TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل.. أزمة صناعة السيارات العالمية وراء صفقة اندماج "رينو" و"فيات"

تحليل.. أزمة صناعة السيارات العالمية وراء صفقة اندماج "رينو" و"فيات"

تحرير: نهى النحاس

مباشر: في عام 2008 حينما كانت صناعة السيارات الأمريكية معرضة لمخاطر كبيرة أعلنت شركة "جنرال موتورز" عرضاً كان يبدو مستبعداً تماماً وهو السعي للاندماج مع منافستها "فورد".

ورغم أن ذلك الاندماج لم يحدث في نهاية المطاف، حيث تقدمت "جنرال موتورز" بطلب لحمايتها من الإفلاس في حين تجنبت "فورد" خطة الإنقاذ؛ فإن حقيقة أن الشركتين بحثتا هذا النقاش يبرز الضغوط التي كانا يتعرضان لها.

ويشير مقال لوكالة "بلومبيرج أوبنيون" إلى أنه في الوقت الحالي فإن صناعة السيارات الأوروبية لديها مشاكلها الخاصة.

وأعلنت شركة "فيات كرايسلر" أن لديها الرغبة للاندماج مع "رينو" لتشكيل ثالث أكبر شركة صناعة سيارات في العالم، وربما يكون الأكبر في حالة تضمن نيسان شريكة رينو.

لماذا ترغب الشركتان في الاندماج؟

هناك مواطن جذب في تلك الشراكة، ولكن ذلك المقترح الخاص بالاندماج يتجاوز مجرد التحالف أو الشراكة المحدودة، ولذلك لماذا يتخذ الملياردير جون إليكان الرئيس التنفيذي لـ"فيات كرايسلر" مثل تلك الخطوة؟

وبعكس الشركات الأمريكية في 2008 فإن "فيات" أو "رينو" لا تعد من ضمن الشركات التي تخسر أموالاً أو تواجه انهياراً وشيكاً، ولكن كلاً منهما يواجه تغيرات صناعية مؤلمة، حيث تتباطأ مبيعات السيارات بينما ترتفع تكاليف تطوير السيارات الكهربية والالتزام بمستهدفات الانبعاثات الأكثر صرامة.

وتعتقد "فيات" أن حل هذه المشاكل يتمثل في زيادة حجم الإنتاج وتقاسم العبء المالي، ولكن هل هذا صحيح؟

ونتيجة لمواردها المالية المحدودة فإن "فيات كرايسلر" تتخلف الركب في مجال السيارات الكهربية في حين أن "رينو" معروفة بكونها رائدة في المجال.

ولكن بفضل علاماتها التجارية "جيب" و"رام" فإن "فيات" تمتلك أعمالاً مربحة للغاية في مجال الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي في الولايات المتحدة.

وفي المقابل؛ فإن الأعمال التشغيلية لشركة "فيات" في أوروبا تحقق أرباحاً بالكاد؛ وهو الأمر الذي قد يفسر لماذا اختارت "رينو" كشريك للاندماج المحتمل على أن تختار شركة مثل "بيجو" التي مبيعاتها تميل بشكل أكبر نحو أوروبا.

كيف يمكن لهذا الاندماج أن يتحقق؟

وبعد ذلك يأتي أمر خفض التكاليف والاستثمارات الذي تقدره شركة "فيات" بنحو 5 مليارات يورو سنوياً، ولكن توجد أسباب تدفع للتشكيك بشأن تلك الأرقام.

لا توجد خطط لإغلاق مصانع، وهي واحدة من أسرع وأكثر الطرق ألماً لخفض التكاليف، وفي المقابل؛ فإن تقليص المصروفات من المتوقع أن يأتي من مشتريات مشتركة وتبادل منصات السيارات والأبحاث والتطوير.

ومع الأخذ في الاعتبار طول المدة الزمنية التي سيستغرقها الاندماج من أجل التنفيذ، إلى جانب تكاليف الاندماج نجد أن الرقم الأكثر واقعية سيبلغ 3.5 مليار يورو فقط من القيمة المضافة لكل منهما.

صدى الدمج على المركز المالي والإداري لكل شركة

وقبل إعلان رغبة "فيات كرايسلر" للاندماج مع "رينو" فإن كلتا الشركتين تم تقييمهما عند 4 مرات أكثر من الأرباح المقدرة؛ وهو مستوى أقل حتى بمعايير صناعة السيارات (معدل السعر إلى الأرباح).

ومما لا شك فيه أن الكيان الناتج عن الاندماج سيأمل في إعادة تقييم سوق الأسهم الذي من المحتمل أن يحسن الاستفادات المالية من الصفقة إلى نحو 5 مليارات يورو لكل من الشركتين.

وارتفعت القيمة السوقية لشركتي "فيات كرايسلر" و"رينو" بنحو ملياري يورو فحسب خلال تعاملات يوم الاثنين؛ وهو ما يعكس المخاوف بشأن احتمالية عدم إتمام الصفقة أو صعوبة تقديمها الفوائد التي تم التعهد بها.

ودمج الشركتان قد يخلق تعقيدات هائلة ومخاطر الحوكمة التي مازال عدد كبير من أعضاء مجلس الإدارة يكافح من أجل تخفيفها.

ولم يكن من الممكن أن يكون أي من الطرفين شريكاً صغيراً في الاندماج، ومن حسن الحظ أن القيمة السوقية لشركة "فيات" و"رينو" لم تكن متباعدة، لذا فإن الدمج المتساوي في كيان واحد أمراً ممكناً، ويمكن تعويض التباين الطفيف في التقييم عن طريق الدفع النقدي لمساهمي فيات.

فرص نجاح الاندماج

ولكن الاندماجات بين الشركات المتكافئين نادراً ما تنجح، وشركات السيارات بشكل خاص لديها سجل فقير في هذا الصدد، حيث إنه في الوقت الذي كان فيه استحواذ "فيات" على "كرايسلر" ناجحاً؛ فإن استحواذ "دايملر" على "كرايسلر" في وقت سابق كان بمثابة كارثة.

ومن الغريب أن "فيات" تمكنت من تأمين الاندماج في حين أن "رينو" لا تزال في صراع مع شريكتها "نيسان، ومن المحتمل أن ترى صانعة السيارات اليابانية ذلك الاندماج على أنه تشتيت مفيد ستوقف به مديرو "رينو" من تعميق التحالف بين الجانبين في الفترة الراهنة.

كما أن الاندماج مع "فيات" قد يقلص نفوذ الحكومة الفرنسية التي تمتلك في الوقت الحالي 15 بالمئة من أسهم "رينو"، وحصة أكبر فيما يتعلق بحقوق التصويت.

ومع ذلك فإنه من المحتمل أن ترى "نيسان" ذلك على أنه محاولة لتحريك ثقل تحالف "نيسان" و"رينو" بشكل أكبر تجاه أوروبا.

ولكن فيما يتعلق بالاندماج الحالي بين رينو وفيات فإن السياسة تشكل تحدي ضخم، ويجب توقع الصراع بين المصالح الفرنسية والإيطالية من أجل كل سنتاً من الإنفاق الاستثماري، وفي حالة أن أصبح من الضروري حدوث عملية إلغاء وظائف فإن الأمور قد تصبح أكثر توتراً.

ولكن السياسة توضح أيضاً سبب مناقشة هذه الصفقة، فعبر تشويه سمعة السيارات التي تعمل بالديزل والضغط لتقليص انبعاثات الكربون؛ فإن الحكومات حاصرت شركات صناعة السيارات.

ومثلما كان الحال في عام 2008؛ فإن محاولات الاندماج بين شركات تصنيع السيارات تحدث عندما تصبح الصناعة في حالة يائسة.