TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

مجلس الذهب العالمي يرسم خريطة توقعات النصف الثاني

مجلس الذهب العالمي يرسم خريطة توقعات النصف الثاني

من: سالي إسماعيل

مباشر: من المنطقي أن يتطلع الجميع إلى أداء معدن الذهب خلال النصف الثاني من عام 2019، خاصةً بعد مكاسب تجاوزت 130 دولاراً في أول ستة أشهر من العام.

ويوضح تقرير حديث صادر عن مجلس الذهب العالمي توقعاته لأداء المعدن النفيس خلال فترة الستة إلى الإثنى عشرة شهراً المقبلة مع الإشارة للمخاطر المحتملة على هذا الأصل.

ومن المرجح أن يساهم عدم اليقين داخل الأسواق المالية والسياسة النقدية التيسيرية في دعم الطلب على الاستثمار في الذهب في الأشهر القادمة.

ورغم أنه من المحتمل أن يؤدي النمو الاقتصادي الضعيف إلى تخفيض الطلب الاستهلاكي على الذهب في المدى القريب إلا أن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية في الهند والصين من المرجح أن تدعم الطلب على المدى الطويل.

الإقبال والابتعاد عن المخاطر

شهد النصف الأول من عام 2019 أحداثاً عديدة تتعلق بالأسواق المالية، حيث استعادت الأسهم خسائرها المسجلة في الربع الأخير من العام الماضي بحلول نهاية أبريل/نيسان قبل أن تتراجع خلال الشهر التالي.

وبعد أسابيع قليلة أخرى، تمكنت الأسهم من الوصول إلى مستويات قياسية.

ويأتي ذلك بالتزامن مع إشارة البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم إلى موقف أكثر تيسير بشأن السياسة النقدية، ما دفع عوائد السندات العالمية للهبوط إلى مستويات هي الأدنى في عدة سنوات وفي بعض الدول كانت الأدنى على الإطلاق.

ومع سعي المستثمرين لموازنة أسعار الأسهم المرتفعة في ظل بيئة من عدم اليقين بشكل متزايد، فإن أسعار الذهب شهدت قفزة جعلت المعدن واحداً من الأصول الأفضل أداءً بحلول نهاية شهر يونيو/حريزان.

وبينما كانت الزيادة في أسعار الذهب خلال شهر يونيو/حريزان قوية بشكل خاص، مدفوعة بمعدلات الفائدة الآخذة في الانخفاض وارتفاع المخاطر والزخم، إلا أن المستثمرين كانوا أكثر تفاؤلاً هذا العام بشكل عام.

ويمكن البرهنة على هذا التفاؤل من خلال التدفقات الإيجابية الداخلة في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، حيث شهدت تدفقات بقيمة 5 مليارات دولار أو ما يوازي 108 أطنان من الذهب منذ بداية العام وحتى نهاية يونيو/حريزان بقيادة الصناديق الأوروبية.

كما أبلغت البنوك المركزية عن صافي مشتريات يبلغ تقريباً 247 طن من الذهب أيّ ما يعادل 10 مليارات دولار حتى شهر مايو/آيار، في إشارة لمواصلة التوسع في حيازات الذهب كجزء من الاحتياطيات الأجنبية.

ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة

شهدت السياسة النقدية العالمية تحولاً بمقدار 180 درجة، حيث أنه قبل ما يقل عن عام مضى كان كل من أعضاء السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي والمستثمرين الأمريكيين يتوقعون أن تواصل معدلات الفائدة الارتفاع حتى نهاية عام 2019 على الأقل.

لكن بحلول شهر ديسمبر/كانون الأول كانت النتيجة الأكثر ترجيحاً بالنسبة للفيدرالي هي البقاء في وضع الانتظار، أما الآن فتتوقع الأسواق أن يقوم المركزي الأمريكي بخفض معدلات الفائدة مرتين أو ثلاث مرات قبل يحل نهاية هذا العام.

ويمكن ألا يستجيب الفيدرالي لطلبات السوق لكنه في العموم لا يقوم بمفاجئة الأسواق كذلك.

وفي التاريخ الحديث، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بتعديل معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية بما يتماشى مع التوقعات كلما كان احتمال السوق لهذه النتيجة يبلغ 65 بالمائة أو أعلى من ذلك.

وكان الاستثناء الوحيد الملحوظ هو خفض معدل الفائدة الذي أعلن عنه خلال اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة غير المخطط له والذي عقد في شهر يناير/كانون الثاني عام 2008 عند بدء الأزمة المالية العالمية.

ولم يكن الفيدرالي وحده في هذا التحول، حيث أعلن رئيس المركزي الأوروبي ماريو دراجي أنه مستعد لتمديد برنامج شراء الأصول أو خفض معدلات الفائدة للحفاظ على النمو الاقتصادي.

كما من المتوقع أن يقوم بنك اليابان كذلك بجعل سياسته النقدية أكثر تيسيرية، ومن المرجح كذلك أن تحذو البنوك المركزية في الأسواق الناشئة هذا الحذو.

ويفترض أن تؤدي احتمالات خفض معدلات الفائدة إلى دعم الطلب الاستثماري على الطلب، حيث تشير أبحاث مجلس الذهب إلى أن أسعار الذهب كانت أعلى في الإثنى عشرة شهراً التالية لنهاية دورة تشديد نقدي.

وعلاوة على ذلك، فإن عوائد الذهب التاريخية أكثر من ضعف متوسطها على المدى الطويل خلال الفترات التي تشهد معدلات الفائدة الحقيقة السالبة (بعد استبعاد أثر التضخم)، والتي من المرجح أن نراها في وقت لاحق هذا العام.

وفي الوقت نفسه، فإن الدولار الأمريكي - والذي يُشكل عادةً رياحاً معاكسة للذهب - قد يظل في نطاق محدد، حيث أن التوترات التجارية ومعدلات الفائدة المنخفضة تُبطل أثر النمو الاقتصادي المستمر.

المخاطر بنكهات عديدة

لا تقف البنوك المركزية بعيدة عن الأوضاع المحيطة، بل تكون في وضع الاستعداد لتحفيز اقتصاداتها في حالة ظهور مخاطر أو حدوث تباطؤ عالمي أكبر.

وتشمل هذه المخاطر الآثار السلبية المحتملة طويلة الآجل للتعريفات المرتفعة وسط التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركاؤها التجاريين.

ومن بين هذه المخاطر كذلك التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران إضافة إلى حالة عدم اليقين المحيطة بالبريسكت والمخاوف السياسية والاقتصادية الأخرى في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن معدلات الفائدة المنخفضة دعمت ارتفاع سوق الأسهم المستمر منذ عقد من الزمن.

وأدى ذلك إلى دفع تقييمات الأسهم إلى مستويات لم تشهدها منذ فقاعة "دوت كوم".

ومن الأمور المثيرة للقلق، أنه في حالة حدوث ركود اقتصادي، قد لا تكون البنوك المركزية - بما في ذلك الفيدرالي - قادرة على الاعتماد على خفض معدلات الفائدة.

ولكن بدلاً من ذلك، قد تحتاج تلك البنوك الكبرى إلى استخدام التيسير الكمي وربما تدابير جديدة غير تقليدية لتحفيز الاقتصاد العالمي.

ويمكن أن تساعد الأصول السائلة ذات الجودة العالية مثل الذهب المستثمرين في موازنة المخاطر بشكل أكثر فعالية مع توفير عوائد طويلة الآجل غير مرتبطة.

ويأتي ذلك على خلفية ارتفاع أسعار السندات ذات الجودة المرتفعة والمنخفضة، حيث أن العوائد تراجعت بشكل عام كما أن الفوارق الائتمانية بين النوعين تتعرض للضغوط منذ عام 2011.

وفي الواقع، فإن هناك أكثر من 13 تريليون دولار من الديون العالمية يتم تداولها في الوقت الحالي بعائدات سالبة.

ويظهر تحليل المجلس العالمي للذهب أنه يتم تداول 70 بالمائة من كافة ديون السوق المتقدمة بعوائد سالبة حقيقية مع اقتراب الـ30 بالمائة المتبقية من أو دون 1 بالمائة.

تباين طلب الأسواق الناشئة

قد يؤدي ضعف النمو الاقتصادي والتأثير المحتمل لتذبذب أسعار الذهب المرتفع إلى انخفاض الطلب الاستهلاكي على الذهب هذا العام وخاصةً في الأسواق الناشئة التي تشكل حصة الأسد من الطلب السنوي.

ومن المحتمل أن يتسبب الإعلان الأخير بشأن زيادة بنسبة 2.5 بالمائة على رسوم استيراد الذهب من قبل وزارة المالية في الهند، في خفض الطلب بعام 2019 بنحو 2.4 بالمائة تقريباً.

وفي حالة باتت هذه الرسوم الأعلى دائمة، فمن الممكن أن يساهم ذلك في تقليل طلب المستهلكين الهنود على المدى الطويل بنسبة تقل قليلاً عن 1 بالمائة سنوياً.

ومع ذلك، نعتقد أن الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية الواسعة التي يتم تنفيذها في كل من الهند والصين من المرجح أن تدعم الطلب على الذهب على المدى الطويل.

كما من المتوقع أن تُبقي البنوك المركزية - بقيادة الأسواق الناشئة - الطلب على الذهب إيجابياً في المستقبل القريب.

كل شيء مترابط

على عكس الاعتقاد الشائع، فإن أداء الذهب يتم تفسيره بشكل جيد عبر ديناميكيات العرض والطلب.

وبالنظر إلى بقية العام، فمن المعتقد أن الطلب الاستهلاكي على الذهب قد يكون ضعيفاً وأن النشاط المضاربي قد يضاعف من تحركات الأسعار.

لكن من المحتمل بشكل عام أن يظل الطلب على الاستثمار في الذهب قوياً وأن تستمر البنوك المركزية في اتجاه صافي المشتريات.