TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

تحليل: الاحتياطي الفيدرالي يكرر نفسه طوال 10 سنوات دون نجاح

تحليل: الاحتياطي الفيدرالي يكرر نفسه طوال 10 سنوات دون نجاح

تحرير: نهى النحاس

مباشر: يبدو أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لم ينجح في أي جانب من الاقتصاد طوال العقد الماضي سوى في الحفاظ على معدل تضخم منخفض.

ومضت 10 سنوات على ظهور بن برنانكي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأسبق في برنامج 60 دقيقة، ومع الاستماع إلى رئيس البنك الحالي  جيروم باول في نفس البرنامج عقب مرور عقد من الزمن فإنه يبدو أن أفضل خطط وُضعت منذ ذلك الوقت "مستهلكة مع استثناء وحيد وهو الميزانية العمومية للفيدرالي".

ويشير تحليل نشرته "بلومبرج أوبنيون" إلى أنه حينما سأل مقدم برنامج 60 دقيقة مسؤول الفيدرالي الأسبق حول ما إذا كان المركزي الأمريكي يطبع الأموال، فإن إجابته كانت "حسناً، بشكل فعّال".

وتابع برنانكي منذ 10 سنوات: "توجد حاجة لتنفيذ ذلك نتيجة الضعف الشديد للاقتصاد والانخفاض الحاد بمعدل التضخم، حينما يبدأ الاقتصاد في التعافي فإن ذلك سيكون الوقت لتخفيف تلك البرامج وزيادة معدلات الفائدة وخفض المعروض النقدي والتأكد من أن التعافي لا ينطوي على التضخم".

وإذا كان الهدف الأهم هو التعافي الاقتصادي بدون تضخم، فإن الفيدرالي تمكن من تحقيق ذلك.

ومنذ انطلاق التعافي الاقتصادي في يونيو 2009 فإن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي والذي يقيس الأسعار التي تدُفع بواسطة المستهلكين لصافي السلع والخدمات بعد استبعاد أسعار الطاقة والغذاء والتي تكون أكثر تقلباً، تجاوز مستوى 2% في 5 أشهر فقط العام الماضي و4 أشهر في 2012 وشهر واحد في 2011.

ويرى منتقدو الاحتياطي الفيدرالي أن الارتفاع الكبير في الأصول المالية على مدار العقد الماضي تؤكد بشكل صارخ الحاجة بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لدمج مقاييس التضخم التي تأخذ في عين الاعتبار صعود الأسعار الخاصة بالأصول والعقارات.

وأحد هذه المقاييس وهو مؤشر التضخم الأساسي الذي صممه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك كان يحوم حول مستوى 3% منذ فبراير الماضي.

وبمعني آخر فإن مقياس التضخم الأساسي يتجاوز مستهدف الفيدرالي عند 2% منذ نوفمبر 2016، وبالتالي فإن مبرر رفع أسعار الفائدة يعتمد على المقياس المستخدم في توجيه السياسة.

أما بالنسبة لالتزام برنانكي بإنهاء السياسة النقدية غير التقليدية، فإنه يبدو بشكل متزايد كما لو أنه لا يمكن تحقيق سوى قدر بسيط من وعده.

ومنذ الاجتماع الأخير في يناير فإن مسئولي الفيدرالي أصبحوا مجتمعين في عزمهم لتقديم خريطة طريق لإنهاء التشديد النقدي في الاجتماع المقبل.

وكان باول قدر أمام الكونجرس أنه سيتم الانتهاء من خفض ميزانية البنك لتصل إلى 3.5 تريليون دولار من الأوراق المالية، مقارنة بأعلى مستوياتها المسجلة في يناير 2015 حينما وصل إلى 4.52 تريليون دولار (كانت أقل من تريليون دلوار قبل الأزمة المالية).

وكان الاحتياطي الفيدرالي قد بدأ بعد الأزمة المالية في شراء أصول مالية وضخ تريليونات الدولار في الأسواق لدعم تحفيز الاقتصاد ما رفع قيمة ميزانيته بشكل حاد، قبل أن يقوم مؤخراً بخفض هذه الميزانية عبر التخلص من حيازته من السندات.

وإدارة سياسة نقدية أكثر تيسيراً من الحاجة ولفترة طويلة أفادت أسعار الأصول العالمية، حتى بعد أن بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي تقليص مشترياته من السندات فإن أقرانه من البنوك المركزية الأخرى أصبحوا ينتهجون سياسة أكثر تيسيرية.

وبحلول فبراير الماضي فإن الأصول المجمعة للميزانية العمومية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي والمركزي الأوروبي وبنك اليابان وبنك إنجلترا استقرت عند مستوى 36.3% من إجمالي الناتج المحلي ولم تتغير كثيراً خلال العامين الماضي.

وبسؤال برنانكي قبل سنوات عن البنوك التي دفعت مكافأت وعلاوات بعد أن بدأت تتلقى حزم إنقاذ فإن إجابته كانت كالآتي: "عصر مستويات المعيشة العالية انتهى، الآن هم بحاجة إلى أن يكونوا مسؤولين ويستخدموا الأموال بشكل بناء".

وأضاف: "أود أن أقول إن وظيفتهم في الوقت الحالي هي إيجاد طريقة لتقديم قروض إلى المقترضين ذوي الجدارة الائتمانية، وإعادة بنوكهم إلى مسار يقدمون خلاله قروض جيدة وآمنة".

ولكن في المؤتمر السنوي الأخير للرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال قدم أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا جابرييل زوكمان النتائج التي توصل إليها حول الفجوة الآخذة في الاتساع بين الميسورين والمعدمين في الولايات المتحدة.

وأظهرت كل من بيانات ومسوح الضرائب أن عدم المساواة في الثروة قد زاد بشكل كبير منذ الثمانينيات وذلك مع امتلاك أغنى 1% من الأشخاص لنحو 40% من الثروة في عام 2016 مقابل نسب تتراوح بين 25% إلى 30% في الثمانينيات.

وأشار زوكمان أيضًا إلى أن زيادة تركيز الثروة أصبح ظاهرة عالمية، وإن كانت أكثر صعوبة للرصد بالنظر إلى العولمة وزيادة عتامة النظام المالي.

وهذا لا يعني أن أقوى اللاعبين في مجال التمويل لم يضطروا إلى التكيف مع عالم ما بعد الأزمة، حيث أن عدم القدرة على مباشرة إقراض محفوف بالمخاطر في ظل تشديد الإجراءات التنظيمية دفع الشركات بدرجة متزايدة خارج النظام المصرفي التقليدي لصالح صناعة الظل المصرفية.

وفي حين أن باول اعترف بأن المخاطر تراكمت بين الشركات ذات مستويات الرافعة المالية العالية (الديون)، فإنه أيضاً قال إن حجم الأزمة ليس "مشابهاً لما رأيناه في أزمة الرهن العقاري، لكنه في الوقت نفسه قد يتضخم تأثيره في أوقات الاتجاه الهابط للاقتصاد".

وتسببت سياسة الفيدرالي في زيادة أسعار الأصول وتجاهلت الأشخاص الذين بلا أي وسائل للاستفادة من هذا الصعود وهي الملابسات التي شوهت كل من عدم المساواة في الدخل والثروة.

ورد باول على سؤال "إلى أين نحن متجهون في هذا البلد حيث التفاوت في الدخل" بقوله: "بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يتحمل مسؤولية مباشرة عن هذه القضايا".

وإذا كان "أثر الثروة" الذي تم استخدامه لتبرير قيام البنك قبل سنوات بعملية التيسير الكمي لم ينجح بعد ولم يصل إلى هؤلاء الذين يحتاجون زيادة دخلهم بشكل أكثر إلحاحاً فإن الوقت قد حان للفيدرالي للاعتراف بفشله وفتح الباب أمام سياسات جديدة.