TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

لماذا يثير عجز الحساب الجاري قلق الدول؟

لماذا يثير عجز الحساب الجاري قلق الدول؟

تحرير: سالي إسماعيل

مباشر: تحتاج الدول شأنها في ذلك شأن الأسر والشركات إلى تحقيق التوازن في ميزانيتها عندما تنفق أموالاً أكثر مما تحصد.

ولا يمثل ذلك مصدر قلق للدول عندما يُبدي الآخرون رغبتهم في تمويل أيّ نقص بالقروض أو الاستثمارات.

ومع ذلك، يمكن أن تتفاقم المشاكل إذا توقفت مصادر التمويل.

وفي حالة الاقتصاديات الوطنية، يسمى هذا النقص في التمويل بعجز الحساب الجاري، واستمرار هذا العجز لفترة طويلة قد يعود ليضرب الاقتصاد خاصةً في الأسواق الناشئة.

ويضع تقرير نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية، 7 أسئلة حول الحساب الجاري وماهيته، ودوره في الدول، والمشاكل التي يواجهها.

  1. ما هو الحساب الجاري؟

يمثل الحساب الجاري حساب قيمة صادرات دولة ما من السلع والخدمات مقابل وارداتها، وهو ما يعرف كذلك باسم الميزان التجاري.

ولكن الحساب الجاري يعتبر مقياساً أوسع من الميزان التجاري كونه يأخذ في الاعتبار أيضاً بعض بعض الإيرادات والمدفوعات مثل الفائدة على الدين أو توزيعات الأرباح على الأسهم.

وفي حالة تجاوز قيمة واردات دولة ما لصادراتها، فإن هذه الدولة تعاني من عجز بالحساب الجاري.

أما في حالة زيادة قيمة الصادرات عن الواردات، فإن الدولة تدير فائضاً في الحساب الجاري.

  1. أين يكمن الحساب الجاري في مالية الدولة؟

يعتبر الحساب الجاري بمثابة مكون واحد من ميزان المدفوعات الذي يعد المقياس الأوسع لتعاملات الدولة مع بقية أنحاء العالم.

أما العناصر الأخرى ضمن ميزان المدفوعات فتتمثل في الحساب الرأسمالي والحساب المالي، والذي يشمل صافي تدفق الاستثمارات الخاصة والعامة إلى جانب عناصر مثل احتياطيات العملات الأجنبية.

ووفقاً لما يحدده التعريف، فإن ميزان المدفوعات أو "BOP"، يجب أن يكون متوازناً، وبالتالي بالنسبة لدولة تعاني من عجز بالحساب الجاري فإن ميزان المدفوعات يوضح كيفية تمويل العجز (على سبيل المثال، الولايات المتحدة ومبيعاتها القوية من سندات الخزانة).

وبالنسبة لدولة تشهد فائضاً، يوضح ميزان المدفوعات الموضع الذي يتم توزيع فيه هذا الفائض (على سبيل المثال، الصين واحتياطياتها الضخمة من العملات الأجنبية).

  1. ما المشكلة؟

من أجل أن تستمر الدول في جذب أموال لتغطية العجز على المدى الطويل، فإن الخطر الأكبر بالنسبة للمستثمرين يجب أن ينعكس في نهاية المطاف في هيئة عوائد مرتفعة على السندات وعملة أضعف أو أسهم أرخص.

كما أنه كلما اعتمدت دولة ما على الآخرين لتمويل عجزها سواء من خلال الاستثمار في أسواقها أو تقديم القروض، كلما كانت عرضه لأهوائهم.

وتعتبر الاقتصادات التي يستحوذ الأجانب على نسبة أعلى من أصولها المحلية مثلما هو الوضع في العديد من الأسواق الناشئة، عرضة بشكل خاص إلى التغير في المعنويات مثل خلال الأزمة المالية أو تقلبات السوق في العام الماضي.

وما يزيد الأمور سوءاً، أن أيّ موجة بيعية مالية تؤدي لتفاقم العجز، ما يضع ضغوطاً على العملة المحلية مع استمرار المستثمرين قي عمليات البيع، وهو الأمر الذي يهدد يحدوث أزمة شاملة في وقت واحد.

  1. هل يوجد أمثلة؟

في إندونيسيا، يمتلك المستثمرون الأجانب نحو 40% من السندات الحكومية.

وعندما اتجه حاملو السندات الأجانب للتخارج خلال عام 2018، فإن العائد على السندات شهد قفزة (ما يجعلها أكثر تكلفة بالنسبة لإندونيسيا كي تبيع سندات جديدة)، كما أن العملة المحلية للبلاد تهاوت مقابل الدولار لأدنى مستوياتها منذ حدوث الأزمة المالية الآسيوية عام 1998 (ما يجعل الواردات أكثر تكلفة وبالتالي تفاقم العجز).

أما في الفلبين، فإن برنامج الرئيس رودريغو دوتيرتي والمعروف باسم "بناء، بناء، بناء" تسبب في تحويل فائض الحساب الجاري إلى عجز، حيث كانت البلاد بحاجة إلى استيراد سلع رأسمالية باهظة الثمن مثل مولدات الطاقة والآلات المتخصصة.

ومع اتساع العجز في الفلبين، تراجعت العملة المحلية (البيزو) إلى أدنى مستوياتها في 13 عاماً.

  1. ماذا يحدث عندما يصبح التمويل أكثر تشددا؟

يمكن أن يكون النمو الاقتصادي من بين الضحايا الأولى.

وفي الهند، فرضت الحكومة تعريفات مرتفعة على الواردات بما في ذلك وقود الطائرات والمجوهرات ومعدات الاتصالات.

وفي إندونيسيا، رفع البنك المركزي تكاليف الاقتراض 6 مرات في محاولة لإبطاء تدفقات رأس المال الخارجة حتى رغم أرقام التضخم الخافتة.

وتوجد حالة أخرى في تركيا، حيث تسببت معارضة الرئيس رجب طيب أردوغان لمعدلات الفائدة المرتفعة في العام الماضي في منع البنك المركزي من تشديد السياسة النقدية بسرعة كافية للحد من التدفقات الرأسمالية الخارجة وكبح التضخم.

وكانت النتيجة هي انخفاض العملة المحلية لتركيا (الليرة) إلى مستويات قياسية متدنية.

  1. لماذا تسببت الأسواق الناشئة في إثارة قلق المستثمرين؟

ترجع جاذبية الأسواق الناشئة جزئياً إلى العوائد المرتفعة نسبياً التي تحققها مقارنة بتلك التي تقدمها الأسواق المتقدمة.

وعندما يتراجع هذا الفارق بسبب قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع تكاليف الاقتراض، كما فعل في أواخر عام 2016، فإن الأسواق الناشئة تصبح أقل جاذبية.

وتسبب معدلات الفائدة الأمريكية الأمريكية في جذب رؤوس الأموال فضلاً عن تعزيز قيمة الدولار، ما يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة للدول التي تعاني من العجز لشراء سلع أجنبية وخدمة القروض الخارجية.

وساعدت نغمة الاحتياطي الفيدرالي الأكثر حذراً في أوائل عام 2019 في تخفيف المخاوف بشأن الأسواق الناشئة حتى الآن.

  1. هل عجز الحساب الجاري دائماً أمر سلبي؟

الأمر يعتمد بشكل كبير على محتوى العجز.

وعلى سبيل المثال، ربما يكون العجز لصالح تمويل واردات تستخدم في الاستثمارات مثل الطرق والسكك الحديدية وستساعد على تحسين النمو الاقتصادي المحتمل.

وتراهن الفلبين على أن برنامجها الاستثماري سيعمل على تعزيز الاقتصاد على المدى الطويل على الرغم من أن الأسواق قد تفاعلت عبر بيع عملتها "البيزو".

أما الاستثناء الآخر الواضح، فهو الولايات المتحدة والتي تستخدم عملتها في كل شيء بدايةً من تسعير السلع وتسويات التداولات الدولية إلى الاقتراض الخارجي واحتياطيات النقد الأجنبي.

وتعني هيمنة الدولار أن المستثمرين سعداء بالعجز في الولايات المتحدة ليس فقط في حسابها الجاري ولكن أيضاً في موازنتها.