TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

اليوان الصيني.. عملة السعرين المختلفين تثير قلق الأسواق العالمية

اليوان الصيني.. عملة السعرين المختلفين تثير قلق الأسواق العالمية

من: سالي إسماعيل

مباشر: منذ أن أعطت الصين الضوء الأخضر للعملة لتنخفض دون مستوى هام، واليوان هو العملة الأكثر إثارة جذباً للاهتمام داخل كافة الأسواق العالمية.

وفي بداية شهر أغسطس/آب 2019، كسر الدولار الأمريكي حاجز الـ7 يوانات للمرة الأولى في أكثر من عقد من الزمن، وهي الخطوة التي اعتبرت بمثابة أداة هامة تلجأ إليها بكين في حربها التجارية مع واشنطن.

أرقام وحقائق

رغم تسليط الضوء على اليوان منذ بدء الاحتكاكات التجارية بين أكبر اقتصادين حول العالم كونها أداة هامة في الصراعات القائمة بين الجانبين، لكن هناك مجموعة من الحقائق حول العملة الأكثر إثارة للقلق.

وسجل اليوان الصيني في شهر أغسطس/آب أسوأ أداء شهري منذ يناير/كانون الثاني عام 1994، عندما قامت بكين بتبني نظام سعر الصرف الحديث، مع حقيقة أن العملة فقدت نحو 3.8 بالمائة قيمتها مقابل الدولار الأمريكي.

وتقف قيمة العملة المحلية للصين في التعاملات الداخلية حالياً عند مستويات لم يسبق رؤيتها منذ أوائل عام 2008.

وسيطر اللون الأحمر على تعاملات العملة الصينية في الداخل لمدة 10 جلسات على التوالي حتى نهاية تعاملات 28 أغسطس/آب، وهي أطول موجة خسائر يومية منذ شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2015.

ويأتي ذلك مع استمرار البنك المركزي الصيني في تحديد السعر المرجعي للعملة عند مستوى (7.0835 يوان لكل دولار) أفضل من التوقعات (7.1126 يوان لكل دولار) لليوم الثامن على التوالي حتى جلسة الجمعة الماضية.

لكن مع ذلك فإن البنك المركزي في الصين يواصل تحديد السعر المرجعي للعملة عند مستوى هو الأدنى في نحو 11 عاماً ونصف العام.

وعلى صعيد موازٍ، تراجع اليوان في التعاملات الخارجية إلى أضعف مستوياته منذ بدء تداوله في السوق الدولي وذلك في عام 2010.

السعر في الداخل والخارج

تتبع الصين نظاماً مختلفاً في سعر الصرف، حيث توجد عملة واحدة ولكن بسعرين للصرف، أحدهما في الداخل وهو الذي تحكم البلاد قبضتها عليه والآخر في الخارج وهو الذي يخضع للظروف العالمية.

وتخضع قيمة اليوان في التعاملات الداخلية، أو ما يرمز له بـ"CNY"، وفقاً لإدارة صارمة.

ويقوم بنك الشعب الصيني في بداية كل يوم بتحديد ما يسمى بالسعر المرجعي للعملة بناءً على مستوى إغلاق الجلسة السابقة وآراء التجار فيما بين المصارف.

ويُسمح لليوان بالتداول في حدود نطاق ضيق يبلغ 2 بالمائة في الاتجاهين الصاعد أو الهابط مقارنة مع السعر المرجعي اليومي.

وفي حالة تحرك العملة بعيداً عن هذا النطاق، يقوم المركزي الصيني بالتدخل لشراء أو بيع اليوان من أجل الحد من التقلبات اليومية.

وبالنسبة لليوان في الخارج، أو ما يعرف برمز "CNH"، فلا يخضع لإدارة صارمة كما هو الحال في تداولات العملة بالداخل.

ويتم تداول اليوان في دول أخرى خارج حدود الصين، أغلبها في هونج كونج وفي سنغافورة وكذلك لندن ونيويورك.

ويتأثر سعر العملة في التداولات الخارجية بالعرض والطلب في السوق، لكن أحجام التداولات تكون أقل نسبياً مقارنة بتداولات العملة في الداخل.

ولطالما سعت الصين إلى تدويل عملتها وخاصةً في أعقاب الأزمة المالية العالمية، كما أطلقت عقود نفط جديدة مقومة باليوان في العام الماضي.

جدير بالذكر أنه في عام 2016، انضم اليوان الصيني إلى سلة عملات صندوق النقد الدولي.

توقعات متشائمة

بات سقف توقعات المحللين بشأن تدني قيمة العملة الصينية أكثر تشاؤماً من السابق وسط استمرار الاتجاه الهابط المسيطر على اليوان.

وتوقع "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" في مذكرة نقلتها وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن يسمح المركزي الصيني للعملة بالهبوط لمستوى 7.5 يوان لكل دولار بحلول نهاية العام الجاري.

من جهة أخرى يتوقع بنك "آي.إن.جي" أن يتراوح سعر صرف زوج العملات (الدولار-اليوان) في نطاق 7.05 إلى 7.50 يوان.

ويتوقع البنك أن يكون معدل التقلبات مرتفع بالنظر إلى هدف الصين لاستخدام اليوان كأداة مفاجئة للسوق.

من جهة أخرى، يستبعد رئيس أبحاث الصين في "أو.سي.بي.سي" في تصريحات مع محطة "سي.إن.بي.سي" أن تتحرك سريعاً بكين مجدداً لخفض قيمة عملتها لكنه أوضح أن البعض يقترح أنه قد يصل لمستوى 7.20 يوان لكل دولار.

وتجعل العملة الأضعف الصادرات الصينية أرخص وأكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية كما يمكن أن تعوض بعض التأثيرات المحتملة من الرسوم الجمركية.

لكن مع ذلك لا يزال من غير المرجح أن بكين قد تسمح لليوان بالانخفاض سريعاً، نظراً للمخاوف المتعلقة بأن يؤدي الهبوط السريع في قيمة اليوان لتخارج كبير في رؤوس الأموال من البلاد، حيث أن المستثمرين ينقلون أصولهم للخارج في ظل عدم الاستقرار.

وبالعودة بالتاريخ للوراء، فإنه في عام 2015 شهد اليوان خسائر بنحو 2 بالمائة لكن الأمر استغرق سنوات في الصين لتحقيق الاستقرار في تدفقات رؤوس الأموال الخارجة منذ ذلك الحين.

التطورات التجارية

لا تزال الاحتكاكات التجارية طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والصين قائمة وسط مرور شهر تلو الآخر دون التوصل إلى صفقة تجارية عادلة كما يرغب الجانب الأمريكي.

ومنذ بداية العام الحالي، يحاول الجانبان إبرام صفقة تجارية في ظل مفاوضات تنتهي دائماً بأنه تم إحراز تقدماً ونسير في الطريق الصحيح، وذلك تحت مظلة هدنة تجارية.

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فاجئ الجميع في شهر يوليو/تموز الماضي وقام بخرق هذه الهدنة التجارية معلناً اعتزامه تطبيق تعريفات بنحو 10 بالمائة على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار بداية من شهر سبتمبر/أيلول المقبل قبل أن يتراجع قليلاً عن موقفه ويرجئ البعض منها حتى 15 ديسمبر/كانون الأول القادم.

ومنذ ذلك الحين بدأت الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد حول العالم في السماح لعملتها بالهبوط دون 7 يوانات لكل دولار، وهو ما اعتبره ترامب بمثابة تلاعب في العملة، في اتهام ليس بجديد على مسامع الجميع.

لكن الصين قررت تصعيد الأوضاع المتوترة لتفرض رسوم جديدة على منتجات أمريكية بقيمة 75 مليار دولار يسري مفعولها بداية من 1 سبتمبر/أيلول المقبل على أن يتم إرجاء بعض التدابير حتى 15 ديسمبر/كانون الأول.

ويتعادل هذا السيناريو مع الجدول الزمني المخطط من جانب الولايات المتحدة والسابق إعلانه في وقت مبكر من أغسطس/آب.

وبالتبعية، قام الرئيس الأمريكي بمزيد من التصعيد، ليعلن زيادة الرسوم المطبقة على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار والتي ستدخل حيز التنفيذ 1 سبتمبر/أيلول، إلى 15 بالمائة بدلاً من 10 بالمائة.

كما أقر زيادة التعريفات على منتجات صينية بقيمة 250 مليار دولار لتصبح 30 بالمائة بدلاً من 25 بالمائة في السابق، وذلك بدايةً من يوم 1 أكتوبر/تشرين الأول.

وتركت هذه التطورات التجارية الأخيرة بصمتها على الأسواق العالمية في نهاية الأسبوع الثالث من الشهر الحالي وسط إثارة اضطرابات قوية بين صفوف المستثمرين.

لكن مع بداية الأسبوع الأخير من شهر أغسطس/آب، هدأت حدت هذه التطورات مع تلميح الرئيس الأمريكي لرغبة الجانب الصيني في العودة لطاولة المفاوضات.

ومع نفي بكين هذا الطلب، فإن الأعين تترقب كل ما هو جديد فيما يتعلق بالاحتكاكات التجارية بين أكبر اقتصادين حول العالم خاصةً في ظل تأكيد دونالد ترامب أن الولايات المتحدة في موقف جيد مع الصين.