائدة في محاولة لتحفيز الاقتراض، حيث من المتوقع أن تسجل 60 بالمائة من دول العالم نمواً دون المستوى الممكن تحقيقه.

وفي الشهر الماضي، قرر صندوق النقد الدولي مراجعة تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بالخفض إلى 3 بالمائة والتي من شأنها أن تكون أدنى وتيرة توسع اقتصادي منذ الأزمة المالية العالمية.

ويتوقع كذلك خبراء الاقتصاد في "أكسفورد إيكونوميكس" تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى أضعف وتيرة منذ عام 2009 مع حقيقة أن احتمالات الركود تُقدر بنحو 30 بالمائة.

وفي تأكيد على مخاطر الاتجاه التصاعدي للديون، يعتقد بنك أوف أمريكا أن فقاعة سوق السندات اليوم تمثل أكبر نقطة ضعف أمام الأسواق في العقد المقبل.

ويرى البنك الأمريكي أن كل من انعكاس منحنى العائد وانكماش أداء القطاع الصناعي العالمي والحروب التجارية وتزايد احتمالات التعثر عن سداد الديون، يثير شبح الركود الاقتصادي العالمي الوشيك.

وتُلقي الاضطرابات الجيوسياسية والأحداث السياسية بظلالها السلبية على الدين الحكومي في كافة أنحاء العالم، ما دفع وكالة التصنيف الائتماني "موديز" لخفض نظرتها المستقبلية للدين العالم في العام المقبل إلى سلبية بدلاً من مستقرة.

لكن في الوقت نفسه، يبدو أن الأسواق الناشئة في الوقت الراهن باتت مستعدة جيداً للصدمة المقبلة كونها تتمتع بمزانيات عمومية قوية بسبب ابتعادها عن حيازة الديون لصالح الأسهم، بحسب تقرير حديث لخبراء الاقتصادي في "أكسفورد إيكونوميكس".

وبالنظر إلى ما تُشكله خطورة المشاكل الاقتصادية على سيناريو تخلف البلاد عن سداد الديون، فإن فنزويلا تكون أبرز الأمثلة التي تعاني بشكل واضح من معضلة الديون خاصةً مع معاناة البلاد من التضخم الجامح.

وتسلط رئيسة صندوق النقد الدولي الجديدة "كريستالينا جورجيفا" الضوء على أعباء الديون العالمية مع وصول الأموال المقترضة لمستويات قياسية.

وتوضح "جورجيفا" أن اقتراض القطاع يُشكل الغالبية العظمى من إجمالي الديون مع الإشارة إلى أن تلك الزيادة في الديون تعرض الحكومات والأفراد على حد سواء للخطر حال تباطؤ الاقتصاد.

وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الدين العالمي العام والخاص وصل لأعلى مستوياته عند 188 تريليون دولار وهو ما يوازي 230 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وكان صندوق النقد الدولي في الشهر الماضي رفع من مستوى تحذيره بشأن المستويات المرتفعة لديون الشركات ذات المخاطر المرتفعة والتي تفاقمت بفعل معدلات الفائدة المنخفضة للغاية من قبل البنوك المركزية.

وحذر الصندوق الدولي من أن 40 بالمائة أو تقريباً 19 تريليون من ديون الشركات في الاقتصاديات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا عرضة لخطر التعثر عن سداد الديون في حالة اتجاه هبوطي آخر في الاقتصاد العالمي.