TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

10 دولارات للبرميل.. هل هذا السيناريو محتمل لأسعار النفط؟

10 دولارات للبرميل.. هل هذا السيناريو محتمل لأسعار النفط؟

تحرير: نهى النحاس

مباشر: في الوقت الذي أخذت فيها التنبؤات المتعلقة بتقلب أسعار النفط في الارتفاع، كان هناك موضوع واحد آخذ في التزايد وهو العلاوة السعرية المحتملة جراء المخاطر الجيوسياسية.

وفي البداية كانت النظريات متعلقة بإغلاق مضيق هرمز، ثم تحول الأمر إلى مخاوف حول حرب شاملة بين إيران والولايات المتحدة أو إيران والسعودية.

وكل ذلك ما هو إلا مجرد احتمالات، ولكن الواقع يوحي بأن نوعاً مختلفاً تماماً من التطرف أكثر احتمالاً وهو حدوث "انخفاض حاد لأسعار النفط".

وتقول "جوليان جيجر" في تحليل نشره موقع "أويل برايس" إنه من بين صرخات علاوة المخاطر الجيوسياسية فإن هناك همسات أكثر رعباً من الكلمات مثل انهيار الطلب، والنزاعات التجارية، وتدهور المناخ الاقتصادي.

وتصف تلك الكلمات الواقع الحالي في السوق، ومن ثم تشير إلى حقيقة مستقبلية مماثلة وهو الحقيقية التي يدفع فيها انهيار الطلب الأسعار إلى الهبوط المستمر.

ليصبح السؤال: هل من الممكن هبوط سعر النفط لمستوى 10 دولارات؟

تقويض آفاق الطلب

طوال 2019 بدا وأن المحللين غير قادرين على خفض توقعاتهم للطلب بالسرعة الكافية.

وواصلت وكالة الطاقة الدولية التعديل بالخفض لتقديراتها لنمو الطلب على النفط خلال 2019 وما بعدها.

وخفضت وكالة الطاقة توقعاتها لنمو الطلب على النفط هذا العام من مستوى 1.4 مليون برميل يومياً في يناير/كانون الثاني الماضي إلى مستوى 1.1 مليون برميل في الشهر الجاري.

واستندت تلك التقديرات إلى الطلب العالمي الفعلي الذي انخفض في مايو/آيار الماضي بمقدار 160 ألف برميل يومياً على أساس سنوي.

أما على صعيد توقعات الوكالة للعام المقبل، فخفضت أيضاً تقديراتها لنمو الطلب على النفط من مستوى 1.4 مليون برميل يومياً في توقعات يونيو/حزيران ثم إلى 1.3 مليون برميل يومياً في توقعات أغسطس/آب، ثم ثبتت تلك التوقعات في تقرير الشهر الماضي.

كما أن لمنظمة أوبك توقعات الطلب الخاصة بها، والتي راجعتها أيضاً بالخفض بشكل شبه منتظم في العام الجاري.

وعلى الرغم من أن نمو الطلب على النفط أعلى قليلاً من مستوى مليون برميل يومياً لا يعتبر أمراً سيئاً للسوق، فإن الاتجاه الهبوطي واضح ويشير إلى أن الضعف سوف يستمر.

وتاريخياً تعرض سوق النفط إلى ذلك، رغم الأحداث الجيوسياسية الكبيرة تم ربطها تحديداً بسوق النفط.

وأدت تلك الأحداث الجيوسياسية إلى إحداث الفارق مع ارتفاع الأسعار في كل مناسبة، ولكن تلك الأحداث الآن غير قادرة على استدامة الأسعار المرتفعة.

ولكن ما نشهده حالياً مجرد نقاط مضيئة مؤقتة سرعان ما تختفي، ما يشير إلى أن أسعار النفط مرتبطة بالحقائق الأساسية والمتمثلة في تباطؤ الطلب والإنتاج القوي، وكل المؤشرات تشير إلى أن ذلك سيستمر.

التاريخ يعيد نفسه

والنظر إلى التاريخ سيكون كافياً لاكتشاف عدم صدق التنبؤات الأخيرة التي توقعت أسعار النفط عند 100 دولار في حالة استمرار عدم اليقين في الشرق الأوسط.

وتعتبر دورات الكساد والازدهار من المسلمات في صناعة النفط، حيث تعرض خام "برنت" إلى انهيارات كبيرة في الماضي، ولا يوجد سبباً لتوقع شيء مختلف في المستقبل.

وتواصل طفرات الكساد والازدهار نمطها المألوف وتنبع من مجموعة متنوعة من المحفزات، وحالياً تعتبر العوامل التي قد تدفع سعر النفط للانهيار هي: الدولار القوي، الإنتاج المرتفع لأوبك، مخزونات وإنتاج النفط الأمريكية المرتفعة، ضعف الاقتصاد وما يعنيه من انهيار للطلب على الخام، والمضاربات.

وفي عام 2009، تراجعت أسعار النفط من مستوى 140 دولار للبرميل في العام السابق له إلى أدنى 40 دولار للبرميل، وهو انخفاض بأكثر من 50 بالمائة.

وانهيار أسعار النفط في 2009 لم يكن ببساطة نتيجة انهيار الطلب، لقد كانت عاصفة مثالية لأسعار النفط التي كانت تحلق عالياً، ما أثار خوف التجار الذين اعتقدوا أن ذروة الأسعار اقتربت للغاية.

كما تسبب في الهبوط الحاد لسعر النفط حدوث الأزمة المالية والتي اطلقت أزمة ائتمان عالمية.

وعزز ذلك من قيمة الدولار الأمريكي، وهو ما تسبب بدوره في حدوث مزيد من التأثير السلبي على الطلب على النفط.

ومع هبوط الأسعار يتجه المستثمرون لإنهاء مراكزهم الشرائية والبيع، ليزداد الذعر أكثر ويتجه أخرون للبيع والخروج من السوق ليتسارع الخوف أكثر فأكثر وهكذا.

وفي 2014 و2015 تعرضت أسعار النفط إلى انخفاض مماثل، حيث تراجعت من مستوى أعلى 100 دولار للبرميل إلى أدنى 40 دولار للبرميل مجدداً، أي انخفاض بأكثر من 50 بالمائة.

وفي تلك المرة كان السبب حدوث تباطؤ اقتصادي لكبار الدول المستوردة للنفط مثل الصين والهند، ثم الضربة الأخيرة جاءت من الولايات المتحدة حيث طفرة إنتاج النفط الصخري.

والآن يوجد أوجه تشابه أيضاً، وفي حين أن أسعار النفط ليست عند مستويات قياسية لكن الإنتاج الأمريكي بلغ أعلى مستوياته على الإطلاق، كما أن التوقعات الاقتصادية العالمية ليست كبيرة جدا.

وتهدد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بتراجع الطلب لدى أكبر مستورد للنفط في العالم وهو الصين، كما أن حصص إنتاج أوبك ليست كافية لإحداث الفارق في الاتجاه الآخر.

ومجدداً أصبح المضاربون هم المتحكمون في السوق، كما أن صناديق التحوط تندفع جنونياً من أجل الخروج، مع بيع مدراء الأموال 46 مليون برميل من خام نايمكس و17 مليون برميل من خام "برنت" اعتباراً من 1 أكتوبر/تشرين الأول.

والسوق الآن يمكن وصفه بـ"سوق مضطرب قصير الذاكرة"، فصناديق التحوط تناست بالفعل الهجوم على البنية التحتية في السعودية، والآن تراجعت الرهانات على صعود خامي "برنت" و"نايمكس" إلى أدنى مستوى في 8 أشهر.

وإذا استبعدنا احتمالات حدوث كوارث مرتبطة بالنفط، فمن الصعب رؤية انتعاش كبير في الأسعار على المدى القصير.

وتوقعت "إف.إكس إمباير" أن أسعار النفط ستتراجع لأقل من 40 دولارًا للبرميل.

وتتوقع استطلاعات رويترز ووكالة الطاقة الدولية بقاء أسعار النفط في حدود 60 دولاراً.

وفي الوقت نفسه، يري جيف كوري محلل "جولدمان ساكس" أن خطر تراجع أسعار النفط عند 20 دولاراً سيكون مدفوعًا بما يُسمى اختراقًا لسعة التخزين، ما يعني أن لديك عرضًا أعلى من الطلب، قم بملئ كل خزان على الكوكب ثم لن تمتلك أي مكان متاح لتخزين النفط الفائض.

وبالطبع، في النهاية ستحبط هذه الأسعار المنخفضة للغاية حدوث أي استثمارات إضافية في القطاع، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى ارتفاع الأسعار مع بدء دورة صعودية جديدة للسعر.

لكن هذا عزاء بسيط لأي من شركات النفط والغاز التي لديها ديون ضخمة ولن تكون قادرة على السداد للدائنين عند مستوى أدنى 40 دولارا للنفط.

والسؤال إذن ليس كيف يمكن أن تقفز الأسعار المرتفعة بالفعل، ولكن ما هي المدة التي ستستغرقها دورة الازدهار والانكماش التالية، وعدد شركات النفط والغاز التي سوف تتعرض للإبادة خلال هذه العملية؟