TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

كيف تؤثر السياسة النقدية على أسعار الذهب عالمياً؟

كيف تؤثر السياسة النقدية على أسعار الذهب عالمياً؟

من: سالي إسماعيل

مباشر: يتحرك الذهب في الاتجاهين الصاعد والهابط مع تغير موقف السياسة النقدية، لكن كيف يحدث ذلك؟ وأي القرارات تؤثر سلباً وأيهما تكون ذات تأثير إيجابي على أداء المعدن؟.

من المتوقع أن يؤكد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في 20 مارس توقعات السوق بأن المركزي الأمريكي سيبقي في وضع التوقف حتى بقية العام. (ألغى الفيدرالي بالفعل احتمالية زيادة معدل الفائدة خلال 2019)

ومن المرجح أن يؤثر ذلك بدوره على أداء الذهب، بحسب تقرير نشره مجلس الذهب العالمي عبر موقعه الإلكتروني تحت عنوان "تأثير السياسة النقدية على الذهب".

وتظهر تحليلات مجلس الذهب أنه تاريخياً عندما يتحول الفيدرالي من موقف متشدد بشأن السياسة النقدية إلى موقف محايد، فإن أسعار الذهب تشهد ارتفاعاً حتى وإن لم يكن هذا التأثير يحدث بشكل فوري.

ومن وجهة نظر المجلس العالمي للذهب، فإن مزيج معدلات الفائدة الأمريكية محدودة النطاق إلى جانب تراجع قيمة الدولار الأمريكي ومخاطر السوق المتواصلة، سوف تستمر في جعل الذهب أصلاً جذاباً بالنسبة للمستثمرين.

محركات الذهب في 2019

في تقرير توقعات 2019، اعتبر مجلس الذهب بالسياسة النقدية واتجاه الدولار الأمريكي عاملاً رئيسياً يجب مراقبته لرصد أداء المعدن هذا العام.

و"من هذا المنطلق نعتقد أن اجتماع 20 مارس والذي يتضمن تقرير توقعات الفيدرالي، سيوفر مزيداً من الوضوح بشأن توقعات السياسة النقدية والتي ستقدم بدورها توقعات إضافية بشأن أداء الذهب هذا العام"، بحسب المجلس.

وتشير أسعار السندات الحالية التي تعكسها السوق، والتي تميل أن تشمل بدقة إشارات مؤقتة من الفيدرالي، إلى أنه من المرجح بشدة أن يظل المركزي الأمريكي في حالة توقف عن زيادة معدلات الفائدة خلال عام 2019، كما أن لديه فرصة لخفض الفائدة (احتمالية بنسبة 15%) للمرة الأولى في عدة سنوات.

معلات الفائدة أصبحت أكثر تأثيراً

تنقسم محركات الذهب إلى 4 عوامل وتحدد التفاعلات بين هذه الفئات أداء الذهب على المدى القصير والطويل.

والمحركات الأربعة هي التوسع الاقتصادي: تُعد فترات النمو الاقتصادي داعمة للغاية للطلب على المجوهرات والتكنولوجيا والمدخرات طويلة الآجل.

والمخاطرة وعدم اليقين: غالباً ما يعزز تباطؤ السوق الطلب على الذهب كملاذ آمن.

وتكلفة الفرصة: يؤثر سعر الأصول التنافسية مثل السندات والعملات وغيرها على اتجاهات المستثمرين بشأن الذهب.

والزخم: يمكن لتدفقات رأس المال واتجاهات الأسعار والمراكز الشرائية أن تعزز أداء المعدن أو تضعفه.

وخلال عام 2018، تأثر أداء الذهب إلى حد كبير باتجاه الدولار الأمريكي لكن معدلات الفائدة إلى جانب حالة عدم اليقين بالأسواق عادت من جديد للصدارة.

 

وسلط البحث السابق لمجلس الذهب الضوء على حقيقة أن معدلات الفائدة ذات تأثير أكبر على أداء أسعار الأصول (بما في ذلك الذهب) عندما يكون هناك تحول في موقف السياسة النقدية (على سبيل المثال من الحيادية إلى التشديد النقدي أو العكس).

وفي الواقع، يشير تحليل المجلس بشأن أداء الذهب في يناير إلى أن توقعات معدلات الفائدة بدأت تلعب دوراً مؤثراً أكثر مما كانت عليه في عام 2018.

الآثار المترتبة على الذهب

السؤال ذو الصلة بالنسبة لمستثمري الذهب هو إذا كانت السياسة النقدية على وشك التحول من التشديد (معدلات فائدة أعلى) إلى المحايدة (معدلات فائدة ثابتة)، فهل يجب أن يكون ذلك عاملاً إيجابياً بالنسبة للذهب؟.

وعلى هذا النحو، فإننا ننظر إلى الأداء التاريخي للذهب والأصول الرئيسية خلال دورات زيادة الفائدة السابقة وكذلك خلال الفترات التي تشهد تحول السياسة من التشديد إلى الحيادية وصولاً للتيسير النقدي في نهاية المطاف.

تأثر أسعار الذهب بعد خفض الفائدة

لم يكن متوسط الآثار المباشرة (من شهر إلى 3 أشهر) للانتقال في السياسة من التشديد إلى الحيادية على الذهب واضحة.

وقد تكون أسباب ذلك هي:

1- حالة عدم اليقين بشأن ما إذا كانت معدلات الفائدة الآخذة في الارتفاع قد تُستأنف.

2- تراجع معدل التضخم أو انخفاض خطر تسارع التضخم، والذي عادةً ينظر إليه كمؤثر سلبي بالنسبة للذهب.

3- تحول مخصصات المستثمر إلى الدخل الثابت الآمن (السندات الحكومية أو النقد) من الأصول الخطرة بدلاً من الذهب.

4- مسار غير مؤكد بالنسبة للدولار: من المرجح أن تكون حجة معدلات الفائدة بالنسبة للدولار أضعف لكن حجة الملاذ الآمن آخذة في الزيادة.

كل الدورات ليست متشابهة

لا تظهر كل الدورات مثل هذا التشابه، حيث تشارك الدورة الحالية المزيد من أوجه التشابه مع الدورتين الأخيرتين: خلال الفترة بين عامي 1999 و2000 والفترة بين عامي 2004 و2007 على الرغم من أن تلك الفترتين شهدتا خفض معدلات الفائدة.

ويشير هذا إلى احتمالية ارتفاع أسعار الذهب على المدى المتوسط.

وكانت معدلات الفائدة آخذة في الارتفاع بدون توقف لمدة 12 شهراً على الأقل في كلتا الدورتين كما أن منحنى العائد على السندات كان مسطحاً أو مقلوباً بالفترة نفسها فضلاً عن تراجع مبيعات التجزئة وتدهور شروط الائتمان (2006-2007) كما بلغت أسعار النفط ذورتها (عام 2000).

الذهب يميل للارتفاع على المدى المتوسط

اعتماداً على أحدث الدورات الاقتصادية، يشير التحليل إلى أن الذهب يؤدي بشكل أفضل في دورة ما بعد التشديد النقدي، لكن الفترة التي تشهد حدوث ذلك تختلف.

وعلى سبيل المثال، فإن الذهب ارتفع 3.6% في عام 2001 بعد 12 شهراً من توقف الفيدرالي عن زيادة معدلات الفائدة.

لكنه ارتفع بنسبة 7% بعد شهر واحد فقط من التحول في السياسة عام 2007، وهو الاتجاه الذي استمر، حيث كان أعلى بنحو 19% في الإثنى عشرة شهراً التالية لآخر زيادة بمعدل الفائدة نفذها الفيدرالي.

وبشكل عام، تفوق الذهب على الأسهم ومجموعة السلع الأوسع خلال نفس تلك الفترات، كما كان أفضل أداءً من سندات الحكومة الأمريكية وسندات الشركات في دورة ما بعد التشديد النقدي الأخيرة والتي تزامنت مع الأزمة المالية العالمية عامي 2008 و2009.

ومن المرجح بشدة أن هذا الوضع كانت نتيجة للمخاطر النظامية الأكثر انتشاراً.

ماذا يعني كل هذا؟

في حين أنه لا يوجد دليلاً واضحاً يشير إلى وجود أثر إيجابي سريع على سعر الذهب بعد توقف الفيدرالي عن زيادة الفائدة، فإن التحليل التاريخي يوضح أن المعدن النفيس في نهاية المطاف بتفاعل بشكل إيجابي مع استمرار دورة التوقف و/أو تخفيف المركزي الأمريكي لسياسته النقدية.

ومن الناحية التاريخية، أظهرت فترات ما بعد دورة التشديد النقدي أداءً قوياً للذهب في النهاية، ما يوازن أداء الأصول الخطرة مثل الأسهم والسلع ويستكمل، حتى أنه في بعض الأحيان يتفوق في الأداء على أصول مثل سندات الخزانة وسندات الشركات.

إضافة أثر معدلات الفائدة لمحركات الذهب الرئيسية الأخرى

وخارج الولايات المتحدة، قدم البنك المركزي الأوروبي مفاجأة للأسواق في الأشهر الأخيرة بتوسيع برنامجه لشراء الأصول.

وبخلاف سندات الخزانة الأمريكية، لا تزال أسواق السندات في أوروبا والمملكة المتحدة تقوم بتسعير فرصة إيجابية وإن كان باحتمال صغير، لزيادة معدل الفائدة هذا العام.

هذا إلى جانب أنه من المحتمل أن يؤدي استمرار حالة عدم اليقين المحيطة بالمفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى تباطؤ ارتفاع الدولار الأمريكي.

وفي الواقع، إذا كان الفيدرالي سوف يشير إلى موقف أكثر تشاؤماً مع بقاء الدولار في نطاق محدد، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى التخلص من بعض الرياح المعاكسة القوية التي واجهها الذهب في عام 2018.

وعلاوة على ذلك، فإن هناك مخاطر محتملة إضافية على الأسواق المالية العالمية، بما في ذلك:

1- الفترة الطويلة للانتعاش الحالي، والتي تعتبر بمثابة علامة على الإنهاك الاقتصادي.

2- تسطيح وانحراف منحنيات العائد على السندات مع الافتقار للنمو الذي يحركه الاستثمار، ما يشير إلى علامات بشأن ركود اقتصادي محتمل.

3- استمرارية التقييمات المرتفعة لأسواق الأسهم عند مستويات لم يسبق رؤيتها منذ فقاعة "دوت كوم"، ما يسلط الضوء على موجات التقلب المحتملة.

4- تدهور شروط الائتمان على كل من المستهلك والشركات.

5- استمرارية حالة عدم اليقين المحيطة بتوقيت تنفيذ البريكست والآثار المترتبة على ذلك.

ومن المحتمل أن تدعم هذه العوامل مجتمعة الطلب على الاستثمار من خلال توفير مدخل للمستثمرين الذين يتطلعون لإضافة الذهب إلى محافظهم الاستثمارية كمصدر للعوائد والتنويع والسيولة.