TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

جاك بوغل..الأب الروحي لصناديق المؤشرات الذي اُتهم بالحماقة فأبهر العالم

جاك بوغل..الأب الروحي لصناديق المؤشرات الذي اُتهم بالحماقة فأبهر العالم

من: نهى النحاس

مباشر: "الأب الروحي لصندوق المؤشرات" هكذا عُرف جاك بوغل المستثمر المخضرم الذي رحل عن عالمنا بعد 89 عاماً حافلة بالتجارب الاقتصادية الواسعة.

وبوغل الذي وُلد في عام 1929 في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، هو أول من أرشد المستثمرين الأفراد إلى صناديق المؤشرات في عام 1976.

ولم يكن في حسبان الطفل بوغ الذي فقد أبيه الكثير من ثروته في فترة الكساد العظيم أن يصبح مسئولاً عن شركة تُدير في وقتنا هذا أصول قيمتها تصل إلى 5.1 تريليون دولار.

والبداية الحقيقية لفكرة صناديق المؤشرات جاءت مع تأسيس بوغل لشركته "فانجرد" وذلك عام 1974، وبعد عامين من هذا التاريخ قدم بوغل صندوق المؤشرات للمستثمرين الأفراد.

وعُرفت براءة اختراع بوغل هذه باسم "ذا فانجر إكسبيرمنت"، وتقوم بشكل بسيط على الاعتماد مؤشر سوق واسع مثل مؤشر "ستاندندر آند بورز" بدلاً من الاعتماد على مهارات انتقاء الأسهم من مديري الصناديق.

فصناديق المؤشرات هي عبارة عن سلة تضم أوراق مالية مختلفة ولكن متداولة في البورصة، وتتنوع تلك الأوراق بين أسهم وسندات، ولذلك فإن الاستثمار في صناديق المؤشرات هو استثمار في كافة الأوراق المالية المكونة لهذا المؤشر.

والبداية لم تكون موفقة على الإطلاق بالنسبة لهذا النوع الجديد من الاستثمار، حيث لاقي نقداً وسخرية، وفشل بوغل في جذب المستثمرين حول فكرته الجديدة، والوعود بجني ما يحققه مؤشر السوق الأوسع لم تكن جذابة في بادئ الأمر، ووصل الوضع إلى تسمية هذا الاستثمار بـ"حماقة بوغ".

ولكن بوغل لم ييأس فاستمر في الترويج لفكرته مؤكداً في كل مرة على أنها تخدم المستثمرين بشكل أفضل من الصناديق المدارة، وخاصة مع حقيقة أنها تستوجب رسوماً وتكاليف إدارية أقل.

وإذا كان هناك أحد المستثمرين قرر أن يتمسك بما وصف إنذاك بـ"حماقة بوغل" فإنه وبساطة قد حصل على عائد قدره 8559% منذ بداية تلك الحماقة وحتى تاريخ وفاة بوغل في 16 يناير حيث أغلق مؤشر "ستاندرد آند بورز" عند مستوى 2616.1 نقطة.

وضرب جاك بوغل مثالاً آخر على استهتاره بقواعد السوق، حينما توقفت شركته "فانجرد" في عام 1977 عن التسويق لأموالها بواسطة سماسرة والقيام بذلك بشكل مباشر عبر المستثمرين.

وتمسك بوغل بفكرته لإدراكه لحقيقة أنه مهما كانت براعة مدير الاستثمار، فإنه سيتعرض للانهيار عاجلاً أم آجلاً، فالمستثمرين في الغالب يلقون بأموالهم لدى إحدى مديري الاستثمار فقط لأنه يتمادى في مكاسبه، ولكن في نهاية الأمر فإنه يتعرض لخسارة أمواله.

ومع مرور السنوات أصبحت فكرة بوغل أكثر انتشاراً وشعبية، وبالرغم أنه كان لدية مجموعة كاملة من الصناديق المدارة وبشكل فعال، إلا أنه صناديق المؤشرات ظلت دائماً هي المحببة إلى قلبه.

وفي عام 1996، حينما قرر أن يتنحى عن منصبه لرئاسة شركته "فانجرد"، وهو أيضاً العام الذي أجرى فيه زراعة قلب دقيقة، فإن شركته ربحت 45 مليار دولار في مجموعة متنوعة من صناديق المؤشرات.

ولم يكن غريباً بعد كل هذا المشوار أن يقول الملياردير الأمريكي وارن بافت عن بوغ إن ما فعله للمستثمرين الأمريكين أكثر مما فعله أي فرد آخر.

أما لاري فينك الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك فقال فقال إن بوغ ساهم في عملية تحول بالاستثمار عبر إيضاح الرؤية والدفاع عن المستثمرين الأفراد.

أما الاقتصادي المصري وكبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز محمد العريان فقال إن بوغل كان "مبتكرًا وعميقًا للاستثمار وعملاقًا استثماريًا".

وبوغ الذي كتب عشرات المقالات وألف 13 كتاباً آخرهم كان في خريف العام الماضي، حصل على درجة عليا وتخرج من جامعة برينستون بامتياز، كما أن كتابه الأول حصل على جائزة من الخبير الاقتصادي سامويلسون.

وبعد 43 عاماً على ظهور استثمار جديد اسمه "صناديق المؤشرات"، فإن بوغل ضرب مثالاً في التفرد بابتكاره الجديد، والإصرار في التمسك بهذا الاتجاه الذي أثبت فعاليته عبر السنوات.