TV مباشر
اتصل بنا اعلن معنا   ENGLISH

أسعار السلع تبعث برسالة مقلقة للمستثمرين حول العالم

أسعار السلع تبعث برسالة مقلقة للمستثمرين حول العالم

تحرير: نهى النحاس

مباشر: تبعث أسواق النفط برسالة قوية بعد تراجع أسعار الخام بأكثر من 25% عقب تسجيلها أعلى مستوى في 4 سنوات في بداية أكتوبر الماضي.

ويشير تحليل نشرته وكالة "بلومبرج فيو" إلى أن ذلك الهبوط يتجاوز التعبير عن ارتفاع وانخفاض في المعروض فقط أو حتى ما إذا كانت منظمة "أوبك" والمنتجين الآخرين يمكنهم التكيف مع ذلك، فالأكثر أهمية هو أن الأمر يبدو تعبيراً عن انحسار الطلب بشكل متزايد.

وتشير تلك التطورات إلى أن النمو المتزامن الذي يتمتع به الاقتصاد العالمي في السنوات الأخير من المتحمل أن يُستبدل بتباطؤ عام.

وبيظهر ذلك عبر بيانات رسمية في اليابان وألمانيا صدرت خلال خلال الشهر الجاري، حيث سجل ثالث ورابع أكبر اقتصاد في العالم انكماشاً للناتج الإجمالي المحلي في الربع الثالث من العام الجاري.

والرسالة التي يبعثها الطلب الضعيف على النفط تم تعزيزها بتراجع أسعار النحاس، والمعدن غالباً ما يُشار إليه باسم "دكتور النحاس" وذلك لقدرته على توقع قمم وقيعان دورات الأعمال بسبب استخدامه في جونب عديدة في الاقتصاد مثل المنازل والمصانع ومحطات التوليد، وكثيراً ما لعب النحاس دوراً ملحوظاً في التنبؤ بفترات الركود والازدهار الاقتصادي.

وبينما يعكس هبوط أسعار النفط مخاوف متعلقة بتراجع في الطلب، فإن أسعار النحاس تُنذر بالمتاعب على جانب العرض، ويشير إلى أن الضعف في نشاط المنازل الأمريكية والذي ظهر بالفعل في التراجع الحاد لنشاط بناء المنازل في سبتمبر قد يتبعه تباطؤ نهائي في إنتاج المصانع.

وتعد أسعار السلع الضعيفة هي نتيجة لعاملين مترابطين، الأول هو أن الاقتصادات بخلاف الولايات المتحدة فقدت الزخم الذي شهدته في عام 2017، ويتضح ذلك في تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو وضعف مؤشر ثقة الأعمال في النشاط في ألمانيا خلال أكتوبر.

وهناك توقعات ضئيلة بأن وتيرة النمو الاقتصادي في أوروبا قد تتسارع بشكل ملحوظ في العام المقبل.

كما يعد ارتفاع الدولار الأمريكي الناتج عن رفع معدل الفائدة 8 مرات منذ ديسمبر 2015 أحد الأسباب وراء هبوط أسعار السلع الأساسية.

وفي المقابل فإن المركزي الأوروبي لايزال متسمك بمعدلات الفائدة المنخفضة التي يطبقها منذ الأزمة العالمية، أما بنك اليابان فإنه ليس فقط محتفظ بمعدلات فائدة سالبة لكن أيضاً لايزال مستمر في عملية شراء السندات، حيث رفع أصول الميزانية العمومية إلى أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي.

وما يدفع الأسعار إلى الانخفاض هو أن مستمري السلع يدركون أن هذا الاختلاف في السياسات النقدية عبر البلدان الصناعية من المرجح أن يستمر.

ويتضح ذلك من خلال ارتفاع مؤشر "بلومبرج" للدولار بنحو 8.6% منذ منتصف أبريل، كما أن حدوث مزيد من الصعود في قيمة الدولار خلال العام المقبل قد يضيف ضغوطاً إضافية على أسعار النفط والنحاس.

وقد يكون هناك تطورين حديثين وراء زيادة الضغط على أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى، ويشيران إلى احتمالات تدهور بالنسبة للاقتصاد.

والتطور الأول يتمثل في سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب الأمريكي والذي قد يؤدي إلى زيادة النزاع الأمريكي فيما يتعلق بالتجارة مع الصين، فالديمقراطيون أصبحوا جزئياً أكثر حمائية من الجمهوريين، ومن المتوقع أن يدعم ذلك موقف دونالد ترامب فيما يتعلق بضرورة معاقبة الصين على سرقتها المزعومة للملكية الفكرية.

كما أن اتساع الحرب التجارية مع المزيد من التعريفات الجمركية التي ستدخل نطاق التنفيذ في يناير سوف يرفع من حالة عدم اليقين للمستثمرين ويتسبب في تباطؤ الإنفاق الرأسمالي وتخفيض وتيرة النمو الاقتصادي.

ويبدو أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال الفترة الماضية ينطوي على احتمالية متزايدة لمثل هذا التطور.

وأصدر الاحتياطي الفيدرالي في الأسبوع قبل الماضي بياناً يؤكد فيه أنه سوف يستمر في عملية زيادة الفائدة رغم بقاء التضخم عند مستويات معقولة، ومن شأن ارتفاع تكاليف الاقتراض الناتجة عن التشديد النقدي أن تزيد من تكلفة الاحتفاظ بمخزونات النحاس والنفط ما يدفع الإمدادات إلى الانكماش.

والمستثمرون عليهم الاهتمام بالرسالة التي يتم بعثها بواسطة النحاس والنفط بدلاً من السير مع التفاؤل الذي تفصح عنه إدارة ترامب وبنك الاحتياطي الفيدرالي.

وبينما يبدو المسؤولين الأمريكيين وكأنهم يتفاعلون مع النمو الاقتصادي الذي حدث بالفعل فإن أسعار السلع هي أفضل مؤشر لسلوك السوق في المستقبل.

والتحرك الحصيف للمستثمرين سيكون إعادة تخصيص الأصول من الأسهم- والتي من المحتمل أن تتأثر بتباطؤ النمو الاقتصادي- إلى أصول الدخل الثابت مرتفعة التصنيف الائتماني والتي ستوفر الأمان أثناء حركة التصحيح بالأسواق.