TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

معضلة صناعة الماس.. لماذا تتراجع الأسعار رغم الطلب القوي؟

معضلة صناعة الماس.. لماذا تتراجع الأسعار رغم الطلب القوي؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: قبل خمس سنوات مضت، كان مصدر القلق الأكبر الذي يواجه صناعة الماس يتمثل في احتمالية تعرضها للإهمال من قبل جيل الألفية، والذي كان يُعتقد أنه غير متحمس للأحجار الكريمة اللامعة كما كان الحال مع آبائهم.

واتضح أن القلق في الغالب لم يكن له أساس من الصحة لكن الواقع يكاد يكون أسوأ، وفقاً لتقرير نشرته وكالة بلومبرج للكاتب المتخصص في السلع والمعادن مع إبداء اهتمام خاص بالماس "توماس بيشوفيل".

وفي حين أن الأمريكيين يقومون بشراء المزيد من مجوهرات الماس أكثر من أيّ وقت مضى، إلا أن الماس المصقول يصبح أقل ثمناً بشكل مطرد.

ودفع انخفاض الأسعار بالإضافة إلى تخمة المعروض من أنواع الأحجار التي تدخل في خاتم الخطبة أو زوج من الأقراط، تجارة الماس العالمية للوقوع في أزمة.

ويأتي في قلب الأوضاع المؤلمة، الوسطاء الذين يقومون بقطع وتلميع وتجارة الماس العالمي.

واختفت أرباح هؤلاء الوسطاء مع فقدان الأحجار المصقولة قيمتها وتشديد البنوك التمويل إضافة لاحتفاظ أكبر منتج في الصناعة "دي بيرس" بالأسعار التي تطلبها مقابل الماس الخام الذي تقوم باكتشافه.

وفي هذا العام، انتشرت الأزمة لتشمل شركات تعدين الماس حول العالم كذلك، حتى أن شركة "دي بيرس" والتي تفرض الأسعار على مجموعة مختارة من العملاء خاصة بها، تتعرض للضغوط مع رفض العملاء الشراء.

وفي الأسبوع الماضي، استسلمت أخيراً شركة التعدين الرائدة لتخفض الأسعار بوجه عام، الأمر الذي ساعد على زيادة المبيعات خلال العرض الأخير في بوتسوانا.

ومع ذلك، لا تزال النتائج ضعيفة نسبياً، حيث أن مبيعات بنحو 390 مليون دولار من الماس الخام في الشهر الحالي تُعد الأدنى لشهر نوفمبر/تشرين الثاني منذ أواخر عام 2016.

ومن غير المرجح أن يكون خفض الأسعار بمثابة أمر كافي لإحداث تغيير بالنسبة لعملاء "دي بيرس"، والذي يكافحون من أجل تحقيق أرباح منذ أكثر من 18 شهراً.

لكن ليس كل أنواع الماس تصبح أقل تكلفة، فمبيعات الماس الفاخر من المجوهرات التي تحمل العلامة التجارية "تيفاني آند كومباني" أو "كارتييه" أو "بولغاري" كانت قادرة على الصمود وزيادة حصته في السوق البالغ قيمته الإجمالية 80 مليار دولار.

ورغم ذلك، لا يزال هذا النوع من الماس الفاخر يمثل حوالي 30 بالمائة فقط من الإجمالي العالمي.

وبالنسبة لبقية السوق، فإن الماس يُعامل أكثر على أنه سلعة أساسية، حيث يتم تقييمه بناءً على المعايير الأربعة الشهيرة والتي تختصر بـ"4Cs": درجة اللون ودرجة النقاء ونوع القطع والوزن بالقيراط.

وبدون العلامة التجارية، هناك علامات قليلة تساهم في التمييز بين خاتم أو حجر عن الآخر - بخلاف السعر - كما يمكن للعملاء معرفة السعر الحالي في المتاجر الإلكترونية كما هو الحال مع شركة "بلو نايل".

ونتيجة لذلك، كانت أسعار الماس المصقول آخذة في الهبوط، مع حقيقة أن آلاف الشركات التي تقوم بتقطيع وتلميع الأحجار الكريمة تتعرض لضغوط من قبل تجار التجزئة الذين هم في مركز رائع للتفاوض.

ويقترب المؤشر الذي يتبع أسعار الجملة للماس من نفس المستوى المسجل في عام 2002 كما يشهد تراجعاً بشكل مستمر منذ عام 2011.

ويرى "أنيش أجاروال" وهو شريك في شركة "جيمداكس" المتخصصة في استشارات الماس أن هناك الكثير من اللاعبين في السوق كما أنهم في وضع تنافسي مع بعضهم البعض.

ويضيف: "يمنح ذلك تجار التجزئة قوة شرائية ضخمة والتي يمكن استخدامها للحفاظ على أسعار الماس المصقول أقل مما يمكن أن تكون عليه.

وفي الوقت نفسه، كان الطلب على الماس مستقراً أو آخذ في الارتفاع.

وفي الولايات المتحدة، والتي تُشكل 50 بالمائة من المبيعات، نما الطلب على الماس بنسبة 4.5 بالمائة في العام الماضي كما أن الأمريكيين أنفقوا 36 مليار دولار على مجوهرات الماس.

لكن في ظل وجود إمدادات وفيرة من الأحجار المصقولة، فإن الأسعار ظلت منخفضة.

ويوجد الكثير من الأمور التي يجب أن يقلق بشأنها تجار الماس، حيث كان هناك فائضاً في المعروض من الماس الخام خلال السنوات الأخيرة وخاصةً في الأحجار الكريمة الصغيرة.

ويوجد لدى تجار التجزئة مخزونات أقل من الماس، ما يجبر الموردين على الاحتفاظ بمزيد من المخزونات في الوقت الذي تتراجع فيه الأسعار.

كما أن البنوك تتخلى هي الأخرى عن مساندة هذا القطاع، لتقلل الائتمان الممنوح لصناعة اعتادت على الأموال الرخيصة.

وقدمت شركة "دي بيرس" للمشترين مزيداً من المرونة بشأن مشترياتهم، لكن لم يكن ذلك كافياً، كما أن المبيعات خلال هذا العام قد تراجعت.

ومع ذلك، فإن الهبوط في الماس الخام الذي تبيعه "دي بيرس" ومنافسها الروسي "ألروسا بي.جي.إس.سي" ربما يمثل جانباً مضيئاً أمام الصناعة إذا كان يساعد في تقليل تراكم المخزونات.

وتضخ وحدة "أنجلو أمريكان" مزيداً من الأموال في الإعلانات، فبعد أن خفضت الشركة الإنفاق بشكل كبير في أعقاب انتهاء احتكارها بداية هذا القرن، عادت مجدداً للإنفاق في السنوات الأخيرة.

ومن المتوقع أن تنفق شركة "دي بيرس" نحو 180 مليون دولار هذا العام، وهي أكبر ميزانية تسويق في نحو عقد من الزمن، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي للشركة "بروس كليفر" في بوتسوانا الأسبوع الماضي.

ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يمكن أن تفعله الشركة لتعويض تأثير الأسعار الأضعف، طبقاً لتصريحات "أجاروال".

وأضاف: "بمرور الوقت، يرتبط مصير دي بيرس بأسعار الماس المصقول"، كما يقول إنه على المدى القصير يمكنهم التحرك بقوة لكن لا يمكن أن يستمر ذلك للأبد إذا كان لا يتماشى مع أسعار الماس المصقول.