TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

أزمة الفيدرالي.. حماية الاقتصاد قد تستلزم خفض الفائدة سريعاً

أزمة الفيدرالي.. حماية الاقتصاد قد تستلزم خفض الفائدة سريعاً

تحرير: نهى النحاس

مباشر: تحدث 4 رؤساء سابقين للبنك الاحتياطي الفيدرالي في المقال الافتتاحي لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي للدفاع عن استقلالية البنك.

واعتبر "كارل سميث" في تحليل نشره عبر "بلومبرج أوبنيون" إلى أن رؤساء الفيدرالي السابقين منحوا بهذا الدفاع رئيس البنك الحالي جيروم باول حماية لا تقدر بثمن لتوفير الدعم للاقتصاد الأمريكي الذي عصفت به الحرب التجارية للرئيس دونالد ترامب.

وبالرغم من ذلك، فإن "باول" لايزال محاصراً بين شقي الرحى، حيث أن المدرسة النقدية في الاقتصاد تنصحه بخفض معدلات الفائدة بشكل حاد تصبح قريبة من الصفر؛ لتجنب مخاطر حدوث ركود اقتصادي.

وعلى الجانب الآخر، فإن اقتصادات الخيار السياسي تنصحه بمزيد من التخفيضات التدريجية من أجل تجنب مظهر فقدان الاستقلالية والرضوخ لمطالب ترامب.

وفي هذه المرحلة لماذا يفعل الفيدرالي شيئاً لا يقل أهمية عما يفعله؟، وما يجب عليه يفعله هو الاستمرار في خفض معدلات الفائدة، مع جعل الأمر واضحا أنه يفعل ذلك ليس لمساعدة ترامب في الفوز بالحرب التجارية وإنما لإحتواء الضرر الناتج عنها.

وهذا التمييز ليس واضحاً دائماً للأشخاص خارج البنك، ومن أجل تحسين الفهم العام فإن باول يحتاج إلى اقتصاديين محترمين يصدقوا على أهمية التخفيضات في الوقت الحالي، والتأكيد على أهمية استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.

وتناول رؤساء الفيدرالي السابقين الأربعة تلك المسألة في صدر الصفحة الأولى لصحيفة "وول ستريت جورنال"، كما أن جانيت يلين الرئيس السابق للفيدرالي كانت قد دعت إلى تخفيضات آنية لمعدل الفائدة.

وأسباب الحاجة لخفض الفائدة تتمثل في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، كما أن الاقتصاد الأمريكي هدأ من وتيرته السريعة في العام الماضي، وكل ذلك إلى جانب معدل التضخم المنخفض، والأهم أن حرب ترامب التجارية تخلق حالة عدم يقين ضخمة.

وفي مثل تلك البيئة فإن التصرف الحكيم الذي يجب القيام به هو خفض معدلات الفائدة حتى قبل ظهور أول إشارة على الركود.

وبالفعل، فإنه حينما تكون معدلات الفائدة على بعد نقاط مئوية قليلة من الصفر كما هو الحال الآن فإن النظرية الاقتصادية تقول إنه يتعين على الفيدرالي خفض معدلات الفائدة أسرع مما كان يمكن القيام به في حال اختلاف الأمر، لأن المخاطر تكون حينها غير متناسقة.

وإذا كان الفيدرالي سريعاً في عمليات خفض معدل الفائدة، فإنه يخاطر بتحفيز الاقتصاد حتى لو كان أي ضعف بمثابة أمر مؤقت، وفي تلك الحالة فإن البنك يمكنه عكس الاتجاه ورفع معدلات الفائدة إلى مستويات أعلى حتى مما كانت موجود من قبل، وحينها يمكن تهدئة الاقتصاد ويتحول التضخم من جديد إلى مستهدف الفيدرالي.

ولكن في حالة أن كان بنك الاحتياطي الفيدرالي متردداً للغاية في مسألة خفض معدل الفائدة فإنه يخاطر بالتراجع أدنى المنحنى (أقل مما يتطلبه التضخم)، ومحاولة إنعاش الاقتصاد الذي يتهاوى بالفعل نحو الركود.

وفي تلك الحالة ستظهر الحاجة إلى خفض معدلات الفائدة بأكثر من المتوقع، ولكن معدلات الفائدة لا يمكنها أن تتراجع أدنى مستوى الصفر وعليه فإن الفيدرالي قد يحتاج إلى اللجوء إلى التيسير الكمي أو إلى تدابير أقل فهماً لتحفيز الاقتصاد.

وهذا هو نفس الموقف الذي تعرض له الفيدرالي بعد انتهاء الكساد الكبير، وهو يفسر لماذا لم يبدأ الاقتصاد في النمو بالفعل مجدداً إلا في 2011 رغم أن الكساد انتهى فعلياً في 2009.

ويدرك "باول" كل هذا، لكن الحرب التجارية تجعل أي شيء يفعله محفوفًا بالمخاطر، واشتكى ترامب مرارًا وتكرارًا من أن باول لا يساعده في شن حربا تجارية.

ونظرياً، يمكن لمجلس الاحتياطي الفيدرالي القيام بذلك عن طريق خفض معدلات الفائدة وبالتالي إضعاف الدولار، حيث أن ضعف العملة يجعل الصادرات الأمريكية أكثر قدرة على المنافسة وجعل تعريفة الرئيس أكثر إيلاما بالنسبة للصين.

والأمر يزداد سوءًا، حيث أنه إذا خفض الفيدرالي معدل الفائدة الآن فإنه سيبدو في مظهر المحاول لدعم الاقتصاد قبيل الانتخابات الرئاسية، والأدهى من ذلك أن ترامب يطارد الفيدرالي منذ توليه المنصب تقريباً لخفض معدل الفائدة، وإذا قام باول بذلك فإنه قد يعرض البنك لاتهامات بأنه يقوم بذلك لمصلحة ترامب.

وهذا هو نوع من التحايلات تشتهر بها البنوك المركزية الواقعة تحت ضغوط رضاء السياسين، حيث تبالغ في تحفيز الاقتصاد قبل الانتخابات مباشرة لمساعدة الحزب الحالي على البقاء في السلطة.

وفي كل مرة يفعلون ذلك، يرتفع التضخم إلى مستويات أعلى حتى يصبح في نهاية المطاف خارج نطاق السيطرة.

ومثلما ذكر رؤساء الفيدرالي الأربعة، حتى ظهور هذا النوع من التنسيق يمكن أن يقوض ثقة العامة في البنك المركزي.

إذن لماذا تظل تخفيضات معدل الفائدة هي أفضل خيار متاح؟ لأن هدف الفيدرالي هو إبقاء الاقتصاد الأمريكي مستقراً، وأفضل وسيلة لإثبات استقلالية البنك هي التركيز على الاقتصاد.

وبلا أدنى مجال للشك فإن الفيدرالي سيرغب في تجاهل الحرب التجارية، ولكن للأسف هذا ليس خياراً.

ومثلما قال "باول" مراراً فإن الحرب التجارية أحد أبرز التهديدات الرئيسية للنمو الاقتصاد الأمريكي، والخيار الوحيد أمام الفيدرالي حال تصعيد الحرب التجارية هو خفض معدلات الفائدة بشكل أسرع والتأكد من أن الجمهور يفهم السبب.