TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

أزمة "كرافت هاينز" قد تكتب نهاية عصر خفض التكاليف

أزمة "كرافت هاينز" قد تكتب نهاية عصر خفض التكاليف

تحرير: نهى النحاس

مباشر: تثبت استراتيجية خفض التكاليف سواء في متاجر التجزئة أو شركات البضائع المعبئة نتائج عكسية واضحة خلال الفترة الماضية.

 وكان أخر مثال على الآثار السلبية لاستراتيجية خفض التكلفة هو سهم شركة "كرافت هاينز" الذي تهاوى مع إعلانها تسجيل أرباح دون المستوى وتوقعات ضعيفة.

وفي الأسبوع الماضي أعلنت شركة "كرافت هاينز" تسجيل خسائر فصلية قيمتها 12.61 مليار دولار خلال الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر بسبب خفض قيمة أصول بأكثر من 15 مليار دولار في العديد من أعمالها وفي مقدمتهم كرافت وأوسكار ماير.

ويشير تحليل نشره "بلومبرج أوبنيون" إن خفض التكاليف يعتبر بمثابة حقيقة حتمية بالنسبة لمعظم المؤسسات كما كان أمراً شائعاً في الولايات المتحدة على مدار السنوات الـ15 الماضية.

بداية عصر خفض التكاليف

ومن المتحمل أن تكون بداية هذا العصر هي اندماج شركتي "سيرز" و"كمارت" في نهاية 2004.

وفي هذا الوقت، كانت الشركتين يمثلان متاجر تجزئة مربحة ولديهما وفرة نقدية ويتمتعان بمعدلات نمو ضعيفة مقارنة بمتاجر التجزئة الكبيرة مثل "وول مارت" و"تارجت" ومقارنة بصناعة التجارة الإلكترونية الناشئة حينها.

وكان التفكير وقتها ينصب على أنه بالجمع بين المنافسين المكافحين فإن أوجه عدم الكفاءة من المحتمل أن يتم انتزاعها خارج الشركة وتحرير النقد لتوجيهه للاستثمار في النمو أو إعادة رأس المال إلى المستثمرين.

وفيما بعد فإن بعض متاجر التجزئة الأخرى استخدمت نفس نوعية التفكير في مواجهة تهديدات التجارة الإلكترونية؛ لخفض الاستثمار في المتاجر لصالح التوزيعات النقدية وعمليات إعادة شراء الأسهم.

وهناك منطق محدد وراء تلك الطريقة في التفكير، وهو أنه في حالة أن كان إنفاق شركة التجزئة ثابتاً على أفضل تقدير مع حدوث معظم نمو الاستهلاك من التجارة الإلكترونية، فلماذا يتم الاستثمار في المتاجر؟ لماذا لا يتم إعادة رأس المال للمساهمين بدلاً من ذلك؟.

ومع الوقت تبنت شركات السلع المعلبة الاستراتيجية ذاتها، ومع السلع الاستهلاكية مثل الشعير والكاتشب فإنه يوجد أسواق ناضجة ونمو بطيء، ولكن هناك طلب موثوق به على العلامات التجارية العريقة.

وفي حالة عدم قدرتك على دفع الأشخاص لاستهلاك كميات أكبر من الكاتشب والشعير فإن الطريقة الواضحة لزيادة الأرباح هي أن تستمر في البحث عن طرق لخفض التكاليف.

ومثلت شركة "3 جي كابيتال" أكثر مثال متطرف لتلك الفلسفة، حيث دعت إلى ما يُسمى بالميزانية الصفرية.

والميزانية الصفرية هي موازنة مبنية على أن كل مدير إدارة يجب أن يقوم بتعديل الميزانية الداخلية الخاصة بإداراته في كل دورة من دورات الميزانية.

وهنا بدلاً من البحث عن خفض كمية معينة من التكاليف عن كاهل الشركة فهم يبدأوا من الجانب الأخر، وذلك عبر افتراض ميزانية ابتدائية صفرية وإجبار كل تكلفة لأن تكون رشيدة، وذلك يسمح لهم بخفض التكاليف بصورة أسرع وبشكل أعمق مما فعلو قبل ذلك ما يؤدي إلى مكاسب ضخمة قصيرة الآجل في الربحية.

والاتجاه المتعلق بخفض التكاليف انتشر نحو القطاع العام في الولايات  والمستوى المحلي في أعقاب الكساد الكبير، وكان المعلمين الحكومين الأكثر تأثراً من هذا التوجه.

وعلى عكس الحكومة الفيدرالية فإن المدن والولايات غير قادرة على طباعة أموالهم وعليهم أن يحتفظوا بميزانية متوازنة.

وأدى تراجع النشاط الاقتصادي إلى عوائد ضريبية أضعف والتي أدت إلى تخفيضات مؤلمة في الإنفاق وتجميد رواتب موظفي القطاع العام.

وعندما كان معدل البطالة مرتفعا فإن موظفي الحكومة كانوا شاكرين فقط لاحتفاظهم بوظائفهم ومتسامحين تجاه عدم زيادة راتبهم لفترة من الوقت.

الأمور تختلف الآن

ونجح هذا التوجه لخفض التكاليف لفترة من الوقت، والآن نحن نرى الآلام الناتجة عن الاستراتيجية التي من المتحمل أن تكون منطقية بالنسبة لمؤسسات الأعمال منذ منتصف العقد الأول من الألفية وحتى منتصف العقد الثاني، لكنها لا تناسب الأوضاع حالياً.

تسببت سنوات من نقص الاستثمارات داخل الشركات في خسائر لدى شركات سلع التجزئة والمعبأة، كما أن المنافسين والشركات التي رفعت شعار التحدي والتي قامت بتلك الاستثمارات حققت تفوقاً في الأداء.

ونفذت "وول مارت" و"تارجت" استثمارات لم تنفذها "سيرز" و"كمارت"، وبالتبعية فإن الجانب الأول قادر على الاستمرار في السوق بينما القطاع الثاني لن ينجح في ذلك.

وأدى تغيير مذاق الطعام إلى كشف خلل في استراتيجية خفض التكاليف التي استخدمتها شركة "3جي كابيتال" والتي اعتادت على إدارة أعمال "كرافت هاينز"، حيث أدى نقص الاستثمار في علاماتها التجارية إلى تحول المستهلكين إلى المنتجات المنافسة.

ويمكن أن يؤدي تجميد الأجور والتوظيف في القطاع العام إلى استقرار الميزانيات مؤقتًا، ولكن في النهاية يؤدي ذلك إلى نقص في العمالة وعدم القدرة على التوظيف مع تشديد أسواق العمل.

وارتفاع التكاليف هو جزء من تلك القصة أيضاً، وفي حين أن إجمالي التضخم وتوقعاته لاتزال عند مستوى 2% فإن نمو التكاليف بالنسبة للشحن والنقل وبعض سلع المواد الخام وانخفاض العمالة تتزايد بأسرع من معدل التضخم إجمالا.

وبالنسبة لشركات التجزئة والسلع المعبأة فإن زيادة التكاليف وانخفاض الطلب يتسببان في تدهور الأرباح، وبالنسبة لمسؤولي القطاع العام فإنه حينما ترتفع تكلفة تعيين الأفراد بأسرع من إيرادات الضرائب فإن ذلك يعني إما زيادة الضرائب للعثور على المال للتعيين أو قبول الفجوات في جودة الخدمة.

وعلى مدار عقود فإن المؤسسات عملت في بيئة كان خفض التكاليف بها استراتيجية معقولة وضرورية، لكن البيئة تغيرت والآن قد يكون الخيار هو الاستثمار أو الموت.